نبي الذات

فريد عبدالله النمر

تنفسته فاستوطن الروح و الفكرا= وأسرى بعمق الذات يمنحها العمرا

تنفسته فاعشوشب الطين في دمي =خمائل أشواق تفوح هوى ثرا

تنفسته فاستعذب الحب عالمي= ليخلقني وجها من النشوة السكرى

فيا مانحات الحب ميسي بخاطري = كروض من الوسمي ينبتني زهرا

فإن خلقت أمشاج نفسي من الهوى =فقد عجنت من قبل تكوينها سحرا

ليسكنها التطهير وجها مقدسا= ثريا بآلاء الغواية والبشرى

ويسكبني التهليل نهر تلاوة =تذوّق في أفواه عاشقها الخمرا

لأنك في سكري كذات تعودها =قوافيك والآيات تشبعها السكرا

فتسري كماء الورد في لون نشوتي= فيأسرني عشقي لأرسمه ثغرا

فيا خالق الأعمار بالحب جذوة= ومانح باسم الله أوصافها الأخرى

عشقت بتلك الذات ذرات فكرتي= أجسدها نبعا مع الآية الكبرى

فأصغي لهمس الروح بين جوانبي= لألقاك فيها ماثلا تشرح الصدرا

كأن معاني الحب فيّ تكاثرت= فلم أدر أي الحب أستحسن السبرا

فألفيته في كل أنفاس حيرتي  =كأنفاس مهووس يتوق هوى شعرا

ليرتاد من قلبي ثمالة وحيه= تشب أعاليه إذا عَرّض الجذرا

ليثمر صلد الصخر ينبوع عاشق= فيسقي جفاف الأرض من ِوِرده نهرا

فتستافه الدنيا عبيرا مطهرا =فيخضر قلب الرمل في لافح الصحرا

فسبحان من أسرى بروحه في دمي= لتمسي خلاي الشوق في داخلي حمرا

وسبحان من ألقى هيامه داخلي =ليسكنني طهرا واسكنه شكرا

فيا مانح الأكوان في كل ومضة =تضيء جدار النفس بل توقظ الفجرا

ويا واهب الأبدان من كنه روحه= إلى الله حبا يشعل القرب و الذكرا

أتيتك والأذهان ملء عقولها =بأنك وجه الله قد آثر الجهرا

وأنك للأقمار ُمهدي شعاعها =تقيم لها شمسا وتجري لها مسرى

فمابرحت أنوارك الطهر بينها =توازن هذا الكون تتقنه الدّورا

حسين وذي الآلاء تحي جنانها =فليست ترى إلاك شمسا  ولا بدرا

تبادرك الأيام بالحزن أدهرا= فنجعل للأفراح أيامنا دهرا

لنشرب نخب الكأس شوطا موحدا= فلا فرق أنساً كأسنا كان أم جمرا

ولكننا نختار من جمر حبنا =بأقربها نفعا وأعظمها قدرا

فهيهات تخبو جذوة أنت زيتها =وان مزقت قلبا وان قطعت نحرا

إذا ما رأينا منك جسرا من الهدى= سلكناه هونا كان ذلك أم وعرا

لتهدي لنا أذنا  تفيض بهمسها =جداول أنغام تحيل اللظى نهرا

لأنك كف الله مدت بها الهوى  =وأنك رب الحب أخفى بك السرا

فأنت ووجه الله في كل وجهة =يقيم ولون الأفق يسلمك الأمرا

يشدك للعشاق أنك رحمة  =تباركهم نهجا وتجبرهم كسرا

فيا راقصات الليل غني بنوتتي  =غناء محب يألف الحب و الفخرا

فقد عرجت أنفاس روحي لعرشه =وقاب لقوسين أمدّت له الجسرا

وقد قدحت ألوانه لون مهجتي= لتنثرني ثغرا وانثره تبرا

سلام رسول الحب للقلب مرسل =يليق بدم الطف سبحان من أسرى

سلام بما يزهو من الحق واثب= لك الله سن الخلق والحشر والنشرا

سلام نبي الذات تبعث افقها =سلاما بمعنى العشق يستطعم النصرا

سلام بك الأرواح تخضر جنة = بأن لها أن لا تجوع ولا تعرا

فان الذي أرضعته الحب و الإبا=  ليحي به روحا ويحمله فكرا

وان قطعت آماله من نكاية =سيحتمل الحرمان والجوع والضرّا

ولكنه خصب يعيش بفكره وقد أخصبت بالدم أزهارك الحمرا

فما حاد عن ذي الذات يوما نظامه= ليرجع في عينيك يلتحف الصبرا

تنفسْكَ بالأشلاء حتى نواته عليها سمات الطف تبعثه ذكرا

فمن كان ذا حب الحسين بدمه فأغصانه الحمراء تغتصب القهرا

ومن كان يوم الطف مصباح فكره= يرى الجنة الخضراء تملأه فجرا

وهل غير أمجاد الحسين موائد =يناول فيها الشهد قطرا يلي قطرا

فلست أرى نحرا يلوح كنحره كأن إلى يوم المعاد سما بدرا

فلولاه لم تحي إلى الله شرعة وما قام هذا الكون حقا ولا اْخضرّا

حسين أبي الضيم من مثل كنهه = تجلى سنا حتى محا نوره الكفرا

أضافته للعلياء روح محمد = تزكيه في مهدٍ وترضعه نصرا

فمن كان هذا جده خير مرسل فلا غرو أن الشبل آلاؤه تترا

ومن كان تاج الحق حيدر أسّه =فلا شك أن الصبح في وجهه قرّا

له القصبات السبق في المجد و العلى =متى عرّضت بالعز فاطمة الزهرا

متى عرّضت بالعز آلاء أمه =فأعظم بمجد أوجد الخير والبرا

ولا غرو أن المجتبى الطهر نفسه =فيسمو به خلقا ويعلو به قدْرا

فمن سعدنا أن حسين سفيننا =ومثلنا لا يجهل الحمد و الشكرا

حسين وذاك الاسم خلف ضلوعنا =توشح بالإنصاف واحترف الطهرا

فحسبي بليل البؤس يذهب وحشتي  =حسين بما أهفو مع الشوق والبشرى

سلام نبي الذات أبقيه في دمي = لأحي به أولى وأحي به أخرى

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1 آذار /2008 - 22/صفر/1429