ان المقدمة الحقيقية لاي مصالحة وطنية شاملة هي ادراك الجميع بأنها
الطريق الوحيد للحفاظ على العراق امنا مستقرا، وان النفخ في الخلافات
المذهبية او الطائفية لدفع البلاد الى فتنة وحرب اهلية هو هدف القوى
الارهابية المعادية للعراق التي تريد اغراقه في دوامة العنف والدمار
وبحور الدم لتحقيق اجنداتها الخاصة. واذا كان من اهم اهداف مبادرة
المصالحة والياتها المختلفة، ان يتم طرح كل المطالب والهواجس والرؤى
على طاولة الحوار من اجل التعامل معها ومعالجتها ضمن اطار وطني شامل،
فأن المصارحة والمكاشفة تكونان مطلبين حتميين لتحقيق ذلك النجاح، وبناء
الثقة بين عموم القوى السياسية بعد ان تعرضت الى الاهتزاز خلال الفترة
الماضية.
وعلى ذلك فأن العنوان الرئيسي لكل مؤتمرات المصالحة العراقية يجب أن
يكون المصارحة مهما كانت صعبة، لانه دون هذه المصارحة سوف يبقى حاجز
فقدان الثقة قائما بين القوى السياسية، ولا يمكن لاي مبادرات او
مؤتمرات او مقررات ان تخترقه او تقفز عليه. وعلى ما تقدم، ينبغي عن
طريق جلسات المؤتمر ازالة الضبابية عن المصطلحات المتعلقة بالمصالحة
عموما، وتلمس الطريق الحقيقي المؤدي اليها من خلال الخطوات التالية:
الخطوة الاولى - الحوار الصريح
والمباشر
الحوار قيمة في ذاته وآلية يلجأ اليها الانسان بحثا عن فهم متبادل.
وهناك عدة معاني له، منها:
• تبادل الافكار من خلال النقاش.
• محادثة بين اكثر من شخصين.
• نقاش يرمي الى بلوغ اتفاق.
ويختلف الحوار عن مفاهيم اخرى تبدو مرتبطة به او قريبة منه مثل
السجال والمفاوضات. فمن ناحية اولى يعني السجال: اصرار على الاختلاف
المفضي الى الشعور بالتميز، والحرص الدائم على ابراز التمايزات، بهدف
تكريس ذاتية استعلائية او تفضيلية في مواجهة الأخر المختلف. اذن اغراض
السجال تختلف في الجوهر عن اهداف الحوار. في السجال رغبة في تأكيد
التميز والافضلية على الاخر أما في الحوار فأن الرغبة تنصرف عادة الى
تبادل الافكار والسعي المتبادل للوصول الى اتفاق. ومن الملاحظ ان
السجال يبنى دائما على الانماط الجاهزة عن الاخر في حين ان الحوار يجب
ان يبنى على التحرر من الصور النمطية المقولبة عن الذات ويتبنى ضرورات
تقبل الأخر والتفاعل معه. وعادة ما تسود السجال لغة خلافية نزاعية، اما
اللغة التي تسود الحوار فانها تتسم بالرحابة والشفافية والرغبة في بناء
جسور الثقة. ومن زاوية ثانية يشمل الحوار بين طياته مفهوم التفاوض لكنه
يتجاوزه الى واقع اكثر رحابة. فالتفاوض يعني نقاشا يهدف الى التوصل
لاتفاق حول قضية معينة على اساس الصفقة السياسية، وهو ذلك المفهوم الذي
وردنا جاهزا من النموذج الامريكي. وضمن المعاني المتعددة للحوار ما
يشير الى اهمية التوصل الى اتفاق. ولكن تظل خطوط التماس بين المفهومين
واضحة. التفاوض عادة ينصرف الى اشياء مادية تقبل المساومة حولها، ويمكن
التوصل الى حل وسط بشأنها. أما الحوار في الأعم الاشمل ينصرف الى رؤى
وافكار، المساومة حولها غير واردة، والحلول الوسط غير مقبولة خاصة في
حالات الحديث عن الخصوصية والقيم والرموز والموروث......الخ.
ومن جراء الاحداث التي تلت الاحتلال وسقوط النظام السابق في 2003
طفت على السطح في العراق ما يمكن أن نطلق عليها اسلمة مظاهر الحياة
العامة، حيث اصبح الحديث الغالب في كل القضايا ذا طبيعة دينية، حتى وان
كانت هذه القضايا اساسا علمية في جوهرها. واصبح هناك قاسم مشترك فيما
بينها هو النظر الى الكثير من الصراعات الاقليمية بوصفها جزءا من
مؤامرة تستهدف العراق على اساس طائفي. وهكذا اصبح المتغير المذهبي هو
الرئيسي في تحليل المتغيرات الداخلية ذات الانعكاسات الاقليمية فيما
تنشره الصحف التي لا تتناول الموضوع بعمق بل تعمد الى الاثارة والتلاعب
بغرائز مجتمع سياسي غير ناضج. وعليه، يحتاج الحوار العراقي الى
(الهندرة) بوصفها نقطة: البدء وفق نظام مغاير وليس اصلاح وترميم
الوضع القائم او اجراء تغييرات تجميلية تترك البنى الاساسية كما كانت
عليه. اذن، يجب ان نحدد اولا لغة الحوار المطلوبة حتى ننطلق لافاق
المصالحة بعيدا عن السجالات والمفاوضات والمساومات.
الخطوة الثانية – تعميم ارادة
المبادرة
ان روح المبادرة تعني اكثر من ان تأخذ زمام المبادرة، ولاننا
مسؤولون عن حياتنا وسلوكنا، فمبادرتنا يجب ان تكون تعبيراً حياً عن
قراراتنا وليس عن ظروفنا، لذلك يوجب علينا العمل بروحية ارادة المبادرة
الصلبة ايا كانت رسمية ام غير رسمية، جماعية او فردية.
ان فقدان روح المبادرة العراقية على المستوى الرسمي ( الحكومي ) او
تلكؤها مرده لعدة اسباب ابرزها:
1. العجز الحكومي في الانفتاح على القوى والتيارات السياسية الاخرى
من خارج البرلمان والعملية السياسية.
2. فقدان الثقة بالنفس والاعتماد على الذات.
3. البحث عن المصالح الذاتية سواء على مستوى الافراد او الاحزاب او
صناع القرار.
لقد عملت النخب السياسية الحاكمة على اختصار الامة في ذاتها وشخصها،
كما وقعت الحركات السياسية من داخل البرلمان بنفس الخطأ، فصّورت
لمؤيديها ان الاستهداف او القمع الذي تعرضت له في الماضي موجّه لشخصها
وليس لبرنامجها، لذلك فأن لها الاولوية والاحقية في التمتع بالسلطة دون
غيرها والاستئثار بمزاياها، لكن، ما يجب تثبيته عند هذا الفعل، ان
الامة العراقية لا يرتبط وجودها بوجود شخص او حزب بعينه، وتجربة البعث
الذي هيمن لوحده منفردا على العراق لثلاثة عقود ونصف خير دليل على ذلك.
كما ان من اسباب غياب روح المبادرة، ان بعض الاهداف التي يحارب من
اجلها دعاة المصالحة هي للحفاظ على الذات ومن اجل مكتسبات وامجاد
شخصية، فيتم جراء ذلك تضييع الثوابت والمباديء والتهاون بالحقوق
العامة. واذا استمر الامر كذلك سوف يفقد المجتمع والافراد روح المبادرة
والابداع لفقدانهم الدافع والحافز. وما يمر المستوى الرسمي به اليوم،
هو تجاوز مرحلة عدم امتلاك روح المبادرة الى مرحلة الخضوع ووضع
المبررات التي تعد اقبح من الذنب.
اما على المستوى غير الرسمي، فهو في حراك دائم نحو المبادرة
والتفاعل، ورغم ان الطريق صعبة، والمصارحة مؤلمة، لكننا لا نرى لها
بديلا في سعينا نحو المصالحة. وها هي فكرتنا ترى النور اليوم، من خلال
مبادرة فتح المساجد المغلقة، والتي شملت اكثر من عشرين مسجدا في بغداد،
وتكللت مؤخرا بأقامة صلاة مشتركة بحضوري وعدد كبير من العلماء والشباب
المؤمن من مدن الكاظمية المقدسة، الصدر، الشعب والكرادة في جامع الامام
ابي حنيفة النعمان، وتلاها عقد سلسلة من الحوارات مع علماء ووجهاء
الاعظمية بروح اخوية ورؤية تذلل الخلافات وتتجاوز المعرقلات. وكان
الشيخ عامر العزاوي رئيس التجمع الاسلامي في الاعظمية قد بادر مع اخوته
من وجهاء الاعظمية، وفي خطوة مهمة لاتمام المصالحة الى اعادة العوائل
المهجرة من منطقة الاعظمية.
ان تنمية ارادة المبادرة غير الرسمية ضرورة للامساك بزمام الامور
والسير بدرب معبّد امن نحو التحاور والتصالح. لذلك طالبنا من خلال ورقة
عمل قدمت لمؤتمر علماء المسلمين الاخير الذي انعقد في بغداد لتشكيل
مجلس من الفقهاء والخبراء للطائفتين الاسلاميتين كلا على حدة، ومجلس
اخر مشترك بينهما بهدف توحيد الخطاب الفكري والديني وتنمية روحية
المبادرة وتفعيلها. ونطلق من خلال المؤتمر الحالي مبادرة لتأسيس لجنة
وطنية تضم كافة الاطياف والممثليات لتكون بمثابة الحافز والدافع الوطني
لجميع المؤتمرين للانضمام اليها او لكسر الجمود في هذا الميدان.
الخطوة الثالثة - الوحدة الوطنية
ننطلق في فهمنا للوحدة الوطنية من رؤية خاصة تعزز المصالحة، وتنطلق
بها الى افاق اوسع واشمل في الفعل والمضمون، ونعني بها:
• وحدة المشاعر تجاه قضايا الوطن والامة.
• التكامل في البرامج وليس التصادم.
• وحدة الاهداف.
• مراعاة خصوصيات شرائح المجتمع.
التحديات:
يعترض اتمام الوحدة الوطنية جملة من التحديات، نوجزها في:
1. اثارة الفتن وما يترتب عليها من صراعات ونزاعات وانفلات امني.
2. الانصراف عن العمل الجاد المثمر وتعطيل المصالح العامة والخاصة
وتأخير او افشال خطط التنمية.
3. اضعاف قوة البلد وفتح الابواب امام الطامعين بثرواته.
4. ايجاد جو من اليأس والاحباط والتقاعس عن القيام ببرامج الاصلاح.
عوامل الوهن:
ان اكثر ما يفت في عصب الوحدة بين ابناء الشعب الواحد، هو:
1. نشر الروح الطائفية بصورة خلقت بؤرا للصراع في المجتمع.
2. السياسات الحكومية التي لا تعتمد معايير موضوعية في التعامل مع
الاحداث والتداعيات على الصعيدين الامني والسياسي.
3. سوء الاوضاع الاقتصادية التي جعلت من الانسان العراقي مهددا في
مستقبله.
4. السعي لاثارة الفتن وتهجير المواطنين في الداخل والى الخارج.
5. اناطة المسؤولية لمن لا يستحقها ولا يمتلك النهوض بواجباتها من
ناحية المهنية والنزاهة والكفاءة.
6. تغييب المصلحين والدعاة عن مراكز التوجيه واناطتها بأشباه
متعلمين يعزفون على وتر المسؤول.
7. تقييد حريات المواطنين ومصادرة حقهم في التعبير مما يوجد حالة من
الاحتقان وسوء الظن.
8. غياب الحوار الجاد والصريح بين الحكومة والقوى السياسية
والشخصيات الوطنية من خارج البرلمان، مما يثبت عجز الحكومة عن الانفتاح
على تلك القوى الوطنية وتوسيع المشاركة السياسية. بشكل يوسع الفجوة
ويخلق حالة من الاختلال في البناء الديمقراطي - الاجتماعي، خصوصا اذا
ما علمنا ان لهذه القوى والشخصيات امتدادات جماهيرية عميقة وسجل نضالي
حافل، كما انها تمتاز بالتعفف المناصبي بشكل مغاير تماما للشرهين
للمناصب واللاهثين وراء السلطة ومزاياها.
مظاهر الخلل:
يتمظهر الخلل في اعاقة الوحدة بالمجتمع العراقي، في:
• الاصطفاف على اسس طائفية وعرقية وجهوية وعشائرية ولا سيما في
اجواء الانتخابات، خاصة حين تغيب القوائم البرامجية الممثلة لشرائح
المجتع.
• اقلام واصوات تنخر جذور الوحدة الوطنية بدعوى الحرص على المصلحة
الوطنية.
• التعبئة والتحريض ضد قطاعات معينة بدعوى التحذير من اخطارها.
استراتيجية شاملة للعلاج:
1. اجراء حوار وطني شامل يفضي الى تحريم المس بالوحدة الوطنية
وتجريم استعمال اية وسيلة تعمل على النيل منها، وينبغي التوضيح بأن
الوحدة لا تعني التعارض مع الفيدرالية لان الفيدرالية شكل من اشكال
الحكم المطبقة في اغلب البلدان المتقدمة، لكن الوحدة الوطنية خيار
ومطلب استراتيجي.
2. العفو العام الشامل غير المشروط، وهو ذات مطلبنا في المؤتمر
الماضي قبل اكثر من عام، ونصرٌ عليه اليوم. وتثبيت الحقيقة التالية
واجبة ومفيدة في اقرار وتطبيق القانون في سبيل تعزيز الوحدة الوطنية
والخروج بالمصالحة من اطرها الضيقة: ان البعثيين ليسوا جميعهم مجرمين،
وان الاف العسكريين منهم بقوا في العراق طيلة الفترة الماضية، منزهين
من سرقة اموال ومؤسسات الدولة السابقة، كما انهم لم يشتركوا في
العمليات الارهابية. ولذلك يجب اعادتهم الى وظائفهم سريعا هم واقرانهم
من الكيانات المنحلة.
3. اعتماد سياسة وطنية تقوم على احترام الحقوق والواجبات وتجعل
المؤهل الاساسي للوظيفة الدرجة العلمية، الكفاءة، الامانة والنزاهة.
4. اعتماد سياسة اعلامية عامة تتبنى قيم الشعب العراقي بكل اطيافه
دون تمييز او تحيز تتصدى بوضوح وعمق ومسؤولية لكل سلوك ينخر جدار
الوحدة الوطنية.
5. اعادة النظر في رسالة دور العبادة من حيث القائمين عليها
واولوياتها وطرائق تناول القضايا والموضوعات. والدعوة الى اصدار تشريع
خاص ينظم عملها الارشادي التوعوي ويقلص من فرص اقحامها في الميدان
السياسي.
6. التزام المؤسسة التربوية بفلسفة التربية والتعليم واهدافها
وبرامج التوجيه والنشاط بما يخدم هذا الهدف.
7. اعادة المهجرين كافة الى ديارهم ونشر ثقافة التعايش والتقارب
والتراحم.
8. تبني ميثاق شرف يحرم ويجرم الدعوة الى العصبية الطائفية والعرقية
والقبلية والجهوية والعمل من أجل تحقيق وحدة الامة العراقية.
الخطوة الرابعة - تطويع المتطرفين
تبقى المصالحة الوطنية محكومة بمعادلة الاحباط حتى يثبت العكس، ولا
يصح ان يعالج موضوعها من غير ان يجري تثبيت الحقيقتين التاليتين:
الاولى: وجود تيارات سياسية وطائفية، من داخل العملية السياسية ومن
خارجها. من المحسوبين على الحكم وقواه المتنفذة من جانب، والمحسوبين
على مجموعاته المسلحة من جانب اخر. ترفض خيار المصالحة اصلا وتعده
بمثابة خيانة وتزكية للطرف الآخر واعترافا بشرعيته ودوره.
الثانية: ان غالبية المشاركين في لقاءات المصالحة الوطنية والساعين
الى تحقيقها يتهربون من الاحكام التي لا يمكن ان تتحقق المصالحة من
دونها، وفي مقدمة تلك الاحكام الاستعداد للتنازل عن المناصب
والامتيازات والشروط الى الحد الذي يصبح الامر مقبولا من الجميع.
وبكلمة اخرى، ان وعي فقه المصالحة القائم على الحلول الوسط المعقول
يعني العودة الى الصف الوطني او تقاسم السلطة بين الجميع. كما ان بعض
الرافضين لاتمام المصالحة ولفكرتها، من المشاركين في العملية السياسية
ينطلقون من خندقة طائفية لان المصالحة تبدأ من النقطة التي تردم فيها
تلك الخنادق ويجمع السلاح بيد الدولة. وثمة البعض من شرائح هذا المعسكر
تعيش وهم الانتصار ثم الفوز بالسلطة عن طريق الانتخابات، فكيف لها، ان
تتنازل عن السلطة لمن فقدها، او تتقاسمها معه طواعية. فيما الرافضون
لاتمام المصالحة من المسلحين يخدعون انفسهم بانهم قاب قوسين او ادنى من
الحكم، وانهم اهل لهذا الحكم واحق من غيرهم به، فكيف لهم، ان يعترفوا
بشرعية حكم الاخرين ويحاورونهم كانداد، ثم ان يتعايشوا معهم متنازلين
عن برامج التجييش والسلاح ؟. ان في الخطاب الرافض لخيار المصالحة
القليل مما يخاطب العقل، والكثير مما يعيد انتاج ثقافة الرفض !!!.
ان مسؤولية تفعيل المصالحة تقع على عاتق كافة اطراف الازمة السياسية
العراقية، التي التزمت خيارها ودخلت في سلسلة حوارات لتحقيقها. اذن،
عليها ان تدخل في التنافس على تقبل الاخر والانفتاح عليه سبيلا لاقناع
الجمهور بجديتها وحرصها على تجنيب البلاد المزيد من الويلات، ان
السياسيين مطالبون بأعطاء دور للمعتدلين والوسطيين في كل كيان، حتى من
حزب البعث نفسه ممن لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين. ثم، ان تتجنب
اطراف السلطة الاستغراق في تفاصيل الخلافات السياسية فيما بينها وان
تنأى بنفسها عن املاء الشروط على بعضها البعض وان تستثمر تعاطف الشعب
الجارف مع خيار المصالحة باعتباره مصدا امام الحرب الاهلية الظاهرة في
اجندة الارهابيين والطائفيين. ولو ان هذه الاطراف، تمعنت جيدا بمعادلة
المستقبل برجاحة العقل ومسؤولية، لتوصلت الى نتيجة مفادها: ما لا يمكن
تحقيقه بالحوارات والسجالات والمفاوضات والصفقات والتهديد والابتزاز
والعنف السياسي والاغتيالات يمكن ان يتحقق في اجواء المصالحة
والاسترخاء والشراكة، ولو بعد حين.
الخطوة الخامسة – نحو فهم معوقات
العمل الوطني
ان معوقات العمل الوطني للمرحلة الراهنة تنحصر فيما يلي:
1. الفشل في تطوير وسائل العمل الجماعي وادارة الخلافات.
2. تكريس التعصب التنظيمي والحزبي والولاءات القومية والاثنية
والعشائرية.
3. العجز في بلورة مفهوم جامع للهوية الوطنية.
4. تغليب التناقضات الثانوية على المصلحة العامة.
5. العيش اسرى للماضي واجترار مراراته.
6. الفشل في التجمع حول الاولويات والاهداف الاستراتيجية الوطنية
الكبرى.
7. عدم بلورة مشروع برنامج وطني جامع يمثل الحد الادنى من متطلبات
المرحلة والشعب.
8. عدم الاتفاق حول النظر الى مسألة الهوية الوطنية.
9. انعدام الثقة ان على المستوى الشخصي او على مستوى القوى
السياسية.
10. شخصنة الصراعات.
11. الابتعاد عن الموضوعية في حل الخلافات.
12. سيادة عقلية الهيمنة والشوفينية والانفراد.
13. عدم الالتزام بالديمقراطية والخضوع لنتائجها.
14. غياب الاحترام المتبادل وقبول الآخر كما هو، وليس كما تريد.
15. سيادة الشكوك.
16. الفشل في الفرز بين ما نتفق عليه ونختلف عليه.
17. عدم وجود معايير متفق عليها بشأن قضية السلطة.
18. ازمة الوعي الفكري والثقافي التي تعانيها قطاعات واسعة من
الجماهير، مع تدني المعرفة ومحدودية الوعي لما يجري في الوطن وضعف
ارادة التغيير ومحاولة الهروب من تحمل المسؤولية.
19. غياب المؤسسات التي تساعد على ايجاد رؤية واضحة وقيادات تحقق
هذه الرؤية.
20. ضبابية الرؤية لمفهوم الوحدة.
21. اهمال العمل الاعلامي ومحاولة تسييسه لخدمة قضايا السلطة.
ولتجاوز المعوقات المذكورة ينبغي التأكيد على ما يلي:
• العمل على تحقيق الاستقلال الوطني، والذي لا يتحقق الا بتعزيز
روحية المصالحة بين كافة افراد الشعب وطوائفه المختلفة.
• خلق ارادة جماعية للعيش المشترك في وطن واحد.
• اقامة تحالف سياسي يجمع مختلف القوى السياسية من خارج البرلمان،
وتبني ميثاق وطني ونظام اساسي ينظم العلاقة بين تلك القوى ولديه قبول
من قطاعات واسعة من الجماهير العراقية.
المبادرة - مشروع اللجنة الوطنية
الاصلاحية
ان من الحلول التي نطرحها على المؤتمرين، ضرورة تضافر جهود كافة
الوطنيين لعقد ملتقى اللجنة الوطنية بصرف النظر عن المسمّى، على ان
يدعى لها:
1. ممثلوا التنظيمات السياسية البرلمانية ومن خارج البرلمان
والحكومة.
2. ممثلو كافة الجهات المعارضة في الخارج، ممن يحضرون المؤتمر
الحالي.
3. علماء الدين.
4. ممثلو اللاجئين العراقيين في دول الجوار.
5. الاعيان والشخصيات الوطنية المستقلة.
6. الاكاديميون وذوو الاختصاصات.
7. ممثلو منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والاعلام.
مع ضرورة العمل على تشجيع المبادرات الشعبية والاجتماعية التي تظهر
في مختلف المناطق وتقديم الدعم اللازم لها بشأن التسريع في عقد اللجنة
الوطنية.
ان الطريق الى المصالحة الحقيقية سيكون طويلا ان لم يتم اعتماد
الخطوات اللازمة، واعلان الرغبة بالمبادرة الى الصلح والتصالح مع النفس
اولا، انطلاقا منها الى الاخرين. كما ان الحكومة الحالية تتحمل
المسؤولية كاملة عن تأخير اتمام مستلزمات المصالحة وتفعيل الياتها، رغم
انها صاحبة المبادرة ومن اطلقتها اول مرة. لذلك هي مطالبة بأن تحافظ
على المكتسبات التي تحققت وان تعلن ستراتيجية جديدة تقوم على اطلاق
العنان للمصالحة بكافة اشكالها والعمل السياسي.
* مدير المركز الوطني للديمقراطية الاجتماعية
رئيس مجلس ادارة صحيفة اللواء البغدادية
** ورقة عمل مقدمة الى مؤتمر مصالحة القوى السياسية العراقية الثاني
المنعقد في بغداد |