العراق بعيون غربية: غزو جديد ونموذج لمستقبل مظلم في العراق

مقتطفات مما نشرته الصحف الغربية عن اخر المستجدات على الساحة العراقية:

إعداد:علي الطالقاني*

شبكة النبأ: خصصت الصحف الغربية  الصادرة خلال الاسبوع المنصرم، مواضيع عدة حول العراق ومن بين هذه المواضيع الاكثر اهتماما "التعليق على التوغل التركي في العراق". و تحدثت صحيفة عن حرب الثلاثة آلاف مليار دولار، وذكرت أخرى موضوعا عن محافظة البصرة ومثلتها بنموذج لمستقبل مظلم في العراق. اما الانقسام العشائري الذي يهدد المكاسب الأميركية بالعراق كان له شأن آخر.

غزو جديد

خصصت صحيفة الإندبندنت موضوعا في صفحتها الأولى، تحت عنوان "الغزو الجديد للعراق"

يقول مراسل الصحيفة باتريك كوكبورن إن تركيا تشن هذه العملية لتعقب عناصر حزب العمال الكردستاني: " لكن تصعيد تركيا لهجماتها يتسبب في عدم الاستقرار للمنطقة الكردية في العراق وهي إحدى المناطق العراقية القليلة التي تنعم بالأمن والتي استفادت من الاجتياح الأمريكي."

ويشير الكاتب إلى أن التوغل التركي يحرج أكراد العراق، بسبب تغاضي الولايات المتحدة التي لقيت أكبر ترحيب منهم عندما "احتلت" العراق.

ويؤمن الكثير من أكراد العراق -حسب رأي مراسل الإندبندنت- "أن الهدف المستتر لتركيا هو زعزعة كردستان العراق الذي يتمتع باستقلال ذاتي قريب من الاستقلال التام. إذ ترى تركيا أن هذا الاستقلال الذاتي الموسع، صار نموذجا خطرا قد يحتذيه أكرادها الذين يطالبون كذلك بالاستقلال الذاتي."

ويعتقد كاتب التقرير أن الجيش التركي لن يكبد حزب العمال الكردستاني -الذي انتشر حوالي 2500 من عناصره في المنطقة الجبلية الوعرة التي تشهد تساقطات ثلجية- خسائر كبيرة. إلى جانب هذا الهدف الخارجي، يرى الكاتب أن للحملة التركية شمال العراق هدف داخلي، هو محاولة الجيش استعادة الهيبة السياسية التي بدأت تتآكل مؤخرا.

استثمار سياسي

ويقول مراسل الإندبندنت في سياق تقرير عن تمديد جيش المهدي للهدنة في العراق، إن مقتدى الصدر استفاد من هذه الهدنة سياسيا.

ويضيف الكاتب الصحافي موضحا: "إن سمعة جيش المهدي لدى الشيعة أنفسهم عانت بسبب الاعتقاد أن الحركة كانت مظلة تتستر تحتها العصابات الإجرامية و فرق الموت. وقد أظهر مقتدى الصدر بقرار تمديد الهدنة قدرة على السيطرة على رجاله وتخليص الجيش من العناصر التي تعصي أوامره."

ويرى الكاتب في هذا الصدد أن "وحدات من جيش المهدي خرجت عن طاعة مقتدى الصدر، وصارت موالية لقادة حرب."

حرب الثلاثة آلاف مليار دولار  

 من جانب آخر وصلت تكاليف الحرب في أفغانستان والعراق إلى مستويات مذهلة, فالإدارة الأميركية أخطأت بشأن المنافع المرتقبة من تلك الحرب وبشأن تكاليفها, إذ إن الرئيس الأميركي ومستشاريه توقعوا حربا خاطفة ورخيصة, لكنهم الآن يواجهون حربا تكلف ما لم يكن أحد ليتصوره.

ففي كتاب سينشر نهاية فبراير/شباط الحالي بعنوان "حرب الثلاث ترليونات" لجوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، وليندا بيلمز المحاضرة في مدرسة كيندي الحكومية بهارفرد، ورد تقرير نشرت صحيفة تايمز البريطانية ملخصا له قال بأن تكاليف العمليات العسكرية الأميركية المباشرة –لا تشمل التكاليف على المدى البعيد كالعناية بالجرحى من الجنود- فاقت تكلفة حرب فيتنام وزادت على ضعف تكاليف الحرب الكورية.

وحتى لو اعتمدنا أحسن السيناريوهات فإن هذه التكاليف يتوقع أن تصل عشرة أضعاف تكاليف حرب الخليج الأولى وضعفي تكاليف الحرب العالمية الأولى.

ورغم أن كل القوات الأميركية آنذاك كانت فعليا منهمكة في قتال اليابانيين والألمان، فإن تكلفة الوحدة العسكرية لو حسبت بقيمة الدولار اليوم لكانت 100 ألف دولار بينما تكلف الوحدة الآن 400 ألف دولار في العراق.

ومع اقتراب حلول بدء السنة الخامسة للحرب على العراق يتوقع أن تصل تكاليف الحرب في العام 2008 إلى 12.5 مليار دولار شهريا في العراق وحده، ولو أضفنا أفغانستان يكون المبلغ 16 مليار دولار، وهو ما يعادل الميزانية السنوية للأمم المتحدة وميزانية كل الولايات المتحدة ما عدى 13 منها.

ورغم ذلك فإن هذا المبلغ لا يشمل 500 مليار دولار تمثل النفقات السنوية لوزارة الدفاع، كما لا يشمل النفقات الخفية كالتي تصرف على جمع المعلومات الاستخبارية أو المبالغ التي تختلط مع ميزانيات الوزارات الأخرى.

ولأن هناك تكاليف كثيرة لا تعدها الإدارة الأميركية, فإن التكلفة الإجمالية للحرب أكثر مما تظهره الأرقام الرسمية.

أما بريطانيا التي خصصت في البداية مليار جنيه إسترليني للإنفاق على الحرب, فإنها أنفقت حتى نهاية العام 2007 ما يقرب من 7 مليارات جنيه (76% منها في العراق والباقي في أفغانستان).

وحسب التوقعات فإن إنفاق بريطانيا على حربي أفغانستان والعراق سيزيد على 18 مليار جنيه بحلول عام 2010, وإذا ما أضفنا التأثير الإجمالي لذلك على المجتمع البريطاني فإن التكلفة ستزيد على 20 مليار جنيه.

نموذج لمستقبل مظلم في العراق  

من جانب آخر قال مسؤولون بريطانيون وأميركيون إن تجربة البصرة في حكمها نفسها تقدم نموذجا لمستقبل العراق يبدو في نظر السكان المحليين والمراقبين من الخارج بأنه مظلم.

وما يجعل الوضع في البصرة -وهي ثاني أكبر مدينة ومركز تجاري في العراق- مقلقا، كما يقول المسؤولون، هو أنها اختبار للحكم العراقي في ظل أفضل الظروف تقريبا، لأن البصرة لديها أفضل قاعدة اقتصادية وقليل من التوتر الطائفي بسبب التجانس الشيعي، وليس هناك قوة احتلال غربية تؤجج التوتر الوطني داخلها.

وعلى الرغم من ذلك، تقول نيويورك تايمز، تبقى المدينة مقلقة لتفشي ظاهرة غياب الأطباء والمدرسين وغيرهم من أصحاب المهن، فضلا عن الاشتباكات التي تعصف بالمليشيات المتنافسة التي تنتمي في معظمها إلى أحزاب سياسية.

وهناك أيضا جرائم القتل التي شملت محققين في القضاء وسياسيين وشيوخ قبائل، ناهيك عن مقتل 100 امرأة العام الماضي، وفقا للشرطة.

الشيخ خادم الرباط في البصرة وهو زعيم قبيلة لا ينتمي إلى أي حزب بحسب رأيه، فقال إن "معظم عمليات القتل تقع على أيدي مسلحين يستقلون سيارات شرطة".

وتابع الشيخ قوله من مسجد بلدته إن "هذه السيارات أعطيت للأحزاب السياسية، وكان ينبغي أن يكون هناك 16 ألف شرطي، غير أننا لا نرى منهم في الشوارع إلا القليل، وكل من نراهم هم من المليشيات الذين يرتدون بزات الشرطة".

نيويورك تايمز تقول إن عشرات الأحزاب السياسية ومليشياتها المتنافسة غالبا ما تشتبك في ما بينها حول السيطرة على القطاع النفطي والموانئ البحرية وعمليات التهريب عبر الحدود الإيرانية القريبة، وبسط اليهمنة السياسية على عصب الاقتصاد العراقي.

وأشارت إلى أنه رغم غياب التوتر الطائفي في البصرة الذي أفسد الحياة في أماكن أخرى من العراق، فإن النزاع لم يغب عنها.

هذا النزاع السياسي أشار إليه أحد القادة المحليين على أنه نموذج للاختلاف بين المفهوم والواقع هنا في البصرة.

وذكرت الصحيفة أن الأحزاب السياسية المتنافسة هناك ، حاولوا العام الماضي الإطاحة بمحافظ البصرة محمد مصباح الوائلي بحجة نصيبه الأعلى في الوظائف الحكومية خاصة في القطاع النفطي، من منافسيه.

الانقسامات  العشائرية

وكتبت صحيفة  "كريستيان ساينس مونيتور" أن الثورة العشائرية بين العرب السُنة ضد تنظيم القاعدة بمحافظة الأنبار والتي امتدت إلى بغداد ومناطق أخرى، هي بمثابة الجوهرة التي توجت الإنجازات الأميركية بهذا البلد على مدار العام الماضي.

وقالت الصحيفة إن حركة الصحوة تتعرض الآن لهجوم متزايد على جبهات عدة، الأمر الذي يهدد بضياع كثير من المكاسب الأمنية الأخيرة للمؤسسة العسكرية الأميركية.

وأضافت كريستيان ساينس مونيتور أنه بينما يتعرض متمردو القاعدة في العراق لضربات شديدة متزايدة، يسعى قادة الحركة أيضا إلى الضغط من أجل صوت أكبر لهم في الحكومة.

وأوضحت أن الضغط الطائفي في بعقوبة (شمال بغداد) يعوق الحركة، فقد تظاهر مئات المسلحين من الصحوة مطالبين بطرد رئيس الشرطة الشيعي لتصديقه على جرائم مزعومة ضد السنة داخل المحافظة، وهدد المتظاهرون بالاستقالة من وظائفهم كحراس للجوار.

وأشارت إلى ما قاله الشيخ على الحاتم -أحد مؤسسي حركة الصحوة- بأن الأحزاب السياسية أخطر من القاعدة، لأنها مستمرة في تأييد القاعدة التي أصبحت كبش فداء ملائم لكثير من الأمور.

وذكر حاتم أن القاعدة ليست الجماعة الوحيدة التي تريد تقويض القوة المتنامية للصحوة، وأشار إلى قلق الأحزاب السياسية الشيعية من قوتها المتزايدة وأن الأحزاب السياسية السنية هي الأخرى ترى فيها منافسة خطيرة.

كما اتهم الرجل طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي بمحاولة تقويض الحركة بتوحيد قواه مع منافسيه، وقال إن هدف الهاشمي الحقيقي هو تعزيز موقفه بين العرب السنة والحصول على بعض المكاسب من عقود الأنبار المربحة.

وختمت كريستيان ساينس مونيتور بتعليق المحلل العراقي غسان عطية المعارض للنظام السياسي الحالي، على المأزق السياسي، حيث لخص الموقف بقوله "كل ما فعله الأميركيون هو شراء الحكومة العراقية لبعض الوقت، والحقيقة هي أن قلة من الناس الذين يموتون الآن لا تغير الواقع بأن هذه حالة اختلال وظيفية يمكن أن تنزلق بسهولة إلى حرب أهلية".

................................................................................................

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 24 شباط/2008 - 16/صفر/1429