التيار الصدري بين الضغوط المتزايدة وارادة السلام في العراق

شبكة النبأ: تشير التقارير مؤخرا الى ان قوات جيش المهدي الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر "منيعة" في معاقلها العراقية وان الجيش الامريكي سيخاطر بأن يشعل من جديد العنف الذي كاد يؤدي الى حرب أهلية اذا صعد من استفزازه لجيش المهدي خاصة بعد ان جُمد هذا الجيش بقرار قيادته لفسح المجال امام الجهود الدبلوماسية والسياسية لحل الأزمات الحادة في العراق.

وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات انه، "من الوهم" تخيل هزيمة ميليشيا جيش المهدي التي وصفتها واشنطن من قبل باعتبارها أكبر تهديد منفرد للسلام في العراق نظرا لكونها محصنة بشدة في معاقلها في بغداد وجنوب العراق.

وقال تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان الضغط على جيش المهدي الذي يضم عشرات الالاف من المقاتلين سيؤدي على الارجح الى مقاومة ضارية في بغداد وتصعيد الاقتتال بين الشيعة في الجنوب.

وتراجعت الهجمات في العراق بنسبة 60 في المئة منذ يونيو حزيران الماضي ويقول مسؤولون أمريكيون ان هذا يرجع أساسا الى نشر 30 ألف جندي أمريكي اضافي وتشكيل وحدات شرطة مجالس الصحوة المؤلفة أساسا من السنة العرب واعلان الصدر وقف اطلاق النار لمدة ستة اشهر في اواخر اغسطس اب الماضي.

لكن المجموعة الدولية قالت ان تراجع العنف يرجع أساسا الى اعلان الصدر في 29 اغسطس اب الماضي وقفا لاطلاق النار لستة أشهر. وأمر الصدر اعضاء جيش المهدي بالابقاء على وقف اطلاق النار الذي ينتهي سريانه في وقت لاحق هذا الشهر وسط علامات متزايدة على نفاد الصبر في صفوفهم.

ويقول قادة عسكريون أمريكيون انهم يعتقدون أن الصدر سيمدد الهدنة. وقال البريجادير جنرال ويل جريمسلي نائب قائد القوات الامريكية في بغداد لرويترز أثناء زيارة لبلدة الطارمية الواقعة شمالي العاصمة مباشرة، لا أظن أن مقتدى الصدر سيتخذ قرارا كهذا (انهاء وقف اطلاق النار).

وقال تقرير المجموعة الدولية ان مقاتلين يزعمون أنهم اعضاء في جيش المهدي أعدموا اعدادا ضخمة من السنة العرب ردا على تفجير قبة الإمامين العسكريين في سامراء وهجمات دموية لتنظيم القاعدة الذي كان بدوره مدعوما من السنّة، أثناء العنف الطائفي الذي قتل فيه عشرات الالاف والذي دفع العراق الى حافة الحرب الاهلية.

وأضاف التقرير، اذا سعت الولايات المتحدة واخرون الى الاستفادة من وضعهم وتوجيه ضربة قاتلة للصدريين فمن المرجح أن يبددوا مكاسبهم وسيشهد العراق تفجرا اخر للعنف.

ويلاحق الجيش الامريكي من يصفهم بأنهم "عناصر مارقة" من جيش المهدي يقول انها تتحدى أمر الصدر بوقف اطلاق النار.

وقال جريمسلي، نرى احيانا عودة بعض النشاط من قبل تلك الجماعات المارقة أو الخاصة وسنتصدى لهؤلاء مثلما نفعل مع أي عنصر اخر يهدد الاستقرار.

وقال التقرير ان وقف اطلاق النار أعطى الصدر فرصة لتحويل كتلته الى حركة سياسية مشروعة. ووصف التقرير كتلة الصدر بأنها "حركة جماهيرية راسخة بشدة من الشيعة الشبان والفقراء والساخطين." 

وأمر الصدر ستة وزراء من حركته بالانسحاب من الحكومة العراقية في أبريل نيسان الماضي عندما رفض رئيس الوزراء نوري المالكي وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق.

وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان سياسة الجيش الامريكي باستهداف مقاتلين صدريين وتأييد منافسيه الشيعة في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي يمكن فهمها لكنها سياسة "قصيرة النظر".

كما قال التقرير انه يتعين على الجيش الامريكي أن يكف عن تجنيد وحدات شرطة أحياء شيعية لمحاربة جيش المهدي وأن يركز على بناء قوة أمن من كل الطوائف.

وقف اطلاق النار ساري المفعول حاليا

وصرح  صلاح العبيدي المتحدث باسم الصدر بأن وقف إطلاق النار الذي ينتهي العمل به  في وقت لاحق من الشهر الجاري والذي لعب دورا حيويا في انحسار العنف في العراق يجب أن يظل ساريا إلى أن يتم الابلاغ بأنه انتهى أو تجدد.

ويضغط بعض أعضاء الكتلة الصدرية على الزعيم الشاب حتى لا يجدد قرار تجميد أنشطة جيش المهدي الذي اتخذ في 29 اغسطس اب الماضي.

وقال الصدر في بيان قرأه العبيدي لرويترز، ان مكتب الصدر يعلن ان أي عضو في جيش المهدي يقوم بأعمال عنف خلال وقف إطلاق النار لن يصبح جزءا من جيش المهدي.

وصرح بأن الصدر أصدر البيان ردا على شائعات بقرب انتهاء وقف إطلاق النار. وامتنع العبيدي عن قول ما إذا كان وقف إطلاق النار سيمدد بعد انقضاء مدته.

وأمر الصدر الذي قاد انتفاضتين في العراق ضد القوات الأمريكية عام 2004 جيش المهدي بوقف إطلاق النار حتى يعيد تنظيم صفوف ميليشياته المنقسمة. وقال العبيدي لرويترز، في وقت سابق من الاسبوع المضي، ان الصدر يجس نبض كبار قادته بشأن وقف إطلاق النار.

ضغوط متزايدة  

وقال صلاح العبيدي المتحدث باسم الصدر وأحد كبار المسؤولين في مكتبه في مدينة النجف الجنوبية التي تحظى بمكانة خاصة لدى الشيعة لرويترز ان، الصدر كان يستطلع المزاج السائد لدى عدد من الشخصيات الكبيرة وان خمسة من أعضاء اللجنة الرئيسية في حركته وضحوا اراءهم في الهدنة.

وقال العبيدي ان أحد أعضاء هذه اللجنة المشكلة من أعضاء البرلمان المنتمين لحركة الصدر في بغداد أوصوا بعدم تمديد وقف اطلاق النار مشيرين الى مشكلات مع السلطات في الديوانية التي تقع على بعد 180 كيلومترا جنوبي بغداد.

وقال العبيدي دون اسهاب ان، لجنة مكونة من عدد من اعضاء مجلس النواب من الكتلة الصدرية طالبت السيد مقتدى الصدر بتقرير بعدم تمديد التجميد (للانشطة) بسبب الاعمال التعسفية التي تقوم بها القوات الامنية العراقية ضد ابناء التيار الصدري في محافظة الديوانية.

وأشارت تصريحات من معسكر الصدر في الاونة الاخيرة الى عدم رضا متزايد بسبب استهداف قوات الامن العراقية لاتباع الصدر.

وقال العبيدي انه ليس مخولا لأن يكشف عما أوصت به اللجان الاربع الاخرى التي تمثل جماعات سياسية واعلامية ومكاتب المحافظات والائمة.

وأضاف، أن الصدر سيصدر بيانا قرب يوم 23 فبراير شباط الجاري ان كان سيوافق على تمديد وقف اطلاق النار او عدمه. 

وقال العبيدي، ليس شرطا أن يقوم السيد مقتدى بالاعلان عن انتهاء التجميد.. اما ان يقوم بالاعلان عن تمديد التجميد أو أن يسكت ولا يعلن أي شيء.. واذا سكت فهذا معناه ان التجميد قد انتهى. لكنه لم يوضح بالضبط كيف سيعرف أن الهدنة انتهت رسميا.

وينظر الى تمديد جيش المهدي للهدنة على أنه أمر رئيسي للحفاظ على المكاسب الامنية في العراق حيث تراجعت الهجمات بنسبة 60 في المئة منذ منتصف العام الماضي.

ويحظى مقتدى الصدر وهو ابن رجل دين شيعي يحظى بمكانة خاصة اغتيل في عهد الدكتاتور صدام بتأييد من الشيعة الفقراء في المناطق الحضرية ويتمتع بنفوذ قوي في أوساط الشيعة في جنوب العراق ومناطق في بغداد.

تزايد هجمات الجماعات المدعومة من إيران

,قال مسؤول أمريكي كبير ان الهجمات التي تشنها جماعات تدعمها إيران زادت في الاشهر الماضية الأمر الذي يلقي بالشكوك حول وجهة النظر القائلة بأن إيران ربما قلصت دعمها للعنف في العراق.

وقال ديفيد ساترفيلد منسق شؤون العراق بوزارة الخارجية الأمريكية انه يعتقد ان الاستراتيجية الإيرانية لا تزال تتمثل في ارغام الولايات المتحدة على الانسحاب من العراق مهما كان الثمن.

وللولايات المتحدة 158 ألف جندي في العراق يحاولون اخماد تمرد وعنف طائفي اندلع بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بالدكتاتور صدام حسين.

وقال ساترفيلد إن الرئيس جورج بوش يأمل ان يترك لخلفه عراقا أكثر استقرارا والوقت الكافي لبحث خيارات كيفية التعامل مع بلد يملك ثالث أكبر احتياطيات للنفط في العالم.

وقال ساترفيلد إنه يعتقد ان إيران لا تزال تريد خروج القوات الأمريكية من العراق لزيادة نفوذها المحلي والاقليمي. بحسب رويترز.

وقال، نعتقد ان إيران لا تزال عاقدة العزم على مواصلة هدفها المتمثل في رحيل القوات الأمريكية تحت أكثر الظروف صعوبة من أجل تأمين طموحاتها في العراق..إضافة إلى طموحاتها الاقليمية الأوسع .. والدولية.

وأضاف، لا زالت إيران منخرطة بشكل مدمر من حيث توفير التدريب والعتاد لأكثر القوى راديكالية وعنفا في العراق. والهجمات التي تنفذها تلك الجماعات مستمرة.

وقال ساترفيلد إن الهجمات على القوات الأمريكية بالمتفجرات الخارقة للدروع التي يعتقد المسؤولون الأمريكيون انها قادمة من إيران تزايدت في الأشهر الماضية وكذلك الهجمات بقذائف المورتر على قاعدة البصرة الجوية في جنوب العراق بالقرب من إيران. ووصف الحالتين بانهما "مؤشرين على عنف مدعوم من إيران.

وأضاف، اذا كان هناك اي برهان على أن هناك تراجعا بدرجة معينة في ذلك العنف فان زيادة الهجمات على قاعدة البصرة الجوية وزيادة الهجمات التي تستخدم فيها المتفجرات الخارقة للدروع يبطل بالتأكيد تلك الحجة.

وتوقع بعض المحللين أن تراجع الهجمات باستخدام القنابل التي تزرع على الطرق وأعمال عنف اخرى في العراق العام الماضي ربما يعكس تراجعا في الدعم الإيراني.

لكن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس ومسؤولين عسكريين أمريكيين كبار قالوا انه ليس واضحا ما اذا كان هذا هو الحال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 10 شباط/2008 - 2/صفر/1429