البَدانة مرض المجتمعات المتقدمة.. اسباب ومخاطر

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: تشير اخر البحوث الطبية الى ان السمنة التي اصبحت سِمة المجتمعات المتقدمة قد تكون عاملا مساعدا في الاصابة بأمراض السرطان، وتختلف التقديرات في اسباب السمنة بين بحوث توعِزها الى جينات وراثية واخرى تصيرها لأسباب وأنماط معيشية.

السُمنة في طريقها لأن تصبح أكبر عامل مسبب للسرطان

قال باحث علمي إن السمنة في طريقها لأن تصبح الأكثر فتكاً من التدخين في التسبب بالإصابة بأمراض السرطان.

وأوضح د. والتر ويليت، من كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للعلوم المتقدمة، أن معدلات وفيات البدناء بسبب السرطان تصل إلى 14 في المائة، بين الرجال، و20 في المائة بين النساء، مقارنة بقرابة 30 في المائة جراء التدخين.

وأستطرد ويليت قائلاً خلال جلسة تناولت سُبل الوقاية من السرطان: "فيما يتراجع التدخين وترتفع ظاهرة البدانة.. لن يستغرق الأمر قبل أن تصبح السمنة السبب الأول في الوفاة الإصابة بالسرطان."

وأردف العالم أن الأبحاث تطرح المزيد من الأدلة التي تربط بين السمنة والإصابة بأنواع عدة من أمراض السرطان منها: "الثدي، والكبد، والبنكرياس، والأمعاء، مشيراً كذلك إلى ارتباط الكحول بأنواع محددة من أمراض السرطان، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

ورجحت الأبحاث العلمية التي أجريت في فترة الثمانينات كم المواد الغذائية التي يستهلكها البدناء كعامل محتمل في التسبب بالسرطان، إلا أن الدراسات حينئذ افتقدت الدليل الدامغ.

وعادت دراسات علمية لاحقة لتطالب بزيادة استهلاك الفواكه والخضروات كوسيلة  محتملة لخفض احتمالات الإصابة السرطان، إلا أن تلك الدراسات، وعلى حد قول الخبير، صارعت لتقديم أدلة مقنعة في هذا الصدد.

وركزت الدراسات العملية الراهنة أبحاثها على السمنة حيث تفرز المزيد من الأبحاث عن أدلة تربط بين زيادة والوزن والسرطان.

وإلى ذلك، قال تقرير حديث إنّ نحو 75 مليون شخص سيعانون من السرطان عبر مختلف أنحاء العالم بحلول 2030، أي ثلاثة أضعاف عدد المرضى قبل ثماني سنوات.

ونقلت أسوشيتد برس عن بيان للمركز الدولي لأبحاث مرض السرطان أنّ عدد الإصابات والوفيات بهذا المرض سيتضاعف خلال 30 عاما.

وأضاف البيان "أنّنا الآن بصدد بداية وباء عالمي" وأنّ الوقت مازال يسمح ببذل جهود من أجل مكافحة المرض الخبيث على أنّه يتعين التحرك بسرعة وبكيفية تشمل جميع أنحاء العالم.

وكان بحث علمي، كُشف عنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي، قد أشار أن الإصابة بالسمنة تزيد من فرص هلاك المتعافيات حديثاً من سرطان الثدي..

وبرغم أن نتائج الدراسة غير قاطعة، إلا أنها دليل دامغ على أهمية مكافحة السمنة في كافة مراحل الحياة وتحديداً بعد الإصابة بالمرض.

أسباب السمنة هل هي جينية؟

نشرت مؤخراً تقارير تفيد بإمكانية أن تكون السمنة سببها عائد إلى جينات وراثية، وليس نتيجة لأسلوب المعيشة.

جاء ذلك كنتيجة خلصت إليها دراسة علمية، بعد أن قام باحثون في جامعة بريطانية بإخضاع خمسة آلاف توأم متشابه أو قريبي الشبه، لدراسة ما إذا كان هناك ارتباط حقيقي بين السمنة والجينات.

وخلص الباحثون إلى أن الجينات تتحكم بالفعل في الفوارق بين كتلة الجسم ومحيط الخصر بنسبة 77 في المائة، بحسب المقال الذي نشرته المجلة الأمريكية لعلم التغذية.

وهذا يعني أن الأطفال الذين يعانون من الوزن الزائد أو السمنة، سيعانون منهما عند البلوغ أيضاً، الأمر الذي سيرفع من مخاطر إصابتهم ببعض أنواع الأمراض، ومنها السرطان، والجلطات، والسكري.

من جانبها، قالت البروفيسور جين واردل، التي ترأست فريق البحث: "إنه من الخطأ إلقاء اللوم على الآباء فيما يخص زيادة وزن أبنائهم، إذ يبدو أن للمسألة خلفيات وراثية، لكن هذا لا يعني أن السمنة حتمية، بل أن بعض الأشخاص لهم استعداد لأن يزيد وزنهم."بحسب CNN.

وترى الدراسة، التي قام بها باحثون من مجموعة بحوث السرطان، في مركز بحوث السلوك الصحي البريطاني، أن إخضاع توائم للتجربة أتاح فرصة لمقارنة العوامل الوراثية بالعوامل السلوكية.

وتبين لهؤلاء العلماء أن تأثير المحيط على وزن الجسم أضعف بكثير من الجينات.

أما جمعيات مكافحة السمنة، فترد بالقول إن تناول الغذاء المتوازن، والحرص على مواصلة تمارين رياضية، عنصران ضروريان للحفاظ على صحة جيدة، رغم تأثير الجينات.

ورغم احتمال أن تكون السمنة والوزن الزائد ناجمة فعلاً عن بعض الجينات، إلا أن الأمر لا يزال مدار جدل طبي بين المختصين.

إنقاص الوزن قد لا يكون ضارا بعظام المراهقين

أشارت دراسة الى انه على الرغم من ان البالغين الذين ينجحون في خفض أوزانهم قد تنقص لديهم أيضا بعض كتلة عظامهم فان المراهقين البدناء يحتفظون فيما يبدو بكثافة العظام مع نقص أوزانهم.

وتقدم النتائج التي نشرت في دورية البدانة الطبية بعض التأكيد على ان انقاص وزن الاطفال البدناء قد لا يكون على حساب صحة عظامهم. بحسب رويترز.

وشملت الدراسة 62 مراهقا بدينا أكملوا برنامجا مكثفا استمر عاما لانقاص أوزانهم وفحصوا بالاشعة السينية لمعرفة التغيرات التي طرأت في محتوى المعادن في عظامهم. ووجد الباحثون انه حتى مع نقص وزن المراهقين فان كتلة عظامهم استمرت في الزيادة واستمرت أعلى من مجموعة المقارنة من المراهقين النحفاء.

وقال الدكتور نيكولاس ستيتلر كبير الباحثين في مستشفى فيلادلفيا للاطفال "نتائجنا تشير الى ان علاجا ناجحا وتحت اشراف طبي للبدانة لدى المراهقين لا يسبب مشكلات كبيرة لصحة العظام."

وقال ستيتلر لرويترز انه بالنظر الي الفوائد الصحية الكثيرة لانقاص الوزن في الاطفال البدناء فان القلق بشأن تطور العظام يجب ألا يمنعهم من تلقي المساعدة لانقاص أوزانهم.

ووجدت بعض الدراسات السابقة ان الاطفال الذين يعانون زيادة في الوزن او البدانة يكونون عرضة بشكل أكبر لكسور العظام مقارنة مع أقرانهم العاديين. وأسباب ذلك غير مؤكدة طالما ان بعض الدراسات بما فيها هذه الدراسة تظهر ان المراهقين البدناء لديهم بشكل نموذجي كتلة عظام أضخم من أقرانهم الاكثر نحافة.

وأشار ستيتلر وزملاؤه الى ان أسبابا غير متصلة بكتلة العظام قد تساعد في تفسير زيادة احتمالات التعرض للكسور. فعلى سبيل المثال قد يكون السقوط أصعب بالنسبة للاطفال البدناء بسبب وزنهم الزائد أو افتقارهم لتناسق القوام.

قلة النوم لا تؤثر على الوزن بمرور الوقت

أظهرت نتائج دراسة طويلة الأجل على عمال بريطانيين ان النوم المنتظم لخمس ساعات أو أقل أثناء الليل لا يبدو أن له أثرا ملموسا على وزن الجسم أو حجم الخصر مع مرور الوقت.

وبينما أشارت بعض دراسات سابقة الى صلة بين البدانة وقلة النوم فان هذه الدراسة لم تستطع تأكيد أيهما يحدث أولا .. قلة النوم أو مشكلة الوزن.

ولتوضيح ما اذا كانت قلة النوم بمرور الوقت قد تكون مرتبطة بالبدانة حلل فرانشيسكو كابوتشيو وزملاؤه معلومات من أكثر من عشرة الاف موظف مدني بريطاني شاركوا في دراسة على مدى فترة زمنية طويلة.

وجرى تقييم صحة الرجال والنساء المشاركين في الدراسة أولا بين عامي 1985 و1988 حين كانت أعمارهم تتراوح بين 35 و55 عاما. وبعد ذلك جرى تقييمهم كل عامين.

وحلل كابوتشيو من كلية طب جامعة وارويك في كوفنتري بانجلترا وزملاؤه مدة النوم ليلا ومؤشرات البدانة بين 5021 من عينة الدراسة اثناء التقيم بين عامي 1997 و1999.

وفي ذلك التقييم حدد الباحثون احتمالا نسبته 65 في المئة لحدوث بدانة بين من ينامون أقل من خمس ساعات ليلا مقارنة مع من ينامون سبع ساعات ليلا. بحسب رويترز.

لكن عندما حللوا قياسات وزن الجسم ومحيط الخصر مجددا بين عامي 2003 و2004 لدى 3786 من اولئك الرجال والنساء الذين لم يكونوا بدناء في التقييم الاول لم يجدوا ارتباطا ملحوظا بين فترة النوم والتغيرات المستقبلية في وزن الجسم أو محيط الخصر.

وخلص الباحثون في دراستهم التي نشرت في أحدث عدد من الدورية الامريكية لعلم الاوبئة الى ان هذه النتائج معا تشير الى ان فترات النوم القصيرة قد تمثل مؤشر خطر مقارنة بعامل مُسبب للبدانة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23 شباط/2008 - 15/صفر/1429