يمارس الموروث العقدي والايدلوجي حالة من التوجية على العقل الجمعي,
فالعقل الجمعي اسير التاثير الايدلوجي والعقدي او كما يعبر عنه الدكتور
علي الوردي بالاطار الفكري, فالانسان حبيس اطاره الفكري والعقدي
المتكون ضمن المنظمومة الفكرية والعقدية للجماعة والامة.
ويتميز التاثير العقدي والايدلوجي بقوته في صيرورة العقل الجمعي
وتوجيهه سلوكه, ليكون المحرك القوي الذي تتدفق خلالة ارادة الفرد او
الامة. وخصوصا الايدلوجية المصبوغة بصبغة الدين والتدين وذلك لتعلق
الفطرة الانسانية بالقداسة الالهية التي تكسبها الطمانينة والصفاء.
فالتاثير العقدي والايدلوجي من شانة ان يجعل من عملية التغيير عملية
شاقة وقاسية او سهلة ولينه حسب المنظمومة الفكرية والعقدية السائدة في
العقل الجمعي, فالعقل الجمعي الذي يؤمن بكفر وضلال الاخر يجد صعوبة
بالغة, وحرجا شديدا في الحوار مع الاخر المختلف في الفكر والعقيدة, لان
العقيدة تساوي الوجود الانساني برمته لهذا فالتمسك بها والدفاع عنها
تمسك باصل الوجود والتكوين الانساني بالرغم من اختلاف الدوافع الكامنة
ورائها.
لهذا من الضروري ان تكون ادوات التغيير قوية ونافذة في العقل الجمعي
لتمارس الدور المطلوب في عملية التغيير, فالدعوة لترسيخ وتاصيل مجموعة
من المفاهيم الثقافية والاجتماعية, وبلورة وعي وادراك يتناسب مع الواقع
الحياتي, لن تكون مؤثرة وفاعلة ما لم تنسجم مع الشكل العقدي والايدلوجي
او تتعارض في بعض اطروحاتها معه, ومن الضروري ايضا ان تكون ادوات
التغيير قادرة على التغيير العقدي والايدلوجي او تعديل مساره بما
يتناسب مع النص المقدس ولا يتعارض مع تشريعاته وابجدياته.
فالنص المقدس الذي تكفلت العناية الالهية بحفظه من الانحراف يعتبر
المرتكز الاول لتعديل جميع الاطروحات العقدية والايدلوجية, والميزان
الالهي الذي توزن به الايدلوجيات.
ولاهمية العقيدة في مسيرة الانسان وصياغة سبل تعاطية مع الاخر
المختلف, وبلورة فهمة للحياة وتفاعلة مع الكون, كان من الضروري التاكد
من صحة العقيدة والمرتكزات الايدلوجية ومراجعتها بين الحين والاخر,
لتصفيتها مما علق بها من شوائب اجتماعية, واوهام فكرية, وهو ما يحتاج
لعصف قوي, وزلزال مدمر للاسس العقدية المنحرفة, وتسليط الضوء على
النقاط الضعيفة والهزيلة في الجسم العقدي, والقران الكريم يصور لنا
صيغة جميلة لنبي الله ابراهيم عليه السلام عندما كسر الاصنام يقول
تعالى في سورة الانبياء " قال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا
ينطقون" لقد وصل نبي الله ابراهيم علية السلام الى ما يصبو اليه,
والاية التاليه تشير لتموجات ما صنع نبي الله ابراهيم, يقول تعالى "
فرجعوا الى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون"
ولعلنا بحاجة لصقل وغربلة الكثير من الايدلوجيات التي تسيطر على
العقل الجمعي في امتنا ومجتمعنا, ومن اهمها مفهوم الحب لاهل البيت
عليهم السلام, فرغم ان الحب ورد في التراث الديني بمعنى الاتباع
والطاعة يقول تعالى " قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم", الا ان هذا المفهوم ياخد شكلا اخر
في حبنا لاهل البيت عليهم السلام, فنحن بعيدين كل البعد عن منهجهم
وتعاطيهم مع الحياة ومكنوناتها المتنوعة, فهذا المفهوم الكبير يختزل
دائما في قوالب ضيقة وصغيرة, ويغيب عن الحياة حين يتعلق الامر بالامانة
والصدق.... |