امريكا بنصفها الديمقراطي تختار.. امرأة ام رجل اسود؟

شبكة النبأ: بينما تحاول هيلاري كلنتون جاهدة كسر الطوق الذي ضُرب على المرأة ليمنعها من الوصول الى سدة الحكم في الولايات المتحدة يُسرّع المرشح الأسود اوباما من خطواته بعد فوزه عشر مرات على التوالي على كلنتون في الانتخابات الممهِدة لتسمية المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الامريكية القادمة. 

وقال محللون لـ شبكة النبأ، قد يصح القول ان الكلام في السياسة والسباق المحموم الى البيت الابيض اصبح مثل الخبز اليومي للامريكيين وخاصة السود، إذ من الصعب عليهم تفادي الكلام في هذا الموضوع، الذي يعيد للأذهان مخاوف قديمة وسط آمال جديدة مشرقة، حيث انهم -السود- يخشون من تكرار ما حصل لداعيتهم الكبير رائد الحقوق المدنية في امريكا مارتن لوثر كينج الذي اغتيل لنزعة انتقامية عنصرية عام 1968. وما يؤكد هذه المخاوف، ان جهاز الاستخبارات السرية الامريكي  بدأ في مايو/ايار العام الفائت الإشراف على أمن اوباما، وهو اجراء مبكر جدا، والأول من نوعه لمرشح رئاسي.

وقوبل البيان الختامي للسناتور الديمقراطية هيلاري كلينتون في مناظرة تلفزيونية جرت مع منافسها السناتور الاسود باراك أوباما بالتصفيق وقوفا من جانب جمهور الحاضرين كما حاز الاستحسان من جانب محللين.

بيد أن البعض قال ان كلماتها التي تطرقت الى تاريخها الشخصي في الوقت الذي جاملت منافسها أوباما جاءت متأخرة للغاية في سباق تحول الى حد كبير لصالحه. بحسب رويترز.

وتصدر أوباما السناتور عن ايلينوي السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بعد ان فاز على كلينتون عشر مرات على التوالي في عملية تجرى منافساتها في ولاية تلو الاخرى.

وتعقد كلينتون السناتور عن نيويورك امالها على تحقيق فوز حاسم في ولايتي تكساس واوهايو في الرابع من مارس اذار وسعت خلال المناظرة لابطاء الزخم الذي حققه أوباما في السباق حتى الان.

ودخل الاثنان في نقاش متحضر في معظمه شمل موقفيهما من كوبا والرعاية الصحية والحرب في العراق.

وعندما طلب منهما في نهاية المناظرة التحدث عن أزمة مثلت اختبارا لقدرتهما على القيادة تحدث أوباما بصفة عامة عن قصة حياته.

بينما أشارت كلينتون الى الفضيحة الجنسية التي أدت الى مساءلة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون أمام الكونجرس والمناقشات الوطنية الساخنة التي دارت حول حالة زواجهما.

وقالت "أعتقد أن الجميع هنا يعلم أنني مررت ببعض الازمات وبعض لحظات التحدي في حياتي." وقوبلت بالتصفيق من جانب الحضور بجامعة تكساس.

وأضافت "لكن الناس عادة يسألونني.. كيف تفعلين ذلك .. كيف تواصلين المضي قدما. ولا يسعني الا أن أهز رأسي تعجبا .. لانه رغم كل التحديات التي عشتها .. فهي لا تقارن بما يحدث في حياة الامريكيين كل يوم."

ومضت كلينتون تصف بعبارات مشحونة بالعاطفة الجنود المعاقين الذين التقت بهم مؤخرا وقالت بعد ذلك انها "تتشرف" بالجلوس على منصة واحدة مع أوباما أول مرشح اسود يمتلك فرصة حقيقية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي.

وقال جوليان زيليزر استاذ التاريخ بجامعة برينستون "لقد كانت لحظة جيدة بالنسبة لها .. وجهت رسالة بشأن أمريكا وتواصلت مع الحاضرين وربما المشاهدين" عبر شاشات التلفزيون.

وأضاف "بالنسبة لمؤيديها تكشف مثل هذه اللحظات ان أغلب الانتقادات لترشحها ولشخصيتها غير صحيحة."

ووصف مستشارو كلينتون تصريحاتها الختامية بأنها نقطة تحول.

وقال هاوارد ولفسون مدير العلاقات العامة لكلينتون في بيان "لقد كانت اللحظات التي استعادت فيها زمام السباق وأظهرت للرجال والنساء سبب كونها الاختيار الافضل."

لكن التوقيت كان سيئا. فبعد خسارتها لسلسلة سباقات لصالح اوباما على مدى الاسابيع الاخيرة الماضية تشير بعض استطلاعات الرأي الى أن كفتيهما متساويتان في ولاية تكساس التي كانت كلينتون تتصدر فيها في السابق بفارق كبير.

وقال زيليزر أستاذ التاريخ "انها لحظة جيدة لها جاءت متأخرة للغاية في السباق .. ربما بعد فوات الاوان... لا تمتلك زخما.. لا تملك أموالا كافية.. والاهم على الاطلاق أن الارقام لا تصب في صالحها."

واعترفت كلينتون على ما يبدو بوضعها الحرج.

وقالت بينما كانت تنظر الى أوباما الجالس الى جوارها "مهما يحدث سنكون بخير. نلقى تأييدا قويا من أسرنا واصدقائنا. امل ان يكون بوسعنا ان نقول نفس الشيء عن الشعب الامريكي وهذا ما تدور حوله هذه الانتخابات."

وبالنسبة للناخبة هالي بولوك (24 عاما) التي لم تحسم امرها بعد فقد كان هذا اعترافا بأن السيدة الاولى السابقة يمكن ان تفشل.

وقالت لرويترز خلال تجمع انتخابي حاشد عقب المناظرة "أعتقد أنها بدأت تدرك أن خسارتها باتت أكثر احتمالا من ذي قبل."

لكن مارك بن المستشار الكبير لكلينتون نفى أن تكون تصريحاتها تعني أنها أدركت أن السباق قد انتهى.

وقال "لا مطلقا. قالت دوما انها تخوض السباق من أجل الفوز."

وتلقى أوباما ضربة بعدما اتهمته كلينتون باستخدام عبارات استخدمها من قبل اخرون دون أن ينسبها لاصحابها حين استخدم عبارات قالها من قبل صديقه وحليفه ديفال باتريك حاكم ماساتشوستس.

ولمحت حملة أوباما الى أن الكلمات التي ختمت بها كلينتون حديثها مسروقة من منافسهما السابق جون ادواردز الذي انسحب من السباق الشهر الماضي.

وقال بيل بيرتون المتحدث باسم الحملة في رسالة عبر البريد الالكتروني للصحفيين "أفضل لحظات كلينتون هي كلمات لشخص اخر."

مخاوف الأمريكيين السود إزاء سلامة أوباما 

الأمريكيين السود يتطلعون باندهاش وذهول إلى شخص السيناتور الأسود باراك أوباما ليصبح ربما أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية، متسائلين بين ذاتهم وبين أصدقائهم والمقربين منهم: هل هو في خطر؟ هل سيكون في أمان؟

طبعا لا إجابات شافية لهذه التساؤلات، إلا أن مقابلات جرت مع نخبة من الأمريكيين السود في أرجاء الولايات المتحدة، أشارت إلى أن "الحماس والتصميم تفوقا على هذه المخاوف."

وتقول إدنا ميدفورد، أستاذة تاريخ في جامعة هاوارد بواشنطن "يصعب ألا يكون واحدنا- ممن عاش مرحلة حركة الحقوق المدنية ويعرف بعضا من تاريخ الأمريكيين الأفارقة في هذا البلد- قلقاً."

إلا أن ما يهم الأمريكيين من أصول أفريقية هو حصول أوباما على فرصة القيام بأفضل ما يمكنه وفي "حال فوزه، فمعظمنا يرى أن البلاد ستعمل لأجله كما تعمل مع أي رئيس، وسيكون محميا كأي رئيس آخر."

من جهته قال كلايد باريت (66 عاما) امريكي أسود متقاعد من وزارة العمل ويقيم في تامبا بولاية فلوريدا، إنه يسمع باستمرار عبارات قلق حول سلامة السيناتور، لدرجة أن أحد أصدقائه صرح بأنه لن يصوت لأوباما خوفاً من تعريضه لمزيد من الخطر. بحسب CNN.

إلا أن باريت قال "ليس لدي أي خوف .. علينا التحرك قدما والمثابرة."

وبالنسبة لكثير من الأمريكيين السود المسنين فإن الباروميتر لحجم الآمال والخوف هو اغتيال داعية الحقوق المدنية الأسود مارتن لوثر كينغ عام 1968.

إلا أن الخوف على سلامة باراك أوباما يسمو فوق الخطوط العرقية، فلديه مناصرين من الأمريكيين البيض الذين يرون فيه مصدر إلهام ولديه حيوية الشباب الذي يطالب بالتغيير وهو ما ميز حملة روبرت اف كينيدي، متنبهين في الوقت ذاته لقضية اغتيال كينيدي بعد شهرين فقط على اغتيال كينغ.

يُشار إلى أن جهاز الاستخبارات السرية بدأ في مايو/ايار العام الفائت الإشراف على أمن أوباما، وهو إجراء مبكر والأول من نوعه لمرشح رئاسي.

وكان مسؤولون اتحاديون قالوا في ذلك الوقت إنهم غير مطلعين على أي تهديدات مباشرة ضد أوباما، إلا أن السيناتور عن ولاية إيلينويز ديك داربين- الذي كان من ضمن مجموعة سياسيين طالبوا بنشر عناصر من الجهاز السري لأوباما- أقر بتسلم معلومات بعضها ذو نزعة عنصرية، ما جعله قلقا على أمن السيناتور أوباما.

وفي الغضون قالت مايلز التي تعمل في دائرة الصحة العقلية في فيرجينيا إنها شعرت بالقلق عندما استمعت لبرنامج إذاعي حيث وصفت فيه إحدى المستمعات المتصلات بالمحطة، أوباما "بالشيطان" مشددة وبشكل خاطئ بأنه مسلم.

وقالت مايلز "أشخاص يفتقدون المعرفة من أمثالها، يثيرون مخاوفي، إنني سعيدة أن أوباما موجود في السباق ويحظى بنتائج طيبة، إلا أنني في نفس الوقت خائفة من أن يقوم شخص ما بأذيته."

ويشرح برايان مونرو من مجلة "إيبوني" التي تصدر في شيكاغو أن المخاوف التي يواجهها أوباما "موجودة في ذاكرة الناس" إلا أن مخاوفهم هذه تبطلها الإثارة باحتمال فوزه، وفق أسوشيتد برس.

إلا أن السؤال الرئيسي الذي يجب طرحه وفق مونرو هو : "هل يمكن حصول ذلك في زمننا الراهن؟" في إشارة إلى وصول رئيس أسود لسدة الحكم.

من جهتها قالت إيفون سكروجس ليفتويش مسؤولة سابقة في منتدى لقيادة الأمريكيين السود إن القادة السياسيين ومن أية أعراق جاؤوا يواجهون مخاطر في مجتمع تسوده أعمال عنف وإطلاق نار من قبل أشخاص مضطهدين أو مهاجمين مضطربين عقلياً.

وقالت إن إقرار مثل هذه المخاوف مسألة مثيرة للقلق في هذه اللحظة، التي يقوم بها كل من أوباما والسيناتور هيلاري كلينتون بإظهار الفرص التاريخية المتاحة للسود والنساء على حد سواء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26 شباط/2008 - 18/صفر/1429