فورمولا واحد.. رياضة العالم المستقبلية

شبكة النبأ: لو طرح سؤال عن الرياضة الأكثر شهرة في العالم؟ لكان الجواب وبلا تردد هي كرة القدم. إذ يشترك في هذه الرياضة كل دول العالم تقريبا وتعد الأكثر رواجا بين الأوساط الشعبية وهي لعبة الشارع عموما. غير أن البعض له رؤية أخرى إذ يعد رياضة ما وذات آفاق محلية خاصة مثل الركبي أو كرة القدم الأمريكية، هي من ستنطلق إلى الشهرة العالمية وهي في الوقت ذاته تحقق أرباح اقتصادية اكثر من نظيرتها كرة القدم، وتعود بالفوائد على المنتجين وأصحاب الإعلانات والمروجين للشركات الكبرى التي تمول هذه الالعاب.

سباق فورمولا واحد، إنطلاق بقوة ومجازفة وخطورة، هذا ما يناسب إيقاع السرعة في القرن الحادي والعشرين، لتأتي هذه الحلبة إلى الشرق بعد الإنتشار الواسع في الغرب مستقطبة الجمهور الشرقي والعربي.

(شبكة النبأ) في التقرير التالي الذي أعدته لكم عن السباق العالمي فورمولا واحد تسلط الضوء على البلدان والمدن الجديدة المرشحة لدخول هذا السباق وإستضافته في المستقبل: 

التعداد السكاني ودوره في بطولة العالم لفورمولا واحد

تعتبر سباقات سيارات فورمولا واحد مشروعا تجاريا تسيل ارباحه اللعاب ويعود الفضل في ذلك الى الاموال التي تضخها فيها شركات النقل التلفزيوني بالتحديد يضاف اليها بالتاكيد عائدات اخرى تتأتى من رسوم المشاركة في بطولة العالم وسباقاتها والاعلانات الموزعة في الحلبات والمستشفيات المرتبطة بعقود مع المنظمين وبدلات الاجازة الرسمية لاستضافة الحدث.

واللافت ان المبالغ الضخمة التي تستثمر في رياضة الفئة الاولى تعتبر خجولة اذا ما قورنت مثلا بالعائدات التي تسجلها بطولة الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم والتي بلغت 6,4 مليار دولار اميركي نظير بيع حقوق النقل التلفزيوني لمنافسات الموسم الحالي 2007-2008 فقط.

معلوم ان الدوري الممتاز يشتمل على 20 ناديا يلتقي كل منها مع الاخر مرتين في الموسم الواحد احداهما على ملعبه والثانية خارجها ليصل اجمالي عدد المباريات الى 180 وهذا يعني ان عائد المباراة الواحدة يصل الى حوالى 25 مليون دولار من عائدات النقل التلفزيوني.

والجدير ذكره ان مباريات الدوري الممتاز تعرض ايضا خارج الجزيرة البريطانية تحديدا في 208 دول حول العالم وتباع حقوق النقل الى 81 جهة مستقلة كل منها عن الاخرى مقابل 2,1 مليار دولار. اما بقية الاموال المستحصلة فتاتي من عقود بيع نقل المباريات على مستوى محلي وليس فضائيا في مختلف انحاء العالم.

في المقابل تشهد بطولة العالم للفورمولا واحد 2008 التي تنطلق في استراليا 18 سباقا فقط ما يعني ان حقوق النقل التلفزيوني للسباقات بمنظار نسبي اغلى اذا ما قورنت بمباريات الدوري الممتاز. بحسب (اف ب).

هذه المعادلة لا تعتبر مفاجئة خصوصا ان مباريات الدوري الانكليزي ورغم شعبيتها على المستوى العالمي الا انها تقام بين فرق انكليزية وعلى ملاعب انكليزية. ولا يخفى على احد ان القيمين على الفئة الاولى لم يسعدوا جدا بالانباء التي تحدثت في الاونة الاخيرة عن نية لاضافة جولة على بطولة الدوري الانكليزي تقام خارج البلاد وفي اماكن يجري تحديدها بالقرعة معظمها يقع في القارة الاسيوية المولعة بشقها الشرقي تحديدا بال"برميير ليغ".

وتشير الارقام الى ان بيع حقوق النقل التلفزيوني للمباريات خارج المملكة اكد ان الشعبية العالمية للدوري الانكليزي في تعاظم مطرد ويبدو ان ذلك كان السبب المباشر الذي دفع بالمسؤول عن الحقوق التجارية لبطولة العالم للفئة الاولى البريطاني بيرني ايكليستون ومدير فريق رينو الايطالي فلافيو برياتوري الى الاستثمار في كرة القدم قبل فترة مع العلم ان الاول كان مرشحا لشراء نادي ارسنال اللندني.

اما السؤال الذي يفرض نفسه الان على القيمين على الفئة الاولى فهو التالي: كيف يمكن للفورمولا واحد ان تنافس وتصمد في وجه التحدي الذي تمثله كرة القدم؟ وكيف لبطولتها ان تكون اكثر جذبا على الجبهة الاقتصادية في مواجهة "الرياضة الاكثر الشعبية في العالم؟

لا شك في ان الطريقة المثلى لذلك تمثلت ضمنا في ضرورة زيادة عدد مشاهدي السباقات على شاشات التلفزة من خلال ادخال فورمولا واحد الى اسواق جديدة من العالم وتحديدا الى الدول التي تتميز بتعداد سكاني كثيف يضمن المتابعة الواسعة ويبني شعبية معتبرة لرياضة الفئة الاولى.

والجدير ذكره ان سباقات فورمولا واحد غير متواجدة في الوقت الراهن سوى في ثلاث من اصل اكثر 10 دول تعدادا للسكان في العالم الا انه ومع استعداد الهند لاستضافة احد السباقات وامكان استعادة الولايات المتحدة لجائزتها الكبرى في 2009 فان العدد سيرتفع من ثلاث دول الى خمس كما ان ثمة احاديث عن امكان وصول الفئة الاولى الى روسيا الا ان دولا اخرى تتمتع بتعداد سكاني معتبر كاندونيسيا وباكستان وبنغلاديش ونيجيريا لم يجر الاتيان على ذكرها بتاتا كدول مرشحة لاستضافة سباقات كونها لا تتناسب بحسب القيمين على الفئة الاولى مع صورة هذه الرياضة النخبوية.

وعندما يجري الحديث عن الدول العشرين الاكثر تعدادا للسكان في العالم فان ثلاثة سباقات تضاف الى اللائحة وهي تلك التي تقام في المانيا وفرنسا وتركيا. وثمة احاديث عن امكان استضافة المكسيك (تحتل المركز الحادي عشر في سلم ترتيب اكثر الدول تعدادا للسكان في العالم) لاحد السباقات.

وبين الدول العشر التالية على لائحة الاغنى في العالم هناك فقط ثلاث منها تستضيف سباقات فورمولا واحد الا ان هذا الرقم مؤهل للارتفاع اذا ما نجحت روسيا وكوريا الجنوبية والهند او المكسيك في استضافة سباقات في المستقبل.

ومن الجدير بالذكر ان اثنين من اضعف السباقات ينظمان حاليا في بريطانيا وفرنسا اللتين تعتبران بين اغنى دول العالم اذ تحتل الاولى المركز السادس على هذا الصعيد فيما تشغل الثانية المركز الخامس.

فرانك وليامس وعالم الغران بري

أحد "المخادعين" الذين شقوا طريقهم الى فورمولا واحد وعززوا الوجود الانكليزي فيها بائع سيارات مستعملة يدعى فرانك وليامس الذي كان على عكس بقية مقتحمي الفئة الاولى لكونه لم يتحدر من عائلة غنية.

لم يكن فريق الشاب وليامس في سباق سيلفرستون حتى للاختبار بل كان يترقب كيفية تطوير الاعلانات اذ ادرك منذ البداية ان السيارات هي وسائل دعاية متنقلة لها ابعاد نظرية عالمية ضخمة فالمليارات من الناس يشاهدونها من اذار/مارس الى تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة.

ويعلم الجميع ان جمهورين يشاهدان فورمولا واحد الاول "غير مهم" والاخر مهم جدا اذ ان الفئة الاولى هي اولئك الذين يحضرون الى حلبة السباق اما الثانية فهي غاية الاهمية وعمادها الجمهور الذي يشاهد السباق عبر التلفزيون الذي يستعرض الاعلان امامه وهذه الفئة هي التي تضخ المال وحضور فورمولا واحد الدائم هو عبر المال.

ويقول وليامس: التقنيات مكلفة لذا وجب استقطاب المال من موارد اخرى غير شركات الوقود والزيت والاطارات التي تعتبر حتى الان ممولة اساسية في فورمولا واحد فالمال هو العنصر المشترك في كل النجاحات وفي الكثير من الاعمال وخصوصا في هذه الرياضة.

اذا المئات من شركات التبغ مولت فورمولا واحد في السبعينيات والثمانينيات قبل ان يتم الضغط على الفرق للتخلي عنها الا ان وليامس ببصيرته المعتادة عرف التعامل مع الامر في شكل مبكر فتعاقد مع اطراف تستطيع مساعدته ماديا وتقنيا والمساهمة في ميزانيته السنوية التي قدرت العام الماضي ب50 مليون دولار. بحسب (ا ف ب).

واللافت انه قبل ان تصبح السيارات "لوحات اعلانية" كانت الشركات تتسابق وتحمل سياراتها الوان بلادها فالبريطانيون سابقوا باللون الاخضر والايطاليون بالاحمر والالمان بالفضي وكانت سباقات "الغران بري" وسيلة للتعبير عن الفخر الوطني قبل الحرب العالمية الثانية.

في القرن الواحد والعشرين لم تعد الامم الاوروبية تشن الحروب بعضها على بعض بل اصبحت حروب اليوم بين الشركات العالمية وفورمولا واحد تقف في الصفوف الامامية فتأمين الممولين معركة مهمة لكن الحرب الفعلية تجري وراء الابواب المغلقة في مراكز الفرق الرئيسية حيث تتم التحضيرات بكل سرية.

ويبدو ملموسا ان وليامس يعتبر ان السائقين موظفون يتلقون اجرا طائلا لكنهم متواجدون للقيام بوظيفتهم وان لم يقوموا بذلك سيلقون اوقاتا عصيبة فهم رجال ناضجون يعلمون ما ينتظرهم ان انضموا الى اي فريق في فورمولا واحد والضغط النفسي والاعلامي الذي سيكون بانتظارهم.

ويقول وليامس: ان العلاقة فعلا صعبة مع السائقين فهم يتلقون اجورا عالية ويعدون رياضيون رائعون ومعظمهم ابطال يتوقع منهم الجميع ما يشبه الكمال حيث الخطأ ممنوع ومكلف جدا.

شيء واحد يتفق عليه منافسو فرانك وليامس الا وهو انه رجل يتمتع بعزيمة فائقة وبدا ان غريزته التنافسية قل نظيرها وهي التي اوصلته الى ما هو عليه اليوم رغم ان طموحاته كادت تنتهي في اذار/مارس 1986 عندما انطلق بسيارته المستأجرة في جنوب فرنسا الى مطار نيس وقاد بسرعة زائدة فحصل معه حادث مروع حيث انقلبت سيارته لتستقر على ظهرها فتلقى ضربة مباشرة على دماغه ما ادى الى ازاحة الفقرات الرابعة والخامسة لعاموده الفقري فنجا من الموت باعجوبة لكنه اصيب بالشلل وعاد بعدها ليجدد التحدي انطلاقا من فلسفته بانه رجل لا يهزم فهو اعتبر دوما انه قادر على متابعة المسيرة باداء جيد وان كان هدفه بأن يثبت للجميع ان الفريق ليس قائما على شخص واحد وان يكن هذا الشخص قد جسد شخصية الفريق وشكله.

آسيا والشرق يقتحمان روزنامة عالم فورمولا واحد

لا يخفى ان قارة اسيا وخصوصا منطقة الشرق الاوسط فيها اقتحمتا عالم سباقات سيارات فورمولا واحد بقوة بعدما شقا طريقهما بثقة عبر انشاء الحلبات الحديثة التي تطابق المواصفات العالمية حتى انها تخطت بميزاتها اعرق الحلبات العالمية التي دأبت على احتضان السباقات منذ الماضي البعيد.

ومعلوم ان بيرني ايكليستون مالك الحقوق التجارية في الفئة الاولى هو صاحب عقل توسعي اذ اراد دائما نقل "هيستيريا" فورمولا واحد الى القارة الصفراء والشرق الاوسط التي توجد على رأس مخططاته المستقبلية.

وفي الوقت الذي تبدأ فيه البطولة من حلبة البرت بارك في ملبورن التي تستضيف جائزة استراليا الكبرى في 16 الشهر الحالي تتجه الانظار الى القسم الاخر من الكرة الارضية حيث تبدو قارة اسيا اشبه بخلية نحل في بلدانها المضيفة كونها ستشهد استضافة 5 سباقات في سنة واحدة.

وبالطبع ستسرق سنغافورة الاضواء بتنظيمها اول سباق ليلي في 28 ايلول/سبتمبر المقبل على حلبة شوارع في مهرجان يتوقع ان يشهد حضورا غير مسبوق بين الاحداث الرياضية لعام 2008.

وتتضمن روزنامة بطولة فورمولا واحد 18 مرحلة وهناك امكانية لاستضافة اسيا والشرق الاوسط نصفها في 2010 اذ ان المفاوضات مع كوريا الجنوبية والهند جارية على قدم وساق او شارفت النهاية في حين تدخل ابو ظبي ضمن الروزنامة الرسمية العام المقبل.

ويعرف الجميع ان سباق جائزة الصين الكبرى عام 2004 اعاد ارباحا بقيمة 650 مليون دولار وايكليستون يؤمن بأن هذه المنطقة تقف لتستفيد من فورمولا واحد بشكل غير مسبوق وهو يقول: لن اكون متفاجئا عندما ارى ما يحصل الان في اسيا اذ في ظرف سنتين او ثلاث ستكون الفائدة اكبر عليهم.

وتبدو الخطوة الثانية قريبة من الترجمة على ارض الواقع اذ ان ماليزيا ابدت استعدادها لتنظيم سباق في الفترة المسائية وبالفعل حصلوا على عقد يمتد لعام 2015 وذلك بعدما بدت المفاوضات اقل تعقيدا من تلك التي اجراها القيمون مع الاستراليين الذين رفضوا فكرة انارة حلبة البرت بارك لتنفيذ رغبات ايكليستون الذي يحذر اليوم من امكان خسارة ملبورن للجائزة الكبرى التي دأبت على استضافتها منذ عام 1996 عند الوصول الى تجديد العقد الذي ينتهي في 2010. بحسب (ا ف ب).

وحاول الاستراليون مراعاة طلبات ايكليستون فاخروا توقيت سباق الجولة الافتتاحية لموسم 2008 مدة 90 دقيقة بيد ان الامر لن يكون كافيا وخصوصا ان الضغوطات تزداد على ملبورن بسبب الخسائر التي تتكبدها جائزة استراليا الكبرى سنويا حيث ذكرت حكومة مقاطعة فيكتوريا ان سباق العام الماضي كبدها خسارة مقدارها 8ر31 مليون دولار اميركي.

الا ان ما يدور في الفلك الاسيوي لا يقتصر فقط على تنظيم السباقات اذ ستقتحمها الهند هذه السنة عبر فريق "فورس انديا" الذي يديره الملياردير الهندي فيجاي ماليا بميزانية تقدر بحوالى 120 مليون دولار.

ويبقى الحضور الياباني قويا عبر ممثليه هوندا وتويوتا بينما تطرح علامات استفهام حول قدرة سوبر اغوري على الحضور بسبب المشاكل المالية التي يعانيها الفريق. وسيعتمد المصنع العملاق تويوتا على سيارة "تي اف 108" لتخطي خيبة الموسم الماضي حيث حل الفريق سادسا على لائحة الترتيب العام لبطولة الصانعين.

وتنحصر هذه المهمة بالايطالي يارنو تروللي والالماني تيمو غلوك فيما سيعمل المحلي كاموي كوباياشي معهما بصفته سائقا للتجارب ضمن برنامج تويوتا لتطوير قدرات المواهب الشابة.

كما ستكتشف البطولة سائقين اسيويين اخرين امثال الياباني كازوكي ناكاجيما الذي سيلعب دور سائق التجارب ايضا الى جانب الالماني الموهوب نيكو هولكنبرغ في فريق وليامس.

ويبدو جليا ان فريق هوندا عانى مشاكل مع النظام الهيدروليكي والتوازن في الموسم الماضي فخرج من بطولة الموسم الماضي وفي جعبته ست نقاط فقط وهو يأمل بقيادة البرازيلي روبنز باريكيللو والبريطاني جنسون باتون ورعاية مواطنه "العقل المفكر" روس براون ان يجد مكانا له بين فرق المقدمة.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 22 آذار/2008 - 14/ربيع الاول/1429