شبكة النبأ: من السابق لأوانه الحديث
عن الجوانب الانسانية في ظل مبدء الربح والخسارة او في ظل عوامل
اقتصادية بحتة الا ان هناك ثمة نظم عالمية يمكن الاتكاء عليها او
الانسياق خلفها من اجل ان نحقق غاية ننشدها للاستفادة من مظاهر التطور
الصناعي والتكنولوجي من دون ان نضع علائق من شانها ان تخلق موازنة
مضطردة بين الفائدة والخسران.
ولكي لا نبتعد عن ما وددنا الخوض فيه، ندخل في عالم شركات الهاتف
النقال، وهي تمارس دور الشد والجذب بين ما يصبوا اليه المواطن العراقي
من الوان الخدمة وبين اسلوب الابتزاز والتحايل عبر اساليب عدة منها
اسعار تعبئة الكارتات وتسعيرة الاتصال وامور اخرى.
هذا مما دفعنا للبحث عن نقاط القوة والوهن في شركات الهاتف النقال
على مستوى العراق من خلال هذه الجولة مع المشتركين للانطلاق نحو نقطة
الشروع ومحاولة ارساء اسس صحيحة تتجاوز مراحل الاخفاق والنكوص في مسيرة
الخدمة الهاتفية.
كان اول المتحدثين الينا الاستاذ (محمد حميد الصواف) مسؤول العلاقة
العامة في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، وهو يقول ما من شك بان ما
تمارسه شركات الهاتف النقال في العراق اليوم على مستوى الوسط والجنوب
على وجه الخصوص لا يتعدى كونه جريمة ذات شقين الاول اخلاقي والثاني
قانوني، أما بخصوص الشق الاول فهم يستغلون الفضاء العراقي من الوسط الى
الجنوب من خلال فرض رسوم الاتصال باسعار عالية ومن ثم تلك الاسعار لا
تتناسب بشكل ايجابي مع الخدمة المقدمة، اما بخصوص الجانب الاخلاقي فهو
يمارسون سلطة السطو على احتساب مدة الاتصال وتسعيرة الاتصال في ذات
الوقت.
الاستاذ (احمد جويد)، باحث مختص في مركز الامام الشيرازي للبحوث
والدراسات، يقول: لايمكن ان نغفل او نتجاهل ما تشكله الثورة الحاصلة في
عالم الاتصال وهي تعد من حسنات التطور الصناعي بل ربما اضحت احد مقومات
الواقع الراهن، والدليل على ذلك ما تشكلة تلك الخدمة من توأم شرعي
لنعمة الكهرباء والماء وهي ممتدة على مساحة الكرة الارضية عموما.
يضيف جويد، الا انها تختلف في موارد وجودها في هذا او ذاك البلد من
حيث اسلوب الخدمة او من حيث التسعيرة، ففي مصر على سبيل المثال، ترى
شركات الهاتف النقال تتنافس بشكل يلفت النظر مما يجعل المشترك متحير اي
الشركات يذهب للاشتراك بها وهناك امثلة عديدة، ولكن ما يحصل في العراق
اليوم يثير الكثير من التحفظات والاستغراب، فشركات الهاتف النقال هنا
على اقل تقدير بما يرتبط بوسط وجنوب العراق تملي على المشترك اسعار
عالية جدا كما انها تصنف التسعيرة بما تشتهي وذلك كونها لا تخاف من روح
المنافسة في هذا المضمار لأنها الوحيدة على الساحة.
ويضيف جويد لـ شبكة النبأ، تسعيرة الاتصال في مصر لا يتعدى في بعض
الشركات السنت الواحد للدقيقة، اما في العراق فتسعيرة الدقيقة تبلغ 12
سنت للدقيقة الواحدة، بالاضافة الى ذلك هناك ملاحظة مهمة اود التطرق
اليها وهي تكاد ان تعبر او وهي تنسجم مع نظام التسهيلات المقدمة من قبل
شركات الهاتف النقال، فشركة الاثير تعنى منذ فترة بان تجعل الاتصال بعد
منتصف الليل بدون تكلفة الى ساعات الصباح الباكر، وهذه التسهيلات ربما
تبعث في النفس الكثير من الشكوك والتساؤلات عن جدوى تلك الخدمة في تلك
الساعة المتأخرة من الليل، الا اللهم انها تسعى الى أهداف غير اخلاقية
وغير مرغوبة وهي تتعاطى مع بث روح الانحلال في مكونات الواقع العراقي
وعلى وجه الخصوص تحاكي شريحة الشباب بالتحديد.
فما هي الغاية من وضع تلك الخدمة في ساعة متأخرة من الليل ولماذا
لا تذهب تلك الخدمة الى تخفيض تسعيرة الاتصال في النهار اذا كانت فعلا
شركة الاثير تسعى الى تقديم افضل خدمة للمشترك العراقي.
الا ان (حسين دبعون) وهو مهندس الكتروني، ذهب الى القول: باني لا
احمّل شركات هاتف النقال المسؤولية المباشرة بل على العكس فاني أحما من
بيده الاتيان بهذه او تلك من الشركات، فالشركات نحن نعلم علم اليقين
تعمل على مبدء الربح والخسارة وهي بالتاكيد تسعى جاهده بكافة الوسائل
الى الوصول الى حالة الكسب المادي بغض النظر عن وازع الظمير او وازع
الاخلاص فنحن ببساطة شديدة امام مافيا هدفها الاول والاخير ان تجني
اكبر قدر ممكن من المكاسب المادية حتى اذا كان هذا الامر مرهون
باستغلال الناس او استغفالهم.
يضيف دبعون، نحن اليوم بصراحة نتعرض لتلك النظريه فهو يمارسون
الدور المنوط بهم من خلال اعتماد تسعيرة جيدة بالنسبة اليهم لكي
تتحقق لهم اكبر قدر ممكن من الاستفادة من دون ان يجهدوا انفسهم في
تقديم الخدمة الجيدة، وهذا الامر بالتاكيد ياتي منسجما مع جملة معطيات
منها عدم وجود الرقيب وليس هناك البديل لتلك الخدمة وغياب الحضور
الفاعل لروح المنافسة.
ونحن نعلم بان مبدء المنافسة هو العنوان الابراز في استقطاب عوامل
النهوض والارتقاء ووضع الامور في نصابها الصحيح كون السوق العالمية هي
من اوجد هذا المنظار فما نراة اليوم في مجالات التطور والنمو الحاصل في
كافة صنوف الحياة الصناعية متزامن مع ذلك التوجه، لذا فانا لست مع من
يطالب بان تقدم الشركات الاستثمارية المتمثلة بشركات الهاتف النقال
عنوان الطاعة والاخلاص والامانه في عملها وتعاملاتها بل انا اشد على
يد من يفكر في صنع ادوات المقاربة بين الشركات المتنافسة من اجل الظفر
بما يسعى اليه وهو الحصول على خدمة جيدة وباسعار تفضيلية ومن اجل ذلك
فليتنافس المتنافسون.
ومن ثم انتقلنا لنلتقي باحد المعتمدين في كربلاء لبيع كارتات
الموبايل، وهو يقول لـ شبكة النبأ: ربما تحتمل الكثير من الآراء
الناطقة في مجال خدمة شركات الاتصال المتمثلة بخدمة الهاتف النقال
عنوان الدقة والصراحة، حيث لمس المواطن العراقي الجوانب غير الجيدة
بتلك الخدمة على الرغم ما يردده البعض في احيان كثيرة لما لهذه الخدمة
من حسنات تكاد لا تحصى.
الا اننا صدمنا بتلك الشركات التي بات هاجس الاول ان تجني اكبر قدر
ممكن من الموارد المادية بغض النظر عن ما تقدمة من خدمة، فضلا عن ذلك
فان الاسعار المعتمدة الان في احتساب مبلغ المكالمة ومدتها هي قياسا
بما يقدم على مستوى الدولة المجاورة للعراق يكاد لا يذكر او يعتبر
سرقة او غش فان الشركات المنتشرة في كافة ارجاء المعمورة تنشد باستمرار
الى تقليل التسعيرة الى اقل ما يكون من اجل ان تضمن اكثر اقبال واكثر
اتصال الا ان الوضع القائم في العراق يعزف عن انتهاج ذلك المنحى تحت
ذرائع شتى.
كما اود ان ابين ظاهرة نشأت بعد الاندماج بين شركتي عراقنا والاثير
حيث أصبحت تحمل مسمى (زين العراق) الا انها انتهجت اسلوب جديدة من خلال
بيع كارتات الاثير بسعر13500 الف دينار عراقي اما عراقنا وزين العراق
فهو يباع بسعر 18000 الف دينار عراقي فانى استغرب من تلك الالية التي
لا تحتمل الا تفسير واحد يقارب حالة الغش والسرقة عبر بوابة التلاعب
بعناوين كارتات التعبئة.
من هنا نستجلي صورة دقيقة جدا تتحدث عن غياب المتابعة وعدم وجود
استراتيجية مشروطة من قبل الطرف الثاني المتمثل بالحكومة العراقية، وهي
تعطي من خلال ذلك القصور القانوني مساحة لا يستهان بنتائجها المستقبلية
ضد الاقتصادي الوطني العراقي من جهه، ومن جهه اخرى تفتح الباب عل
مصراعية امام تلك الشركات للتلاعب بمقدرات المواطن العراقي تحت اطر
وصيغ لا ترتقي ومستوى الحقيقة مهما كانت.
اذن تكاد ان تشير كل الدلائل والتصورات مجتمعة الى ان الكرة الان في
مرمى المواطن العراقي دون سواه وهو الوحيد القادر على ان يكون محور
الموازنة في تلك الاستراتيجية غير المقننة في اطارها الصحيحة، من خلال
ان يضع حد لتلك التجاوزات غير المبررة عبر منافذ الاستغفال وذلك عن
طريق استخدام وسائل حضارية ترتقي الى مستوى الاعتصام عن اجراء اي اتصال
لمدة فترة محدد كي ينصاع اصحاب تلك الشركات او سواهم الى مطالب المواطن
العراقي.
وانا متاكد كل التاكيد بان هذا السلاح هو الأمضى بالنسبة لأصحاب
تلك الشركات كي يذعنوا الى مطالب المواطن العراقي صاغرين وإلا ربما
نحصد ما لا تُحمد عقباه اذا ما تركناهم يفعلون ما يحلوا لهم، والله ما
وراء القصد. |