شبكة النبأ: هل هو الجدار العازل في
أرض الرافدين، إن كان عازلا فمِن مَنْ ولحساب مَنْ، بحسب الرصد الأمني
فقد حقق الكثير من الإنجازات على صعيد حفظ الأمن، غير أن المواطن
العراقي يؤلمه رؤية مدينته وهي تقبع داخل سياج أسمنتي. في سياق التقرير
التالي نعرض عليكم أهم الإنجازات الأمنية التي حققها هذا الجدار، وردود
فعل المواطن العراقي حياله.
الجدار الأمني شرٌ لا بد منه
عندما شرعت القوات الأمريكية ببناء أول جدار حول مدينة الأعظمية وسط
بغداد قبل ما يقارب سنة لم يعتقد أحد من العراقيين آنذاك أن هذه
الجدران ستمتد لتشمل العديد من المناطق وأغلب الأسواق وليصبح وجودها
عاملا مهما في استقرار الأمن رغم ما تسببه من مشاكل للمواطنين.
وكانت القوات الأمريكية قد بدأت في ابريل نيسان الماضي أولى خطوات
بناء الجدران حول الأحياء وكانت مدينة الأعظمية ذات الأغلبية السنية في
بغداد أولى المناطق التي طوقها الجدار لكن هذه الخطوة وما حققته في رأي
القادة العسكريين سواء الأمريكيون أو العراقيون من تعزيز للوضع الأمني
في بغداد شجع على المضي بإقامة العديد من الجدران حول العديد من
الأحياء في بغداد وأغلب الأسواق فيها.
وخلال العام الماضي تحولت هذه الجدران الخرسانية التي يبلغ ارتفاعها
ثلاثة أمتار ونصف إلى منظر مألوف في أغلب مناطق وشوارع مدينة بغداد حيث
لا يكاد يخلو شارع أو سوق أو منطقة تجارية في بغداد إلا وقد أحيطت أو
سُورت بهذه الجدران. بحسب (رويترز).
وقالت أم هيثم وهي في العقد السادس من عمرها من سوق الصدرية الذي
تحيطه الجدران من جانبيه في وسط بغداد: نعم أنا اكرهها واكره رؤيتها...
لكن مادامت توفر لنا الأمن فلا مشكلة لدي حتى لو بقيت سنوات.
وأضافت أم هيثم حتى الآن مازال العديد من أقاربنا وأصدقائنا في
المستشفيات يعالجون من الإصابات التي تعرضوا لها بسبب التفجيرات التي
استهدفت السوق.
وقال أبو محمد وهو من سكان سوق الصدرية: إذا سألتني عن رأيي بها
فأنا اكره رؤيتها فهي تثير القرف والاشمئزاز.. لكني ليس هذا هو المهم
مادامت توفر الأمن فلتبق هنا.
وكان سوق الصدرية الشعبي قد استهدف بتفجيرين دمويين كان الأول في
العام 2006 والآخر في بداية العام الماضي أديا إلى سقوط المئات بين
قتيل وجريح.
وتبنى الجدران لتكون سدا يحول دون استهداف هذه الأسواق بالسيارات
المفخخة وهو تكتيك عادة ما يلجأ إليه المسلحون وخاصة في الأسواق التي
تشهد زحاما كبيرا ليتم تفجيرها عن بعد ولتوقع أكبر عدد من الضحايا.
وكانت مدينة بغداد وبعد مرور ما يقارب سنة على انطلاق الخطة الأمنية
المسماة خطة فرض القانون قد شهدت انحسارا ملحوظا للعمليات المسلحة.
الجدار حقق إنجاز أمني واضح على أرض
الواقع
وقال الجيش الأمريكي ان نجاح هذا الأسلوب في الحد من العمليات
المسلحة شجع على بناء المزيد منها في أماكن أخرى من بغداد حيث أصبح عدد
المناطق المسورة في بغداد وحدها 50 بالإضافة إلى 65 سوقا قسم منها
تحيطه الجدران بشكل تام والقسم الآخر بشكل جزئي إضافة إلى وضع نقاط
للتفتيش عند مدخل ومخرج كل منطقة او سوق.
وقال قاسم عطا المتحدث باسم خطة أمن بغداد: هذه الاسيجة أثبتت
نجاحها في خطة فرض القانون وستبقى حتى الانتهاء من عملية استتباب الأمن
في بغداد والتأكد انه لن يكون هناك من طريق للعناصر الإرهابية بالتنقل
بين منطقة وأخرى. بحسب(رويترز).
وأضاف متسائلا من يريد رفعها.. هل من الممكن تصور دار بدون سياج..
هذه الجدران أصبح وجودها ضروري ولا توجد نية في الوقت الحاضر لرفعها.
ولم يكن الوضع كذلك في منطقة الأعظمية ذات الأغلبية السنية والتي
أصبحت الآن تحاصرها الجدران من كل جانب وكانت إضافة إلى نقاط التفتيش
التي وضعت عند مداخل ومخارج المدينة سببا في معاناة كبيرة لأهالي
المنطقة في الدخول إليها والخروج منها.
وكانت الأعظمية قد تحولت خلال الفترة الماضية إلى احد أشد معاقل
المسلحين وباتت المنطقة ورغم وقوعها وسط مدينة بغداد عصية على القوات
الأمريكية والعراقية كما تعرضت المنطقة خلال تلك الفترة إلى العديد من
الهجمات التي شنتها ضدها مليشيات شيعية من خارجها لتتحول إلى منطقة
صراع طائفي شديد.
وقالت السلطات ان وجود الجدار حول مدينة الأعظمية هو للسيطرة على
الجماعات المسلحة بداخلها ولحمايتها من الهجمات المسلحة التي تتعرض
إليها.
وقال احمد مصطفى (50 عاما) يعمل محاسبا وهو من الأعظمية: ان وجود
هذا الجدار حول الأعظمية أكبر دليل على النهج الطائفي الذي أصبح سائدا
كنهج في هذا البلد.
وأضاف شيء مؤلم جدا أن ترى مدينتك وهي محاطة بالجدران ولا تعلم ان
كانت سترفع ام لا أو متى سترفع.
وتحدث مصطفى عن المعاناة التي يسببها وجود الجدار لأهالي الأعظمية
وخاصة في الدخول والخروج إضافة إلى وجود نقاط تفتيش للجيش العراقي وضعت
عند مداخل ومخارج المدينة وهي لا تسمح بمرور إلا عجلة واحدة.
وقال الجيش الأمريكي الذي تعرض لانتقادات كثيرة بسبب انتهاجه هذا
التكتيك ان الهدف هو حماية المدن والسيطرة عليها. وأضاف ان عملية بناء
الجدران حول المناطق والأسواق تتم بموافقة من الحكومة العراقية.
وكانت السلطات قد شرعت منذ عدة أشهر بحملة تهدف إلى تزيين هذه
الجدران من خلال وضع الرسوم عليها وخاصة في مناطق وشوارع وسط مدينة
بغداد حيث باتت هذه الرسوم الآن تغطي الجزء الأعظم من هذه الجدارن وهي
خطوة وصفها العديد من أهالي مدينة بغداد بأنها محاولة لإضفاء لمسة
جمالية لهذه الجدران وتغطية منظرها القبيح.
وقال قصي علي (32 عاما) وهو خريج كلية التربية وعاطل عن العمل من
أهالي الأعظمية ان عملية الرسم على الجدران هي محاولة لتجميل القبح
وخداع الناس بهذه الرسوم لجعلها تبدو جميلة. وأضاف لم يكتف الأمريكان
والحكومة بحبس الناس في السجون إنما يريدون ان يجعلوا من مدننا سجنا
كبيرا لنا. |