تنبؤات الانهيار في أفغانستان: الأفيون والقاعدة وخراب البنى التحتية

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: في سياق تقارير غربية، حذرت ثلاث مراكز بحثية مختلفة ومستقلة الواحدة عن الاخرى وفي وقت واحد، من تطورات سلبية خطيرة في افغانستان، مشددة على ان الدور الدولي غير فعال والبلاد تقترب من التفكك والانهيار. وكيف تقتات وتنمو حركة طالبان على زراعة الأفيون، هذه المزارع التي تعد مصدرا لتمويل الحركة.

أفغانستان وحالة الفوضى

وأكد تقرير صادر عن منظمة Oxfam ان الوضع يستلزم تغييرا جوهريا وجذريا في التوجهات لمنع وقوع كارثة انسانية، مشيرا الى ان المساعدات الدولية يتم هدرها، واصفا الجهود الدولية للتحكم في الاوضاع وضبطها بانها (غيرواضحة وغير منسقة ومرتبكة) داعيا الى آليات منظمة لإيصال المساعدات إلى المناطق التي تحتاجها، وتقليص الاعتماد على الشركات والمؤسسات الاستشارية التي تلتهم مبالغ كبيرة.

وقال تقريراخرصادر عن المجلس الاطلنطي في الولايات المتحدة (ان الحلف الاطلسي لن يكسب الحرب في افغانستان) مستنتجا انه من دون تغييرات سريعة وجذرية في الاستراتيجيات والتكتيكات، فان (البلاد تسير نحو اما التفكك الجزئي اوالكامل). بحسب رويترز.

وكشف التقرير الذي اعدته مجموعة الدراسات الافغانية في واشنطن التي يترأسها الجنرال الاميركي جيمس جونز قائد قوات الحلف الاطلسي في اوروبا والدبلوماسي الرفيع توماس بيكرينغ (ان العنف في افغانستان دخل مرحلة جديدة من الازدهار وان التعايش السلمي في الداخل بين المجموعات المختلفة يتراجع بقوة، فيما المساعدات الاقتصادية غير كافية).

وبحسب التقرير فان افغانستان تعيش الفوضى، وهوما يتطلب مضاعفة الجهود السياسية والاقتصادية والانمائية لتحقيق الاستقرار، مشددا على الاهمية القصوى لاعادة النظرفي الستراتيجيات العسكرية والاقتصادية والسياسية.

ودعا التقرير الى تعيين مندوب خاص للولايات المتحدة يتولى مهمة تنسيق نشاطاتها في افغانستان، وفصل التمويلات المالية الاميركية للعمليات العسكرية في افغانستان عن العراق.

الانقسامات تزداد بعد انتقادات أمريكية

وزادت الانقسامات بين الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي بشأن أفغانستان بعد ان عبر وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس عن القلق من ان بعض الحلفاء غير مستعدين للقتال والموت في المعركة ضد مسلحي طالبان.

جاءت تصريحاته قبل اجتماع حلف شمال الاطلسي في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا حيث تواجه المانيا وفرنسا وحلفاء اوروبيون اخرون دعوة تقودها الولايات المتحدة لارسال قوات الى جنوب البلاد الذي يشهد اعمال عنف.

ووجهت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس نداء منفصلا للحلفاء المترددين لتحمل عبء أكبر من القتال اثناء زيارة مشتركة لافغانستان مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الذي ارسلت بلاده أكثر من 7000 جندي الى الجنوب.

وسعى ياب دي هوب شيفر الامين العام لحلف الاطلسي الى التغطية على التوترات بعد ان قال جيتس لاعضاء الكونجرس الامريكي انه يخشى ان يصبح الحلف فريقان احدهما لديه استعداد للقتال والموت والاخر ليس لديه هذا الاستعداد.

وقال دي هوب شيفر للصحفيين قبل الاجتماع في تكرار لندائه السابق لجيتس ان يبقي نداءاته لارسال تعزيزات داخل مناقشات الحلف التي تدور داخل غرف مغلقة: إنني لا أرى حلفا منقسما الى فريقين. هناك حلف واحد. وأضاف نحن عادة لا نفعل هذا علانية.

غير انه فيما يؤكد الاحساس المتزايد بالانقسام داخل الحزب تلقى جيتس ردود فعل قوية من دول اخرى لها قوات في افغانستان وجهت على مدى عدة اشهر دون نجاح نداءات الى الاعضاء الاخرين لتحمل عبء في القتال. بحسب رويترز.

وقال وزير الدفاع الكندي بيتر ماكاي للصحفيين فيما يؤكد المطالبة بارسال تعزيزات لقواته التي يبلغ قوامها 2500 جندي في اقليم قندهار: نريد ان نرى المزيد من الاسلوب الجماعي.

وقال ماكاي عن الطلب الذي أكدت اوتاوا بأنه يجب ان يلبى لكي تمد مهمتها في افغانستان بعد العام القادم هذا (مطلب) غير قابل للتفاوض.

وقال وزير الدفاع الهولندي ايميرت فان ميديلكوب ان جيتس يتحرك في اطار حقوقه.

وقال ميديلكوب الذي مددت حكومته في العام الماضي عمل القوة الهولندية التي يبلغ قوامها 1500 مقاتل في الجنوب رغم المعارضة القوية للرأي العام: يجب ان ندرك جميعا اننا قدمنا وعدا للسلطات الافغانية بأنه يجب ان نقوم بالمهمة بطريقة مناسبة.

ورفض وزير الدفاع الالماني فرانتس يوزيف يونج الضغط المتزايد على بلاده لارسال قوات الى الجنوب وأصر على ان الامر يتدهور في الشمال الهاديء نسبيا حيث يتمركز 3200 جندي الماني.

تقاعس الحلفاء ومطلب أمريكي بريطاني

دعت الولايات المتحدة وبريطانيا دول حلف شمال الأطلسي الى المشاركة في تحمل عبء محاربة مقاتلي حركة طالبان.

وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس التي تزور لندن لاجراء محادثات مع الزعماء البريطانيين بشأن أفغانستان ان عددا صغيرا فقط من الدول الاعضاء في الحلف أرسل قوات الى أكثر المناطق خطرا في أفغانستان.

وقالت رايس التي اجتمعت مع نظيرها البريطاني ديفيد ميليباند قبل أن تناقش الاستراتيجية بشأن أفغانستان مع رئيس الوزراء جوردون براون: إننا نعتقد بقوة انه يجب ان تكون هناك مشاركة في تحمل تلك الاعباء من جانب جميع أعضاء حلف الأطلسي.

وتابعت أنه ينبغي للحكومات أن تكون صريحة بشأن ما هو ضروري لمحاربة متمردي حركة طالبان في افغانستان. بحسب (رويترز)

وقال براون للبرلمان انه يريد من الحلفاء في حلف شمال الاطلسي أن يلتزموا خلال قمة في بوخارست في ابريل نيسان بمشاركة عادلة في المهمة.

وأضاف تمثل قواتنا 15 بالمئة من القوات في افغانستان ... نريد مشاركة ملائمة في الأعباء ليس فقط فيما يخص الافراد وانما أيضا بخصوص طائرات الهليكوبتر وغيرها من العتاد.

وغضبت بعض الدول الاعضاء في حلف الاطلسي من الانتقادات العلنية من جانب واشنطن بشأن رفض عدد من دول الحلف وضع قواتها في جنوب أفغانستان الأكثر خطرا للقتال ضد مسلحي طالبان.

ويمكن لألمانيا على سبيل المثال بموجب تفويض برلمانها إرسال 3500 جندي فقط الى الشمال الاقل خطرا في إطار مهمة حلف شمال الاطلسي التي يشارك فيها 42 الف جندي من قوات الدول الأعضاء.

ويعني هذا ان معظم القتال ضد طالبان تتحمل أعباءه كندا وبريطانيا والولايات المتحدة وهولندا. وتريد هذه الدول من الدول الأخرى ان تزيد مساهماتها.

وأعلنت بريطانيا تبديل قواتها في أفغانستان لكنها قالت ان أعدادها ستظل على ما هي عليه تقريبا. وقال براون ان بريطانيا تعتزم إرسال طائرات هليكوبتر جديدة وعتاد آخر خلال الشهور القليلة القادمة.

وقال ميليباند إنني واثق من أن عدد قواتنا في أفغانستان البالغ 7700 هو الرقم الصحيح.

ضرورة الفصل بين الحرب في العراق وأفغانستان

وناشد وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس الاوروبيين إلى ضرورة عدم السماح لمعارضتهم لحرب العراق أن تؤثر على نظرتهم للصراع في افغانستان.

وتمثل تصريحات جيتس جزءا من جهد اكبر يقوم به لاثارة نقاش في اوروبا بشأن مهمة حلف شمال الاطلسي التي يشارك بها 42 الف جندي في افغانستان والحرب التي يخوضها الحلف ضد متمردي حركة طالبان.

وقال جيتس اشعر بالقلق من أنه بالنسبة لكثير من الاوروبيين تختلط عليهم المهمتان في العراق وأفغانستان وما اريد محاولة التركيز عليه هو سبب ان افغانستان مهمة بالنسبة لأوروبا.

وأضاف للصحفيين المسافرين معه من اجتماع لوزراء دفاع حلف الاطلسي في ليتوانيا الى مؤتمر امني في ميونيخ بالمانيا: أعتقد ان كثيرين منهم يجدون مشكلة في تدخلنا في العراق ويسقطون ذلك على افغانستان.

وتقدم ادارة بوش حربي العراق وافغانستان على انهما جزء من نفس الحرب العالمية ضد الارهاب التي اعلنتها بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة.

لكن جيتس قال ان الاوروبيين يجب ان يكون لهم رأي بشأن الحرب في افغانستان حسب ظروفها الخاصة. بحسب رويترز.

وغزت الولايات المتحدة العراق عام 2003 على اساس ان صدام حسين لديه اسلحة دمار شامل لكن لم يمكن العثور على مخزونات لمثل هذه الاسلحة وزاد الرفض الشعبي للحرب بقوة في اغلب انحاء اوروبا.

وتحظى الحرب في افغانستان التي آوت مسلحي القاعدة تحت حكم طالبان بدعم شعبي دولي اوسع. ورغم تراجع هذا التأييد فمن الواضح ان جيتس يشعر ان لديه فرصة لاقناع الاوروبيين بشأن افغانستان افضل من فرصة اقناعهم بشأن العراق.

وقال رأينا.. من وجهة نظر الولايات المتحدة ان القاعدة في العراق ليست مجرد مشكلة للعراق لكن لننح ذلك جانبا. وتابع اريد التركيز على السبب في ان القاعدة في افغانستان والفشل في افغانستان سيكون مشكلة امنية لأوروبا.

زراعة الأفيون وبدائل الدخل للفرد

أوصى تقرير دولي، بضرورة أن يقوم المجتمع الدولي باستثمار بأكثر من ملياري دولار في مشاريع تتعلق بالري والطرق وغيرها من مشاريع التنمية في الريف الأفغاني، لثني سكان هذه الدولة التي نهشتها الحروب وأثقلت كاهلها، عن زرع الأفيون.

وفي تقرير جاء في مفاده، دفع البنك الدولي وإدارة التنمية الدولية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، أنه يمكن القضاء على  زراعة الأفيون- العصب الرئيسي للتجارة في أفغانستان- فقط في حال توفر للمزارعين في الريف الأفغاني الفقير والذين يشكلون الشريحة الأكبر للمجتمع، مصادر دخل بديلة توفر لهم العيش الكريم. بحسب (CNN)

وجاء في التقرير المؤلف من 98 صفحة بدون اقتصاد وتنمية قوية، فإن سبل مكافحة المخدرات لن تحقق أهدافها المستدامة.

ومن الخطوات التي اقترحتها الهيئتان الدوليتان تعزيز مشاريع التنمية الاجتماعية وتوسيع مشاريع الري وزيادة الاعتماد على الماشية ودعم المشاريع التجارية الصغيرة في الريف، بحسب (وكالة أسوشيتد برس).

طالبان تتجار بزراعة الأفيون

أعلنت الأمم المتحدة ان أفغانستان أكبر منتج للافيون في العالم، إذ تنتظر محصولا وافرا من الافيون في عام 2008 مما يعني مكاسب غير متوقعة لحركة طالبان التي تحصل أموالا من زارعي النبات المخدر لتمويل حربها ضد الحكومة الافغانية والقوات الأجنبية.

وبعد أكثر من ستة أعوام على اسقاط نظام طالبان على يد قوات أمريكية وأفغانية فان الفشل في السيطرة على زراعة الافيون يورط البلاد في حلقة مفرغة حيث تمول المخدرات حركة طالبان والفساد الاداري الذي يسمح بدوره بزراعة الأفيون. بحسب (رويترز)

وتوقع مكتب الامم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات أن محصول الافيون في عام 2008 سيماثل محصول العام الماضي أو يقل قليلا عنه والذي بلغ حدا قياسيا. وفي العام الماضي كان حجم الاراضي المزروعة بالمخدرات في أفغانستان أكثر من الاراضي المزروعة في كولومبيا وبوليفيا وبيرو مجتمعة.

وقال أنتونيو ماريا كوستا مدير مكتب الامم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات في بيان: بينما من المشجع أن الزيادة الكبيرة في الانتاج بدأت تتراجع إلا أن كمية الافيون الذي يتم حصده مازالت كبيرة للغاية.

ويصنع الهيروين من الافيون وهي صناعة بدأت تزيد في أفغانستان ويتم تهريبه لاوروبا حيث يلجأ المدمنون للجريمة للحصول على مال يمكنهم من شرائه.

وأضاف كوستا أوروبا وأسواق الهيروين الرئيسية الكبيرة الاخرى لابد أن تستعد للعواقب الصحية والأمنية.

وتنتشر زراعة الأفيون في الجنوب حيث تقوى طالبان بينما يختفي الافيون تقريبا من الشمال.

وقالت كريستينا جينا أوجوز ممثلة مكتب الامم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات للصحفيين في طوكيو: في الشمال سنكون في حاجة لمزيد من الحوافز الايجابية للمزارعين بينما في الجنوب لدينا موقف صعب للغاية حيث يوجد تحالف مصالح بين مهربي المخدرات والمسؤولين الفاسدين والمتمردين.

ويأتي تقرير الأمم المتحدة بينما يجتمع وزراء أفغان ومتبرعون دوليون في اليابان لمناقشة التطورات في أفغانستان.

وقال وزير الخارجية الافغاني رانجين دادفار سبانتا ان بلاده ستركز على القضاء على حقول الافيون ولكنه شدد على أهمية الدعم المالي الدولي لمساعدة المزارعين.

وأكد معارضة بلاده استخدام مواد كيماوية لتدمير حقول الافيون بالرغم من ضغوط أمريكية في العام الماضي لرش مواد كيميائية من الجو لتدمير الحقول.

وزرع 53 في المئة من محصول العام الماضي من الافيون في اقليم هلمند حيث تخوض القوات البريطانية اشتباكات يومية مع طالبان. ولو كان الاقليم دولة مستقلة لكانت أكبر منتج للافيون في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14 شباط/2008 - 6/صفر/1429