العراق بعيون غربية: جيران خطرون وخسارة القاعدة لمعركة العقول

علي الطالقاني

مقتطفات مما نشرته الصحافة العالمية من آخر الأخبار والتحليلات عن الوضع العراقي

شبكة النبأ: تظمنت الصحف الغربية هذا الأسبوع  أخبارا عديدة عن العراق. فبينما تحدثت صحيفة عن تعزز النفوذ الأيراني في العراق، ذكرت أخرى ان الحرب الأمريكية في العراق أدت إلى ظهور تيار متزايد في العالم الإسلامي ينظر ضد توجهات تنظيم القاعدة. بينما ذكرت أخرى مقالا تحليليلا حول حرب العراق... واعتبارها إرث"جمهوري" مفعم بالمخاطر.

خسارة معركة العقول

صحيفة "فاينانشال تايمز" في مقال لـ " بيتر وهنر" الذي رصد ما أسماه خسارة تنظيم القاعدة لمعركة العقول.

وأشار وهنر إلى أن الحرب الأمريكية في العراق أدت إلى ظهور تيار متزايد في العالم الإسلامي ينظر ضد توجهات تنظيم القاعدة.

ويعطي الكاتب الذي كان في السابق نائبا للمساعد الخاص للرئيس الأميركي جورج بوش، أمثلة من خلال كتب ومحاضرات لدعاة مسلمين ينتقدون التنظيم وقائدة أسامة بن لادن.

فسيد إمام الشريف (الدكتور فضل) قال في كتابه ترشيد الجهاد في مصر العالم، إن استخدام العنف لاسقاط الحكومات الاسلامية هو غير مشروع دينيا ويوصى بتشكيل محاكم إسلامية لمحاكمة بن لادن وايمن الظواهري ، واصفا هجمات 11 سبتمبر 2001 بأنها "كارثه لجميع المسلمين".

الكاتب يشير أيضا إلى الرسالة المفتوحة التي بعث بها الشيخ الشيخ سلمان العودة إلى بن لادن الذي كان يوما ما ملهما له. وتضمنت الرسالة انتقادا لما وصف باستمرار إراقة الدماء وقتل وتشريد النساء و الأطفال والشيوخ في العراق وأفغانستان باسم تنظيم القاعدة.

وأبرز المقال أيضا موقف مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الذي أصدر فتوى في اكتوبر/تشرين الأول الماضي تحظر على االسعوديين السفر للخارج للقتال بدعوى الجهاد.

ويقول الكاتب في هذا الإطار أن هذه الانتقادات من قبل اصوات بارزة داخل "الحركات الجهاديه" ينبغي ان ينظر اليها في سياق اكثر اهمية مشيرا إلى أنه وقبل 18 شهرا فقط كانت محافظة الانبار معقلا لتنظيم القاعده في العراق أما اليوم فإن أبناءها يكافحون ضد الفكر القاعدي إلى جانب أمريكا.

ويختم الكاتب مقالته بالقول إن أفضل طريقة لهزيمة بن لادن هو في تحويل الشارع الإسلامي والعربي لمواجهته كما يحدث في العراق.

تعزز النفوذ  

وقارنت صحيفة أميركية مظاهر الحفاوة التي استقبل بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى وصوله إلى بغداد بتلك التي حظي بها المسؤولون الأميركيون بمن فيهم الرئيس جورج بوش أثناء زياراتهم غير المعلنة للعراق لأسباب أمنية.

وقالت "ذي كريستيان ساينس مونيتور" في تحليل إخباري عن زيارة الزعيم الإيراني إن نجاد هبط من سلم طائرته الرئاسية ملوحا بيديه والابتسامة تعلو محياه.

وأضافت أن المسؤولين العراقيين, بمن فيهم وزير الخارجية هوشيار زيباري الكردي, استقبلوه بالعناق والقبلات فيما شكل مئات من جنود البشمركة الأكراد طوقا أمنيا على موكبه وهو يمضي في طريقه من المطار إلى مقر إقامة نظيره العراقي جلال الطالباني.

ووصفت الصحيفة زيارة نجاد بأنها تمثل لدى أصدقائه وأعدائه على حد سواء تتويجا لقوة طهران المتعاظمة في العراق ولنفوذها العميق في الشرق الأوسط.

ونسبت الصحيفة إلى سعد الحديثي الأكاديمي بجامعة بغداد قوله إن مقاصد إيران ورؤيتها للعراق تتعارض مع تلك التي تنشدها الولايات المتحدة طالما بقيت القوات الأميركية هناك.

غير أن الزعماء العراقيين من جميع المشارب, حتى أولئك الذين يستهجنون النفوذ الإيراني رحبوا بزيارة نجاد وهي الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.

وترى الصحيفة أن أكراد العراق ربما يتطلعون لتعزيز علاقاتهم مع إيران، ذلك أن مستقبل الوجود الأميركي في ذلك البلد يبدو مرتبطا على نحو متزايد بانتخابات الرئاسة الأميركية القادمة.

ويقول أمير طاهري, وهو محلل وصحفي من أصول إيرانية مقيم في لندن, إنه إذا لم تقم الولايات المتحدة بحماية الأكراد والشيعة في العراق فإنهم لن يجدوا مناصا من أن يولوا وجوههم صوب إيران.

ويزعم طاهري أن شيعة العراق يدركون أنه دون دعم أجنبي فإن السنة العرب سيذبحونهم، كما أن الأكراد يخشون الأتراك، على حد تعبيره.

ويعتقد محللون استشهدت الصحيفة بآرائهم أن الأكراد والشيعة ينظرون إلى إيران باعتبارها ضامنا طبيعيا لسلطتهم الجديدة في حال مغادرة القوات الأميركية للبلاد.

التوغل التركي

ملف التوغل التركي في شمال العراق كان من ابرز القضايا العربية التي نالت اهتمام المعلقين في الصحف الالمانية الاسبوع الماضي.

فعن التوغل التركي كتبت صحيفة ALLGEMEINE ZEITUNG"MAINZ" تقول: "إنها الحرب. الهجوم البري للجيش التركي بقوة عسكرية قوامها 10 الاف جندي على اراضي البلد الجار العراق ليس مجرد خرق لحدود وسيادة دولة آخرى، إنه يتعدى ذلك ليشكل عملا عنيفا لايمكن تبريره اطلاقا. تركيا اثبتت بهذه الخطوة مرة آخرى انها مازالت تفتقر الى ثقافة الممارسة الديمقراطية، اذا ما ارادت ان تنضم الى الاتحاد الاوروبي. أنقرة تشير الى تهديدات المتمردين الاكراد، امر قد يكون صحيحا. ولكن ينبغي على تركيا ان تعلم أن القضية الكردية ايمكن حلها بالوسائل العسكرية لا داخل تركيا ولا خارج حدودها".

وعن الاهداف الخفية للتوغل التركي كتبت صحيفة WESTFALEN - BLATT الصادرة في بيلفيلد تقول:

"القلق الذي اثاره التوغل التركي في شمال العراق لدى الاتحاد الاوروبي وفي الولايات المتحدة له اكثر من مبرر. فالهجوم التركي يمكن ان يقوض الاستقرار في عموم المنطقة. لا احد يعارض تركيا في حقها في مطاردة منظمة كحزب العمال الكردستاني الذي يصنف في المانيا ايضا بانه منظمة إرهابية ومحظور عمله في البلاد. كما لايشكك احد بأن هذا الحزب يتخذ من شمال العراق منطلقا لهجماته في تركيا. ولكن لايمكن تجاوز حقيقة أن الامر بالنسبة لتركيا تتعدى حدود مطاردة متمردين اكراد. الحكومة التركية تخشى أن يتطور كيان الحكم الذاتي في المنطقة الكردية في شمال العراق الى ظهور دولة كردية مستقلة. وهو امر سيحفز اكراد تركيا الى تشديد مطالبهم باستقلال مناطقهم. وهذا ما تريد تركيا ان تمنع حدوثه. وربما يحقق الهجوم البري اهدافه، لكنه سوف لايساهم في حل القضية الكردية في تركيا".

جيران خطرون

من جانب آخر طالبت الافتتاحية في صحيفة واشنطن تحت عنوان"جيران خطرون"  بأن تجمع الطرفين التركي والكردي لإيجاد حلٍ نهائي للأزمة بينهما، وتضيف الصحيفة رغم أن كلاً من الرئيس بوش ووزير الدفاع غيتس أصرا على ضرورة انسحاب القوات التركية من شمال العراق وبسرعة, إلا أنهما لم يشيرا إلى المعلومات المهمة التي زودت واشنطن بها أنقرة عن مواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني, وقد هدفت الولايات المتحدة من تقديم المعلومات إلى أنقرة للحيلولة دون حصول توغل تركي واسع في كردستان العراق, إلا أن أنقرة أخطأت فهم الدعم الأميركي لها واعتقدت أنه غير مشروط". 

إرث جمهوري

من جانبه كتب "جون بوديستا" مقالا في صحيفة" لوس أنجلس تايمز" و"صحيفة واشنطن بوست" تحت عنوان "حرب العراق إرث جمهوري مفعم بالمخاطر" يقول بوديستا على الرغم من الرغبة المعلنة للمرشحين الرئاسيين للحزب "الديمقراطي" في إنهاء حرب العراق، فإن هناك نوعاً من القلق وعدم الارتياح يسيطر على قاعدة الحزب. وقد ألمح بعض النشطاء الحزبيين المتحمسين إلى أن أي رئيس "ديمقراطي" جديد- سيجد نفسه واقعاً تحت ضغط شديد يدفعه دفعاً إلى إدامة الالتزام الأميركي بمواصلة الحرب في العراق، حتى وإنْ تضمن ذلك إدخال بعض التعديلات. وهذا القلق يكشف عن مدى صعوبة إنهاء تلك الحرب المثيرة للجدل، كما يكشف في الوقت نفسه عن الحاجة الماسة لتحقيق ذلك.

ويضيف الكاتب إذا ما ألقينا نظرة عابرة على التاريخ الأميركي، سنكتشف على الفور مدى التعقيدات التي يمكن أن تكتنف إنهاء حرب مثل الحرب الحالية، خصوصاً وأنها اتخذت صبغة حزبية صارخة. فشبح حرب فيتنام مازال مخيماً على السجال العام في أميركا، حيث يواصل "الجمهوريون" استخدام مقولات أصبحت مبتذلة من كثرة ترديدها، مؤداها أن "الديمقراطيين" في الكونجرس، هم الذين طعنوا أميركا إبان الحرب الفيتنامية في الظهر،عندما قطعوا التمويل عن قضية كانت تحقق آنذاك نجاحاً- لكن الحقيقة هي أننا خسرنا تلك الحرب في النهاية. ومن الممكن جداً، أن تقوم الآلة الإعلامية الضخمة للحزب "الجمهوري"، بإثارة الموضوع نفسه مرة أخرى إذا ما خسرت السباق إلى البيت الأبيض في نوفمبر المقبل. فالإدارة "الديمقراطية" الجديدة ستُتهم عندئذ بالاستسلام للأشرار، وسيقُال إن "الحمائم الديمقراطيين" قد قاموا مرة أخرى بانتزاع الهزيمة من بين أنياب النصر. ومثل هذه المزاعم التي تهدف إلى خدمة الذات لا تقلص من مدى الحاجة، ولا من المبررات الداعية لإنهاء واحدة من أكثر الحروب التي خاضتها أميركا طولاً وتضليلاً.

ويعتقد "بوديستا "ان "الجمهوريون" سيدعون أنه بعد أربع سنوات من الأخطاء الفادحة، فإن إدارة بوش استطاعت أن تتوصل في النهاية إلى الخيار الصحيح، وهو ضخ المزيد من القوات. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد فقدت ما لا يقل عن 1000 جندي و150 مليار دولار منذ أن ضخت المزيد من القوات في العراق إلى أن تلك الزيادة لم تحقق هدفها المحدد: وهو توفير مهلة للحكومة العراقية لتمكينها من الوفاء بالمعايير التشريعية الثمانية عشر التي وضعتها والتي تعتبرها ذات أهمية حيوية من أجل تحقيق التسوية السياسية حيث لم تنجح تلك الحكومة سوى بالوفاء بأربعة معايير فقط. ليس هذا، فحسب بل ساهمت تلك السياسة في تقويض الحكومة العراقية من خلال إقدام الولايات المتحدة في إطارها على تقديم الأسلحة والأموال للجماعات السُنية المتمردة.

ويصف الكاب أن رحيل القوات الأمريكية من العراق بالسيناريو المتشائم ويعتقد إلى أن رحيل تلك القوات سيؤدي إلى أهوال عمليات إبادة جماعية.

ويضيف أن العراق اليوم ملك للعراقيين وهو بلد ذو حضارة قديمة وأعراف وتقاليد خاصة، مما يجعل الاحتمال الأرجح بعد رحيل القوات الأميركية، هو أن يتمكن العراقيون من عقد صفقاتهم ومعاهداتهم الخاصة، علاوة على أن الانسحاب الأميركي سيجبر دول المنطقة على الاهتمام بشأن العراق، وإدراك أن نشوب حرب أهلية فيه لن يكون في مصلحتهم، مما سيدفعهم للتوسط من أجل حل الخلافات والنزاعات بين العراقيين بدلاً من العمل على تأجيجها.

ويعتقد الكاتب أن إدامة الحرب في العراق، لن تؤدي سوى إلى عجز أميركا عن تحقيق الإنجازات، وإلى سياسة خارجية انقسامية، والوقوع رهينة لصراعات لا تنتهي.

 ويختم كاتب المقال  بإعتقاده  إن المحنة التي تعرضت لها إدارة بوش، يجب أن تقدم لنا دروساً تحدد لنا من خلالها الأشياء التي لا يجب علينا عملها. إن أي أحد يريد أن يديم الحرب الحالية، يجب عليه أن يعرف أن ذلك لن يؤدي سوى إلى العجز عن تحقيق الإنجازات الوطنية، وإلى تبني سياسة خارجية انقسامية، والوقوع رهينة لصراعات لا تنتهي. والشيء اللافت للنظر أن السيناتور "مكين" يرهن سعيه للرئاسة بالاستمرار في هذا الطريق- طريق الحرب- وهو ما يمثل في رأيي إرثا "جمهوريا" يجب على أي رئيس "ديمقراطي" قادم أن يتجنبه.  

المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annabaa.org

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6 آذار/2008 - 27/صفر/1429