شبكة النبأ: مصطفى وابراهيم ومحمد
وكثيرون جدا غيرهم، ملايين خمسة، حسب ما جاء على لسان منظمة اليونسيف
الدولية تلك الاسماء قد أختطت على خارطة الطرقات والازقة ضجيج فلسفة
الايتام من دون ذنب يذكر سوى انهم ايتام في عراق الانتكاسات والهزائم،
فها هي جحافل الايتام الجرارة تترى منذ عهود الحرب القومية التي خاضها
دكتاتورنا السابق نيابة عن امته العربية والاسلامية كما يدّعي هو قائلا
مرارا وتكرارا. وليأتي بعد بذلك اقزام الجهاد المصطنع تحت عناوين
التطرف والانتحار ليكملوا تلك المسيرة الظافرة بسلسلة لها أول وليس لها
أخر من فصائل الايتام والثكالى في العراق الجريح, وذلك ليكرِموا من
خلال سلوكهم هذا خليفة الله سبحانة وتعالى على الارض.
فها هم ايتام العراق يفترشون الطرقات والشوارع والساحات والارصفة
بين متسول او باكِ او متضور او شاكِ من شتى آلام المرض والفاقة.
فكان لزاما دينيا واخلاقيا وانسانيا أيضا يحتم على مراسل (شبكة
النبأ المعلوماتية) ان يلقي بظلال تلك الكارثة الانسانية على بساط
البحث والنقاش ليطلع عليها كل من على وجه الوجود، ليكون شاهد على ما
تعانية تلك الشريحة من الوان الظلم والاضطهاد ولأحقق في ذات الوقت
قاعدة فقهية تقول(اللهم أشهد اني بلغت).
كانت وجهتنا الاولى صوب مؤسسة الأربعة عشر معصوم الخيرية للأيتام،
حيث التقينا هناك بالمواطنة (بهية جياد حسن) وهي عمة مصطفى وابراهيم،
أولاد الشهيد المغدور في منطقة الدورة ببغداد، حيث كان والدهم يعمل في
محل حلاقة ولم يكن منتسبا الى اجهزة الدولة الامنية او الحكومية او
الحزبية كما تقول، فضلا عن ذلك فهي تؤكد على انها وعائلتها هُجّروا من
منطقة الدورة وابناء اخيها الذين لا تتجاوز اعمارهم الأربعة اعوام ونصف
مجتمعين وهي تناشد عبر هذا اللقاء الحكومة على أن توليهم الرعاية
والدعم الكافي.
تضيف بهيّة لـ(شبكة النبأ)، منذ اكثر من سنتين اراجع دوائر الدولة
على امل ان احصل على حق لهؤلاء الاطفال وليس هناك من مجيب لهذا النداء،
وتتابع قائلة بان اخاها الثاني هو الاخر قد استهدفته ايادي الغدر
والارهاب وقد خلف وراءه ستة اطفال، ليس لهم راعي سوى الله سبحانه
وتعالى وهي تتسائل.. اين هي الدولة من مصير هؤلاء الايتام، علما بأننا
اليوم نسكن في محافظة كربلاء وتلك المؤسسة التي نحن بصدد الحديث عنها
هي التي احتضنتنا عبر تقديم راتب شهري قدرة 25 الف دينار شهريا لطفل
واحد فقط من كل عائلة، بالاضافة الى ذلك فهناك معونات انسانية وغذائية
تقدمها الينا ايضا هذه المؤسسة المباركة.
علي جاسم شعلان، طفل هو الاخر ضحية من ضحايا النظام السابق، حيث لم
يتجاوز عمره 11 عام وهو الان في الصف السادس ابتدائي، وله من الاخوة 2
يشكو اليوم من حالة اليتم حيث فقد اباه على يد دكتاتور العصر صدام حيث
حكمه بالإعدام، وهو يشكو من الم الفراق والحنين الى والده ويقول: كل
مناسبة فرح وانا ارى الأطفال يخرجون مع آباءهم اتذكر والدي وأبكي بكاء
شديد واحس بالهوان والضعف لعدم اكتراث احد بشأني.
اما محطتنا التالية فكانت مع الاستاذ (ميثم عبد الرضا رزاق الصواف)
وهو المدير التنفيذي لمؤسسة الأربعة عشر معصوم حيث قال: بسم الله
الرحمن الرحيم، مؤسستنا تحاكي شريحة الايتام وتلك الشريحة لديها حصة
الاسد على مستوى العراق منذ ايام النظام البائد وما خلفه من ايتام اثر
نزواته وغزواته واساليبه القمعية التي انتهجها ضد الشعب العراقي ليأتي
بعد ذلك هؤلاء الاشرار ويضيفوا الى رصيد الايتام محصلة اخرى تضاف الى
الاعداد السابقة.
ويضيف الصواف، نحن اليوم نتوسم من الدولة ان تضع برامج محددة لتقييم
عمل تلك المؤسسات الخيرية وتقديم الدعم لها كون الدولة تمتلك مؤهلات
كبيرة جدا لاتقاس بالامكانات الفردية والمتواضعة التي تحتويها تلك
المؤسسات الخيرية والانسانية، ناهيك عن ذلك يجب ان يكون هناك تنسيق
عالي مع كافة المؤسسات الخيرية وذلك خشية ان تكون هناك بعض المؤسسات
المشبوهة تحت غطاء او اسماء وهمية، لذا يجب على الدولة ان توجد الية
محددة للكشف عن مصادر التموين وماهية هذه المؤسسات مخافة ان يندس بين
تلك المؤسسات من له اهداف مغرضة، ويتابع الصواف لـ(شبكة النبأ)، الا
اننا من خلال قولنا بضرورة التعاضد مع المؤسسة الحكومية فان هذا بدروه
لا يقلل من الدور الانساني الذي تقدمه المؤسسات الخيرية اليوم ولكن نحن
نصبو الى هذا التعاون لخلق ثمرة وفائدة اكبر لتلك الشريحة الا وهي
شريحة الايتام.
ويستطرد الصواف، اما بخصوص مؤسستنا فهي ترعى 650 عائلة ومن ضمنهم
ايتام العوائل المهجّرة الى محافظة كربلاء، وبالنسبة لآلية عملنا فهي
تتركز ان تحضر العائلة الوثائق الرسمية من قبيل هوية الاحوال المدنية
وأعمار الاطفال، وهناك لجنة مختصة في المؤسسة هي التي من شأنها التدقيق
في تلك الوثائق، ومن ثم يحدد يوم خاص كهذا اليوم الذي نتحدث فيه الان
لاستلام الراتب الشهري للطفل اليتيم وهو مبلغ 25 الف دينار لكل شهر
ولطفل واحد فقط في العائلة، بالاضافة الى ذلك فمؤسستنا تقدم بعض
المعونات الانسانية والغذائية والملابس للايتام ايام المناسبات الدينية
والاعياد.
محطتنا الاخرى كانت مع السيدة (ثوره الاموي) مديرة دائرة براعم
ايتام كربلاء، حيث قالت لـ(شبكة النبأ): بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق اجمعين وعلى اله الطيبين الطاهرين،
تأسست دار براعم ايتام كربلاء في عام 1967، في البدء كانوا يدعونها دار
الأحداث وتطور اسمها الى دار الدولة لرعاية الاحداث ومن ثم استحدثوا
لها اسم جديد منذ سنتين للبنين تسمى دار البراعم، وللبنات تسمى دار
الزهور، اما على مستوى كربلاء فدار البراعم هي الرقم الاول، حيث كان في
السابق مقرها في منطقة العباسية الشرقية ومن ثم انتقلت الى المنطقة
المقابلة لمستشفى الحسيني العام، ومقرها اليوم في منطقة حي الموظفين.
اما بخصوص الطاقة الاستيعابية للدار فهي تقدر بـ 36 نزيل الان يضم
الدار 14 نزيل فقط وذلك يعزى لعدم وجود كفالة يتيم، وربما انت مستغرب
من هذا العدد القليل نسبة لعدد الايتام الموجودين في محافظة كربلاء،
الا ان هناك سبب جوهري حيث ترغب العوائل ان تحصل على مبلغ معين مقابل
بقاء اليتيم في داره، وهذا الامر يحتمل الكثير من الصحة كون اليتيم
يبحث عن الجو الأسري والعائلي، وانا ألمس هذه الحالة مباشرة كون
الايتام في الدار ورغم ما يقدمه الدار من خدمة عالية اليهم وربما ما
يوفره الدار لليتيم لا يتوفر في اغلب البيوت، ولكن يوم الخميس عندما
يذهبون الى أُسرهم فهم فرحين جدا على الرغم من كون الكثير من الايتام
يجدون في الدار ازواج امهاتهم، ورغم ذلك فهم شديدي التعلق بأجواء
الاسرة، وهذا الانتماء ينصاع بصورة اساسية الى الانتماء الى الوطنز
وتضيف مديرة الدار، اما من جهة الخدمات التي تقدمها الدار فهي من
المؤكد تشبه الى حد كبير الخدمة المقدمة في البيوت فعند الصباح يستيقظ
اليتيم ليغسل وجهه ومن ثم يتناول الفطور، وبعد ذلك يرتدي ملابسه للذهاب
الى المدرسة حيث هناك سيارة خاصة تقلهم من الدار الى المدرسة وبالعكس،
اما عند العودة الى الدار في الظهيرة فينزعون ملابسهم ليتم غسلها، ومن
ثم تناول وجبة الغداء حيث يقدم فيها اما اللحوم البيضاء او الحمراء كل
يوم، ومن ثم يغتسلون وهناك عدد من البنات يتابعون معهم دروسهم
وواجباتهم اليومية، وهكذا طيلة ايام السنة.
وتستطرد مديرة الدار، في يوم الخميس يُصرف اليهم مصروف جيب، وكل هذا
الدعم مقدم من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهناك ايضا باحثة
اجتماعية لمتابعة حالات النزلاء، وهناك موظف صحي منسب الينا من رئاسة
صحة كربلاء لمعالجة الحالات المرضية، ونحن على الدوام في متابعة مستمرة
لأوضاع النزلاء وعلى سبيل المثال قبل فترة هناك طفل صغير كان يمر بحالة
شديدة من الهستريا والعناد، كونه يعيش ازمة عائلة كبيرة فوالده متهم
بإحراق والدته، واستطعنا بعون الله ان نهوّن على الطفل من اجل الرجوع
الى حالته الطبيعية، وهذه النتائج جاءت منسجمة مع الجهود المقدمة من
قبل العاملين بهذه الدار.
كما اود ان اذكر بان عدد النزلاء في بداية هذا العام كانوا 25 نزيل
ولكن عند افتتاح مدرسة الصادق التابعة للسيد مرتضى القزويني، ذهب 11
نزيل الى هناك حيث تمتاز تلك المدرسة كونها تاتي بالنزيل من داره عند
الصباح، وتعود به الى الدار عند المساء، وقد كانت الدار تحتوي عند
استلامي لها 36 نزيل وهذا التناقص الملحوظ في دار البراعم يعود الى ان
عدد من المؤسسات الخيرية في كربلاء قد تم افتتاحها ويصل عددها اليوم
الى اكثر من عشرة، ولو وضعنا في حسابنا بان كل مؤسسة تستوعب 500 يتيم
فالرقم يبدو مناسبا لعدد الايتام، علما بان دور الايتام في المحافظات
الاخرى اكثر من محافظة كربلاء ففي محافظات الحلة والسماوة والناصرية
والعمارة يصل العدد الى اثنين اما كربلاء والنجف فواحد لكل محافظة
بالنسبة الى عدد دور الايتام.
اما بخصوص سن النزلاء فمنهم في الروضة ومنهم في الابتدائية ومنهم
في المتوسطة والاعدادية علما بان الدار تفتخر كونها خرجت العديد من
الشباب الصالح الذي انخرط في خدمة مجتمعه، فمنهم من يعمل في سلك الحرس
الوطني، ومنهم ضباط ومنهم اصحاب شركات، وفي الختام نشكر لكم مجيئكم الى
هنا.
ومن ثم انتقلنا لنلتقي بالطفل اليتيم(حسين محمد علي) وهو له من
العمر عشرة اعوام وطالب في الصف الرابع الابتدائي، حيث قال: والدي
أُعدم ايام النظام السابق وانا الان كما تراني يتصدق عليّ الناس علما
باني اشتاق كثيرا الى رؤية ابي فهو بالتاكيد سوف يصطحبني اينما يذهب في
ايام الزيارة وفي الأعياد فاني ارى الاطفال يرافقون اباءهم ويشدني ذلك
المنظر كوني لم اجد من يصطحبني معه او يهتم بأمري.
وبعد ذلك اتجهنا صوب احد رجال الدين والذي كان ضيفا في محافظة
كربلاء، لنسأله عن دوره الديني والانساني تجاه هذه الازمة الانسانية
الكبيرة، فكان الجواب: يقينا بان هناك مسؤولية دينيه واخلاقية وانسانية
تحتم علينا جميعا بغض النظر عن كوني رجل دين او غيره، تقتضي بدعم كل
الجهود المخلصة من اجل رفع الضيم والحيف أزاء تلك الشريحة او سواها من
الشرائح، علما بان المؤسسات الخيرية ليس لها القدرة على الاحاطة بهذا
الكم الهائل من الايتام لذا يجب على الحكومة وهي صاحبة الموارد الجبارة
ان تسن قانون يعنى بتلك الشريحة الا وهي شريحة الايتام والارامل، الا
اننا يجب ان لا نتوقف عند هذا الحد بل يجب ان نسعى الى دعوة الجمعيات
الانسانية العراقية وغير العراقية لتقديم الدعم ايضا، فضلا عن ذلك يجب
ان لا يكون الأمر مرهون برجل الدين بل ان هناك ظرورة ملحة تحتم على كل
انسان ان يحرص على تقديم اي وجه من اوجه الخدمة لتلك الشريحة التي
اختصها الله في كتابة العظيم. حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم فأما
اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر، ونحن اليوم امام التزام ديني
وانساني صريح لا يمكن بأي حال من الاحوال التنصل عنه اوالحياد منه، ومن
الله التوفيق.
|