بعد خمس سنوات: آراء المواطنين حول التغيير في العراق

مرتضى توفيق/كربلاء

شبكة النبأ: تُعد أحداث التاسع من نيسان عام 2003 وما تلاها، ابرز حقبة في تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والثقافي المعاصر حيث حملت معها رياح التغيير من كافة الجوانب.. وبها استبشر العراقيون خيرا لخلاصهم من حقبة زمنية مظلمة عاشوها تحت نظام صارم حَكمَ بالحديد والنار وحَرمَ من ممارسة ابسط الحقوق المشروعة..

ورغم التباين في وصف ذلك اليوم، فقد عُد هذا التاريخ عيدا وطنيا للعراق.. وبعد مرور خمس سنوات على سقوط الطاغية والتحرر، وما آلت إليه العملية السياسية خلال الاعوام المنصرمة.. استطلعت " شبكة النبأ المعلوماتية " آراء عددا من المواطنين والشخصيات الدينية والإعلامية وكانت على النحو الأتي:

فلاح حسن عطية عضو مجلس محافظة كربلاء قال.. بالتأكيد ان عملية التغيير التي شهدتها الساحة العراقية كانت ضرورية ومهمة للشعب العراقي بعد ان واجه أشرس دكتاتورية مما جعله ينفتح على العالم.. وقد شهدت هذه المرحلة تطورات سياسية وديمقراطية في البلاد ما دعا الى تعدد الأحزاب والتيارات بعد ان كان حزبا شموليا واحد يحكم .. وانفتاح حرية الرأي والرأي الاخر .. وان كانت هنالك سلبيات رافقت هذه العملية إلا أنها تسير إلى طريقها الصحيح.. وقد شهدت الساحة العراقية تجربة مجالس المحافظات  وهي تجربة جديدة وكذلك شهدت عملية الاعمار وتوزيع واردات الدولة بين المحافظات وان كانت لا تسد الحاجة الفعلية كونها حسبت على اساس الكثافة السكانية وحسب التعدد السكاني السابق.. ومن السلبيات  التي واجهت المرحلة هي عدم وجود حلول لقضية البطالة التي يعاني منها الكثير من الشباب وكذلك عدم الاهتمام وحماية القطاع الوطني وتشجيعه وكذلك عدم الاهتمام بقانون الاستثمار الذي هو معمول به في معظم البلدان المتطورة.

وكذلك من الخطأ الكبير هو حل الجيش والشرطة ابان دخول قوات التحالف الى العراق مما سبب فتح الحدود أمام الذين كانوا يتربصون بالعراق وأبنائه.. إلا أننا نتلمس خيرا ان شاء بتحسن الوضع والسير بالطريق الصحيح ..

فيما قال المحامي مازن المسعودي.. اننا استبشرنا خيرا بسقوط الطاغية صدام وزوال أزلامه لأنه سفك الدماء وسلب الحقوق واضطهد الشعب وقتل العلماء وهجر العقول.. إلا ان ما آلمنا من بعد السقوط كان أكثر مما كان قبل ذلك لأن دماءنا سفكت بدون رادع وتلاعبت الدول بمقدراتنا ونهبت ثرواتنا.. وحتى قانون الاجتثاث كنا نتأمل منه معاقبة ومحاسبة البعثيين الذين ذبحوا أبناءنا قد بُدل إلى قانون المسائلة والعدالة.. ومع ذلك نتمنى ان يتحسن الوضع.

فيما قال الصحفي محمد رزاق.. مما لاشك فيه ان تغيير النظام السابق يعد خطوة إلى الإمام وواحد من المنعطفات الهامة في تاريخ العراق المعاصر كون النظام ألبعثي استخدم مختلف أنواع الكبت للكفاءات العراقية، ولم يستثني جهة دون أخرى ولم يسلم منه أي شخص.. أما ألان وبعد ان زال الى الأبد ينبغي علينا ان نحسن التصرف ونستغل الحيز الواسع من فضاء الحرية استغلالا امثلا كي لا نقضم أصابعنا ندما عند فوات الأوان.. ولاسيما المسؤولين الذين عاثوا في العراق فسادا لا لشيء سوى تصفية حسابات وثارات شخصية وولاء للحزب والطائفة على حساب الشعب وحقوقه . واني اجد ان الواقع في العراق قد تحسن بعد التغيير وفي جميع الاصعدة.. ونطالب بالمزيد ومحاسبة المقصرين والمتلاعبين بثروات البلاد.

واضاف الصحفي ذياب الطائي.. من منطلق الحكمة ان نشخص هذه الخمس السنوات من منظار وطني فبرغم قوة الحملات التي سبقت الحرب ووعدت بجنة عدن في الأرض العراقية.. الا ان ذلك لم يحصل لإعتبارات كثيرة، فالحرب الأهلية بين الأخوة والمذاهب وصلت الى درجة كارثية العام الماضي والعصابات المنظمة عاثت فسادا في الوطن والفساد الإداري والمالي بلغ ذروته وأحوال العراق طالت كل أيادي السراق .. وأصبح العراق كبش فداء والكل يريد حصته منه.

ولكن ايجابيات التغيير لابد ان نعترف بها، فحرية الرأي والاعمار والانتعاش الاقتصادي الذي شهدته معظم العوائل العراقية، كل ذلك يصب في صالح رياح التغيير وبنظرة مستقبلية نجد ان هناك تفاؤل بان يكون البلد نموذجا في المنطقة وسفينة العراق ستبحر في عالم التقدم والتسامح والبناء.

الفنان التشكيلي امجد الكعبي، قال، .. بالتأكيد الضغط يولد الانفجار في زمن الطاغية لكل الضغوطات الدولة الماضية ولدت عندي إبداع لطرح معاناة شعبي الكبيرة من خلال لوحاتي.. وهذا يدل على عمق هذه المعاناة التي عاشها الشعب العراقي خلال الحقبة المنصرمة.. اما ألان أقولها بصراحة أصبحت اللوحات أكثر والمعاناة اكبر من خلال العوائل المهجرة والبطالة والأشلاء المتناثرة في الطرقات والذبح على الهوية.. وكل هذه الأعمال تجدها على أيادي بعض المحسوبين على العملية السياسية.. فالذي نرجوه من السياسيين الوطنيين ان يقفوا وقفة رجل واحد وان ينقذوا أبناء شعبهم من الدمار الذي حل..

وقال السيد علي الحسيني رئيس مؤسسة المعرفة الثقافية لـ شبكة النبأ: ان الانفتاح السياسي والثقافي والاجتماعي الذي شهدته الساحة العراقية هو شيء صحي جدا، ولكن يجب ان يصب في مصلحة الشعب العراقي وان يسير بشكل تدريجي وإلا فإن رياح التغيير التي دخلت للعراق قد تسبب إرباكا واضطربا.. ومن الايجابيات التي شهدها العراق القضاء على الدكتاتورية التي تسلطت على العراق لـ(35) سنة  بالحديد والنار والحرمان والقتل الجماعي.. بالإضافة الى حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الطوائف العراقية.. ولو قارنُاها كما كان في السابق وكيف منعت هذه الشعائر المقدسة.. وكذلك هناك تحسن وان كان ليس بالمستوى المطلوب في الجانب الاقتصادي والبني التحتية..

ويضيف الحسيني، اما بخصوص السلبيات التي صاحب التغيير فأهمها المحاصصة السياسية التي تعرقل مسير تقدم البلاد ونشاهد الان هناك أكثر من 15 وزارة بلا وزير، مما سبب إرباكا واضحا في تقديم الخدمات ونجد المتضرر الوحيد بهذه المحاصصة المقيتة هو المواطن، كما ان حل الجيش والشرطة بشكل مفاجئ سبب فتح الحدود ودخول الإرهاب، وكذلك نجد الفساد الإداري والمالي قد استشرى بشكل واضح في معظم مرافق الوزارات والدوائر بسبب ضعف القانون.. الا أننا ورغم ما ذكرنا من سلبيات نرى أن الفرصة باقية للإصلاح وازالة ما موجود من سلبيات.

فيما قال السيد شاكر الحسيني، خطيب حسيني،كنت أتساءل قبل ان يطرح علي هذا السؤال ما الذي تغير بعد سقوط اللانظام المشؤم .. بينما انا غارق في تأملي هذا.. تذكرت أنني قرأت في رواية ( انه عندما مات الحجاج ابن يوسف الثقفي ) سمعوا رجلا واقفا ويدعو ( اللهم أمتَّ الحجاج فأمِت معهُ سُنّته ) قالوا له ما معنى دعاءك هذا والحجاج قد مات. قال لهم ان الحجاج مات كشخص ولكن سنته ومنهجه باقيان. فاليوم ولّى صدام الى اللعنة الأبدية ولكن سنّته ومنهجه باقيان الى يومنا هذا.. وطالما هذا الفكر موجود ومتفشي فلن تقوم لنا قائمة ولا يهدأ لنا بال.. وكي أكون منصفا بالقول لا أنسى الكثير من النعم التي حبانا الله بها بعد سقوط الدكتاتور صدام ومنها الحرية التي طالما حلمنا بها لعقود طويلة. 

فيما قال علي الجابر،مدرس .. كنا نتأمل ان يتغير الحال من السيئ الى الأحسن لكننا فؤجنا بتغيير سلبي وهو من السيئ الى الأسوء، نقص في الخدمات وغادرنا الأمن والأمان وانتشار الفاقة والمرض والفساد المالي والإداري.. وانخفاض مستوى التعليم ونقص الخدمات الصحية في جميع المرافق وهذا ليس كلامي بل الواقع يشهد بذلك والتقارير التي تظهر على شاشات التلفزيون كثيرة من هذا النوع.. وللأسف الحكومة ومجلس النواب لا يحركان ساكنا.. فلا نقول سوى.. المشتكى لله وحدة.

بينما قال المواطن حسن علي.. في هذه المرحلة أي مرحلة ما بعد سقوط النظام  أصبحت الحرية أفضل ما موجود ولكن الذي ليس موجود ونستطيع ان نقول انه منعدم فهي الخدمات.. واني اسمع واقرأ في الصحف حجم المشاريع الاعمارية التي تشهدها محافظتنا (كربلاء) لكننا لا نلاحظ أي اثر لها.. حيث عندما تشاهد المدارس وحجم المعاناة للطلبة من نقص ابسط الخدمات الضرورية لهم وأهما المجمعات الصحية المنعدمة ونقص المستوى التدريسي للطلبة وقلة كوادر التدريس في معظم المدارس... وعندما تزور او تدخل في المستشفى الوحيد في المحافظة فانك تشعر بأنك في جنوب الدول الأفريقية المحرومة, فلا تجد ابسط أنواع العلاج.. وعندما تراجع الدوائر فلا تشعر بأنك إنسان ولك حقوق.. يتم التعامل معك بأنك من الدرجة الثانية..

وفي ختام جولتنا صادفتنا الحجّية ام فلاح من أهالي البصرة.. قالت وبِلُغتها الدارجة ( يمه أهم شيء عندنا هسه أنزور ائمتنه واهل البيت براحتنا)، وأضافت كنا في السابق عندما نأتي لزيارة أبا عبد الله الإمام الحسين نعبر البساتين والمزارع خوفا من بطش صدام وازلامه، اما الان ولله الحمد نجد رجال الجيش والشرطة هم الذين يوفرون الحماية ويقدمون الخدمات..مشيرة، الى اننا نطالب حكومتنا المنتخبة ان توفر الخدمات لعوائل الشهداء والسجناء. واستدركت، ولجميع أبناء الشعب العراقي فنحن عراقيين جميعا.

وبعد هذه الآراء نرى انها تراوحت بين راض بمستوى بسيط ومطالِب بتوفير الخدمات الضرورية لأبناء الشعب الذي يتطلع للايفاء بالعهود التي قُطعت لهم من قِبل ممثليهم في مجلس النواب والحكومة العراقية..   

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 19 آذار/2008 - 11/ربيع الاول/1429