المواجهات المسلّحة في كربلاء.. من المتضرر الأكبر منها؟

المواطن الكربلائي يرزح تحت أثقال الخوف وانعدام الأمن وفقدان أبسط مقومات العيش الكريم

النبأ-مرتضى توفيق / كربلاء

شبكة النبأ: بعد ألازمة التي شهدتها محافظة البصرة وبعض المحافظات الجنوبية والوسطى ومن بينها المدينة المقدسة كربلاء، تكاد لا تخلو وسيلة إعلامية من تجاذبات المحللين السياسيين والأمنيين حول ما آلت إليه هذه ألازمة الكارثية التي شهدتها هذه المحافظات والتي يطلق عليها (المحافظات الشيعية)، بين من يستقرأ الأحداث بأنها ستنفرج وتؤول إلى حل وبين من يجدها تنحدر إلى الهاوية..

لكن "شبكة النبأ المعلوماتية" التي عوّدت قراءها الكرام على نقل الصورة الموضوعية عن الاحداث، اطّلعت على اراء وتحليلات المواطن (المعني الاول والاخير) حول هذه الكارثة، لنرى هل نجده مستفيدا من شيء.. بعد استغلال بعض أصحاب النفوس الضعيفة وكما يسمَّون (تجار الحروب) الوضع الامني السيئ ليرفعوا أسعار المواد الغذائية عموما ولاسيما الخضروات، التي تحتاجها العائلة بشكل يومي والتي لا تتحمل التخزين.

 وبعد إن تجددت الاشتباكات مرة أخرى وشلت الحركة وتعرضت عوائل آمنه لا حول لها ولا قوة وأصبحت مرمى لنيران المسلحين والأجهزة الأمنية لا زالت تتواصل رشقات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وهي  مستمرة في الليل، مما دعا بعض العوائل لهجر منازلهم أثناء الهدوء النسبي.

ووسط هذه الأجواء يرزح المواطن تحت أثقال الخوف وانعدام الأمن ويلهث وراء تأمين مستلزمات عائلته وتوفير قوت يومه خاليا إلا من الحلم بأبسط مقومات العيش الكريم..

يقول على حسين عبد الله.. إن توتر الأوضاع الأمنية التي يشهدها العراق حاليا ومدينتنا المقدسة كربلاء لهو شيء محزن جدا، وكنا نتمنى ان يتم الحل بلغة الحوار بدلا من لغة السلاح، وكنّا نتأمل ان يتحسن الوضع ونشهد أصلاحا جذريا للبلاد من إعمار وتطوير البنى التحتية وحل قضية البطالة، ولكن ألان لا ننشد إلا الأمان.

وأضاف المواطن ابو كرار.. أننا نسمع من خلال شاشات التلفزيون كلام من المسؤولين عن وجوب احترام حقوق الإنسان وعدم المساس بأمن المواطن .. إلا إننا كمواطنين نتعرض للاعتداءات من قبل المسلحين والأجهزة الأمنية معا.. وأشار إلى إن ليلة أمس، السبت، حصلت مواجهات في مناطق متفرقة في كربلاء وفي صباح اليوم التالي قامت الأجهزة الأمنية بحالة إرعاب للعوائل والأطفال بقيامهم بإطلاق العيارات النارية بشكل عشوائي مما أدى الى إصابة مواطنين أبرياء ليس لهم عند الجهتين المتقابلتين ناقة ولا جمل.

فيما قال محمد حاجي لـ شبكة النبأ.. انه لا يستطيع الحصول على المواد الضرورية للعيش التي يتطلبها، بسبب إغلاق اغلب الأسواق والمحال في المنطقة، نتيجة حضر التجوال المفاجئ، مما دعا (الفلاحين) الى عدم جلب محصولهم للأسواق.. وان وجدت فأن ارتفاع أسعارها قد تجاوز ثلاثة أضعاف ما كان موجود عليه قبل المواجهات.

وقال المواطن محمد جعفر ياسر.. أننا نطالب الحكومة إن تستخدم أسلوب الحوار والمناقشة بدلا من أسلوب القتل والدمار فيما الخاسر الوحيد هو المواطن.. وأضاف أننا في وقت السلم والهدوء كان هناك نقصا واضحا في تقديم الخدمات فكيف ألان وبهذا الوضع الحرج.. واستدرك.. حتى المرجعيات الدينية تطالب الحكومة باستمرار بتقديم أفضل الخدمات.. ولا نريد ان نظلم الحكومة لان المسلحين يتحملون المسوؤلية الأعظم ونطالبهم إن يخضعوا لسلطة القانون ويبتعدوا عن السلاح.. وان كانت لديهم مطالب يجب ممارستها بالطرق السلمية التي كفلها لهم الدستور.

أم ياسر تقول.. بلغتها البسيطة (يمه أشوكت نخلص من هاي المشاكل.. والله أنريد أنعيش مثل الأوادم) وأضافت بمرارة.. أنها خرجت ألان حتى تحصل على

(كيلو طماطة) – حسب قولها- وبسؤال لـ" شبكة النبأ" عن رأيها حول حل ألازمة..قالت.. يمه الحل السلمي أفضل من هاي دماء ابناءنا اللي تسيل..

اما ياسين مهدي (طالب سنة ثانية- كلية القانون).. قال أننا ندرس في الكلية عن حقوق المواطن وكيفية صيانتها.. إلا أننا نجدها تهان من قبل الجميع.. المسلحين والأجهزة الأمنية.. وأضاف أننا لا نقدم عتبنا على المسلحين لأنهم كما وصفهم (خارجين على القانون)، ولكن عتبنا على الحكومة لأنهم يمثلون القانون.. وللأسف نجد انتهاكا صارخا لحقوق المواطن الذي لا حول ولا قوة له.. وأشار إلى انه يجب على الطرفين ان يفكروا بهذا البلد الذي اصبح بركة من الدماء.. وان يفكروا بطرق سلمية وان يجلسوا على طاولة المفاوضات ولا نريد ان ننسى عدونا المشترك الذي يريد ان يجرنا إلى حرب أهلية.. وطبعا ان العدو المعروف للطرفين هو المستفيد.

فيما قال المواطن ابو جعفر.. اني عامل بناء حيث احصل على قوت أطفالي بشكل يومي.. ألان مضت اربعة ايام لم اخرج للعمل، من يتحمل ذلك المسلحين ام الحكومة؟! ومن سيوفر قوت اطفالي وعائلتي؟!.. وقد أقسم لنا.. بأنه لا يملك (ألف دينار).. وقال.. ألان سعر (كيلو الطماطة) 2500 دينار ولا أستطيع ان اشتريه.

وأضاف.. نريد حلا ونريد ان نعيش بسلام.. وكان كلام أبو جعفر مصحوبا بدموع تتلألأ في عينه وعبرة واضحة في كلامه.

وفي الختام كانت لنا وقفة مع احد أصحاب المولدات الأهلية التي تزود المواطنين بالكهرباء.. قال لنا.. كاد الوقود (الكاز) ينفذ وبسبب حضر التجوال لا أستطيع ان اذهب للمستودع واستلم حصتي من الوقود..

وفوق هذا وذاك يقول ابو مريم، لم نَسلَم على حياتنا فصوت الرصاص المجهول يأتيك من كل الجهات لا تعرف من أين؟ في الليل يكون المسلحين والأجهزة الأمنية وفي النهار من الأجهزة الأمنية.. والنتيجة واحدة الضحية المواطن، ولا نعرف بالضبط ماذا يحدث لأهلنا وأصدقاءنا في مناطق أخرى إلا عن طريق الموبايل الذي يعاني هو الاخر شحّة وضعف شبكة الاتصال..

ويبقى المواطن هو المتضرر الوحيد وليس كما يقال (المستفيد الوحيد) من هذه الكارثة التي اصبحت كارثة إنسانية.. ولكنه يبقى يتطلع لحكومته المنتخبة ان تنظر إليه بعين المسؤولية، والرعاية الحقيقية واحترام حقوقه وكرامته التي تهان يوميا، ويعاقب ويحاسب بجرم ليس له ذنب باقترافه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31 آذار/2008 - 23/ربيع الاول/1429