دستورنا والاعلام.. صمت جميل

ميثم العتابي

 الصحافة العراقية اليوم وبعد خمسة أعوام من التغيير الكلي والشامل للبنى التحتية لمؤسسات الدولة هل تتنفس الصعداء؟ وما هو دورها في التغيير المنجز؟ وما هو دور المراقبين الدوليين والمطالبين بحرية الصحافة إزاء ما يتعرض له الصحفي والإعلامي العراقي؟ وهل ستتسلط القوانين الوضعية السريعة متسلقة ظهر الدستور العراقي بغية تحقيق أهدافها ومآربها؟

ومن الذي يقاضي الإعلام والصحافة ما لو كانت اعمالهم تسيء إلى جهة ما، او تؤلب النزعات العدائية بين أفراد المجتمع، هل هي السلطة التشريعية، أم التنفيذية، أم القضائية، ومن الذي يصدر مذكرات الإعتقال، الحجز، الغلق، التنبيه، وغيرها؟

وهل ستسمى كقرينتها في كل دول العالم، الصحافة بالسلطة الرابعة في العراق الجديد؟

كل هذه الاسئلة وسواها باتت الشغل الشاغل للصحفي والإعلامي العراقي اليوم. الي يواجه يوميا عملية قتل منظمة سواء على صعيد الاشخاص او المنظمات، خاصة بعد ما حصل في محافظة البصرة مؤخرا من محاولة غلق بعض الصحف المحلية هناك تحت غطاء قانوني وفرته لنفساها دون عناء قواتنا الأمنية، (معلب وجاهز وسريع)، وهو قانون مكافحة الإرهاب، هذا القانون المطاطي جدا الذي من الممكن سحبه ليكون طويلا بالقدر الذي تستغرب شكله بحيث يفتح الحرية أمام (أحدهم) ليرتكب ما يرتكب، ومن جهة أخرى من الممكن أيضا، تقليصه بالحجم الذي يكون فيه مرعبا وعسيرا على الفهم، فتراه يحاسبك أشد المحاسبة.

وهذا ما يطلق الضوء الأحمر منذرا بكارثة، منها أول حالة خرق للدستور فاضحة إلى هذا الحد ويبشر بتمهيد لتكميم الأفواه لعملية أوسع على مستوى العراق ككل ربما بعد حين.

وهذا ليس بغريب أو جديد على الجسد العربي، إذ قبل أسابيع ورد خبر وتقرير عن إفتتاح اعمال قمة عربية اعلامية في مصر تحدد في عمليتها الإطار القانوني لعمل الفضائيات العربية. وتحذر من عمليات المساس بـ (المقدس والمدنس العربي) وهو بصورة أو بأخرى السياسة العربية. والغريب في الامر أن أكثر هذه المنظومات والقنوات الإعلامية قد أشتركت ووافقت على الشروط العربية في هذه القمة، والتي نص اهمها الحرمان من البث في القمر (نايل سات) في حال خرقت البنود التي أتفقوا عليها. وعلى هذا الاساس حذرت النقابات المطالبة بحرية الإعلام من الخطوة العربية الفجة، والتي ستضع المواطن وفق رؤية وتصور السلطة الأولى لا وفق ما تنقله إليه بحيادية السلطة الرابعة. إذ لا وجود هناك لحاكم أو سلطة مهما كانت، تضع المواطن في صميم الحدث وتلعب هي الدور الحيادي في النقل والطرح والأسباب والنتائج، وهذا بحد ذاته ضرب من الخرافة خاصة ووضعنا العربي المتسلط.

لكن الذي يعنينا الآن هي حمى العدوى التي أصابت البصرة في تزامن إعلان قانون الإطار العربي للإعلام، وربما هي في طريقها لعدوى أكبر تشمل العراق ككل. لكن الغريب أن الحرية الصحفية العراقية بالذات يجب أن تختلف عربيا لأن الدستور ـ الحديث العهد ـ ضمنها بين صفحاتها الأنيقة الجديدة، كما وأن الملفت للنظر أن فقرات هذا (الدستور) معطله بشكل كامل، ولا يعرف المواطن العراقي أصلا لماذا كتب ولماذا تغير ولماذا أثيرت هالة النزاعات والكلاميات واللسانيات على مختلف قنوات الإعلام والتصريحات الجهنمية لمغيريي هذا ـ الدستور ـ قبيل الإعلان عنه وعن ما سيحققه من إنجاز على أرض الواقع، لأنه وكما يقولون خط بإيادي عراقية خالصة. لكنهم ولما أتفقوا كمموا هذه الأفواه التي كانت تنقل آرائهم ومقترحاتهم إلى المواطن العراقي وجعله بالصورة الممكنة التي تساعده في إتخاذ قراره وحسم قضاياه.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 16 آذار/2008 - 8/ربيع الاول/1429