مخاطر التفكك الطائفي في العراق

علي الطالقاني*

شبكة النبأ: خلقت الأحداث الدامية في العراق تعميق الصراع  بين الطوائف، وتعود جذور هذا الصراع الى السياسات الطائفية التي انتهجها النظام السابق، وبعد سقوط النظام في عام 2003، تعمق هذا الصراع أكثر من قبل المتطرفين الذين انتهجوا سياسة العنف في ترويج افكارهم ومعتقداتهم التي تكفر الطوائف وتمارس التطهير العرقي.

بعد خمسة أعوام من التغيير في العراق الذي كان يفترض ان يؤدي إلى قيام دولة حديثة فيه، تطغى الخلافات القومية والطائفية على الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.

ويحذر خبراء من مخاطر تفكيك دولة استراتيجية محاذية للعالم العربي وايران وتركيا.

ويقول الخبير في شؤون الشرق الاوسط عادل درويش ان التدخل الامريكي رفع الغطاء عن حقيقة العراق وهي انه بلد متنوع جدا. ويضيف درويش الذي يعيش في لندن "لكن ليس لدى الامريكيين خطة لمواجهة هذا المعطى الجديد.

وبعد اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين تحققت تطلعات الشيعة والاكراد إلى نيل حقوقهم المهدورة خصوصا وانهم كانوا مضطهدين داخل الدولة المركزية.

ومنذ الاطاحة بالملكية في 1958، سعى العراق إلى تحقيق العلمانية والنظام الجمهوري كما سعى حزب البعث لدى استلامه السطة العام 1968 إلى دعم القومية العربية والاشتراكية. بحسب صحيفة "الوطن الكويتي".

ومنذ وصوله إلى رأس الهرم في السلطة في 1979، اراد صدام حسين تطوير ايديولوجيا مهيمنة ووضع هرمية الدولة لخدمة حلقة ضيقة مقربة من الاوفياء.

يقول درويش ان "البعث بعلمانيته كان سلاحا يستهدف الجميع وتم استخدامه ضد الجميع بمساواة قل نظيرها". ومنذ الأيام الاولى لحكمه الفردي، استخدم صدام العنف ضد الذين كانوا يشككون في سلطته. ووقع الاكراد والشيعة  ضحية حملات القمع المتشددة.

كما ان العرب السنة لم يفلتوا من الانتقام وان كان باشكال فردية غير جماعية. لكنهم شاركوا كجماعة في إدارة اجهزة الدولة وذلك بسبب ارتباطهم بها منذ زمن الامبراطورية العثمانية كما ان البريطانيين والملكية تركتهم في مناصبهم ايضا.

وفور سقوط النظام البعثي، ظهرت الخصوصيات الدينية والقومية إلى السطح لتلعب دورا محوريا في اعادة تركيب العراق الجديد بعد ان ظلت صامتة مدة طويلة. لكن هذه الخصوصيات سرعان ما كشفت عن عوامل تجزئة اكثر منها عوامل توحيد.

من جهته، يقول مصطفى العاني مدير برنامج الامن في مركز الخليج للابحاث في دبي ان الامريكيين عرفوا كيف يفككون النظام والدولة لكنهم اليوم ليسوا قادرين على اعادة اعمارهما.

وأضاف انه من السهل تحقيق انتصار عسكري، لكن الانتصار السياسي يتضمن تعقيدات".

ويتضمن الدستور مطالب المجموعات القومية والدينية التي باتت منطلقا لعدد من مشاريع القوانين مثل تلك المتعلقة بتقاسم النفط والغاز أو بالدور السياسي للاقاليم في تنظيم اللامركزية.

كما تم استخدام هذه الخصوصيات كأساس لتوطيد هويات مختلف المجموعات. وبدافع من الميليشيات والمتطرفين داخل هذه المجموعات، بات مبررا رفض الاخرين بعنف وارتكاب أعمال القتل.

وصارت الهويات العراقية تحدد نفسها عبر الاختلاف وليس التوافق اللازم لبناء دولة ديموقراطية.

الطائفية السياسية والاجتماعية:

ان مظاهر الطائفية السياسية والاجتماعية في العراق قد بدأت تأخذ طريقها بقوة وعلى نطاق واسع، وبصورة جلية بعد الاعتداءات على المناطق الشيعية من قبل المتطرفين ، فكان اول شاهد بارز ودليل قاطع هو تهجير العوائل الشيعية من مناطقهم في مطلع العام 2004، ومن ثم الاعتداء على المراقد المقدسة رغم انعدام الدفاع عن تلك العوائل والمقدسات من قبل القوات العراقية والقوات الامريكية.

و ان مظاهر الاحتقان والعنف الطائفي، اخذت بالتصاعد مع المراحل التي مرت بها العملية السياسية، بعد ان تم تشكيل مجلس الحكم (منتصف يوليو 2003) على اساس المحاصصة، ليؤسس لاولى لبنات الطائفية السياسية في العراق ، وانعكس ذلك على تشكيلة الحكومة، الامر الذي جعل من الطائفية السياسية  العنوان اليومي في حياة العراقيين.

من هذه المقاربة، يمكن النظر الى الظاهرة الطائفية في العراق، التي تتقدمها الطروحات والافكار والجدل السياسي، ومع هذا التناحر والاختلاف والبحث عن مناصب ومغانم في السلطة باسم هذه الطائفة او تلك ولهذا فان الذي يدقق بامعان في ما يجري من عمليات قتل على الهوية، يجد ببساطة ان العمق الاجتماعي يرفض ذلك ويستهجنه ويستنكره، وان الذين يقومون بعمليات القتل على الهوية، هم من العصابات المدربة وهذا امر غير خاف على العراقيين، او من بعض الجماعات والاحزاب السياسية ان ما يحصل في العراق هو محاولة للتأسيس لطائفية سياسية وقومية، واذا ما نجح هذا التأسيس، فان اخطاره مستقبلا قد تتفاقم، لانها قد تخترق اسوار المجتمع العراقي اكثر مما هو عليه.

.............................................................................................

المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية التي تتضمن موضوعات مختلفة

من دراسات وبحوث وملفات متخصصة.

للاشتراك والاتصال:

www.annabaa.org

[email protected]

نقال

7801373785 (00964)

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 17 آذار/2008 - 9/ربيع الاول/1429