شبكة النبأ: منذ خمسة أعوام مضت
والمشهد العراقي يزدحم بالكثير من الظواهر والازمات المتلاحقة التي
باتت تستقطب روافد متعددة في انساق الواقع العراقي المضطرب اصلا
بالكثير من المعادلات المعقدة أو القراءات المستجدة، إلا اننا اليوم
ازاء ظاهرة جديدة أو نوع جديدة من الظواهر التي استطاعت ان تخترق خارطة
الوعي العراقي على وجه الخصوص خلسة ومن دون سابق انذار، الا وهي ظاهرة
الحركات والافكار الدينية التي تدعي (المهدوية)، والتي هي اليوم
بالتاكيد تمتلك مساحة لا يستهان بها من فضاء الوعي الفكري كما انها
تفيض بالكثير من المعطيات المهمة من اجل ارساء او تعزيز حالة المراس
الديني من قبيل التخلص من الاثام والاخطاء عن طريق عقيدة المسلمين
الشيعة بالإمام المهدي(عج) وأفكار أخرى، حيث أستطاعت تلك الافكار ان
تجد ملاذا آمنا في نفوس وضمائر الكثير من المتعلمين والبسطاء على حد
سواء، فليس من وحي المصادفة بالتاكيد ان تجد تلك الحركات امثال
السلوكية أو جند السماء أوحركة اليماني، هذا الكم من المؤيدين مالم
تتكئ على جملة معطيات من شانها ان تحرك في تلك المجاميع نزوة التمرد
أوالخروج عن المالوف، وربما هناك الكثير غيرها من تلك الحركات من هو في
طور النشأة أوالنمو الان.
ومن اجل الإطلاع على ابعاد هذه الظاهرة الخطيرة على الواقع العراقي
كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الجولة للبحث في حيثيات هذا
الحضور المفاجىء والطرح الخطير وكذلك محاولة ايجاد السبل الكفيلة للحد
او القضاء على تلك الافرازات وذلك من خلال الالتقاء ببعض الاخوة من
اصحاب العقل والفكر فكانت الحصيلة ما يلي:
محطتنا الاولى كانت مع الاستاذ (أحمد جويد) وهو محامي وباحث مختص في
مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث، حيث قال: لا ينبغي بمكان ان
نمر أزاء تلك الظواهر الفكرية من دون ان نقلب الامور باتجاه البحث عن
الاسباب الحقيقية التي دعت الى استقطاب تلك المجاميع البشرية على
اختلاف مستوياتهم العلمية متخذين في نظر الاعتبار كون تلك التوجهات
تعزف على وتر حساس جدا الا وهو ماهية الظهور، وهذه القضية بحد ذاتها
ساحة سجال ونقاش كما انها تحمل دلالات قطعية لا يمكن التكهن بمدى
معرفتنا اياها ولكن تبقى يقينا تلج في نفوس وضمائر اغلب المسلمين من
شرق الارض الى غربها، الا اننا اليوم نصطدم كون تلك الحقيقة باتت تحتمل
التأويل من قبل اعداء الاسلام انفسهم وضعاف النفوس الذين باتوا يعزفون
على ذلك الوتر من اجل الاستحواذ على عقول الناس من خلال استخدام ادوات
الدجل والشعوذة والتظليل الفكري، هذا مما يستنطق فينا حالة اليقظة
والتربص أزاء تلك الزمر الضالة وذلك عبر نوافذ ومحطات عدة منها ان نعد
قضية خروج الإمام المهدي (عج) رهينة بالقدرة الالهيه ومن ثم نحاول ان
نخلق قاعدة علمية رصينة تدحض كل التوجهات القائلة بان الإمام يقيم حدود
الله سبحانه وتعالى بحد السيف، هذا من جهة، اما من جهه اخرى فان هناك
ثمة عوامل اضافية ساهمت بشكل كبيرعلى رفد تلك الافكار بعوامل النهوض
والاستقرار ومنها حالة البطالة، فذلك العامل اوجد متسع من الوقت يستنفذ
من خلال الاستماع الى تلك الافكار المشبوهة، هذا مما يتطلب منا جميعا
بدون استثناء ان نقف وقفة رجل واحد من اجل الخلاص من تلك التنبوءات
الضالة كونها ربما تشكل في المستقبل ظاهرة خطرة لا يمكن التكهن
بنتائجها.
اما (صادق غريب) وهو مهندس الكتروني، قال لـ(شبكة النبأ): ربما ارى
قضية الاتجاهات والافكار الجديدة على الرغم من كونها تلقى رواجا
وازدهارا منذ سقوط النظام البعثي ولحد الان فهي تكاد ان تشكل معيار مهم
يدحض كل النبوءات القائلة باننا شعب مهاده سبعة الاف سنة، كما انها
تصبو الى حقيقة لا مناص للتهرب منها كون تلك المعتقدات تتجه نحو الكفر
والشرك بكل النظم والقوانين السماوية من خلال رفض الواقع القائم
المتمثل بالدلائل القطعية التي رسمها لنا القران الكريم، وهي تؤكد
مرارا وتكرارا بان قضية الامام المهدي(عج) ليست هي دين جديد بل هي
عبارة عن محطة مهمة لتطبيق القوانين السماوية، اذن نحن امام حالة تحاول
المساس بكل الثوابت من خلال التنصل عن تطبيق ادوات النص القراني، فما
اراه انا من خلال تلك العقائد الفاسدة هي مساحة للكفر والشرك بالله
سبحانه وتعالى والا ما هي الحكمة ان نذوي الى عدم تفعيل النظم القرآنية
على امل الخروج وتفعيل تلك المنظومة السماوية العادلة.
أما (عباس خلف) رئيس اتحاد الادباء العراقيين فرع كربلاء، فيقول:
ربما اختلف مع الاخرين في تحديد هوية تلك الارهاصات والتخرصات التي
بدات تطفو على المشهد العراقي وهي بمثابة ردة فعل شديدة للكثير تجاه
حالة الحرمان والتعطش للجوانب الثقافية والدينية والفكرية والمعيشية،
كما انها تشير في احيان كثيرة الى حالة الشعور بغياب الهوية الوطنية او
الانتماء الوطني، وهذا يجعل البعض يتكئ على مجموعة مفاهيم او تصورات
على امل ان يكبح جماح النفس الباحثة عن انتماء او هوية، وهذا الامر
ربما يلبي فضله بانه اصبح يمتلك عنوان للانتماء وهناك ادلة كثيرة يمكن
الاستعانه بها من ارض الواقع، فهناك الكثير من الناس اصبحو الان
يحملون عنوان التخندق تحت راية فلان مجموعة او فلان حزب، اذن اصبح
الفرد يبحث عن ذاته في مساحات ضيقة ربما يحمل منها دلالات فكرية مرة
ومرات اخرى يلوذ تحت مسميات وانماط مذهبية او دينية قد تكون منحرفة او
مضللة، وهذا الامر بالتاكيد يغلب علينا حالة الشعور بالضياع الفكري
بغض النظر عن ما يتجاهر به الكثير من الناس فهم بالتاكيد لم يصيبوا كبد
الحقيقة وهم يتلمسون من خلال تلك القراءات ما يبحثون عنه في ذاتهم او
سريرتهم.
الا ان (علي حسين) وهو اديب، فقد ذهب بنا بعيدا، حيث قال: يقينا بان
هناك ثمة حلقة مفقودة في ذلك الكم الهائل من التصورات الفكرية بل ربما
حتى الاجتماعية والناس دائما يبحثون عن ما ينقصهم ولكن بطرق قد تكون
مغلوطة وغير سوية، وهذه المفاهيم على بساطتها وتواضعها ربما تحمل
مضامين عميقة جدا، تدفع بنا باتجاه الاشارة بأصبع الاتهام الى جملة
مسوغات بعينها لها القدرة على فرض واقع ما، اذن يجب ان نعترف بان الوضع
القائم الان يكاد ان يلقى مناخ مناسب لانبعاث كل تلك الافكار المتخلفة
ابتداءا من غياب سلطة القانون الى ضياع كل مقومات الانتماء الانساني،
وهذه الاجواء بالتاكيد تمتلك رصيد لا يستهان به من أستقطاب كافة
الامراض العضوية والنفسية والاجتماعية ناهيك عن ما يحمله المجتمع أصلا
من اعراض مرضية، ومن خلال تلك الاستنتاجات الأولية للوضع العراقي
الداخلي ناهيك عن المؤثرات الخارجية المتمثلة بالمد الاسلامي والعربي
الذي يعمل على افشال المشروع السياسي العراقي لما يشكله هذا التغيير من
عامل ضغط على الانظمة والحكومات العربية، ناهيك عن الطابع المريض
لإيذاء الشعب العراقي، وهذه الحقائق المختلفة كان لها الظفر في ان تصب
جل غضبها على النسيج العراقي لتفضي من قبيل تلك المعتقدات واكثر ما
يوهم المتلقي البسيط، اذن نحن اليوم امام مهمة عسيرة جدا ولا يمكن
التكهن بنتائجها مهما امتلكنا من مقومات العلم والمعرفة ما لم نضع
استراتيجية قوامها ان نفعّل دور القانون اولا ومن ثم نضمد جراح العراق
من خلال بناء موسساته الاجتماعية، ومن ثم القضاء على عنصر البطالة من
دون ان نتجاهل دور المؤسسة الدينية كونها الرهان الحقيقي في تغيير مسار
تلك التصورات الغائرة في غياهب الجهل الديني.
ومن خلال تلك الاستنتاجات نستشف بان الحركات التي ظهرت مؤخرا تحت
اسم (المهدويّة) وعلى اختلاف توجهاتها، هي اشبه ما تكون بالفيروسات او
الجراثيم الضارة لا يمكن تجاهلها او الاعراض عنها إلا ان نخلق بيئة
طبيعية او صحية على اسس علمية قوامها بناء الانسان اجتماعيا وماديا
وفكريا ودينيا بالصورة الصحيحة كي نظفر بمواطن صالح ينأى بنفسه عن تلك
الأعراض والامراض.ي القائل بان الامام المهديأي |