العراق بعيون غربية: نفط منهوب وإستراتيجية مفقودة

إعداد:علي الطالقاني*

مقتطفات مما نشرته الصحافة العالمية حول اخر المستجدات على الساحة العراقية

شبكة النبأ: خصصت الصحف الغربية الصادرة هذا الأسبوع مساحات واسعة لتغطية أخبار العراق، فبينما تحدثت صحيفة عن عيش المتمردين على النفط المنهوب، تحدثت أخرى عن نشوة سقوط بغداد وتحولها الى كابوس. أما موضوع عدم امتلاك إستراتيجية فاعلة لما بعد الحرب كان له شأن آخر بين طيات الصحف الغربية.

النفط أهم موارد "المتمردين"

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نقلا عن مسؤولين عسكريين أميركيين أن "التمرد" في العراق يتغذى على عائدات النفط المسروق.

وقالت وفقا للمسؤولين الأميركيين إن بحر النفط الذي يرقد عليه العراق ويفترض أن يخصص لإعادة بناء الأمة، وتحقيق الرفاهية له، يذهب ما لا يقل عن ثلثه إلى السوق السوداء.

وتتابع الصحيفة ما يجري في مصفاة بيجي التي تعد أكبر منطقة صناعية تقع ضمن المناطق السنية في العراق، حيث يتم خطف ناقلات النفظ ويرشى السائقون وتزور الأوراق، لتذهب المكاسب في نهاية المطاف إلى "المتمردين" الذين مازالوا يقتلون أكثر من مائة عراقي أسبوعيا على حد تعبير الصحيفة.

النقيب الأميركي جودا سيلفا الذي يترأس مجموعة من الحراس المتمركزين في المحطة يقول "إنها حفرة من المال للمتمردين".

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن "التمرد" ما زال منذ خمس سنوات قوة قاتلة رغم أن زيادة القوات الأميركية وانتساب المتمردين السابقين للمليشيات التي تدعمها الولايات المتحدة الأميركية ساهم في خفض الهجمات إلى مستويات دنيا عام 2005، والسبب الرئيس هو التدفق المتواصل للأموال.

المال بات حافزا رئيسيا لدى أغلبية المتمردين أكثر من الفكر الجهادي، بحسب ضباط أميركيين في المناطق السنية، ومسؤولين عسكريين آخرين قاموا بمراجعة دراسات عن المعتقلين ومعلومات استخبارية بشأن التمرد.

ولا يقتصر الفساد المدر للمال -كما تقول الصحيفة- على مصفاة بيجي، فقد لجأ المتمردون في الموصل إلى تحصيل الأموال من مصانع الصودا والإسمنت، فضلا عن عمليات الخطف من أجل الحصول على الفدية، ناهيك عن التمويل من خارج العراق.

النشوة بسقوط بغداد غدت كابوسا

من جانب آخر تحدثت صحيفة بريطانية تقول: لم يعد أحد يجرؤ على الادعاء بأن غزو العراق عام 2003 كان ناجحا أو أن يتنبأ بأن حياة العراقيين البئيسة ستعود إلى طبيعتها في المستقبل القريب, بل إن وضع العراقيين اليوم يتجسد في الأم الثكلى التي تنشد الانتقام من الأميركيين، واللاجئين العراقيين في بريطانيا المهددين بالترحيل, هذا ما يلخص بعض ما جاء في الصحف البريطانية.

خمس سنوات

أولت هذه الصحف اهتماما خاصا بالوضع في العراق مع اقتراب الذكرى الخامسة للغزو الأميركي, فذكرت صحيفة تايمز أنها بدأت اليوم سلسلة من التقارير الخاصة حول دلالة ذلك الحدث بالنسبة للعراق والعالم.

محرر الشؤون الخارجية لهذه الصحيفة ريتشارد بيستون قال إن مظاهر الاحتفال الذي شهدته السفارة البريطانية ببغداد في صيف 2003 بعيد سقوط بغداد لم تعد سوى ذكريات بعيدة, فغالبية الذين شاركوا فيها أحيلوا إلى التقاعد وبعضهم لحقه الخزي والعار، في حين لم يتمكن البعض الآخر من الخروج من العراق أحياء.

ولم يعد بإمكان أحد اليوم أن يتحدث عن نجاح في العراق ولا عن إمكانية عودة الحياة إلى طبيعتها في المستقبل المنظور.

فالصراع تعدى منذ دخول الأميركيين يوم 19/3/2003 بغداد إلى الآن أسوأ سيناريوهات الكوابيس, إذ تشير أكثر التقديرات تحفظا إلى أنه أودى حتى الآن بحياة ثمانين ألف مدني عراقي، وشرد أربعة ملايين ويخشى أن تؤدي التوترات الطائفية التي نجمت عنه إلى تفجير حرب أهلية شاملة في أي وقت.

وقد قتل حتى الآن في هذا الصراع حوالي أربعة آلاف جندي أميركي و175 جنديا بريطانيا، وتجاوزت الكلفة المالية للحرب مائتي مليار جنيه إسترليني, كما أن بغداد تئن الآن في وضعية مزرية أسوأ بكثير من وضعيتها عندما دخلها الأميركيون.

ويلخص أحد الشباب العراقيين الوضع قائلا "عندما غزا الأميركيون العراق, بدأت أنا وأصدقائي نتحدث عن العراق الجديد ونقول سنصبح مثل اليابان أو ألمانيا, لكننا بدلا من ذلك تحولنا إلى أفغانستان جديدة".

وما يميز حرب العراق عن غيرها –حسب الصحيفة- هو أثرها على المستوى الدولي, فقد تضرر منها الناس في كل أرجاء العالم, وهو ما لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية.

وعلى المستوى الدولي, عمقت الحرب على العراق الشقاق بين الغرب والمسلمين لبشاعتها وصور تعذيب الأميركيين لسجناء أبو غريب.

لكن ضحايا العراق يشملون كذلك جيلا من الزعماء السياسيين الغربيين مثل الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير, اللذين ستظل سمعتهما ملطخة بمغامرة غزو بلاد الرافدين.

ولا يرى الكاتب أن هناك رابحا حقيقيا من هذه الحرب ولا حتى إيران التي يتوجب عليها أن تكون حذرة "ولا تنتشي بمحنة العراق الحديث".

الانتقام من الأميركيين

ومن قصص معاناة العراقيين اختارت صحيفة ذي إندبندنت قصة أم سعد التي قالت إنها تسكن في حي الخضراء ببغداد، وإنها تنحي باللائمة في مقتل زوجها وابنيها على الأميركيين وتتعهد بالانتقام منهم.

وتصرخ بحسرة قائلة "إنهم وحوش وجن في ملابس آدمية, سألف يوما نفسي بحزام ناسف وأنتقم لزوجي وابني وأدخل الجنة".

وتقول الصحيفة إن مأساة أم سعد ومن هم مثلها من الشعب العراقي تكمن في تراكم المآسي الناتجة عن سنوات الحرب.

برنامج العودة

قالت صحيفة غارديان إنها اطلعت على رسالة لوزارة الداخلية البريطانية تؤكد فيها أن العراق أصبح آمنا بما فيه الكفاية لإعادة ألف وأربعمائة عراقي من طالبي اللجوء ببريطانيا إلى بلادهم.

وسيخير العراقيون المعنيون بهذا الأمر بين أن يوقعوا على برنامج للعودة الطوعية إلى العراق في ثلاثة أسابيع أو أن يواجهوا سحب السكن والدعم الذي توفره لهم الحكومة.

كما سيطالبون بتوقيع وثيقة يوافقون فيها على أن الحكومة البريطانية لا تتحمل أية مسؤولية لما قد يحدث لهم أو لأسرهم بعد عودتهم إلى العراق.

وحسب الصحيفة فإن قرار وزيرة الداخلية البريطانية جاكي سميث إعلان العراق بلدا آمنا لعودة طالبي اللجوء إليه يأتي في وقت قتل فيه 78 عراقيا في العراق منذ الأحد الماضي.

وتحذر المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من إعادة اللاجئين العراقيين إلى جنوب العراق ووسطه وبعض اللاجئين إلى شماله.

فشل في استغلال انخفاض العنف  

 الزعماء العراقيون فشلوا في استغلال انخفاض العنف في بلدهم لتحقيق تقدم مناسب نحو حل خلافاتهم السياسية، ولا أحد -سواء في الجانب الأميركي أو العراقي- يعتقد بأن تقدما كافيا قد تحقق على الإطلاق في مجالي المصالحة الوطنية وتوفير الخدمات العامة الأساسية.

هذا ما صرح به  قائد القوات الأميركية بالعراق الجنرال ديفد بتراوس لصحيفة واشنطن بوست الأميركية التي اعتبرت هذه التصريحات الأقسى التي يوجهها الجنرال للفشل العراقي في تحقيق المصالحة السياسية.

وأشارت إلى أنها تتعارض مع تصريحات له الشهر الماضي قال فيها بعيد تصويت البرلمان العراقي على ميزانية الدولة والانتخابات البلدية والعفو عن المعتقلين، إن التصويت على هذه القوانين الثلاثة يظهر أن الزعماء العراقيين بدؤوا الآن يستغلون الفرصة التي وفرتها لهم قوات التحالف والقوات العراقية بشق الأنفس.

وكان الأميركيون قد امتدحوا الحكومة التي يترأسها نوري المالكي لتمكنها من تمرير تشريعات تساعد على المصالحة, لكن تلك الحكومة أرجأت العمل ببعض أهم تلك التشريعات بما فيها القانون المنظم لاستغلال المصادر النفطية والذي كانت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش اعتبرته أحد أهم الأسس الضرورية للتقدم نحو المصالحة.

ويعترف عدد كبير من البرلمانيين العراقيين وغيرهم من مسؤولي ذلك البلد بأن النظام السياسي العراقي غالبا ما يصاب بالشلل بسب النزاعات الطائفية, إلا أنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن التوقعات الأميركية بشأن العراق مبنية على اعتبارات في واشنطن ولا تعكس التعقيد الذي تتسم به مشاكل هذا البلد.

الصحيفة قالت إن بتراوس الذي سيدلي بشهادة أمام الكونغرس الشهر القادم أكد أن الزعماء العراقيين لا تزال أمامهم فرصة للتصرف, مشيرا إلى أن الأميركيين "سيظلون يقاتلون كالشياطين" للمحافظة على المكاسب الأمنية" والبناء على ما تحقق كلما سنحت لهم الفرصة بذلك.

وأرجع بتراوس تفاقم العنف في الفترة الأخيرة إلى عدة عوامل من بينها زيادة عمليات الجيش الأميركي والقوات العراقية في الموصل, وسعي المقاتلين العراقيين إلى إعادة إقامة بعض ملاجئهم الآمنة ببغداد, كما أنه لم يستبعد أن يكون لازدياد العنف علاقة بالشهادة التي سيدلي بها هو أمام الكونغرس في أبريل/ نيسان القادم.

عدم امتلاك إستراتيجية فاعلة

و ضمن سلسلة من المقالات التي استكتبت فيها صحيفة نيويورك تايمز عددا من الكتاب والخبراء السياسيين والعسكريين، كتب الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق بول بريمر مقالا ينتقد فيه غياب التخطيط للحرب، وهذه ترجمة المقال:

قبل أحداث 11سبتمبر/أيلول بـ15 شهرا أبلغت "اللجنة الوطنية الحزبية للإرهاب" التي كنت أترأسها الرئيس والشعب الأميركي أننا نواجه تهديدا مروعا جديدا: الترابط بين الدول التي دعمت الإرهاب، والقتلة الذين يريدون ذبح الأميركيين بالآلاف، وهم على أهبة الاستعداد للقيام بذلك.

وعلى مدى عقود من الزمن، وصفت الإدارة الأميركية من الحزبين عراق صدام حسين بأنه دولة إرهابية، فقد دعم "الإرهابيين" الفلسطينيين وأثنى عليهم، وطور برامج أسلحة دمار شامل واستخدمها ضد مواطنيه، كما أنه رفض الوفاء بـ17 قرارا صدرت عن مجلس الأمن تطالبه بالتخلص من تلك البرامج.

لعب جنودنا دورا رائعا في تحرير العراق، ولكن بعد الوصول إلى تلك البلاد، وجدت أن الحكومة الأميركية لم تكن مستعدة بشكل مناسب للتعاطي مع التهديدات الأمنية المتنامية، فتصاعدت عمليات النهب دون رقيب أو حسيب، وفي أواخر 2003، مع ارتفاع وتيرة "التمرد والإرهاب" بات واضحا أن التحالف كانت تعوزه إستراتيجية فاعلة في مكافحة التمرد.

فكان جنودنا في الميدان يتمتعون بالبسالة، ولكن التخطيط لما قبل الحرب وفر عددا أقل من نصف عدد الجنود الذي أشارت إليه دراسات مستقلة.

كما أننا لم نكن نملك خطة لتوفير أهم الاحتياجات الأساسية لأي حكومة (الأمن للسكان) فالانطباع الذي أخذه الإرهابيون والمتمردون والمجرمون والشعب العراقي هو أن التحالف لم ولن يتمكن من توفير الحماية للمدنيين.

كان ينبغي علي أن أدفع فورا نحو إستراتيجية عسكرية أكثر فاعلية لأنه منذ عام 2004 وحتى نهاية 2007، استفادت القاعدة من هذه الفجوة، فاستخدمت القتل العشوائي الذي أثار حفيظة المليشيات الشيعية وحفزها على الرد.

وهذا التصعيد الشرير تراجع أخيرا عبر التغيير في الإستراتيجية الذي نفذه الرئيس العام الماضي.

دعوة للكشف عن تكاليف حرب العراق  

حثت صحيفة بوسطن غلوب الأميركية في افتتاحيتها اليوم السبت الكونغرس على فتح محاسبة شاملة للإنفاق في حرب العراق، يفهم من خلالها الشعب الأميركي سبب تباطؤ اقتصاد العراق.

وقالت إن إدارة جورج بوش ما زالت منذ خمس سنوات تمول الحرب في العراق عبر مخصصات الطوارئ وميزانية الدفاع المنتظمة، وهذه واحدة من عدة طرق حاولت الإدارة من خلالها التستر على الكلفة الحقيقية للحرب.

خبراء الاقتصاد اعتقدوا في السابق أن الحروب تحفز الاقتصاد، ولكن عندما يذهب التمويل إلى متعاقدين عراقيين وفلبينيين يعملون في العراق، فإن الفائدة التي تعود على الاقتصاد الأميركي تتلاشى، خاصة في ضوء ما يمكن أن يحققه التمويل إذا ما استخدم في تغطية الحاجات على الجبهة الداخلية.

وذكرت الصحيفة أن مستشار بوش الاقتصادي لاري ليندسي قدر تكلفة الحرب قبل نشوبها بـ200 مليار دولار، في حين توقع وزير الدفاع حينذاك دونالد رمسفيلد أن تصل ما بين 50 و60 مليارا فقط واعتبر تخمين ليندسي هراءً.

غير أن كلا من ليندسي ورمسفيلد -تقول الصحيفة- كانا بعيدين كل البعد عن الحقيقة، حيث نشر الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل للسلام جوزيف ستيغليتز وليندا بليمز من جامعة هارفارد تقريرا تحت عنوان "حرب ثلاثة تريليونات دولار.. التكلفة الحقيقية للصراع في العراق" واعتبرا أن ذلك الرقم يخضع للتحفظ.

وتضمن تقييم ستيغليتز وبليمز التكاليف طويلة الأمد لرعاية الجرحى، وتكاليف اقتراض الأموال المستخدمة في الحرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن إهدار الدولارات من تكاليف الحرب وليس هو الأهم، لا سيما أن أكثر من أربعة آلاف جندي أميركي لقوا مصرعهم إلى جانب عشرات الآلاف من الجانب العراقي. كما أن تلك الحرب خلفت عراقا منقسما وطائفيا، وعززت قوة رجال الدين في إيران، وجعلت "العم سام" منبوذا في العالم الإسلامي.

وخلصت إلى أن الخسائر الإجمالية في الأرواح والعواقب الجيوسياسية واضحة المعالم، ولكن على الكونغرس أن يضمن اطلاع البلاد على التكاليف الاقتصادية الحقيقية للحرب أيضا.

العراق: من الذي انتصر في الحرب؟  

 نظرا لاقتراب موعد الذكرى الخامسة لغزو العراق ركزت أبرز الصحف البريطانية الصادرة على ما نجم عن ذلك الغزو من مآس وعواقب وخيمة, محاولة إبراز الرابح والخاسر منه ومستشرفة آفاق المستقبل.

الوضع اليوم

بالطبع ليس التسعون ألف مدني عراقي ولا الأربعة آلاف ومائتي جندي أميركي وبريطاني من الذين قتلوا في العراق منذ غزوه عام 2003 هم المنتصرون, بل الرابح الأكبر من هذه الحرب هم أولئك الذين كسبوا من ورائها مليارات الدولارات.

بهذه الفقرة لخص ريمون وايت تيكر وستيفن فولي تقريرا أعداه لصحيفة ذي إندبندنت أون صنداي حاولا فيه تحديد الرابح والخاسر من غزو العراق.

لم تكن لدى العراق أسلحة دمار شامل –مبرر بريطانيا لغزوه- واعترفت وزارة الدفاع الأميركية الأسبوع الماضي بعد مراجعة ستمائة ألف وثيقة بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم تكن له علاقة بتنظيم القاعدة.

واليوم يوجد في العراق عدد من الجنود الأميركيين أكبر مما كان فيه أيام الغزو, وليست هناك مؤشرات على وجود مخرج واضح من هذا المأزق, كما اعترفت وزارة الدفاع البريطانية أنها لم تتمكن من سحب عدد الجنود الذي خططت لسحبه، ولا يزال لديها أربعة آلاف جندي في ضواحي البصرة بدلا من ألفين وخمسمائة.

أما المدنيون العراقيون فقد قتل منهم ما لا يقل –حسب أكثر التقديرات تحفظا- عن تسعين ألف، بينما تقدر بعض الدراسات أن العدد ستة أضعاف ذلك, ولجأ مليونا عراقي إلى خارج بلادهم, كما اضطر عدد مماثل إلى الهروب من أماكن إقامتهم داخل العراق إلى أماكن أخرى أكثر أمنا.

وكان سكان بغداد يعانون من انقطاع الكهرباء في عهد صدام لمدة ثمان ساعات، أما الآن فلا يكادون يحصلون على التيار لثمان ساعات يوميا, ورغم انخفاض عدد القتلى يوميا فلا يزال معدل القتل في بغداد 26 شخصا يوميا.

تقديرات تكلفة الحرب لم تكن تتجاوز في أسوأ الأحوال خمسين إلى ستين مليار دولار حسب وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رمسفيلد، والآن بعد خمس سنوات على الغزو, الفاتورة بلغت عشرة أضعاف ذلك المبلغ, هذا علاوة على ما أنفقته بريطانيا وغيرها من دول التحالف في العراق.

الرابحون

أهم الرابحين -حسب نفس الصحيفة- من هذه الحرب إيران وتنظيم القاعدة, فلا يبدو أن أحدا في واشنطن كان يعتقد أن إسقاط صدام سيؤدي إلى منح السلطة للأغلبية الشيعية في العراق، ولا أن هذه الأغلبية ستوجه وجهها نحو دولة شيعية.

فاحتلال الولايات المتحدة للعراق منح إيران "رهينة" لم تكن أبدا تحلم بها, فملاليها لم يكونوا يتصورون أن الشيطان الأكبر سيطيح بعدوهم الأكبر, صدام, ويرمي بجنوده رهينة لطيب خاطر طهران, فالرئيس الأميركي جورج بوش موجود الآن حيث يريدونه، مما يثير توتر إسرائيل.

والرابح الآخر المهم هو رجال المال, فهناك مقاولو الشركات الأمنية وخبراء الأعمال ومخططو مشاريع البناء ومستشارو الحكومة, كثير من هؤلاء وضعوا حياتهم في خطر بينما ربحت مؤسساتهم مليارات الدولارات.

ومن بين هؤلاء نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي ضمن الآن معاش تقاعد مريح، بعد أن حققت مؤسسته هاليبرتون أرباحا مريحة من صفقات العراق.

والرابح الآخر من الغزو هم الأكراد العراقيون الذين محقت الولايات المتحدة الرجل الذي أذاقهم مر العذاب, وضمنت سلامة أول وطن ذي حكم ذاتي لهم.

الخاسرون

إضافة إلى الخسارة التي لحقت بالعراقيين كما هو موضح فيما سبق ذكره، فإن المؤرخين يناقشون الآن ما إذا كان بوش هو أسوأ رئيس في التاريخ الأميركي, حتى إن كان تشيني ورمسفيلد هما من يجب أن يوجه إليه اللوم أكثر فإن بوش هو المسؤول عن ما لحق بمكانة الولايات المتحدة على مستوى العالم.

كما أن المحافظين الجدد سيظلون لفترات قادمة يعانون من عواقب هذا الغزو.

دروس قاسية

وتحت عنوان: "خمس سنوات على غزو العراق: الدروس القاسية التي يجب علينا تعلمها" قالت ذي أوبزرفر في افتتاحيتها إن حرب العراق أثرت على مسار السياسة البريطانية، وغيرت الميزان العام للقوى, وقد جلب الغزو للعراق الحرية والفقر والفرص والتنوير والدمار الشامل.

وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير يعتقد أن هذا الغزو سيوفر له فرصة لمزاوجة هدف مبدئي لديه مع آخر إستراتيجي وهما تحرير بلد من الطغيان وجعل الشرق الأوسط ينحاز للمصالح الغربية, لكن الأمور لم تسر كما شاء لها.

وكانت العواقب وخيمة, ليس للعراق وحده, إذ سيلوّن قرار الغزو كل قرارات الزعماء البريطانيين فيما يتعلق باستعمال القوة في أي شيء غير الدفاع عن النفس, فهو في الواقع صفعة لفكرة "التدخل الليبرالي".

وحاولت الصحيفة أن تبرز كل الإيجابيات والسلبيات التي نجمت عن هذا الغزو, مؤكدة أن علينا في المستقبل أن نتعلم أن للتدخل حدود, وأن علينا أن نكون في مقدمة من يحاولون إعادة الاعتبار للمؤسسات الدولية.

مهمة مستحيلة

وتحت عنوان "الإمبريالية المخففة تطيل أمد الرعب العراقي" قال سايمون جينكينس في صحيفة صنداي تايمز إن إعادة بناء العراق تحولت من مهمة بعيدة الاحتمال إلى مهمة مستحيلة.

وذكر جينكينس أنه ليست هناك مؤشرات على أن الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق الذي دام الآن خمس سنوات على وشك الانتهاء.

وأضاف أنه لا يوجد في العراق أي مكان خارج إقليم كردستان ينعم بنظام سياسي وأمني مستقر.

..........................................................................................................

المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية التي تتضمن موضوعات مختلفة

من دراسات وبحوث وملفات متخصصة.

للاشتراك والاتصال:

www.annabaa.org

[email protected]

نقال

7801373785 (00964)

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 18 آذار/2008 - 10/ربيع الاول/1429