البصرة الفيحاء رئة العراق يريد لها الاشرار او ارادوا لها أن
تتنفس هواءا ملوثا بالفساد بكل أنواعه من مافيا النفط التي ورثوها من
النظام السابق واستمرت وظهرت بصورة اكبر بعد سقوطه وارتبطت بجهات دولية
وأقليمية.
الى تجارة السلاح الخفيف والثقيل تشترك فيها عناصر كثيرة واصبحت
مافيا اخرى وترتبط بجهات اقليمية وقد تشترك مع مافيا النفط في بعض
خطوطها.
الى تهريب المخدرات التي ظهرت بصورة علنية بع اشهر من سقوط النظام
وربما اصبحت منظمات لها اذرع في محافظات العراق وترتبط بجهات دولية
واقليمية ويراد للبصرة ان تكون محطة للتسويق الى دول الخليج واوربا.
الى تجارة اخرى لصالح دول الجوار شراء أراضي متاخمة للحدود ترعاها
مخابرات هذه الدول الى شبكات لتسويق وسرقة فتيات باعمار الزهور
وتهريبهن خارج الحدود0
ومع كل هذا يتفشى في دوائر المحافظة الفساد وتتجاذب الدوائر الاطراف
المتصارعة وتتداخل المافيا مع كل هذه الامور وباتت الاحزاب والاطراف
تعرف من خلال تسلطها على نوع من هذه التجارات فهذا الحزب النفطي وذاك
الحزب المتاجر بالسلاح واخر بالمخدرات وهكذا>
ومع طموح المالكي بأن يكون عام 2008 عام القضاء على الفساد
والمفسدين ومع تصاعد التوتر في البصرة وتناحر الاطراف للسيطرة على
ثروات ثغر العراق الباسم كان لابد من حل سريع وجريء لايليق إلا به.
وكعادته في الازمات ظهر لنا رئيس الحكومة ودون سابق انذار ودون ربطة
العنق في اجتماع مع القادة والوزراء الامنيين للبدء بخطة وعملية اطلق
عليها ((صولة الفرسان)) ولابد لنا من تسجيل ملاحظة مهمة وهي أن رئيس
الوزراء قد تميز عن سابقيه الدكتوريين اياد علاوي المعين من قبل الحاكم
المدني كرئيس للوزراء والدكتور ابراهيم الجعفري المنتخب من قبل
الجماهير العراقية فلم نشاهد أيا منهما قد كانا في قلب الاحداث
فالدكتور علاوي قد غاب عن أزمتي الفلوجة والنجف والدكتور ابراهيم
الجعفري قد غاب وبشكل ملفت للنظر عن احداث سامراء الاولى التي أدت الى
تفجير القبتين ولا في حادثة جسر الائمة التي أودت بحياة الفا او يزيد
من الزائرين للامام موسى بن جعفر ،ولكن المالكي تواجد في سامراء عند
الجريمة الثانية وفي الرمادي وصلاح الدين وديالى والموصل واخرها في
البصرة.
وربما ينتقد بعض المراقبين تحركات المالكي ((الجريئة والمندفعة))
لان حضوره لابد أن ينهي الاوضاع والازمة وعليه انجاز المهام التي
يبدؤها وأي خلل في ذلك تمثل انتكاسة باعتباره رأس الدولة الهرم
التنفيذي ،فهو لم يكد ينهي مهمته في الموصل حتى عاد الى بغداد ومن ثم
ذهب في رحلة علاجية واليوم نراه في البصرة ولكن المالكي تهمه اعتبارات
اخرى ويعلم ان الجماهيرتنظر الى القائد الذي يتواجد في الميدان ويطبق
قوله فعلا وحدثا على الارض ولقد تعود العراقيون على رؤية الرؤساء او
رؤساء الحكومة في قلب الحدث وهو يريد ان يكسر مقولة ان الحكومات اسيرة
المنطقة الخضراء ومحمية من قبل القوات المتعددة الجنسية.
كما انه رفض ان تتدخل القوات البريطانية في صولة الفرسان حرصا منه
على ان تعالج القضية بأيد عراقية بعد ان سمحت القوات البريطانية بتفشي
الاوضاع الى هذا الحد ،وهو مازال معارضا لاي عمل عسكري كبير في بغداد
ضد من اعترض على هذه العملية عسكريا.
من المستفيد؟
بعد أن وصلت الاحداث الى ماوصلت اليه كان على الحكومة المركزية أن
تأخذ دورها في فرض القانون بعد أن ((سكتت)) الحكومة المحلية وتغلغلت
العصابات في مفاصل المحافظة وأجهزتها العسكرية وإن كُتب لهذه العملية
النجاح بالسرعة المخطط لها ستكون الرابح الاكبر لانها ستفرض سيطرتها
على الاحداث ويثبت رئيس الوزراء انه عند وعده بان يكون هذا العام عام
القضاء على المفسدين ايا كان انتماؤهم ويثبت للكل ان هذه الحكومة قوية
بما فيه الكفاية وقادرة على الاعتماد على نفسها في معالجة الازمات
ولهذا لم يطلب حتى هذه اللحظة تدخل القوات البريطانية أو القوات
المتعددة الجنسية كما كان ذلك في احداث الانتفاضة الماضية.
أما المستفيد الاخر فهو حزب المجلس الاعلى بعد أن تورط التيار
الصدري وارتبط باحداث البصرة نتيجة توتر سابق من خلال ما صرح به الشيخ
جلال الدين الصغير احد قيادي المجلس في خطبة الجمعة بتعليقه على احداث
شغب في محافظة واسط وبذلك انجر التيار الى المواجهة من خلال هذا
الاستفزاز ليعلن مواجهة بينه وبين الحكومة وبينه وبين المتعددة الجنسية
المنتظرة لهذه المواجهة منذ زمن واقاقها تجميد نشاط جيش المهدي الذي
يُراد له ان يكون ذراع العراقيين وليس اليد التي تُضرب بهم.
وبعد أن تورط التيار في مواجهات في بغداد وبعض المحافظات سيكون
الخاسر الاكبر نتيجة المعارك المعروفة سلفا واضمحلال نفوذه وفقدانه
الشرعية نتيجة المواجهات المسلحة مع السلطة الشرعية وسوف يفقد سلاحه
الذي طالما طالب العقلاء أن يكون بعيدا عن المواجهات الجانبية ويبقى
ذخرا للمواجهات الحقيقية لا تلك التي تندفع وراء استفزاز هنا وغضبة
هناك.
وربما يخسر المالكي بعض قواعده الشعبية اذا طالت المواجهات لاكثر من
هذا الوقت ويخسر حزبه تأييد الجماهير أيضا وربما يكون رأي المالكي غير
ذلك لانه يطمح للحد من الجريمة المنظمة بغض النظر عن انتماءاتها
ولاتُسجل في تاريخه انه غض الطرف عن جرائم لاسباب انتخابية ومستقبلية
فهو يقول ان تكليفه يأمره بأن يؤدي واجبا لمستقبل العراقيين بتخليصهم
من شرور الفاسدين والمفسدين ولننتظر ترجل الفرسان من صولتهم ونقرا
النتائج بعد ذلك. |