اختلاط السياسة بالعنف مصدر قلق للإستثمار والتنمية في جنوب العراق

اعداد/صباح جاسم

 شبكة النبأ: رغم الامان النسبي الذي بقيت تتمتع به مناطق جنوب العراق خلال السنوات التي اعقبت التغيير في 2003 الا ان ملامح الصراع الذي اختلف عما يدور في باقي مناطق العراق قد ظهرت الى السطح على شكل محاولات من الجهات الحزبية النافذة في الجنوب وخاصة البصرة للسيطرة على مقاليد السلطة العسكرية والسياسية وكذلك تدخلات سلبية من دول مجاورة، وتمخض عن ذلك حالة قلق واحداث عنف متفرقة اثرت بالنتيجة على مستوى اقبال الاستثمارات المحلية والخارجية على الجنوب عموما وعلى البصرة بالذات.

يقول مايكل ويرين، المدير التنفيذي الدولي لمؤسسة KPMG المتخصصة في الخدمات والاستشارات المالية، والذي عُين مؤخرا رئيسا للجنة تنمية البصرة، وكُلف من قبل رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون " بمساعدة المقاولات المبتدئة في منطقة البصرة.

ويقول ويرين:"لدي إحساس بأن العديد من شركات النفط تميل إلى المجيء الآن، وفي الحقيقة ما تنتظره هو صدور قانون المحروقات، وتوقيع الصفقات، هذا ما يدفعها إلى التأني وليس الوضع الأمني."

وتقول الصحيفة إن ويرين لم يُشر إلى هذه الشركات بالإسم إلا أن من المتوقع أن تكون شركات كبرى من قبيل شيل وإكسون موبيل.

وتُذكر الأوبزيرفر بأن دور الشركات الأمريكية في قطاع النفط العراقي يتسم بنوع من الحساسية من اجتياح العراق عام 2003، والذي اعتبر البعض أن الأطماع في ثروات العراق النفطية هي التي حركته.

وتمول اللجنةَ التي يقودها ويرين وزارة التنمية الدولية، وتعد إحدى أهم وسائل تطبيق الخطة البريطانية للعراق، بعد تسليم السلطة إلى الحكومة العراقية في البصرة في شهر ديسمبر/ كانون الأول.

وتقول الصحيفة إن مجال نشاطها قد لا يقتصر فقط على القطاع النفطي، إذ قد يمتد ليشمل قطاع الموانئ، والمطارات، والزراعة والمصارف.

وتنوي اللجنة أن تنظم مؤتمرا بالكويت خلال الشهر المقبل يستهدف العراقيين في المهجر، بصفة أساسية. كما تخطط لتنظيم تظاهرة أخرى في شهر إبريل/ نيسان تتوجه إلى الشركات الأوروبية وربما حتى الأمريكية.

وتذكر الصحيفة بتصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي وصف فيها البصرة برئة العراق.

ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن هذه المنطقة هي مصدر 90 المائة من موارد الدولة في العراق، كما تمتلك نسبة 70 في المائة من احتياطي هذا البلد من النفط، إلا أنها ما زالت تعاني من الاضطرابات الناجمة عن المجموعات المسلحة المتنازعة بها، حسب الصحيفة.

واشنطن بوست: اختلاط السياسة بالعنف

ونشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا عن الوضع الأمني في البصرة قالت فيه ان اختلاط العنف اليومي بالسياسة يثير القلق في المدينة، وانها "متروكة لنفسها" منذ أيلول سبتمبر الماضي عندما غادرتها القوات البريطانية متجهة إلى الضواحي وتسليمها السلطة إلى الزعماء المحليين.

ويقول خبراء يعملون في العراق ان اختلاط العنف اليومي بالسياسة يثير قلقا أكثر، وفقا للصحيفة.

وتقول الصحيفة إن "قوات الأمن العراقية هي المثال الابرز للتوتر القائم بين السياسة والعنف في البصرة، وما تسمى بوحدة الجرائم الكبرى في شرطة البصرة".

وأضافت أن "الجيش البريطاني اكتشف ان وحدة الجرائم الكبرى هي فرقة موت مرتبطة بميليشيات شيعية وارسل دبابات في كانون الاول ديسمبر في العام 2006 إلى مقر الوحدة المارقة واحالت مقرها إلى خراب".

وأوضحت الصحيفة أن "أوامر توقيف أفراد تلك الوحدة لم تنفذ ابدا. وصدر امرا عن وزارة الداخلية العراقية في شهر كانون الثاني يناير الماضي يشير الى عبد الله نجم، المعروف باسم ابو مسلم، ويتهمه بتنظيم اعمال خطف وتعذيب وقتل من خلال قيادته وحدة شرطة".

وفرّ ابو مسلم من هجوم بريطاني في العام 2006 وما زال طليقا. وفي الحقيقة، كما تقول الصحيفة، بقي هذا الرجل في شرطة البصرة.

وبهذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوناثان راتيل، وهو متعاقد كندي يعمل مستشارا قضائيا في مكتب الخارجية البريطاني في البصرة، قوله ان هذا الرجل "اما انه ما زال يعمل كضابط شرطة او انه حصل على موافقة ضمنية بتجميده كضابط شرطة".

وتشير الصحيفة إلى ان راتيل كان قد عمل مع مسؤولين في الأمن المحلي والقضاء لما يزيد عن عام بهدف مساعدة النظام القضائي العراقي على التخلص من الفساد في النظام القضائي في البصرة.

وتقول ان "راتيل يشك في ان ابا مسلم هذا يحظى بحماية من عناصر كبار في جيش المهدي". وتشير الصحيفة إلى ان السيد مقتدى الصدر قد مدد وقف اطلاق النار الذي امر به في آب أغسطس إلى ستة أشهر أخرى، الا ان راتيل يقول إن "هيمنة ملييشيا الصدر على شرطة البصرة هو ثغرة من نوع معين".

وقال الكولونيل شيرر المتحدث باسم الجيش البريطاني "نحن لم ندع ابدا اننا سلمنا مدينة بيضاء مثالية تشبه حال زوجات ستيفورد،" (في اشارة إلى زوجات بلدة ستيفورد المثاليات بمستوى غير معقول وازواجهن ينعمون بسعادة لا يصدقها عقل).

ويضيف المتحدث ان "ما فعلناه هو اننا سلمنا وضعا يمكن ادارته من جانب العراقيين."

وافادت تقارير، كما تتعابع الصحيفة، بان عمليات القتل وصلت إلى ذروتها في شهر ايار مايو الماضي عندما قتل 112 شخصا. وبحلول كانون الاول ديسمبر انخفضت عمليات القتل إلى 38، وانتهى العام 2007 بـ 848 عملية قتل معروفة.

كما وردت تقارير من البصرة تفيد بان 383 شخصا تعرضوا للخطف في العام 2007، طبقا لاحصاءات المحافظة الرسمية.

وتقول الصحيفة ان البريطانيين، الذين كان لهم حضور ضئيل في البصرة حتى في بداية الحرب، ليس لهم وجود تقريبا في المدينة ويعترفون بالمصاعب التي تواجههم في مراقبة اداء ادارة البصرة على اساس يومي.

وعلقت الصحيفة قولها إنه "على الرغم من ان البصريين وافقوا عموما على اعادة انتشار الجيش البريطاني وانسحابه من المدينة، الا ان ما من عراقي التقت به الصحيفة الا ووصف وضع المحافظة بالمعقد واشار الى صعوبة التحكم بنشاط المليشيات".

وتقول الصحيفة إن "بسبب مقاطعة اتباع الصدر لانتخابات العام 2004 التي تشكلت بموجبها الحكومة المحلية، فلا تمثيل لهم في مجلس المحافظة. عليه عمد جيش المهدي إلى تعويض خسارته مناصب في السلطة المحلية بزج اتباعه في اعمال بقطاعات حكومية كبيرة، من بينها الصحة والنفط والميناء والتعليم. الا ان اكثر نجاح حققته تلك المليشيات في اختراقها قوات البصرة الأمنية".

وتشير الصحيفة إلى اجراءات يتخذها قائد شرطة البصرة، اللواء عبد الجليل خلف، منها طرد المئات من افراد الشرطة، ونقلت عنه انتقاده لزملاء له لانهم "جاءوا الى هنا فقراء، وهم الان اثرياء".

محافظ البصرة يتهم القنصلية الإيرانية بالسعي لإغتياله 

وأتهم محافظ البصرة عناصر يعملون في القنصلية الإيرانية بالسعي لتدبير محاولة لإغتياله هو وشقيقه فضلاعن التدخل في الشؤون السياسية والأمنية لمحافظة البصرة.

وأوضح محمد مصبح الوائلي في اتصال هاتفي مع وكالة (أصوات العراق) أن "عناصر من القنصلية الإيرانية في البصرة كشفت لي عن سعي اشخاص في القنصلية لتدبير محاولة لإغتيالي وإغتيال شقيقي اسماعيل مصبح في وقت قريب ".

وأضاف أن "عناصر في القنصلية الإيرانية يتدخلون في الشؤون االسياسية والأمنية لمحافظة البصرة والمفروض ان يقتصر عملهم على العمل و العلاقات الدبلومسية".

وأشار إلى  أنه وعائلته في خطر ويحمل الحكومة الإيرانية مسؤولية أي حادث يقع مستقبلا.

وأعرب الوائلي "عن تمسكه بمواقفه الوطنية حتى لو كلفه التضحية بحياته".

وتقع مدينة البصرة، مركز محافظة البصرة، على بعد 590 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

السفير الايراني يرفض الاتهامات

من جهته قال السفير الايراني في العراق حسن كاظمي قمي، ان السفارة الايرانية في العراق ترفض الاتهامات التي وجهها محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي للقنصلية الايرانية في البصرة بالتخطيط لاغتياله هو وشقيقه.

وأوضح قمي، لوكالة ( اصوات العراق ) ان " الحكومة العراقية تؤكد دائما على دور ايران الايجابي في استتباب الامن، اما لماذا يقول محافظ البصرة ذلك فنحن لا نعرف."

ونفى السفير تلك الاتهامات قائلا ان " كلام المحافظ غير صحيح وبلا قيمة" موضحا أنه يرفض هذه التصريحات.

وقال ان " السفارة الايرانية سوف تستجلي الامر عن طريق  الحكومة العراقية عن هذه التصريحات". مشيرا الى ان " العلاقات جيدة مع الحكومة العراقية وان هذه التصريحات لن تؤثر على هذه العلاقة كما ان الحكومة العراقية لن تقبل بها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2 آذار/2008 - 23/صفر/1429