ملف تخصصي: القاعدة بين القوة والضعف

علي الطالقاني*

شبكة النبأ: القاعدة هي منظمة مسلحة تصنف إرهابية أنشئت في افغانستان من قبل عبدالله يوسف عزام (بعدها أستبدل بأسامة بن لادن) في سنة 1988.

قامت القاعدة بالهجوم على أهداف مدنية وعسكرية في العديد من بلدان العالم وتعتبر هدفاً رئيسياً للحرب الأمريكية على الإرهاب.

التأسيس

تأسست القاعدة في عام 1988 من قِبل مؤسسها عبدالله يوسف عزام والذي أستبدل بعدها بـأسامة بن لادن والهدف من ورائها آنذاك هو محاربة الغزو السوفييتي لأفغانستان و تدعي القاعدة بالنهج إسلامياً. تطوّرت القاعدة من المحاربين العرب ومركز الخدمات والذي كان يعنى بتجنيد وتدريب المقاتلين لمحاربة الغزو السوفييتي لأفغانستان.

قام أسامة بن لادن بتمويل القاعدة تمويلاً جزئياً . يُعتقد ان أعضاء القاعدة يعدون بالآلاف في شتّى بقاع الأرض.إلى جانب أنصارها والذين يعدون بمئات الالاف. وتكونت القاعدة بتحالف عدة جماعات من أبرزها تنظيم الجهاد المصري بقيادة أيمن الظواهري.

أتت تسمية القاعدة من أحد نصوص المنظمة والتي يصف عمل المنظّمة بأّنها "قاعدة الجهاد" فسمّيت بالقاعدة إلا أن أعضاء منظمة القاعدة لا يصفون أنفسهم بهذة التسمية. يرأس التنظيم العسكري للقاعدة "خالد شيخ محمد" والذي قبضت عليه السلطات الباكستانية في عام 2003 وجاء خالد شيخ محمد خلفاً لـ "محمد عاطف" بعد أن مات بالقصف الأمريكي لأفغانستان في عام 2001.

تنتهج القاعدة أيدلوجية السلفية الجهادية. كثر الجدل حول القاعدة حتى بين أعلام المسلمين أنفسهم فهناك من أنكر أعمال القاعدة ومنهم من رفع صوته متضامناً معها. وتجدر الإشارة ان القاعدة حسب ماتدعي تؤمن إيماناً شديداً بإخراج كل من هو غير مسلم خارج جزيرة العرب أو قتلهم إذا كانو من جهة عسكرية. ونظراً لخلفية القاعدة الأيديولوجية، فهي لا تعترف بحكومة لا تنهج نهج الخلافة الإسلاميّة.

من أهم الأهداف التي هاجمتها القاعدة هو مبنى التجارة العالمي في ولاية نيويورك الأمريكية، مبنى وزارة الدّفاع "البنتاغون" في ولاية واشنطن (مقاطعة كولومبيا) في 11 سبتمبر 2001. يُذكر أن الإتهام ملاصق بالقاعدة في أحداث تفجير السفارات الأمريكية في مدينتي "دار السلام" (تنزانيا) و مدينة "نيروبي" (كينيا) في 7 أغسطس 1998 والذي راح ضحيته 213 في نيروبي و 12 في دار السلام.

وفي عام 2004، خرج المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بتقرير يؤكد بقاء تنظيم القاعدة رغم تشرذم عناصره بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان - معقل طالبان والقاعدة عام 2001. ويشير التقرير إلى ان الحرب على العراق أعطت القاعدة دعماً أقوى بعد تنامي النفور الإسلامي والعربي من الولايات المتحدة وحلفاءها. ويستدل التقرير بالأعمال التخريبية في اسبانيا وتركيا والسعودية على أنها مؤشر على إعادة القاعدة ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها.

وذكرت الدراسة ان تنظيم القاعدة موجود في أكثر من 60 دولة وبأتباع يربون على 18,000 عنصر. ويستهدف التنظيم القوات الأمريكية والقوات الحكومية العراقية فضلا عن نشر المعتقدات الطائفية والتي مارست القتل على أساسها في الأراضي العراقية، إضافة إلى استهداف حلفاء الولايات المتحدة كاسبانيا و بريطانيا والأردن والسعودية . هذا وقد صرح أبو حمزة المهاجر أمير تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين-والذي انضم لدولة العراق الإسلامية- أن جيش القاعدة في العراق فقط مكون من اثنا عشر ألف إلى جانب ما يزيد عن عشرة ألاف لم تنتهي اعمال إعدادهم عام 2007.

وفي 7 يونيو 2004، صدر بيان من تنظيم يصف نفسه بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية يهدد بشنّ هجمات على شركات الطيران الغربية وما يتعلق بها من منشآت. وحذّر البيان المنشور على إنترنت المسلمين من الاقتراب من تلك المواقع او الاختلاط بالاجانب الغربيين لكي لايصيبهم أذى من شأنه استهداف المنشآت او الاشخاص الذين وصفهم البيان بالصليبيين. يأتي هذا البيان في وقت وجّهت فيه القاعدة مسرح عملياتها إلى العربية السعودية واستهدفت المنشآت النفطية السعودية وأماكن تجمّع الاجانب الغربيين و مساكنهم.

يرى البعض ان الفضل في وصول القاعدة إلى المستوى التي هي عليه يعود إلى خلافتها لمركز الخدمات الذي أسسه عبد الله عزام والذي والذي ينسبون إليه شراء أسلحة من الولايات المتحدة أضافة الى صفوف الأحزاب الأفغانية والتي تشتريها بدورها من أمريكا. ويرى اخرون ان الدعم اللوجستي والعتاد العسكري الباكستاني للمجاهدين الافغان يشكل نواة القوة العسكرية لتنظيم القاعدة.

القاعدة كردة فعل

ويرى المراقبون المعادون لسياسة الولايات المتحدة العالمية إن القاعدة ومثيلاتها ما هي إلا ردة فعل لسياسة الولايات المتحدة التي يصفها هؤلاء بالسياسة الازدواجية. أضافة هناك بعض الاراء تفيد أن القاعدة صناعة أمريكية.

ضعف كبير

تشير المعلومات الواردة من مراكز الدراسات والبحوث هناك ضعف كبير قد أصاب تنظيم القاعدة. وقد أعلن مسؤولون عسكريون مؤخرا عن المخابرات الاميركية، انهم تلقوا اشارات تفيد بان الرأي العام الاسلامي قد تحول ضد القاعدة، واشاروا الى انخفاض التبرعات المقدمة الى التنظيم الارهابي، الذي يتعرض لانتقادات غير مألوفة من قبل متطرفين اسلاميين آخرين، ومحاولات مسؤولي القاعدة الوصول الى المسلمين بصورة عامة.

وقال مدير المخابرات مايك ماكونيل امام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب لا نعلم ما اذا كنا قد وصلنا الى نقطة الانقلاب في المواقف، لكن هناك عددا من الاشارات تدعم هذا الاتجاه.

من ناحيته، اقر مدير الوكالة المركزية "سي. آي. ايه" مايكل هايدن امام اللجنة نفسها بان تصرفات المسلمين تجاه القاعدة "يصعب تقييمها، ولكنه تحدث عن الدعوة التي اطلقت على مواقع جهادية على الانترنت لطرح اسئلة على الرجل الثاني في القاعدة ايمن الظواهري، حيث رأى فيها اشارة الى قلق محتمل لدى زعماء التنظيم الارهابي تجاه تراجع الدعم لهم في العالم الاسلامي.

سائق بن لادن.. ومدبر 11 سبتمبر

الى ذلك، ذكرت مصادر قضائية اميركية، ان احد قضاة المحاكم العسكرية ينظر حاليا في طلب مقدم من اليمني سالم احمد حمدان، المتهم بكونه سائق زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، وحارسه الشخصي السابق، لاجراء مواجهة مع العقل المخطط لهجمات 11 سبتمبر خالد الشيخ محمد.

وذكر محامي حمدان ان شيخ محمد، واثنين آخرين من بين ابرز قادة القاعدة في السجون الاميركين قادرون على اثبات براءة موكله من التهم المنسوبة اليه، وبانه لم يكن عضوا في القاعدة، في وقت شككت مصادر اخرى بان يتم السماح باجراء تلك المواجهة بسبب الظروف الامنية لـ اشهر المطلوبين في العالم، على حد تعبيرها.

فوضى داخلية

ونشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا مطولا أبرزت فيه سعي تنظيم القاعدة الى تغيير تكتيكاتها في مناطق من العراق بغية انعاش حركات التمرد بما يبدي مرونة اكثر في التعامل مع الواقع الاجتماعي والعشائري بالعراق.

وقالت الصحيفة ، ان جماعة التمرد السنية، القاعدة في العراق، بدأت باخبار أتباعها بابداء المرونة في تكتيكاتهم بهدف استعادة الدعم الشعبي في محافظة الأنبار الغربية، حيث تحولت عشائرها الى مناهضة التنظيم وابتدأت العمل مع القوات الأمريكية، حسب ما يقول قادة في التنظيم ومسؤولون في الاستخبارات الأمريكية.

وذكرت الصحيفة ان المقاربة الجديدة قد وضعت خطوطها العامة في تعميم داخلي يأمر أتباعهم بتجنب قتل المدنيين السنة غير المتعاطفين مع رجال العشائر الذين يحظون بدعم الولايات المتحدة أو الحكومة العراقية.

ومن خلال وثائق داخلية ومقابلات مع أعضاء من تنظيم القاعدة في العراق، تبرز صورة تنظيم يعاني من الفوضى ويتزايد قلقه من سياساته الفظيعة ـ مثل معاقبة النساء اللواتي لا يغطين رؤوسهن ـ التي أفقدته الدعم الشعبي الذي كان يلقاه من تلك الأوساط، بحسب ما تقول الصحيفة، التي تشير الى ان على مدى العام الماضي طرد التنظيم من الكثير من معاقله. وتتابع ان قيادة الجماعة »تعمد الآن الى تغيير بعضا من تكتيكاتها السابقة وتعيد تركيزها على تنفيذ هجمات تستهدف القوات الأمريكية، والسنة المتعاونين معها، وبنية العراق التحتية.

واقتبست الصحيفة من تعميم مؤرخ في 13 من يناير الماضي، وبامضاء زعيم القاعدة في العراق، أبو حمزة المهاجر، ووزع في مساجد في الأنبار يرتادها أتباع التنظيم، ما نصه أوقف نفسك على مقاتلة العدو الحقيقي وحده، كي نتجنب فتح جبهات جديدة ضد العرب السنة، و لا تسد باب التوبة بوجه السنة الذين انقلبوا علينا.

وتذكر الصحيفة ان التعميم لا يأمر بانهاء الهجمات التي تستهدف المسلمين الشيعة، الذين تراهم القاعدة كفرة، كما ان من غير الواضح ما اذا كانت وجهات نظر أعضاء التنظيم هذه في الأنبار ستطبق في مناطق من العراق، حيث ينشط مقاتلو القاعدة بنحو اشد مما في الأنبار.

وتابعت الصحيفة قولها ان مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قالوا ان هذا التعميم متسق مع الأسلوب السابق الذي كان يتبعه المهاجر، وهو مصري يلقب أيضا بـ »ابو ايوب المصري"، الذي تولى قيادة التنظيم بعد خلفه، أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في غارة جوية أمريكية في يونيو 2006.

وتنقل الصحيفة عن محلل استخباري رفيع المستوى، تحدث شريطة عدم الاشارة الى اسمه بسبب قواعد العمل على ارض المعركة، حال الآخرين الذين التقتهم الواشنطن بوست، ان الزرقاوي كان ينفذ الكثير من القتل العشوائي ـ ولم يكن يهمه التوقيت ولا المكان ولا السبب ولا الكيفية. وأضاف ان المصري أكثر عناية بالتقاط أهدافه ويحاول ان يبتعد عن عمليات القتل العشوائي، لان تلك العمليات أوجدت نظرة سوداء كبيرة للقاعدة في العراق.

الخطر مازل قائما

وتتابع الصحيفة قولها ان الجيش الأمريكي يقول انه حطم الكثير من قيادة القاعدة في العراق في العام 2007، وقتل 2.400 من عناصر التنظيم وألقى القبض على 8.800 آخرين، في حين عمل على ابعاد الجماعة بنحو تام تقريبا عن بغداد ومحافظة الأنبار. هذا على الرغم من تحذير مسؤولين أمريكيين وحلفاء سنة من ان القاعدة في العراق تظل خطرة ومن الممكن ان تجد طريقها الى استعادة فاعليتها، ويصرحون ان هذه الجماعة تفقد الكثير من قوتها.

وتورد الصحيفة بهذا الصدد قول رياض العكيدي، احد ابرز قادة القاعدة في العراق، أو احد أمرائها، في منطقة الكرمة بمحافظة الأنبار، نحن لا ننكر المصاعب التي تواجهنا الآن، الا انه يستدرك لكن الامريكان لم يهزمونا، مع ان انقلاب السنة ضدنا افقدنا الكثير وآلمنا بشدة.

وتتابع الصحيفة، ان العكيدي، الذي كان يتكئ الى وسادة حديثة في حديقة ببيت خراساني في منطقة الكرمة، رثا ما خسرته القاعدة في العراق خلال العام الماضي.

وتشير الصحيفة الى ان العكيدي، 39 عاما، كان يتنقل برفقة 20 من حراسه الشخصيين في سيارات رباعية الدفع. وقالت انه في لقاء اجري معه مؤخرا، كان لوحده تقريبا، ويلبس قبعة بيضاء على رأسه الأصلع ويرتدي دشداشة رمادية اللون، كي يموه نفسه بأنه قروي فقير.

وذكرت الصحيفة ان العكيدي قال لمراسلها الخاص اننا ارتكبنا أخطاء كثيرة في العام الماضي"، ومنها فرض تأويل صارم للشريعة الاسلامية.

وتعلق الصحيفة بقولها ان أتباع القاعدة في العراق كانوا يكسرون أصابع المدخنين، ويجلدون الذين يتناولون الكحول ويغلقون المحال التي تبيع شامبو الشعر التي تحمل صور نساء ـ وهذه من الأفعال التي قلبت السنة على الجماعة.

وقال العكيدي، بحسب الصحيفة، ان العدد الكلي لأعضاء القاعدة في عموم العراق انخفض من حوالي 12.000 في يونيو من العام 2007 الى حوالي 3.500 في هذه الأيام.

وتقول الصحيفة ان بحسب الاحصاءات انخفضت أعداد المقاتلين الأجانب الداخلين الى العراق. فقد قال الجيش الأمريكي ان أعداد المتسللين من سورية انخفض من 110 متسليين في الشهر في الصيف الماضي الى حوالي 40 الى 50 في الشهر حاليا. وقال العكيدي ان العدد الكلي للمقاتلين الأجانب الداخلين الى العراق يقدر بالعشرات ـ ليس أكثر من 200 شخص". وتعلق الصحيفة ان القاعدة في العراق غالبيتها من العراقيين، الا ان الجيش الأمريكي يقول ان قادتها من العرب من خارج البلاد.

سورية تضبط حدودها

وقال العميد البحري غريغوري سمث، المتحدث باسم الجيش الأمريكي في بغداد، ان سورية قد زادت من دورياتها ونقاطها الحدودية، والسعودية، التي ينتمي اليها غالبية المقاتلين، فقد اتخذت اجراءات مشددة على تأشيرات الخروج. وقال أيضا ان استهداف القاعدة في العراق للمدنيين ـ التي قال أنها نفذت 4.552 هجوما في العام الماضي قتل فيها 3.870 عراقيا وجرح 17.815 آخرون ـ جعلت من الصعب على المقاتلين الأجانب العيش بأمان في البلاد.

وقال ان القاعدة عزلت الناس أنفسهم الذين تحتاج دعمهم.

وتنقل الصحيفة عن عبد الله حسين اللهيبي، احد أمراء منطقة العامرية التابعة لمحافظة الأنبار جنوب الفلوجة، قوله في لقاء أجراه معه مراسل الواشنطن بوست الخاص في تاريخ ، لم تحدده، في بستان على مقربة من نهر الفرات في العامرية، ان الجماعة تمد الآن اليد الى رؤوساء العشائر من السنة الساخطين في محاولة لكسب دعمهم، وحتى وان كانت الجماعة تهاجم السنة العاملين مع الأمريكيين.

ويقول اللهيبي بالمقابل، نحن لن نستهدفهم مرة أخرى وسنحترم سلطة رؤوساء العشائر.

وحسب اللهيبي، 47 عاما، واسمه الحركي أبو خالد الدليمي، ان تركيز الجماعة الرئيسي الآن هو مهاجمة الجسور، وأنابيب النفط، وأبراج الاتصالات الهاتفية، وكذلك القوات الأمريكية وحلفائها من السنة.

وتقول الصحيفة ان بعض عناصر القاعدة في العراق ينتقدون المهاجر، زعيم التنظيم، بسبب مأزقهم الحالي. وقال العكيدي ان الزرقاوي كان يتنقل باستمرار في مناطق البلاد لزيارة كبار القادة فيها ويطمئن على تلقي المقاتلين الجرحى مكافآتهم من الجماعة. الا انه قال ان المهاجر نادرا ما يظهر ولا يهتم بأفراد مثل رافد، الذي بترت ساقه في هجوم في منطقة الكرمة. وقال العكيدي ان رافدا الآن قاعد في بيته، يشعر بالغضب ولا يقوى على العمل.

ويعلق المتحدث بقوله ان الجميع كانوا يخافون الزرقاوي كقائد صارم. أما المهاجر فقد فشل الآن في فرض شخصيته على التنظيم. فهو ضعيف غير حازم.

رسالة أمير

وتواصل الواشنطن بوست تقريرها قائلة ان تغيير القاعدة تكتيكاتها يأتي استجابة للاضطراب الذي تعانيه واهتزاز الثقة بالنفس بين صفوف أعضائها عندما فقدوا دعم العشائر السنية، وهذا الأمر تصفه بوضوح رسالة كتبها أمير في القاعدة لم يكشف عن اسمه، قال الجيش الأمريكي انه ضبطها في نوفمبر الماضي.

اذ تقول رسالة هذا الأمير ان هذا الأمر أوجد الضعف والهزيمة النفسية"، متحدثا عن فقد دعم عشائر السنة. وقال ان هذا الحال بث أيضا الرعب والخوف واضعف ارادة القتال. وهبطت معنويات المقاتلين.

ويذكر الأمير شخصا اسمه محمد، مختص بالكومبيوتر ومولود في احد بلدان أوروبا، عبر الحدود السورية قبل عام تقريبا حاملا حلمه في تنفيذ تفجير انتحاري في العراق.

الا انه لمّا وصل الى الأنبار، لم يجد مهمة تسند اليه.

ففي تلك الرسالة، التي كانت بـ 49 صفحة وأعطى مسؤولين أمريكيين أربع صفحات منها ومقتطفات أخرى الى صحيفة واشنطن بوست"، يقول الأمير ان محمدا كان يشعر بالخيبة وطلب الى أميره نقله الى حي آخر الا ان طلبه جوبه بالرفض".

وتقول الرسالة ان في النهاية تم استدعاء محمد لتنفيذ غارة صغيرة على مرتد من سكنة الحي"، ولم يحدث سوى اصابته في الذراع.

وتتابع الصحيفة قراءتها الرسالة قائلة ان الجيش الأمريكي عثر فيما بعد على القرية التي كان يختبئ فيها محمد وحاصروها، فـ أصيب محمد برصاص قناص ومات، بحسب نص الرسالة.

ويقول الأمير في رسالته ان الذين يريدون تنفيذ هجمات انتحارية قد تلقوا من منسقين على الحدود ان بامكانهم اختيار تنفيذ هجمات انتحارية، التي تقتل من 20 الى 30 من أفراد القوات الأمريكية أو مَنْ يساندهم، كما تقول الرسالة. الا ان على الرغم من ذلك يبقى المفجر الانتحاري شهورا في الصحراء بانتظار اسناد مهمة له. وقد كتب الأمير في رسالته في النهاية يطلب منه تنفيذ عملية صغيرة، مثل اغتيال شخص ما أو تفجير سيارة شرطة". وقال ان الأجانب يخيب أملهم جراء ذلك ويعودون الى بلدانهم الأصلية.

ازمة استثنائية

والرسالة التي تشير الى الوضع في الأنبار باعتباره أزمة استثنائية، وجدت في احد المنازل الآمنة التابعة للقاعدة في سامراء، مع 6 أقراص كومبيوتر صلبة، وأقراص متحركة وما يزيد عن 100 CD وDVD، تحوي على مواد تابعة للتنظيم. وأشارت الصحيفة الى انه لم يتسن التأكد من صحة محتوياتها من جهة مستقلة.

وفي الرسالة، كما تذكر الصحيفة، يقول الأمير ان صعوبة اسناد مهام انتحارية سببها تزايد عمليات الجيش الأمريكي وتشكيل جماعات عشائرية مدعومة من جانب الولايات المتحدة، التي تعرف باسم مجالس الصحوة، لمقاتلة القاعدة في العراق.

فقد كتب الأمير وجدنا أنفسنا في دائرة لا نستطيع التحرك فيها، أو تنظيم عملياتنا أو قيادتها"، وأضاف ان هناك انهيارا تاما في وضع التنظيم الأمني".

تقول الصحيفة ان تعميم المهاجر الذي انتشر في بعض من مساجد الأنبار في الشهر الماضي ابتدأ في سباق نموذجي للقاعدة في العراق مع أمر خفض القوات الأمريكية.

وقال المهاجر في تعميمه هاجموا الأعداء بشدة ووسعوا من عملياتكم ضد المحتلين، و اقطعوا اتصالاتهم بتفجير أبراج الاتصالات وخطوط الهاتف ودمروا الجسور والطرق السريعة المهمة التي يستخدمونها.

الا ان التعميم حاول الابتعاد عن السياسة التي اتبعتها القاعدة طويلا في العراق قائلا لا تتدخلوا في القضايا الاجتماعية مثل تغطية الرأس، وصحون الستالايت وقضايا اجتماعية أخرى تناقض ديننا، حتى اشعار آخر، كما قال المهاجر في تعميمه.

وتابع المهاجر انتبهوا ألا تقتلوا مدنيين سنة لا يتعاطفون مع المرتدين مثل أبناء العشائر، مشيرا الى مجالس الصحوة.

وتقول الصحيفة ان صحة هذا التعميم، الذي لم ينشر في مواقع اليكترونية تابعة للمتمردين، قد أكدها اللهيبي، الذي قال ان ذلك يعني ان هذا أمر داخلي فيما قال مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية ان لا علم لديهم سابق بخصوص هذا التعميم.

وقال احمد العيساوي، المتحدث باسم مجلس الافتاء في الفلوجة، ان جماعة العلماء أصدروا فتوى، في 17 من يناير الماضي، تقول للمرة الأولى ان المدنيين الذين يقتلون على أيدي القاعدة في العراق يعدون شهداء. وقال العيساوي ممتعضا ان القاعدة قد قتلت المئات من الناس في العراق من دون وجه حق.

القاعدة تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل

من جانب آخر أفاد مسؤولون سابقون وحاليون بالمخابرات الأميركية أنهم يعتقدون الآن أن القائد أبو خباب المصري بتنظيم القاعدة الذي قيل إنه قتل بهجمات أميركية استهدفت معقله بالمناطق القبلية بباكستان في يناير/كانون الثاني 2006، ما زال حيا ويعمل على تطوير أسلحة دمار شامل.

ونظرا لمشاكل نشأت عن التقييمات الاستخبارية السابقة حول أسلحة الدمار، ذكرت لوس أنجلوس تايمز أن المسؤولين بدوا حذرين من المبالغة في قدرات القاعدة مؤكدين أن ثمة الكثير مما يجهلونه بسبب الصعوبة في الحصول على معلومات من المناطق الجبلية شمال غرب باكستان حيث أعادت شبكة القاعدة تأسيس نفسها.

ولكن هؤلاء الاستخباراتيين يقولون إن القاعدة جددت جهود البحث والتطوير التي فقدتها لدى استهداف الهجمات العسكرية الأميركية لمقراتها بأفغانستان ومعسكرات التدريب أواخر 2001، ويعتقدون أنها تحاول مجددا الحصول على الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية لاستخدامها في شن هجوم على الولايات المتحدة ومناطق أخرى.

وحتى الآن -بحسب مسؤولي الاستخبارات- تبقى الجهود مركزة على تطوير استخدام مادة السيانيد وغاز الكلور والمواد السامة الأخرى التي لا يتوقع أن تحدث هجماتها خسائر كبيرة، كما ينجم عن أسلحة الدمار الشامل.

ويستند المسؤولون الأميركيون إلى معلومات حصلوا عليها من خلال تتبع رسائل عبر الإنترنت، ومخبرين ومن أعضاء بالقاعدة تم اعتقالهم، وشبكات الإنترنت التابعة للمسلحين.

ويعتقد أن أبو خباب -واسمه الحقيقي مدحت مرسي السيد عمر- قام بتجهيز مختبر مع مجموعة من المساعدين ووفر بيئة مناسبة لقيام العلماء والباحثين بإجراء تجارب على المواد الكيمياوية ومركبات أخرى، حسب مسؤولين بالمخابرات الأميركية مطلعين على برنامج الأسلحة للقاعدة.

التقييمات الأميركية الأخيرة تشير إلى أن أبو خباب يقوم بتدريب مجندين غربيين لشن هجمات كيميائية بأوروبا وربما الولايات المتحدة، كما فعل عندما كان يدير "معسكر خباب" بمنطقة تورا بورا بأفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وفقا لمسؤول استخباراتي أميركي فضل عدم الكشف عن هويته.

القاعدة تضاعف ترويج أفكارها باللغة الألمانية

وقال مصدر أمني ألماني إن برلين لاحظت في الآونة الأخيرة تزايد النشاط الإعلامي لتنظيم القاعدة المتشدد في البلاد، في مسعى، على ما يبدو، لتجنيد مقاتلين جدد في صفوف التنظيم، محذراًَ من احتمال أن تكون البلاد هدفاً لعمليات تنفذها القاعدة في المستقبل القريب.

ولفت المصدر، في حديث لشبكة CNN إلى أن النشاط المرصود يتضمن نصوصاً ووسائل دعائية باللغة الألمانية تهدف إلى الترويج للتنظيم ونشر أفكاره.

وقال ستيفان باريس، الناطق باسم وزارة الداخلية الألمانية، إن الوزارة لحظت مؤخراً زيادة "نوعية" في المواد المتعلقة بألمانيا على المواقع الإلكترونية التي يستخدمها التنظيم.

وأوضح أن بعض تلك المواقع تحتوي منشورات باللغة الألمانية، فيما تضم مواقع أخرى عناوين فرعية بتلك اللغة.

وتضم المواقع المعنية منتديات حوارية وصورا وأشرطة فيديو، كما تم العثور خلال الشهرين الماضيين على مواقع تقدم إرشادات حول كيفية صنع قنابل باللغة الألمانية، وصفها باريس بأنها "متقنة."

مواقف باريس جاءت على هامش مؤتمر صحفي عقده لإعلان أن برلين تمتلك أدلة تشير إلى أن تنظيم القاعدة يخطط لشن هجمات على أراضيها.

غير أنه الناطق باسم الشرطة الفيدرالية الألمانية، كريستيان بروكيرت، أكد فيما أن مستوى الخطر ما يزال عند الحدود التي كان عليها في السابق، وأن الأجهزة الأمنية لا تمتلك حالياً "أدلة حاسمة" تشير إلى توقع هجمات محتملة في القريب العاجل.

وأضاف بروكيرت إن المؤشرات الموجودة بين يدي الأمن الألماني تشير إلى أن ألمانيا تقع في منطقة تعتبر هدفاً للقاعدة، غير أن برلين لا تمتلك حالياً معطيات تشير إلى هجمات محددة ضدها.

............................................................

المصادر/

cnn + وكالة أصوات العراق + صحيفة واشنطن بوست + صحيفة لوس أنجلس تايمز

· المركز الوثائقي والمعلوماتي

·  مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

· www.annabaa.org

· [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 11 شباط/2008 - 3/صفر/1429