مصطلحات سياسية: كرِزْما

كرِزْما: Charisme, Charisma

شبكة النبأ: يميز ماكس فيبر الهيمنة الكرزماتية من الأشكال التقليدية، أو حتى العقلانية – القانونية من ممارسة السلطة. فهو يرى أن الكرزما تنهض على مقدرة فائقة للعادة يتمتع بها فرد، نبي أو حكيم، أو حتى محارب، يمتلك خصالاً فائقة للطبيعة. هذا الفاعل الممتاز يجب أن يعترف به أتباعه، إذ أن مزاياه التي لا تفسير لها تؤدي إلى أن ينتفع منه جميع الذين يتبعونه. ما من تنظيم، ما من قانون ينظم هذه الوحدة العاطفية التي تقوم بين الرئيس وأتباعه، تلامذته أو أنصاره. بهذا المعنى، تتعارض الهيمنة الكرزماتية كلياً مع الهيمنة العقلانية البيروقراطية ومع الهيمنة التقليدية البطريركية (الأبوية) التي تخضع هي أيضاً إلى قواعد صارمة. لذلك، وبما أن للهيمنة الكرزماتية، بحسب فيبر، صفة "ثورية" في النطاق الذي تذهب فيه إلى أشكال أخرى من النظام الاجتماعي والسياسي، تكون هذه الهيمنة "قدراً" يبقى هو أيضاً غريباً عن عالم الاقتصاد. على أن الهيمنة الكرزماتية قد تعرف سيرورة الرَّوْتَنَة routinisation والتَّمأْسُس الذي يلبّي احتياجات الأتباع الراغبين في ضمان الديمومة للجماعة فيما هم يحافظون على دورهم الخاص. فهي تنطوي على الانتقال الوراثي المؤسس مثلاً على الدم والمقدس بواسطة مختلف الطقوس. إلا أن ثمة مفارقة من حيث أن لا شيء يضمن أن يملك  الوراث بدوره تلك الخصال الشخصية المحصنة اللازمة للكرِزما.

متعلقات

كاريزما(1)

الكاريزما كلمة يونانية الأصل معناها النعمة الإلهية, ويقصد بها السمة التي تتميز بها شخصية فرد وتجعله يؤثر ويملك سلطة غير طبيعية على الناس، وفي علم الاجتماع يشير هذا المصطلح إلى مجموعة من الصفات تتحقق عند الذين يملكون قوة القيادة ويمارسونها بصورة خارقة للعادة

الكاريزما(2)

رغم أن متابعتي لكرة القدم تقتصر على (كأس العالم فقط) إلا أنني اكتشفت أن شهرة اللاعب (والدخل الذي يتحصل عليه) لا تعتمد على موهبته ومهارته في اللعب فقط ؛ بل على جاذبيته الشخصية ونسبة «الكاريزما» التي يتمتع بها ... فهناك لاعبون يملكون موهبة فذة ومهارة عالية (كالانجليزي مايك أوين) ولكنهم لا يملكون «كاريزما» تؤهلهم للشهرة وتوقيع عقود ضخمة . وفي المقابل تجد لاعبين آخرين (مثل زميله ديفيد بيكهام) يتمتع بشهرة كبيرة وثراء فاحش وجاذبيته طاغية (رغم تسببه في إحراج المنتخب الانجليزي في منافسات كروية عديدة) !!

.. وال«كاريزما» - أيها السادة - كلمة اغريقية قديمة تعني «موهبة ربانية أو منحة إلهية» .. وهي بالتأكيد موهبة ربانية كونها تشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص . ففي حين يمكن لكل إنسان اكتساب «شعبية» خاصة ومدروسة، يصعب على معظم الناس اكتساب «كاريزما» تضمن ولاء الجماهير (وتعلقهم بحامل الرسالة أكثر من الرسالة نفسها) !!

.. ولو نظرت حولك مثلاً للاحظت أن جميع الناس يسعون لجذب انتباه الغير بكل الوسائل الممكنة ؛ وفي المقابل يوجد شخص فقط يملك كاريزما خفية تجذب إليه العقول والقلوب بدون جهد يذكر (وهذا الرجل بالذات قد يكون أقل معارفك شأنا واهتماما بلفت الانتباه) ..

و«الكاريزما» عنصر مهم في شخصية «القائد» كونها تضمن اجتذاب الجماهير والاحتفاظ بولائهم - بل وغسل أدمغتهم في كثير من الأحيان - .. وقد تتجسد في مجال السياسة (كما في شخصية تشرشل وغاندي ومانديلا) أوعالم الرياضة (كمايكل جوردن وبيكهام وزيدان) أو نجوم الطرب (مثل الفيس برسلي ومايكل جاكسون وفرقة البيتلز) .. كما توجد بنسبة طاغية لدى نجوم السينما (لدرجة تطلق عليهم صحافة هوليود لقب أنصاف الآلهة) !!

وفيما يخص كرة القدم - التي بدأنا بها المقال - يأتي بيكهام كأكثر النجوم المشاركين في كأس العالم جاذبية وثراء (بدخل سنوي يفوق 120 مليون ريال) .. وهذا الدخل الكبير ليس له علاقة براتبه السنوي في ريال مدريد بل بنسبة الكاريزما المرتفعة التي أهلته للمشاركة في حملات إعلانية ضخمة ( أتت بشكل أساسي من شركتي بيبسي وأديداس) !!

ورغم ارتباط ظاهرة الكاريزما بالقادة العظماء (كنابليون ولينين وكيندي وماوتسي تونغ وجمال عبد الناصر) إلا أنها غير مشاهدة أو ملموسة في قادة اليوم ؛ فرؤساء حاليون مثل بوتين وبوش وبلير وشيراك لايتمتعون بأي جاذبية أو كاريزما شخصية - بل اتضح أنهم يثيرون ملل الناس أثناء خطبهم المعتادة - . وقد يعود السر هنا إلى وجود «نظم انتخابية» تضمن وصولهم للمنصب القيادي اعتمادا على الترشيح - والترجيح - وليس على الشعبية أو الكاريزما الذاتية !!

.. ويختلف خبراء القيادة والتدريب حول إمكانية (أو عدم إمكانية) خلق الكاريزما لدى الأشخاص المملين ؛ فالبعض يرى إمكانية خلق وبناء الكاريزما من خلال التدرب على أداء تصرفات وحركات معينة ؛ وفي المقابل يرى البعض الآخر - وأنا منهم - أن أمراً كهذا قد يؤدي لنتيجة عكسية تماما .. ففي حين تأتي قوة «الكاريزما» من غموضها وتلقائيتها وحضورها بشكل طبيعي ؛ قد يؤدي تصنع حركات معينة (مثل الجلوس بطريقة أنيقة أو تركيز النظر باتجاه معين) إلى تأكيد عدم الثقة بالنفس وفضح هشاشة الإنسان من الداخل !

.. أنا شخصياً أرى أن لكل إنسان نسبة معينة من الكاريزما يخاطر بطمسها إن تصنع تصرفات غير أصيلة في شخصيته .. وبناء عليه ؛ قد تكون أفضل نصيحة لاكتشاف جاذبيتك الخاصة هي : أن تتصرف على سجيتك، وتنسى تماما رأي الناس فيك !!

كاريزما(3)

قدرة خارقة جاذبية

فتنة

سحر في الشخصية

ماسبق كان احد تعريفات الكاريزما

انها الصفة التي لا يصعب اكتشافها

لكن

يصعب تعريفها وتحديد ما هيتها

غامضة جدا

لكن

لا تنسى ابدا أنه لا ينسوا اصحابها

الكاريزما في الاصل كلمة يونانية

تعني الهيبة،، الانسان المؤثر،، الحبوب،، الودود

او تعني سلطة فوق العادة،، سحر شخصي

او شخصية تثير الولاء والحماس

انها شخصية لها جاذبية فظيعة

الكاريزما

هي القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا

وبالبحث اكثر عن معنى الكلمة وجدت هذا التعريف لها صـفة أو سـمـة غـير عـادية تتـحقق لـدى الـفرد ،فتـجعـل قـدراتـه خـارقة للـعـادة ويـعـني المـصطلح من النـاحية اللـفظية

( هـبة اللـه ) وهـو شخص يتـحلى بقوة خـارقة وصفات نـادرة وقـدرات روحية يستطيع بقدراته المؤثرة على من حوله شد الانتباه

مـن هـو الكاريزمي ؟

شخص وجــد ليبقى في الذاكرة

لا ينسى ابدا

سواء احببته أم كرهته

قدراته ان احسن استغلالها

هائلة لا حدود لها ابرزها

السيطرة

وقد تكون السيطرة على المجتمعات بل وعلى شعوب بإكملها

عندما تقابله يجذبك منذ اول وهله

يسطير على عقلك

مشاعرك

احاسيسك

وبعد ذلك

على حواسك

يقيدك وتكون سعيد ومقتنعا جدا بهذه القيود

هل هو ساحر!!

بالطبع ساحر لكن من نوع خاص

يسحر الشعوب فتحبه

وتغمض عيونها وتتبعه

حتى وان القاها في هااااوية ودمرها ( كما فعل هلتر )

او قد يوصلها

لبر الآمان و يسعدها

الكاريزمي

اجتماعي جدا _ لا كاريزما بدون جمهور _

نشيط

حماسي

سريع البديهه

محبوب

مثقف

طموووح

يعشق التحدي

والتغيير

لا يقف امامه شي

ويعرف اين يقف

افكاره عميقة

صاحب موقف وفكر معين

واثق من نفسه بالطبع

قادر على الاقناع ،، فيصبح من حوله اكثر حماس بالفكرة حماس قد يصل للجنون

هل عرفتوه ؟؟ !!

انه الانسان الطيب المفيد للمجتمع ،، لا بل قد يكون انسان شرير مدمر للمجتمع

من الصعب وضع صفات خارجية يشترك بها كل الكاريزميين

فقد نجد ان منهم صاحب الصوت الهاديء

و نجد منهم الصاخب جدا صاحب الصوت الجهوري مثل ( جمال عبد الناصر )

منهم قوي البنية ومنهم ضعيف البنية

قد يكون جميل جدا او اقل جمالا

طويل او قصير

على كل حال

الكاريزما صفة تنبع من الداخل وليست صفة خارجية

فمميزاته داخليه

ممايضفي عليه جاذبيه

خاصه .. وروعه منفرده

والشيء الرائع في الكاريزما

انها تجعل الكاريزمي قوووي بدون ان تضعف الآخرين

لانه يستمد قوته من ذاته من داخله

لا بسلب قوة الآخرين

هل انت كاريزمي ؟

للإجابة على هذا السؤال للنظر إلى سبع صفات ان كانت متوفره فأنت مرشح بلا شك ان تكون من هذه الفئة الساحرة

1- لديك القدرة على اعطاء رسالة صامته

فتستطيع بحضورك فقط ان تعطي تصريح قبل ان تفتح فمك

( صفة صعبة جدا جدا ،، هل منكم من يمتلكها !! )

2- لديك القدرة على صياغة كلامك باسلوب جيد

3- تمتلك مهارات الاستماع

4- القدرة على الاقناع ( الصفة الاهم ) فمهما كانت افكارك عظيمة ومؤثرة فلن يكون لها اي فائدة بدون اقناع الاخرين بها

5- قدرتك على استغلال وقتك وأوقات الآخرين

6- قدرتك للتكيف مع الآخرين ومعرفة ما ذا يريدون بالضبط

7- تستطيع قراءة مشاعرك بذكاء وان تعرف ما ذا تريد انت ؟ وماهي اهدافك ؟

هل تريد ان تكون كاريزمي !!

الكاريزما هبة إلهيه .. لا يمكن تعلمها او اكتسابها

وان كان هناك من العلماء من قال انه يمكن تعلمها واكتسابها

يقول انه بإمكانك تنمية الكاريزما بتنمية هذه النقاط ومحاولة اتقانها

الكاريزما صفة تفرض نفسها لا يمكن تجاهلها ابدا

مميزاته داخليه وليست خارجيه

وهذا الفن الداخلي يضفي عليه جاذبيه

خاصه وروعه منفرده

عندما تتحدث اليه تجده يفكر

بطريقه اكثر اشراقا وعمقا

يجعلك تحب وتعاني وتكون

سعيدا في نفس الوقت

اين يوجد الكاريزميين ؟

اكثر مجال يتجه لها الكاريزميين كما نتوقع جميعا هو مجال السياسة

عمرو موسى ،، هتلر ،، نيرون ،، مانديلا

لكن ليس كل القادة والزعماء كاريزميين ،،،

فقد يصل للسلطة اشخاص لا يمتلكون الكاريزما

مثل بوش الأبن

وبشكل عام تظهر الكاريزما في جميع مجالات الحياة

المجتمع ،، الفن ،، الرياضة .... الخ

حتى في مجتمعاتنا الصغيرة يوجد اشخاص كاريزميين

انظر حولك

في الصفوف الدراسية ،،، في العمل ،، في البيت ،، مع اصدقاء

حتى في تجمعات الاطفال

هل نظرت ؟؟

هل وجدت الكثير من الكارزميين ؟؟

هل انت منهم !!

كيف تستفيد من الكاريزما ؟؟

الاغلبية يفتقد لهذه السمه ،، لكن كيف نستفيد منه

بإمكاننا الاستفادة منها اذا كنا في موضع السلطة عليهم

سأعطيكم مثل بسيط

لو كنت مدير في مكان ما ،، ولديك العديد من الموظفين

وتريد اقناعهم بتغيير او فكرة ما

عليك بالبحث عن اكثرهم كاريزما ،، لإقناعه و سيقوم هو بسهولة بإقناع البقية

وسيكفيك هذا من عناء اقناع اعداد كبيرة

هل وصلت الفكرة ؟

ويمكن ان يستفيد من هذا المعلم بالمدرسة

المربي بالمنزل

الرواد بالتجمعات بكل اشكالها

فبإمكانك السيطرة على مجموعة من الاطفال

وبث الهدوء فيها

عندما تسيطر على اكثرهم كاريزما

لكن لاحظوا ،، السيطرة على الكاريزمي امر ليس بالسهل

الكاريزما(4)

تعرَّف الكاريزما على أنها اكتشاف للسحر الخاص في الشخصية ، وهي موجودة في دواخلنا جميعاً ..

وتعرف على أنها مجموعة من الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفردٍ دون آخر .

وتأتي بمعنى القبول ، وهي إرسال من شخصٍ إلى مجموعة أشخاص أو إلى جمهور لأنها تتعلق بالقائد أو الزعيم أو الرئيس أو حتى الخطيب المفوه الذي يسلب أنظار الناس .

وهي كلمة إغريقية تعني " موهبة ربانية " أو تعني " منحة ربانية " ، وهي تشير إلى الجاذبية الكبيرة أو الحضور الفعال والقوي الذي يتمتع به شخصاً دون الآخرين .

وقد تكون الكاريزما بين البشر بأثر واضح جلي يراه الكل ويظهر على العيان ، كالتفاف الناس حول خطيبٍ مفوَّه أو رئيسٍ مبدع ذا خطبٍ رنانة كالتي كان يقولها عبد الناصر في عزه والتي يعجز عنها الكثير من الرؤساء في هذا العصر .. أو كالزعيم البوليفي موراليس أو القائد الفنزولي شافيز ، الذين انتزعوا أنظار الكثير نحوهم بخطبهم وكلماتهم الرنانة الحقيقية التي يصدقها الواقع .

وقد تكون الكاريزما بين المعادن والأحجار ؛ فالمغناطيس يجذب أرواحاً فيها مغناطيس انجذابي ، وقانون الجاذبيّة هو الذي يثبّتنا على الأرض.

وكذلك النجوم والكواكب ، والأقمار ، كلّها فيها جاذبيّة بل إن البي بي سي أعلنت أن كوكب نبتون اختطف قمراً ليس له !!

فنبتون ثامن كواكب مجموعتنا الشمسيّة اختطف القمر ترابتون الذي كان يدور في الماضي حول كوكب آخر ، اختطفه بقوّة جاذبيته !

بل إن قصص الحب والغرام تنبع من كاريزما أشخاص تميزوا بأمورٍ انحدر وراءها العديد من الفتيات أو الشباب ..

فهذا الشاعر الأعمى بشار بن برد يقول :

ياقوم أذني لبعض الحي عاشقة ***** والأذن تعشق قبل العين أحيانا

قالوا بمن لاترى تهذي فقلتلهم ***** الأذن كالعين توفي القلب ما كانا

بل المتتبع لمثل هذه القصص يجد أن جميع المحبوبين قد يفقدون الجمال والوسامة والرقة في الكلام أو حتى الصوت الحسن ، ولكنهم يملكون جاذبية قد لا تكون لكل فتاة ولكن هناك من يقع في مثل هذه الجاذبية ..

كالنار تحرق من حولها من الحشرات الطائرة ، ومهما أثرت فيهم وأبعدتهم عنها وجدتهم ينخرطون إليها دون وعي أو تركيز .

وقد قال شوقي وما أروع ما قال :

خـدعـوهـا بـقـولـهـم حـسنــاءُ  *****  والــغـوانـي  يـغـرهـن الـثـنــاءُ

أتـراهـا تـنـاسـب اسـمي لمــا *****  كـثـرت فـي غـرامـها الأسمـاءُ

إن رأتـنـي تميل عني كـأن لم *****  تـك  بـيـنـي  وبـيـنـهـا أشـيــاءُ

نـظـرة فـابـتـسـامـة فســـلامٌ *****  فــكــلامٌ  فــمــوعــدٌ  فـلـقـــاءُ

يـوم كـنـا ولا تـسـل كـيـف كـنا *****  نـتـهـادى مـن الـهوى ما نشاءُ

وعـلـيـنـا مـن الـعـفـافِ رقيـبٌ *****  تـعـبـت فـي مـراس_;ـه الأهـواءُ

جاذبتني ثوبي العصي وقالت *****  أنـتـم الـنـاس أيـهـا الـش_;ـعـراءُ

فـاتقوا الله في قلوب العذارى *****  فــالـعـذارى  قـلـوبـهـن هــواءُ

فقد يكون الكلام الجميل من كاريزما تأثير البشر على البشر ، وقد تكون موهبة الشعر كاريزما تؤثر على البشر ، وإلا لما وجدنا من يسرق الأبيات والأدبيات ليؤثر في الناس ويُظهر لهم غير معدنه الحقيقي .

كاريزما التفاهة(5)

كتب ماكس فيبر عن الكاريزما، ودور الشخصية الكاريزمية في تغيير مسار السياسة. الشخصية الكاريزمية هي شخصية تتميز بعيب خلقي أو بصفات خارقة أو ما يستدر العطف ومن ثم الالتفاف حولها، حسب رؤية فيبر، يرى فيه التابعون علامة. ويأتي البطل الكاريزمي بشخصيته الطاغية في لحظة فراغ سياسي ليملأ هذا الفراغ ويصحح مسار التاريخ، حسب ما يتخيل تابعوه. وقد قسم علماء السياسة الشخصية الكاريزمية إلى أنواع مختلفة. وإضافتي هنا إلى ما كتبه أستاذنا فيبر حول هذا الموضوع، هو أن اللحظة ذاتها وليس الشخص فقط، قد تكون لحظة كاريزمية، أي أن اللحظة قد تساعد على ظهور الشخصية الكاريزمية. ففي العالم المتقدم بلحظاته المتقدمة يمكن الحديث عن كاريزما التقدم التي تنتج قيادة راشدة تملأ الفراغ السياسي. أما في العالم المتخلف بلحظاته المتخلفة يصبح الحديث مناسبا عن «كاريزما التفاهة». وهذا هو الحال في عالمنا العربي.. وتلك هي الأمثلة.

واضح للعيان أن في البيت العربي ثلاث مشاكل على مستوى قمة الهرم السياسي. ففي لبنان وبعد أن شغرَ مقعد الرئاسة بانتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، والتي كانت أصلا ولاية مثيرة للجدل والتناحر اللبناني، لم ينجح اللبنانيون حتى اليوم في انتخاب رئيس. وفي فلسطين شق (الإخوة الأعداء) صفهم، وبدلا من أن تكون لهم دولة فقد أصبحت لديهم اليوم دولتان تتوسطهما دولة إسرائيل. وفي العراق حكومة أخفقت في التوصل إلى توافق وطني ترضى عنه كافة الأطياف العراقية والتي يبدو رضاها صعب المنال. وبالطبع لم تنجح الدول العربية، لا بهيئتها الرسمية متمثلة بالجامعة العربية ولا بمبادرات فردية للدول في أن تحل عقد واحدة من هذه المشاكل. ولنا أن نتخيل فقط لو أن دولة الكويت لم تطلب وتسعى للتدخل الخارجي في أزمة الغزو العراقي، ولو أنها اعتمدت فقط على البيت العربي الموحد المتماسك في أن يحررها ويبوس المتخاصمون شوارب بعضهم لأنه لا خلاف بين الأشقاء، فهل من المستبعد في تلك الحالة أن يكون الكويتيون إلى اليوم ينتظرون الحل العربي وهم في الشتات أو تحت الاحتلال الصدامي؟

التدخل الأجنبي في أي منطقة من العالم يأتي عندما يفشل أهل المنطقة في إدارة شؤونهم. بالطبع يحمل التدخل الخارجي أجندته ومصالحه الاستراتيجية، ولكن إن لم يجد ثغرة لما نفذ منها. فمن المؤكد أنه كان يحلو للأميركيين مثلا أن يلعبوا دورا في روسيا الغنية بثرواتها، وهم فعلوا ذلك عندما كانت روسيا دولة ضعيفة تنهشها عصابات المافيا الدولية والمخدرات، ولكن روسيا فلاديمير بوتين التي رتبت بيتها الداخلي واستعادت مركزها كدولة كبرى ذات ثقل ووزن، قطعت الطريق على الأميركيين وسواهم. لبنان تحول اليوم بأكمله إلى ثغرة للتدخل الخارجي الأميركي والأوروبي، لأن اللبنانيين أولا، ومن بعدهم العرب، لم يستطيعوا أن يغلقوا هذه الثغرة ولو من باب (سد الذرائع). ويظن الزعماء السياسيون اللبنانيون أنهم بعنترياتهم استطاعوا أن يستقطبوا كل هذا الاهتمام من البيت الأبيض. والحقيقة أن ما جعل الشأن اللبناني في أولويات الإدارة الأميركية هو القلق على أمن إسرائيل لا اللوبي اللبناني الذي (يتكزدر) بين واشنطن وباريس. إن القيادات السياسية العقيمة التي نراها في لبنان اليوم هي نتاج لحظة تاريخية تافهة، وبالتالي نحن أمام مثال ناصع لكاريزما التفاهة.

لا بد أن نعي أن المشكلة موجودة في مجتمعاتنا، وأن علينا التحدث عنها بجرأة وصراحة دونما الخوف من التخوين وجلد الذات إلى آخر هذه المقولات التي لم تقدم لنا شيئا. فواضح أنه كلما رفع الغطاء، سواء كان احتلالا أو ديكتاتورية، عن مجتمع عربي تفوح منه رائحة العفن السياسي والاجتماعي. رفعت إسرائيل يديها عن غزة عندما انسحبت من القطاع، فذبح (الأخ أخاه) وألقاه من الطابق الرابع ممزق الأشلاء. ويكفي أن نطلع على التقرير الأخير للمجموعة الدولية للأزمات International Crisis Group، والمعنون بـ «من داخل غزة»Inside Gaza ، حتى ندرك، وللأسف، حجم الفساد والتخلف في القطاع.

انسحب السوريون من لبنان، فإذا بنا وجها لوجه مع مجتمع نخر فيه سوس التخلف حتى القاع، بعد أن صدعونا لزمن طويل بتحضره ورقيه وتعايش طوائفه المذهبية والسياسية (التي ما زالت تتناحر منذ تأسيس لبنان كدولة). أنا من جيل تربى على أن لبنان هو سويسرا الشرق، فهل ما نسمعه من ميشيل عون أو حسن نصر الله أو وليد جنبلاط هو انعكاس لرقي سويسرا الشرق؟

العراق وبعد أن انزاحت عنه صخرة صدام الديكتاتورية، ظهر منه العجب! ويقول قائل إن الاحتلال هو السبب. الأميركيون أتوا بجنودهم وطائراتهم ودباباتهم وهم باعترافهم قوة احتلال ولا شك أن لديهم أجندتهم الخاصة، لكنهم، كما قلت في مقال سابق، لم يخترعوا العراقيين. فالذين يفجرون أنفسهم في المساجد والمواكب الحسينية ومراكز الشرطة والحافلات والأسواق الشعبية ليسوا أميركيين، والذين يقتلون ويهجرون بعضهم بعضا وفق الانتماء المذهبي ليسوا أميركيين، والذين يلقون رسائل التهديد بالقتل تحت أبواب المنازل وينفذون تهديداتهم ليسوا أميركيين. العراقيون (دوشونا)، كاللبنانيين، بأنهم أبناء حضارة بلاد الرافدين وأن الكتب تطبع في بيروت وتقرأ في بغداد. إذن من هؤلاء الذين نراهم على شاشات التلفزة، يهتفون للميليشيات والقتل ويعيدون صياغة ديكتاتوريين جدد بأسماء جديدة تحت غطاءات فكرية متخلفة؟ أين هي الحضارة التي يتحدثون عنها وإن لم تستطع اليوم أن تجمعهم وتقودهم إلى وعي عال بمسؤولية بناء مجتمعهم ودولتهم، كما حدث في اليابان أو روسيا مثلا، فكيف لنا أن نقتنع أن حضارة ما بين النهرين هي حضارة مستمرة غير منقطعة؟ وأستحضر هنا ما قاله الباحث والاختصاصي في علم الاجتماع، العراقي الدكتور علي الوردي بأنه حتى مجتمع الحضر في العراق هو مجتمع يعيش بمعظمه بعقلية البداوة.

كشف الغطاء عن تلك اللحظات التافهة في تاريخ الشعوب هو ما يمنحنا قيادات تافهة أنتجتها كاريزما التفاهة. تقرير اليونيسيف الأخير يحكي لنا عن مأساة أكثر من مليوني طفل عراقي يموتون جوعا، فأين هي الشخصيات التافهة التي كانت تنظم الرحلات المكوكية من أجل أطفال العراق زمن صدام؟ أم أن أطفال العراق اليوم أقل طفولة من أطفال الأمس؟

يرفض العرب التدخل الدولي بدعوى أن خلاف (الأشقاء) لا بد أن يحل داخل البيت العربي، ولا داعي «لنشر غسيلنا القذر أمام العالم». وبالطبع المقصود هنا بالبيت عند معظم الشارع العربي، هو السعودية ومصر. أي لماذا لا تقوم السعودية بدور لحل هذه المشاكل، ولماذا لا تتدخل مصر من أجل الخروج من هذه الأزمات؟

السعودية استضافت هذا العام رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، وإسماعيل هنية، في «لقاء مكة». اتفق الطرفان يومها بمباركة الدولة العربية الكبرى المضيفة. وما أن عادا إلى الديار، حتى عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وتجاهلا الاتفاق الذي تم في مكة المكرمة.

فهل المطلوب أن تلدغ السعودية من الجحر مرتين؟ أم المطلوب أن يسلم السعوديون نفطهم لشخصيات أوجدتها كاريزما التفاهة لإشعال المنطقة بحريق الفوضى؟

المشكلة الأساسية في اللحظات التافهة من تاريخ الشعوب هي اختلاط الأمور عند الناس واختلاط القضايا والأوراق. وأولى علامات كاريزما التفاهة في العالم العربي اليوم هي الجهاد بما ليس لك. فالمصريون يطالبون باستخدام نفط السعودية لتحرير فلسطين، والخليجيون الثوريون يطالبون بتفعيل دور الجيش المصري لتحرير فلسطين. ولا المصري لديه النفط، ولا الخليجي لديه الجيش.. وعلى رأي المثل المصري «القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها». المشاعر القومية الجميلة التي تجعل المصري (له عشم) في جيب ونفط السعودية، وتجعل الخليجي (يمون، على رأي أهل الشام) على أرواح الجيش المصري، فهذه هي قمة التفاهة!

ما الكاريزما وكيف تكتسبها؟(6)

ندرك جميعا معنى الجاذبية حين نشاهدها لدى الآخرين، فالجاذبية - او الكاريزما - حاجة معنوية لا غنى عنها ولا يمكن وصفها ويستحيل الامساك بها. احيانا نعبر عنها بقولنا 'هذا الشخص يتمتع بشيء لا ندري ما هو'، وهذا بالضبط ما قيل في فاتن حمامة وانور وجدي، بل شكوكو، حيث يمتلك الفنانون عادة اطنانا من هذه الجاذبية تتعدى الجمال الجسماني. ومثال على ذلك الموهبة التي تمتع بها فريد الاطرش في الصوت وفي التلحين وفي الغناء وكانت النساء يعجبن به ولكن هل كان جذابا؟

الكاريزما مزيج دقيق من الذكاء والجاذبية يصعب وصفه مما يفسر اهتمام العلماء بها اكثر من اهتمامهم باشياء اسهل مثل الاكتئاب والقلق، حيث بدأت اخيرا ابحاث متعددة لدراسة معنى الكاريزما ومحاولة تحديد المميزات والصفات التي تجذب الناس لهذه النوعية من الجذابين كما ينجذب النحل الى ازهار الربيع، حتى اوشكت الجاذبية ان تصبح علما قائما بذاته مثل علم الجمال الذي لا يراه الا من يشعر به - ألم تقابلي يوما خطيب صديقك التي طالما اسهبت في شرح مزاياه ثم وجدته شخصا باردا لا يمكن احتماله؟ الا ان الجذابين حقا يظهرون دائما صفات عالمية معينة لا يختلف عليها الجميع، اليك خمس صفات اتفق عليها العلماء:

خفة الدم

انها في اول القائمة قبل الثقة بالنفس وقبل النجاح الاجتماعي، حيث يجذب خفاف الدم الآخرين من دون اي مجهود، وعادة ما يلتف حولهم الناس في الاعراس والحفلات والتجمعات المختلفة لانهم يجعلونهم يضحكون. وليس من الضروري ان تكون النكات وخفة الدم بريئة دائما بل تنطوي خفة الدم احيانا على عبارات ذات معان مستمرة وغير محتشمة، بل وبذيئة ايضا، كرغبة طفولية بكسر النمط السلوكي الجامد الذي يعيشه كل انسان حفاظا على صورته كرجل محترم او كامرأة محترمة في المجتمع. وعلى الرغم من ذلك فالمرح وحده لا يضمن بالضرورة ان يكون الانسان جذابا ذا كاريزما آسرة، ومثال على ذلك اسماعيل ياسين الذي لا يمكن ان يوصف الا بخفة الدم ولكن من المبالغة ان نصفه بالجاذبية. هذا التفرد الذي يتصف به المرحون عنصر اساسي في خلطة السحر والجاذبية، فاصحاب الكاريزما لا يشبهون ابدا شخصا آخر الا انفسهم

الحماس والفطنة

يبدو على الجذابين تعلقهم الشديد بالحياة وانخراطهم العميق بما تتيحه لهم اللحظة الحاضرة، كما انهم يفسحون للآخرين المجال كي يشاركوهم اياها الا انهم فطنون وفضوليون ومبدعون ولديهم قدرة على الربط بين اشياء قد لا تبدو مرتبطة بعضها ببعض، مما يمنحهم نفاذ بصيرة ووضوح رؤية تقرب اليهم الآخرين.. انهم يتمتعون ايضا بكامل لياقتهم وحيويتهم وهذه صفة معدية: مثلا اوبرا وينفري تجذب اليها الناس لانهم يثقون بها اولا، ولانهم يظنون ان الطاقة التي تتمتع بها ستنعكس عليهم ايضا، اي انها تشعر المشاهدين بمزيد من الحيوية كأنها تضخ شرارة كهربية في عروقهم تعيد اليهم الحياة وترفع عنهم مشاعر الكآبة.

لياقة اجتماعية عفوية

الجاذبية - او الكاريزما - لا تأتي فقط في صورة صاعقة كهربية عالية الفولت، بل ان لها وجها اصعب يسمى احيانا اللياقة او الاتزان، حيث يعرف الشخص ماذا يتعين عليه ان يفعله او يقوله بالتحديد في كل المناسبات الاجتماعية، مهما كانت غير تقليدية.

هؤلاء الجذابون لا يشعرون بالغيظ او القلق، بل هم راضون عن انفسهم واثقون بقدراتهم، مما ينعكس على الاخرين، فيرضون عن انفسهم ايضا في وجودهم، مثلا جاكلين كنيدي اوناسيس كانت تلخيصا لمعنى اللياقة الاجتماعية سواء ارتدت البنطلون البرمودة والايشارب على شاطئ البحر او ارتدت الحرير والألماس في الحفلات الرسمية، هذه الكاريزما مؤكدة المفعول عند اتباع السلوكيات والآداب المتعارف عليها في كل مناسبة، وقد تمتد الى ابعد من ذلك حين يشعر الآخرون بالارتياح في وجود هذا الشخص الى جوارهم مهما كانت الظروف المحيطة.

فالمرأة المضيافة لا تتوتر ابدا من عدد الضيوف الذين يغزون منزلها من دون موعد سابق، خصوصا وقت تقديم الطعام، حيث تكثر الافواه طلبا للطعام: رفاق الزوج رفاق الابناء او حتى الجيران حيث يأتون إلى المنزل من دون إنذار ويبقون فيه الى ما شاء الله، لكنها ترحب بهم جيمعا، وحتى اذا لم يوجد طعام في المنزل يكفي الجميع فستجدها تلجأ بهدوء الى المطعم من دون ان يشعر أحد وكأن كل شيء على ما يرام.

الاهتمام بالآخرين

معظم الناس يرضيهم مجرد تبادل عبارات تقليدية مثل 'كيف حالك'، 'بخير والحمد لله وانت؟' انها تشبه الشحم للماكينة الاجتماعية كضرورة لتسيير الأمور، اما الجذابون فيخصصون وقتا للتنقيب والبحث ويعرفون جميع من في المؤسسة من رئيسها وحتى عامل الشاي والقهوة، ليس من خلال عبارات حيادية مثل 'نهارك سعيد' او 'صباح الخير' بل انهم يسألون عن الوالد المريض وكيف اصبح؟ وعن تقدم الابناء في الدراسة مع اهتمام حقيقي صادق بالاجابة، ويركزون مع المتحدث من دون مقاطعته، وحين ينتهي من كلامه يسألونه سؤالا آخر؟ ويليه آخر، انهم معك دائما لا يتجولون بأعينهم في الغرفة.

وهنا سنجد خلافا للمرة الأولى في تطابق كل صفات الجاذبية على النساء مثل الرجال، لان النساء يجدن الاستماع الى الآخرين افضل من الرجال، لذا فحين ينصت الرجل بكل اهتمام الى شخص آخر تكون له جاذبية ملحوظة ومميزة، وهذا ينطبق على الرئيس الأميركي بيل كلينتون الذي كان يعد من افضل المستمعين في الحياة العامة وقد اعتبر محاورا ذا كاريزما خاصة على مستوى العالم حتى من الذين لم يتفقوا معه في كل آرائه وأفعاله الاخرى.

لكن الأمر أكبر من مجرد الاستماع من دون مقاطعة، فالجذابون يقبلون على الآخرين ويتقبلونهم ولا يغوصون داخل انفسهم ولا ينشغلون بحيث يشعر الآخر بعدم الاهتمام او انه فرد عادي غير مميز، بل يشعرونه انهم كانوا ينتظرونه طوال اليوم. وهذا الشعور الواضح بالسعادة لوجوده معهم هو خلاصة الجاذبية وتجسيد لمعنى الكاريزما.

فالجدة العجوز مثلا يرجع جزء من جاذبيتها الى رغبتها في التواصل مع الآخرين حيث تفرح بزوارها وتسأل عن أحوالهم، فيصبح المرور على غرفتها كل صباح عادة تسعد اليوم كله.

الانبهار بكل شيء

الجذابون فضوليون بطبعهم، منفتحون على كل اوجه الحياة وتجاربها المختلفة، انهم يجربون باستمرار انواع اطعمة جديدة، ويقرأون أحدث الكتب، ويتعرفون بأناس جدد، ويرغبون في معرفة كل شيء عن كل شيء: ما طعم السمك النيء؟ كيف انتهت بك الحال داخل غرفة الطوارئ في المستشفى؟ واين تذهب الفراشات وقت هطول المطر؟ انه الظمأ للمعلومات 'اخبرني المزيد' وسلوكهم هذا يعدي الآخرين ويلهمهم بمزيد من الحماس والتعمق والفضول.

كما ان للانفتاح على التجارب المختلفة جانبا ايجابيا آخر، فموهبة الجاذبية هذه تنعكس في شكل اهتمام بالآخرين ورؤية للحياة من وجهات نظر متعددة والتعامل مع الآخرين بدفء ولطف وتفتح يؤدي بهم في النهاية الى التعقل والحكمة، وهذ الاستنتاج مبني على دراسات اثبتوا من خلالها ان الشاب (أو الشابة) الذي يوصف بالانفتاح الذهني في عمر الواحد والعشرين يوصف بالحكمة والرزانة حين يبلغ الاربعين من عمره، وبمثل هذه الاستنتاجات يجب على العلماء ان يبدأوا بتقليل اهتمامهم بالجانب المظلم في الطبيعة الانسانية وان يصبوا اهتمامهم على الجانب الايجابي حتى يسعدوا المجتمع والجنس البشري ككل.

هل تريد أن تصبح صاحب كاريزما؟

-1 اختر مثلا أعلى:

من هو الأكثر جاذبية بين الأشخاص الذين تعرفهم؟ راقب هذا الشخص واتبع خطاه، فان كان مثلا اجتماعيا اجتهد وتعمد تقليده في كيفية تعامله مع الناس وكيفية خلق علاقات وطيدة معهم.

-2 تقبل المجاملة بابتسامة:

حين تظهر مشاعر ايجابية عن نفسك يشعر الآخرون بسهولة الارتباط بك، وبالتالي تعقد صداقات متعددة مما يشعرك بمزيد من الرضا عن ذاتك، فتزداد سهولة عقد الصداقات مما يشكل حلقة ايجابية دائمة الدوران.

-3 تمتع بروح رياضية:

ليس المطلوب ان تكون قصصك ذات حبكة درامية او حتى كوميدية حتى تتمتع بخفة الدم، ولكن عليك بنبذ الجدية الصارمة اثناء اجراء الحوار، كأن تضحك مثلا من بعض أفعالك بكل عفوية.

-4 لاحظ مالا يلاحظه الآخرون:

نحب جميعا ان يرى أحد وراء صفاتنا الظاهرة، لذا اشر الى بعض الملحوظات على ما فاجأك واسعدك في شخص آخر.

-5 استثمر معلوماتك

يعود جزء من جاذبية الشخص الى قدرته على الاستماع الى الآخرين والانصات لهم بكل اهتمام، ولكن ترجع الجاذبية الى جزء آخر مساو له في الاهمية وهو القدرة على ان تقول شيئا يهم الآخرين. وهنا يصبح عليك التزود بالمعلومات كأن تقرأ جيدا عن خلفية احداث فيلم شهير يعرض بالسينمات او عن حقيقة مدهشة كشفت عن شخصية تاريخية، واحرص على ان تكون المعلومة تهمك حقا، حتى يستجيب لك مستمعوك بالحماس نفسه الذي يشعرون به في صوتك وانت تحدثهم.

القيادة.. صناعة قبل كل شيء(7)

تتطلب سنوات طويلة من التعليم والخبرة والمهارات

في كل يوم تقريبا هناك جديد في إصدارات الكتب المصنفة تحت عنوان كتب" مساعدة الذات"، تلك الكتب التي تلقى رواجا ملحوظاً في الغرب، إذ يشتري الأمريكيون في كل عام ملايين الكتب من هذه النوعية "كي يصبحوا أكثر ذكاء أو أكثر هدوءا أو أكثر نحافة أو أكثر جمالا أو أكثر جاذبية أو أشد تأثيرا". ويتبارى المؤلفون الذين ينافس بعضهم نجوم السينما في الشهرة العريضة والثروة الضخمة في ابتكار موضوعات جذابة تهم القارئ العادي وتضع له "حلولا بسيطة لمشاكل معقدة". ويتفنن المؤلفون في تبسيط مادتهم وتلخيصها في نقاط واضحة ومباشرة حتى تحوز رضا القارئ المنهك والمضغوط الذي تطحنه عجلة الحياة اليومية الصاخبة. ويمكن أن يرى القارئ عناوين مثيرة تدفعه إلى اقتناء هذه الكتب من دون تردد من أجل تغيير وضعه الإشكالي إلى مستقبل واعد ومأمول. ويمكن رؤية عناوين جذابة ومثيرة يسيل لها اللعاب وتتحفز لها العقول، على شاكلة "دع القلق وابدأ الحياة"، أو "حقق أحلامك"، أو "سبع عادات تتميز بها الشخصيات المؤثرة"، أو"كن من الكاظمين للغيظ"، أو"أيقظ المارد الكامن داخلك".

وفي داخل هذه النوعية من كتب "مساعدة الذات"، هناك تيار سائد يعالج مفهوم القيادة"Leadership" ويحاول المساهمة في حل المشكلات المتعلقة بها في بيئات العمل المختلفة من إدارات ومؤسسات وشركات كبيرة. القيادة مشكلة إذن، لأن عالم البيزنس والإدارة بتفاصيله اليومية المزعجة ومن السطح إلى السفح، يعاني في كثير من مستوياته غياب القدرة على قيادة مسؤولة تحل المشكلات الطارئة وتيسر سبيل الإنجاز، والفشل في ذلك له تداعياته الخطيرة على كل الصعد. لذلك يمكن طيلة الوقت رؤية تلال من الإصدارات الحديثة، إضافة إلى مواقع الانترنت والمدارس والمعاهد المتخصصة التي تتعاطى مع نظريات القيادة ومفهومها، وطرح السبل الناجحة لقيادة طموحة وواعدة يمكنها الإنجاز وتحسين وضع الفرد والمؤسسة أيا كانت وأينما كانت.

كتاب" قائد في ستين ثانية" محاولة طريفة وجادة لوضع القارئ أمام متطلبات القيادة واحتياجاتها عبر نصائح مختصرة وواضحة ومباشرة كي يستفيد منها القائد في الحال.

مؤلف الكتاب الإنجليزي فيل دورادو يعمل مستشارا في مجال القيادة، وصحافيا يكتب في عدد من الصحف البريطانية البارزة، ومؤلفا لعدة كتب في مجال الأعمال والتسويق والقيادة. ويقول دورادو إن هناك آلافا من الكتب التي تناولت موضوع القيادة وهناك عشرات النظريات والأبحاث حول الموضوع ذاته، وليس هناك وقت لفحص وتمحيص الغث منها والسمين، والصالح منها والطالح. والقائد في أي موقع لا وقت لديه للغوص في هذا البحر الواسع من النظريات والأساليب والطرق التي تعالج القيادة بتفاصيلها الدقيقة.

يحتوي الكتاب على 30 فصلا قصيرا يناقش كل منها عنصرا أساسيا من عناصر القيادة، إضافة إلى 30 قصة نجاح فعلية لشرح وتأكيد فكرة الفصل الأساسية. وفي بداية كتابه يؤكد المؤلف أن القائد الناجح لا يولد قائدا وإنما يصنع صنعا، إذ يتم تشكيله عبر عملية متواصلة من الدراسة الذاتية والتعليم والتدريب والتجربة. فالقيادة في جوهرها عملية يؤثر فيها شخص على آخرين من أجل إنجاز هدف، ويوجه هذا الشخص المؤسسة أو النظام بطريقة تجعلها متماسكة ومترابطة. والقائد ينفذ هذه العملية عبر تطبيق صفات القيادة المكتسبة فيه مثل الاعتقاد والقيم والأخلاق والمعرفة والمهارات. ورغم قدرة القائد على تنفيذ مهام محددة بحكم منصبه، إلا أن القوة لا تصنع قائدا، فقد تجعله مديرا أو مشرفا أو غير ذلك. لكن القيادة تختلف عن ذلك كله في كونها تدفع المرؤوسين ذاتيا ومن داخلهم نحو تحقيق أهداف كبيرة وطموحة.

وتبدو الفكرة الأساسية التي يتناولها الفصل الأول بأنها تتعلق بالفشل، نعم يمكن للقائد أن يفشل لكنه سينجح حتما إذا ما ما درس الأسباب التي أدت إلى الفشل، وتعلم الدروس من ذلك. ويضرب المؤلف مثلا بقائد وسياسي أمريكي هو ابراهام لنكولن الذي عرف الفشل على جميع المستويات منذ بداية حياته العملية والسياسية، بدءا من الفشل في التجارة في عام 1831، ثم فشله في انتخابات الكونجرس عام 1834، وفشله في الحب عام 1835، ثم اصابته بانهيار عصبي عام 1836، وفشله مرة أخرى في انتخابات الكونجرس عام 1843 وفي عام 1846، وكذلك في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1855، ثم سقوطه كمرشح لنائب الرئيس الأمريكي عن الحزب الجمهوري عام 1856، غير أنه في النهاية أصبح أبراهام لنكولن واحدا من أبرز وأهم الرؤساء الأمريكيين بعد انتخابه عام 1860.

وفي فصل آخر يناقش المؤلف العلاقة بين الحدس والحقائق متسائلا عن أيهما يمكن الاعتماد عليه في تحقيق النتائج. ففي حين يذهب آخرون إلى التوقف عند الحقائق فقط، يدعو المؤلف إلى استخدام القائد لحدسه وحثه من حوله أيضا على استخدام وعيهم، ومن ثم الحصول على شواهد للوصول إلى استنتاج نهائي وسريع وحاسم.

وحول اتخاذ القرارات يؤكد المؤلف أن أهمية القرار لا ترتبط بماهيته بقدر ارتباطها بتوقيته، فالقواد يعتقدون بضرورة اتخاذ قرار سريع للإيحاء بالحسم وترك انطباع لدى الآخرين بأنه قائد حازم، لكن المؤلف ينصح بعدم اتخاذ قرارات سريعة حتى تأتي لحظة الاضطرار لذلك، فالقدرة على التأمل والتفكر في النتائج قبل التنفيذ علامة على القوة وليس الضعف.

ويقترح المؤلف مجموعة لاتخاذ القرار بدلا من الفردية، ويرى إمكانية نجاحها في توفر أربعة شروط فيها وهي أن تكون هذه المجموعة مستقلة وجماعية وتتصف بالتنوع في الرأي ولا تعاني من المركزية.

ويشرح المؤلف المناخ الذي يجب أن يعيش فيه القائد، ثم يلي ذلك فصول قصيرة لكنها مركزة، فيفرد فصولا لتفاصيل عملية القيادة مثل آلية اتخاذ القرار والتنفيذ والاستراتيجية والمنافسة والإدارة وتوقيت التغيير وأهميته.

وفي فصوله الأخيرة، يعدد دورادو الصفات القيادية ويفرق بينها وبين نواقضها فيتكلم عن الكاريزما والأنانية، وعن الحب والكراهية، وعن الحضور وإنكار الذات، غير أنه في الفصل الأخير يتكلم عن ميراث القائد، إذ يجب على القواد ألا يعملوا على خلق تابعين لهم، بل يسمحوا لمرؤوسيهم أن يطوروا أدواتهم ومن ثم إعدادهم للقيادة.

التعلم من الفشل

Ø   فشل ابراهام لنكولن في التجارة في عام 1831، و في انتخابات الكونجرس عام 1834، وفشله في الحب عام 1835، ثم إصابته بانهيار عصبي عام 1836، وفشله مرة أخرى في انتخابات الكونجرس عام 1843 وفي عام 1846، وكذلك في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1855، ثم سقوطه كمرشح لنائب الرئيس الأمريكي عن الحزب الجمهوري عام 1856، غير أنه في النهاية أصبح أبراهام لنكولن واحدا من أبرز وأهم الرؤساء الأمريكيين بعد انتخابه عام 1860.

سلطة الصورة في الإعلام المعاصر(8)

في كتابه «الضحكة والنسيان» ذكر ميلان كندورة حادثة معبرة عن نوع من أنواع التزوير التاريخي اللافت للنظر، لأنه كان من النوع الذي يهدف إلى نفي ما وقع بالفعل، وليس فقط تأويله تأويلا غريبا، مفادها أنه في شهر فبراير من عام 1948، كان الزعيم الشيوعي كلمنت قوتوالد يخطب في الجماهير التي احتشدت أمام قصر الباروك في مدينة براغ التشيكية، وقد أخذه الحماس ولم يكترث بنزول المطر ولا بتساقط الثلوج، كان مكشوف الرأس، نسي أن يأخذ معه قبعته، وبنباهة المستحمر سارع عضده الأيمن كلمنتيس وكان يقف إلى جانبه في شرفة القصر المطلة على الساحة العامة، سارع إلى نزع قبعته ووضعها على رأس الزعيم، وتعالت أصوات الجماهير إعجابا وتقديرا وضجت الساحة بالتصفيق لهذا المشهد المثير، والتقطت الصحافة تلك الصورة التاريخية لتثبت بعد ذلك على جدران المدينة وقاعات الدرس، وكل المؤسسات العامة، فضلا عن تضمين المقررات الدراسية لها. فعلمها الشاهد والغائب، المتعلم والجاهل، الصغير والكبير.

بعد أربع سنوات اتهم كلمنتيس بالخيانة العظمى وأعدم شنقا، وكان على مهندسي إعادة كتابة التاريخ وفق الراوية الرسمية، أن يعيدوا ترتيب الأوضاع كما تقتضيها الظروف الطارئة، وكما تقتضيها «مصلحة الحزب والوطن» فعمدوا إلى محو صورة كلمنتيس، ولكنهم وقفوا عاجزين أمام قبعته التي استعصمت بمكان آمن واستعصت عن التزوير. ظلت هذه القبعة شاهدة على التلاعب بالأحداث والاستخفاف بعقول الناس، فالجميع يعرف أن تلك القبعة القابعة فوق رأس قوتوالد هي قبعة كلمنتيس.

لا شك أن القارئ النابه سيستحضر صورا أخرى مشابهة، فالقبعة يمكن أن تكون حذاء أو جبة أو قطعة قميص دفعت المودة صاحبها إلى ملاصقة يستحيل معها اللجوء إلى إجراء عملية الفصل، مثلها مثل تلك العمليات الجراحية المعقدة التي تجرى على التوائم السيامية، فاكتفى جراحو التاريخ بقد القميص من قبل.

هذه الحادثة التي ذكرها كندورة جعلتنا نتوقف عند الصورة بكل أشكالها وليس تلك فقط الصورة الفوتوغرافية، فالصورة يمكن أن تشمل كل عملية تنميط تهدف إلى إعادة ترتيب الأحداث التاريخية وفق تصور معين، وعملية من هذا النوع تستدعي بالضرورة إعدام كل ما لا يتفق مع ذلك التصور فيتشكل الوعي التاريخي في ضوئها. لا شك أن خطرها يتجاوز العبث بالأحداث التاريخية في صورتها التي عاشها معاصروها لتصبح عوائق لا شعورية تعيق التفكير وتحد النظر وتعقد اللسان. الغريب أن هذه الصورة النمطية عندما تنشأ تكون مجرد وجهة نظر أو قراءة معينة للأحداث، فإذا اتفق أن تبناها أصحاب الشوكة وأصحاب الكاريزما تتحصن بأبراج منيعة، خاصة تلك التي تتخذ أبعادا عقائدية، دينية أو أيديولوجية.

وكل من حاول أن يتجرأ على تحريك المياه الساكنة، اتهم في صحة عقيدته وفي صدق ولائه، أكيد أن تحريك المياه الساكنة قد يكون عند البعض منطلقا لهدم العقيدة نفسها، وليس مجرد إعادة النظر في تعينها التاريخي، وهنا منشأ الالتباس وصعوبة التفريق بين الذين يريدون الإصلاح والذين يبغون الهدم، خاصة عند الذين لا يستطيعون الصبر على قراءة الألوان الرمادية. أما الخطر الأكبر لهذه الصورة النمطية، فإنه يتمثل في تحولها إلى حاجز يمنع فهم ما وقع حقيقة طالما أننا نتعامل مع تاريخ وهمي، أو تاريخ رتبت أحداثه بطريقة تجعله متلائما مع الأيديولوجيا المهيمنة. ولذلك ترانا نكتوي المرات العديدة بالأمر نفسه ونواجه ذات المشكلات، ولكننا نصر على عدم فتح ملفات الماضي المجيد بدعوى أن الحفر في الجرح لا يزيدنا إلا ألما، ولكن هل هناك علاج حقيقي مندون إيلام؟!

إن الصيغة التوافقية التي حفظناها عن ظهر قلب ونورثها أطفالنا عن الاختبارات السياسية الأولى للأمة، لن تحل مشكلة حاضرنا لأننا نتجنب باستمرار الوقوف عند أسبابها الحقيقية التي تريد هذه الصورة النمطية دوما إخفاءها، سيكون إذا من الوهم أن نتصور أن التخلص من الاستبداد السياسي الذي تشترك فيه مؤسسات الحكم مع أحزاب المعارضة أمر ممكن، إذا لم ننجح في تجريده من الصيغ الشرعية التي عادة ما يلجأ إليها من أجل إعطاء الاجتهاد السياسي بعدا شرعيا. لكن خطر الصورة النمطية لم يعد مقصورا على قراءتنا للتاريخ، لأنها أصبحت اليوم متحكمة في قراءتنا للواقع المعاش. لقد تطورت تقنيات الصورة إلى درجة أصبح معها المشاهد غير قادر على التفريق بين الحقيقي والمركب، حتى عندما تكون الصورة حقيقية، فغالبا ما تكون منزوعة من إطارها العام، وبالتالي لا تعكس إلا جزءا من الحقيقة والحقيقة إذا تجزأت تحولت إلى شيء غير الحقيقة. والصورة الإشهارية لسيارة فاخرة بجانبها فتاة فاتنة ليست حقيقة إلا من حيث حضورها الآني أمام المشاهد، فهي في الحقيقة صورة وهمية يراد منها توجيه اهتماماته وتأطير طموحاته فخطرها الحقيقي يكمن فيما تتركه من رمزية للمتعة المادية العابرة وصقل لطموحات المشاهدين في قالب التصور المادي للحياة.

وينتج عن ذلك الوعي المتشتت الذي لا يكاد صاحبه يركز تفكيره في فهم الصورة المعروضة على الشاشة وإبراز مدلولاتها حتى تهجم عليه صورة أخرى تأخذه إلى عالم آخر، فهي لا تنقله من قيمة إلى قيمة، ولكن من حالة مادية انطباعية إلى حالة انطباعية أخرى، ففي اللحظة ذاتها ينتقل المشاهد من صورة مشبعة بالعنف والدموية إلى صورة أخرى مشبعة بالإباحية.

هكذا ينعدم عنده وبشكل تدريجي الشعور القيمي وتتساوى عنده الأشياء ويتبلد ذهنه وتلك هي نتيجة الاتصال المشوه الذي ألغى القيمة من أدبياته وركز على حاسة البصر، أو بالأحرى على الفعل البصري العابر الفاقد لنظامه الرمزي الذي تفكك بفعل المشاهد المتكررة والسريعة للعديد من الصور. ففي العالم الذي تطورت فيه وسائل الاتصال بكل تقنياته المستخدمة ينعدم التواصل الشعوري، فضلا عن التواصل الاجتماعي، وتلك هي المفارقة التي يعيشها إنسان العولمة. فبقدر ما تنوعت وسائله في الاتصال بالآخر، بنفس القدر يحس بأن عالمه الشخصي يزداد ضيقا يوما بعد يوم، تحاصره فرديته وتخنقه وحشيته وفي الوقت نفسه يشعر بأنه يموج وسط فضاء لا حدود له.

تلك هي قيمة اللامعنى التي تصاحب هذا الكم الهائل من الصور المتلاحقة، وفي غياب المعنى يمكن للإنسان أن يتخذ القرار الذي يستجيب أكثر إلى غرائزه، بسبب هذا التأثير المباشر للصور ذات الدلالات القوية بصرف النظر عن كونها حقيقية أم مزيفة، فكم من القرارات الخطيرة في حياة الدول والشعوب اتخذت تحت تأثير الصورة المرئية المزيفة، ومن فاته الاعتماد على الصورة المزيفة يعمد إلى الصورة الحقيقية فيعبث بها حتى تصبح ملائمة لما جد من ظروف وما استجد من قضايا ومتطلبات.

ومن هنا وجب التنبيه إلى عدم التعامل مع الصور على أنها قرائن للحقيقة كما كانت فعلا حين نشأتها بوصفها أداة إعلامية أسهمت بشكل كبير في التعريف بحقائق أريد لها أن تطمس.

ليس معنى ذلك أن الصورة فقدت دورها الإعلامي بل بالعكس، فلأن الصورة صارت تؤدي دورا مهما في الإعلام أضحت عرضة للتلاعب والتركيب، فكم من صورة كانت سببا في تحولات كبرى بسبب الأحداث التي استطاعت أن تصل إليها عدسة المصورين، ما زالت الجملة التي وضعها الصحفي والكاتب عبد الله شلايفر تحت الصورة التي قبّل فيها بيغن زوجة الرئيس المصري السابق على سبيل المثال حاضرة في الأذهان، حين كتب «قبلة الموت» ولقد كانت قبلة الموت بالفعل.

بسبب هذا الدور المتعاظم للصورة تفرض الإدارة الأمريكية وحلفاؤها حصارا إعلاميا في العراق وأفغانستان، وفي غيرها من مناطق العالم ولا تسمح بتغطية محايدة للأحداث، وما استطاع أن يفلت أو ما تم إفلاته عن قصد كان سببا في التعريف بالوجه الوحشي لما سمي بالحرب على الإرهاب.

لقد تطورت تقنيات التلاعب بالصورة وتوظيفها في تثبيت وجهة نظر معينة.

من هنا جاء التأكيد على ضرورة عدم أخذ الصورة على علاتها وضرورة التعريف بتقنيات قراءة الصورة وفهمها حتى يصبح المشاهد قادرا على تمييز الطيب من الخبيث.       

سر الناس العظيم

هناك اشخاص عاديون وهناك اشخاص فوق العادة : فئة حباها الله بقدرة مغناطيسية على الجذب. تلك القدرة لا يمكن توصيفها. سمها مغناطيسية أحمد زكي رحمه الله، أو حيوية شيريهان، أو جاذبية يسرا، أواناقة اودري هيبورن. العلماء يسمونها فاكتور اكس والعامة يسمونها الكاريزما. والكاريزما لا تتعلق بجمال الوجه والعينين أو بالقد المياس. فالعكس صحيح احيانا، والدليل على ذلك ان الممثلة الامريكية ووبي جولدبرج ابعد ما تكون عن مستويات الجمال المتعارف عليها في النساء، ومع ذلك فهي من اكثر الشخصيات السينمائية تمتعا بالكاريزما. وهي صفة لا تؤمن لمن يمتلكها النجاح ولكنها تظهر بوضوح عند الشخصيات التي نعتبرها ناجحة. ويمكن القول بأنها هي الخيط الرفيع الذي يفصل بين شخص يلهمك بأن تصدقه وتدين له بالولاء وبائع ماهر يبيعك سلعة تشتريها لأن اسلوبه في البيع يعجبك. الكاريزما هي الصفة التي كانت تميز جمال عبد الناصر، وجون كينيدي، وبل كلينتون. انها نوع من الجاذبية النادرة التي تتبلور في قدرة بعض الناس على التواصل مع الاخر ، عناصرها البلاغة في التعبير والحساسية وضبط النفس ونفاذ الرؤية والثقة والتعامل مع الحياة بحب اثير. وقد شبهها احد الباحثين بأنها كالموسيقى عالية النبرة لا يسعك إلا ان تتبع ايقاعها بقدميك او بالنقر على الطاولة المقابلة لك. حين تكون في حضرة صاحب الكاريزما تنسى من تكون، وحين يبسط لك يده تجد نفسك راقدا في راحة اليد بكل ارتياح .

تلك العناصر تلتقي وتتشابك وتختلط . ويمكن القول بأنها في مجملها تولد مع صاحبها وتنمو وتتطور معه. كل هذا يبدو جليا في سلوك صغار الاطفال. فهناك طفل لا يتجاوز عمره الأشهر الستة يتواصل معك بجذل. لو نظرت اليه وابتسمت رد الابتسامة وحيّاك ومد يديه ليريك لعبته. وهناك آخر اذا ابتسمت له عبس . الكبار الذين يتمتعون بالقدرة على التواصل هم ايضا اصحاب مبدأ لا يحيدون عنه، كما يتمتعون بدرجة عالية من الحيوية والتفاؤل ويعتبرون الحياة مغامرة متجددة عامرة بالاحتمالات. هؤلاء يتجاوبون مع افراح الآخرين وبالقدر نفسه يتعاطفون مع احزانهم. اذا شوهد احدهم في احتفال بعرس رقص وغنى حتى يظن الناس انه من اسرة العروسين واذا زار مريضا قد تدمع عيناه حتى تظنه أخا او حميما. البعض يقول بأن فاكتور اكس هو تراكم تجربة حياتية تكسب صاحبها حكمة وثباتا وفهما للآخر, وهي صفة يدفع صاحبها ثمنها من مواجهة مصاعب الحياة. هؤلاء يسوقون الزعيم نلسون مانديلا مثلا ويؤكدون ان السنوات السبع والعشرين التي امضاها سجينا صقلته بحيث ظهر معدنه الاصيل حين خرج من عزلته واكسبته صفات الزعيم القائد الذي يقدره الكبير والصغير، القوي والضعيف بالقدر نفسه.

الظاهرة ما زالت قيد البحث. ومهما كانت النتائج تظل الكاريزما صفة تميز اصحابها، والمرجح هو ان بذرتها تولد معهم. وان لم تولد معك من حقك ان تراقب من تختصهم الطبيعة بها لعلك تكتسب شيئا يضيف الى رصيدك الحياتي عنصرا ايجابيا فتجد نفسك مقبلا على عملك وكأنه هوايتك المفضلة. وحين تسترد وعيك بعد نوم مريح تحيي الصباح بانطلاقة نحو يوم جديد يملأك سروراً وحفاوة بنعمة الحياة.

.............................................................................................

المصادر/  

1- ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

 2- فهد عامر الأحمدي / جريدة الرياض السعودية

 3- منتديات غرام

 4- شبكة المنتديات العلمية

 5- مأمون فندي / جريدة الشرق الاوسط اللندنية

 6- إعداد: هدى بكر / جريدة القبس الكويتية

 7- أيمن حامد / جريدة الشرق الاوسط اللندنية

 8- محمد بن نصر/ جريدة الشرق الاوسط اللندنية

 9- فوزية سلامة / جريدة الشرق الاوسط اللندنية      

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 شباط/2008 - 9/صفر/1429