شبكة النبأ: تلقي قضية اغتيال عماد
مغنية المسؤول الأمني لحزب الله اللبناني بظلالها على الاوضاع الحالية
داخل وخارج نطاق لبنان وقد تاخذ ابعادا اقليمية ودولية ستستمر
تداعياتها طويلا.
واختلف المحللون في توصيف هذه الحادثة فمنهم من يعتبرها بداية حرب
مفتوحة، كما لوح بذلك السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله،
والبعض الاخر يدرج الحادثة ضمن احتمالات النتائج السرّية للمطبخ
السياسي الاقليمي الكبير حيث تجري خلف الكواليس الكثير من الصفقات
السياسية ذات الأثمان الكبيرة.
"النهاية الدموية للرجل الذي جعل من الاختطاف سلاحا في الحرب". كان
هذا هو العنوان الذي اختاره روبرت فيسك لمقاله المنشور في الاندنبندنت
حول عماد مغنية، الذي اغتيل في انفجار سيارة مفخخة في العاصمة السورية
مؤخرا.
وفي الفقرة الأولى من مقاله يكشف لنا فيسك أنه قابل عماد مغنية في
أكتوبر عام 1991 من أجل التوسط لصديقه تيري أندرسون، رئيس مكتب
الاسوشيتدبرس في بيروت والذي اختطفه مغنية لما يقارب السبع سنوات.
ثم يبدأ فيسك في سرد أسباب عداوة أمريكا وإسرائيل لمغنية. فهو الرجل
الذي كان وراء اختطاف وقتل ويليام بكلي، رئيس محطة وكالة الاستخبارات
المركزية الأمريكية في بيروت عام 1984، وهو أيضا الرجل الذي كان وراء
اختطاف طائرة الـTWA إلى بيروت عام 1985 وقتل ضابط في مشاة البحرية
الأمريكية كان على متنها وتفجير مقر مشاة البحرية الأمريكية، المارينز،
عام 1983 في لبنان.
ويصف فيسك مغنية بالقول إنه كان يتمتع "بشخصية واثقة في النفس إلى
حد مخيف، وبالايمان العميق فيما يفعل، وهو شيء يتشارك فيه مع زعيم
القاعدة أسامة بن لادن، ولنكن صرحاء هنا، مع الرئيس الأمريكي جورج
دبليو بوش. فمنظمة الجهاد الإسلامي التي كان يقودها مغنية عذّبت
أعدائها. كما فعلت القاعدة، وكما يفعل، كما كلنا يعلم، جيش السيد بوش".
ويختم فيسك مقاله بالحكمة التي تقول إن" من يعش بالسيف يمت بالسيف".
لا يمكن التفريق بين الأسطورة
والحقيقة
وفي الجارديان كتب إيان بلاك من بيروت عن مغنية قائلا إن "الرجل
الذي يعرف بين أتباعه باسم الحاج رضوان، حافظ على ابتعاده عن الأضواء
وعلى إبقاء نفسه معزولا عن المعرفة إلى الحد الذي جعله تقريبا غير
مرئي. ويقال إنه كان مداوما على تغيير هوياته وكان يخضع لعمليات تجميل
جراحية من أجل تغيير ملامحه."
وأضاف بلاك أنه "نتيجة لحياة مغنية السرية، فإن وفاته جعلت من
التفريق بين الأسطورة والحقيقة أمرا مستحيلا. فالرجل وصف بأنه عبقري
وسايكوباتي (مرض نفسي يجعل الشخص ميالا لإيذاء الآخرين)، ويقال بأنه
تأثر بشدة نفسيا لمقتل أخويه في اعتداءات من قبل عملاء للولايات
المتحدة وإسرائيل."
رواية تثير شكوكا
صحيفة الصنداي تايمز التي نشرت تحقيقا موسعا على صفحة كاملة عن
اغتيال عماد مغنية الملقب بالثعلب تحت عنوان" اسرائيل قتلت رأس الارهاب
عن طريق تفخيخ مسند الرأس في سيارته" كتبه ثلاثة من مراسليها في كل من
القدس وبيروت.
وتنقل الصحيفة عن روبرت بير المسؤول السابق في المخابرات المركزية
الامريكية والذي تولى ملاحقة مغنية سنوات عديدة قوله "ان مغنية ربما
كان اذكى واقدر شخص واجهناه".
كما تنقل الصحيفة عن ديفيد باركي، مسؤول سابق في الوحدة 504 التابعة
لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي القول ان اسرائيل حاولت عدة
مرات تصفية مغنية في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي وانها جمعت
كميات هائلة من المعلومات عنه لكن كلما حصلت على معلومات اكثر عنه زادت
صعوبة الوصول اليه بسبب عدم وجود نقاط ضعف يمكن لاسرائيل عبرها الوصول
اليه مثل تناول المشروبات الروحية اوالعلاقات النسائية او المخدرات.
وتضيف الصحيفة ان والدة مغنية التي كانت وسط النساء المتشحات
بالسواد في مراسم العزاء بإبنها قالت لو ان لديها ابناء آخرين لما
ترددت في تشجيعهم على سلوك الطريق الذي سار عليه ابنها عماد والذي كان
وابنها الوحيد بعد مقتل شقيقيه فؤاد وجهاد في عمليات تفجير سابقة.
وتعترف الوالدة انها لا تملك اي صورة لابنها عماد حتى تلك التي تعود
لايام طفولته لانه اخذها جميعا.
وتقدم الصيحفة رواية جديدة عن طريقة اغتيال مغنية المقالة تناقض
تماما الرواية التي تناقلها وسائل الاعلام.
وتقول ان عماد مغنية في مساء الثلاثاء ليلة اغتياله كان يحضر حفلة
استقبال اقامته السفارة الايرانية في دمشق بمناسبة الذكرى التاسعة
والعشرين للثورة الايرانية حضرها الى جانب مغنية جميع قادة التنظيمات
المتطرفة المتواجدة في العاصمة السورية دمشق في المركز الثقافي
الايراني في حي كفرسوسة الدمشقي الراقي.
عند الساعة العاشرة وثلاث وثلاثين دقيقة يتبادل مغنية قبلات الوداع
مع السفير الايراني الجديد في سورية حجة الاسلام احمد موسوي ويغادر
الحفل وحالما يجلس خلف مقود سيارتة ذات الدفع الرباعي من طراز
ميتسوبيشي باجيرو يدوي انفجار هائل.
وتنقل الصحيفة عن مصادر من داخل جهاز الاستخبارات الاسرائيلية
الموساد انه يرجح تبديل مسند الرأس الخاص بمقعد السائق في سيارة مغنية
بمسند آخر مفخخ بشحنة شديدة الانفجار تم تفجيره عن بعد.
وتنقل الصحيفة عن شاهد عيان قوله "لقد حملت رأسه بين يدي الذي بقي
سليما رغم تعرض الوجه لحروق شديدة".
ويؤكد ديفيد باركي ان سورية وايران سوف تردان على اغتيال مغنية وهو
ما اكده ايضا انيس النقاش الذي يعتبر من المقربين لحزب الله وانه سيكون
كما خطط له عماد مغنية ضد اهداف اسرائيلية.
ويقول نقاش "ان مغنية كان قد وضع عددا من الخطط الجاهزة لمهاجمة
اهداف اسرائيلية من قبل حزب الله في حال تم اغتيال احد قادته وقد نفض
الغبار عنها الان ووضعت الان فوق الطاولة".
وعادة ما تلتزم اسرائيل بالصمت عن عمليات الاغتيال التي يقوم بها
جهاز الموساد خارج اسرائيل لكنها هذه المرة انكرت اية علاقة لها
باغتيال مغنية لكن الصحيفة تقول انه ليس صدفة استدعاء ايهود اولمرت
لرئيس الموساد مائيير داجان يوم دفن مغنية والثناء عليه والطلب منه
الاستمرار في منصبه حتى نهاية عام 2009 حسب ما قال مصدر امني اسرائيلي.
مغنية كان يخطط مع سورية لشن هجوم
ضد أهداف اسرائيلية
وأفادت صحيفة صندي تايمز نقلاً عن مصادر اسرائيلية وصفتها بالمطلعة
أن عماد مغنية كان يخطط وقت مصرعه مع السوريين لشن هجوم ضد أهداف
اسرائيلية انتقاماً من الغارة الجوية التي شنها الطيران الحربي
الاسرائيلي على ما قيل أنه موقع نووي سري داخل سورية في سبتمبر من
العام الماضي.
ونسبت الصحيفة الى مصادر استخباراتية اسرائيلية قولها »ان شخصاً ما
غيّر مسند الرأس في سيارة مغنية بواحد آخر يحتوي على كمية صغيرة من
المتفجرات القوية«، مشيرة الى أن اسرائيل رحّبت بمقتل مغنية لكن مكتب
رئيس الوزراء الاسرائيلي نفى أن تكون الدولة العبرية مسؤولة عن
اغتياله.
واشارت الصحيفة نقلاً عن المصادر أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود
أولمرت »استدعى رئيس جهاز الموساد مير داغان الى مكتبه في القدس بعد
يوم على اغتيال مغنية ليثني على نجاح العملية ويؤكد له أنه سيمدد عمله
على رأس الجهاز حتى نهاية عام 2009«.
مغنية كان الوصل بين حزب الله
والقصر الجمهوري بدمشق
من جهتها قالت الحركة السورية القومية الاجتماعية المعارضة أنه لم
يظهر اسم عماد مغنية الذي قتل بانفجار يوم الثلاثاء الماضي بالعاصمة
السورية دمشق، طوال الفترة الماضية. مضيفة يبدو ان هذا الشخص الذي
اعتبر من رموز المقاومة في حزب الله قد تمت اعارته كحرس خاص بآصف شوكت
(المدير السابق في الاستخبارات السورية).
وقالت الحركة أن مغنية الذي عين منذ نهاية التسعينيات من القرن
الماضي كمسؤول أمني على حماية آصف شوكت، عمل في الوقت نفسه مستشارا
ومقربا لادارة استخبارات القصر الجمهوري بسورية.
وأضافت: كان صلة الوصل بين قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية في
بيروت وبين آصف شوكت والقصر الجمهوري بدمشق.
وأكدت الحركة أن إيران بدورها قدمت الضمانات الكاملة لاعتماد هذا
الرجل بمركز حساس في أمن القصر الجمهوري بسورية. وبنفس الوقت كان عماد
مغنية الرجل المناسب لسورية وإيران كمهندس اللمسات الاخيرة لسلسة
الاغتيالات في لبنان. بحسب الحركة.
وقالت الحركة أن سلسلة الاغتيالات التي جرت في لبنان والتي بدأت
بالشهيد رفيق الحريري لا تزال الى اليوم تحمل الكثير من الغموض
الاستخباراتي والوضوح السياسي، والتي أحياناً كانت تثير تساؤلات العديد
من الانظمة والقوى في المنطقة وتضع اشارات الاستفهام الكثيرة حول سذاجة
النظام السوري بهذه الاغتيالات.
هل يكشف اغتيال مغنية بعض أسرار
الشرق الأوسط؟
وفي الـ(تايم) كتب نيكولاس بلاندفورد قائلا: تطلب الامر اغتيال عماد
مغنية حتى تمكن العالم اخيرا من معرفة شيء عن ماضي هذا الرجل الذي
يعتبر واحدا من اكثر رجال الميليشيات قوة ومراوغة.
لقد عاش مغنية كل حياته في ظل عنف الشرق الاوسط يسافر بجواز سفر
دبلوماسي ايراني في رحلات غير محددة، ولم يكن يرحب ابدا بإجراء اية
لقاءات صحافية معه أو الادلاء بأية تصريحات أو بيانات مسجلة فيديويا.
وكانت الصور الوحيدة المتوفرة له هي بعض اللقطات القليلة باللونين
الابيض والاسود التي تعود في تاريخها للثمانينيات وكان يبدو فيها كشاب
جاد ذي وجه شاحب ولحية سوداء اللون.
لكن ما ان تم الاعلان عن موته في انفجار سيارة مفخخة في احدى ضواحي
دمشق، حتى بث تلفزيون »المنار« التابع لحزب الله صورة احدث لمغنية (45
عاما)، وبدا فيها كرجل في متوسط العمر، يرتدي لباسا مخصصا للقتال، ويضع
قبعة على رأسه، ويرسل لحية غزا الشيب بعض اجزائها.
غير ان النظارة التي كان يضعها على وجهه جعلته يبدو في الصورة
كاستاذ جامعي لطيف مما حجب الحقيقة التي تشير الى ان هذا الرجل كان
متهما اكثر من أي رجل ميليشيا آخر بقتل الكثيرين من الامريكيين قبل
هجمات 2001/9/11.
يضيف الكاتب نيكولاس براند فورد، نعم، لقد سبق عماد مغنية اسامة بن
لادن في قتل الامريكيين، ولا شك ان موته يشكل ضربة مؤلمة جدا لحزب الله
الذي نادرا ما كان يتحدث علنا عن هذا الرجل، وما عمله من مآثر كما يقال
في الثمانينيات. لقد ابلغني الشيخ صبحي الطفيلي الذي اسس حزب الله،
وقاده بين عامي 1989 و1991، ان مغنية كان بريئا من الاتهامات التي
وجهتها الولايات المتحدة اليه، وانه لم يكن له اية علاقة بها.
ويضيف الكاتب نيكولاس، كما ابلغني الشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله
الراهن خلال لقاء معه في يوليو 2003 ان الاتهامات الامريكية ضد مغنية
هي مجرد اتهامات وتساءل: هل يستطيعون تقديم دليل واحد لادانته؟ ثم اضاف
ان الحج عماد هو واحد من افضل المدافعين عن الحرية على الساحة
اللبنانية، وانه لعب دورا مهما جدا خلال الاحتلال الاسرائيلي لجنوب
لبنان. صحيح ان البحث الدولي المستمر منذ وقت طويل عن مغنية جاء بعد
العديد من الاتهامات حول الاعمال التي قام بها في الثمانينيات، الا ان
الكثير من تلك الاتهامات كانت بلا دلائل تسندها في الواقع.
وعلى الرغم مما قيل حول انه كان العقل المدبر وراء التفجيرات
الانتحارية غير العادية التي تم تنفيذها ضد اهداف امريكية في لبنان في
اواسط عقد الثمانينيات وادارته لسلسلة من عمليات الخطف التي حولت
العشرات من الاجانب في بيروت الى رهائن، كانت الجريمة الوحيدة التي
اتهمته بها الولايات المتحدة هي اختطاف الطائرة الامريكية »تي دبليو
ايه« في عام 1985 مما ادى لمقتل غواص يعمل في سلاح البحرية الامريكية.
الحقيقة ان اسطورة مغنية كانت كبيرة جدا لدرجة لم يكن معها احد احيانا
يعتقد بوجود مثل هذا الرجل على الاطلاق: يقول مغنوس رانستروب، الخبير
المتخصص بشؤون حزب الله في كلية الدفاع الوطني السويدية في استوكهولم،
والذي تعقب نشاطات مغنية لسنوات عدة: اسأل نفسي احيانا ما اذا كان
مغنية شخصا حقيقيا أم شيئا من نسج الخيال، الا ان وكالات الاستخبارات
التي كنت اتصل بها كانت متأكدة من وجوده.
ويضيف الكاتب، والمفارقة انه على الرغم من مشاهد الحزن الكبير التي
اثارها موت مغنية في دوائر الشيعة اللبنانيين، اثارت شخصيته ومكانته
غضب بعض مقاتلي حزب الله الشباب الذين انهمكوا في محاربة الاحتلال
الاسرائيلي في الجنوب اللبناني في التسعينيات. فقد تذمر احد هؤلاء
المقاتلين قائلا انهم يتحدثون حول عماد مغنية لكن ماذا فعل؟ انهم
يعتقدون انه اختطف صحافيين امريكيين ونسف السفارة الامريكية والجنود
الفرنسيين الا ان الاشياء التي فعلناها في الجنوب (محاربة الجنود
الاسرائيليين) اكثر اهمية بمئات المرات مما فعله مغنية، ان الاختطاف هو
اسهل شيء في العالم والمخابرات المركزية الامريكية مجنونة.
جدير بالذكر ان مغنية كان قادرا خلال ايام الفوضى، التي سادت في
الثمانينيات، من السفر بسهولة نسبية والتنقل بين بلدان الشرق الاوسط بل
وحتى اوروبا.
ففي اواسط الثمانينيات توصلت وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية
لاتفاق مع الاستخبارات العسكرية اللبنانية لتمويل انشاء مركز استماع
متقدم في جبال لبنان للتنصت على المكالمات والمحادثات في الشرق الاوسط،
وتم تزويد هذا المركز بمتحدثين يجيدون اللغات العبرية، الفارسية
والفرنسية بطلاقة، وذلك مقابل ان تقدم الاستخبارات اللبنانية اية
معلومات يمكن ان تحصل عليها حول خاطفي الرهائن الغربيين.
وتمكنت هذه الاستخبارات في عام 1986 من استخدام تردد صوتي لمتابعة
تحرك مغنية الى فندق في باريس.
ويقول ضابط لبناني سابق شارك في تلك العملية، ان عملاء الاستخبارات
الفرنسية التقوا بمغنية بغرفته في الفندق، لكنهم لم يلقوا القبض عليه.
ويلاحظ رانستروب ان هذا الرجل تميز منذ اوائل التسعينيات بحذر شديد
غير عادي لتغطية تحركاته وآثاره حيث كان يقسم وقته بين بيروت وطهران
التي انتقل اليها مع اسرته في 1990. لذا، بدت دمشق في ذلك الوقت مكانا
غير مرجح للبحث عن مغنية كي يصفي اعداؤه حسابهم معه.
حول هذا، يقول ضابط وكالة الاستخبارات المركزية السابق روبرت باير
الذي كان مكلفا بتعقب مغنية في الثمانينيات: كنت دوما اعتقد انهم سوف
يمسكون به في بيروت لكن ماذا يعني قتله في دمشق؟
حزب الله اتهم اسرائيل، ومن المتوقع بالتالي ان يكون رده الانتقامي
باتجاهها.
لكن هل يكون الثمن الذي حددته امريكا بخمسة ملايين دولار مقابل رأس
مغنية قد اغرى احد رجال الاستخبارات على قتله؟
هل تدفع سوريا فاتورة اغتيال مغنية؟
يتباهى الرئيس السوري، بشار الأسد، بأن دمشق هي "عاصمة المقاومة"،
وهو الادعاء الذي عززه وجود قادة حركة حماس وعدد من التنظيمات
الفلسطينية المتشددة في العاصمة السورية.
غير أن مقتل الزعيم العسكري في حزب الله اللبناني، عماد مغنية، في
دمشق يظهر مدى "التكلفة" التي تتحملها العاصمة السورية لقاء استضافة
النظام السوري التقليدية للعرب المتشددين، وفقاً للأسوشيتد برس.
ولا شك أن وجود مغنية على التراب الوطني السوري غذى الاتهامات
الأمريكية بأن دمشق "تأوي المتطرفين" من المليشيات الفلسطينية وقادة
حزب الله والمسلحين العراقيين، وتسمح لهم بالعمل بحرية على أراضيها.
ويشكل واقع قدرة أحدهم على تفجير سيارة مفخخة في دمشق، كما حدث
الثلاثاء الماضي باستهداف عماد مغنية، ضربة لسمعة الجهاز الأمني
السوري، الذي يعد حجر الأساس في النظام الذي يحكم سيطرته على
البلاد.كذلك يثير هذا الواقع شكوكاً وتساؤلات حول قوة "قبضة" النظام
على الأمن والدولة.
وتعتبر سوريا ضيفاً دائماً على اللائحة الأمريكية للدول الداعمة
للإرهاب، فيما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى عزل نظام الأسد
لدعمه مقاتلي حزب الله والجماعات الفلسطينية الراديكالية.
وتكثفت جهود الإدارة الأمريكية في هذا المسعى بعد اغتيال رئيس
الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، في العام 2005، وهو الاغتيال
الذي يحمل الكثير من اللبنانيين مسؤوليته لدمشق.
وعاد بوش ليزيد من الضغوط على دمشق فأصدر قراراً بتشديد العقوبات
المفروضة منذ العام 2004، متهماً إياها بالعمل على تقويض الأمن
والاستقرار في دول المنطقة، وعلى رأسها العراق ولبنان من جهة، ولقمعها
الحريات العامة لمواطنيها من جهة أخرى.
ويأتي اغتيال مغنية ليشكل ضربة مزدوجة لسوريا، على رأي أحد
الدبلوماسيين الغربيين، فهو يثبت أن القيادي العسكري في حزب الله كان
موجوداً على أراضيها، وكذلك أنها غير قادرة على حمايته.
وقال مدير برنامج الدراسات الشرق أوسطية بمركز الدراسات
الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جون ألترمان إن "على أجهزة الأمن
السورية توضيح الكثير من الأمور وتفسير كيفية تنفيذ ضربة مثل هذه في
مدينة تعتبر آمنة."
وأضاف قائلاً: "إما أن بعض المسؤولين في الأجهزة الأمنية لا يعرفون
شيئاً أو أنهم ضالعون في عملية الاغتيال."
وجاءت عملية الاغتيال في وقت شنت فيه الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات
بحق المعارضين والنشطاء من مؤيدي الديمقراطية، حيث تم اعتقال ما لا يقل
عن 12 ناشطاً خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ورغم الاتهامات التي وجهها حزب الله إلى إسرائيل وأنها تقف وراء
عملية اغتيال عماد مغنية، إلا أن بعض الأخبار التي تسربت هنا وهناك،
تضع سوريا في موقف محرج، وبخاصة عندما أشارت إلى وجود صفقة سورية مع
وكالة الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي لاغتيال مغنية.(مزيد
من التفاصيل)
قادة ايران يشيدون بعماد مغنية
واشاد المسؤولون الايرانيون بعماد مغنية باعتباره "رجلا عظيما"
واتهموا اسرائيل باصدار امر اغتياله.
ووجه المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي
والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد تعازيهما للامين العام لحزب الله
الشيعي اللبناني حسن نصر الله بحسب وسائل اعلام ايرانية.
وقال آية الله خامنئي في رسالة تلاها مذيع في التلفزيون الايراني
"اخي العزيز اهنئك واقدم لك وكذلك لعائلته (مغنية) ولشباب حزب الله وكل
اللبنانيين تعازي بهذا الشهيد الكبير". بحسب رويترز.
واضاف ان "المجرمين الصهاينة المتعطشين للدم يجب ان يعرفوا ان الدم
الطاهر للشهداء من امثال مغنية سيؤدي الى انبعاث مئات الرجال على صورته
وسيضاعف مقاومة الفساد والفظاعات".
واتهمت ايران اسرائيل بالوقوف وراء اغتيال مغنية المسؤول العسكري
الكبير في حزب الله الذي قتل في انفجار سيارة مفخخة الثلاثاء في دمشق.
ونفت اسرائيل اي ضلوع لها في ذلك.
واعتبر خامنئي وهو اعلى سلطة في الدولة ان "شهادة المجاهدين مثل
مغنية (...) قدر سعيد ويجب ان يجعل الشعب اللبناني فخورا بانه اعطى
العالم مثل هذا الرجل العظيم في النضال من اجل الحرية وضد الوحشية".
اما احمدي نجاد الذي كان اثار جدلا بدعوته لزوال اسرائيل فقد اعتبر
ان اغتيال مغنية يثبت ان اسرائيل لم تعد تملك اسباب الوجود. وقال
الرئيس الايراني بحسب ما اوردت وكالة الانباء الطلابية الايرانية "ان
محتلي القدس فقدوا كل سبب للوجود وهذا النوع من الجرائم لا يمكن الا ان
يقصر حياتهم المقيتة والفاسدة".
حماس: اسرائيل باغتيالها مغنية
ارادت استعادة هيبتها
واعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ان اسرائيل
باغتيالها القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية الثلاثاء ارادت
"استعادة هيبة جيشها".
وقال مشعل في حفل عزاء لمغنية اقيم في مخيم اليرموك الفلسطيني في
دمشق ان هذا الاغتيال "يجعل اسرائيل تستعيد هيبة جيشها وهذا هو
اسلوبها" مضيفا "وجيل اليوم لا يعيش الذكريات القديمة لان جيشكم محصور
في جيلين والجيل الجديد يرى الطفل الفلسطيني يتحدى الدبابة
الاسرائيلية".
وتابع مشعل "نحن نقبل التحدي ولا نخاف (...) قمتم باغتيال بعض
القيادات الكبرى جاءتكم اجيال مصرة على طريق المقاومة فلا تفرحوا
برسالتكم".
واضاف "لا نخاف الوعيد والتهديد والشهادة لا تزيدنا الا عزما
واصرارا على المقاومة التي ترعبكم ومن خلفكم لان رسالتكم باطلة
ومجحدة". بحسب ا ف ب.
من جهته قال الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح "ان
مسيرة الجهاد ستكون الرسالة التي نتحرك فيها لانها رسالة عظيمة وعماد
مغنية هو احد هؤلاء الرجال الجهاديين لانه شهيد فلسطيني اكثر من
الفلسطينيين".
وحضر حفل العزاء الامناء العامون للفصائل الفلسطينية التي تتخذ من
دمشق مقرا لها وهم اضافة الى مشعل وشلح احمد جبريل الامين العام للجبهة
الشعبية-القيادة العامة وماهر الطاهر مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين في الشتات وابو موسى رئيس حركة فتح الانتفاضة اضافة الى حسن
حدرج احد قياديي حزب الله في لبنان. |