الأزمة الايرانية في قلب التنافس الجمهوري والديمقراطي بأمريكا

شبكة النبأ: أضحت أزمة البرنامج النووي الايراني احدى القضايا السياسة الخارجية الامريكية التى تُطرح بقوة على اجندة المتنافسين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وفي هذا المقال يتم التركيز على موقف ثلاثة من المنافسين الجمهوريين لتلك القضية.

جون ماكين

على غرار باقي المتنافسين يعتبر ماكين إيران تهديدا لواشنطن وتل أبيب، ولكنه يرى أن إمتلاك إيران لترسانة من الصورايخ البالستية الى جانب قدراتها النووية سيزيد من تهديدها لأمن الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة بالمنطقة تل أبيب ومصالح واشنطن في المنطقة. بحسب تقرير واشنطن.

وينطلق موقفه من أزمة البرنامج النووي الإيراني من أن تعامل مجلس الأمن حيال أزمة البرنامج النووي الإيراني يعتبر تعاملاً غير فعال، لذا يدعو واشنطن وحلفائها إلى العمل على ضرورة عزل إيران اقتصاديا وسياسيا، لاسيما في وقت الذي يواجه فيه النظام الإيراني العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والتي أجملها ماكين في الأتي:-

- أن غالبية الشعب الإيراني لا تؤيد سياسة النظام الساعية إلى المواجهة مع العالم.

- أن هناك نسبة كبيرة من الأقليات الإيرانية راغبة في الاستقلال.

- أن ما يقرب من ربع الشعب الإيراني تحت سن 15 سنة وتلك النسبة الشبابية ترفض تركيز السلطة السياسة والاقتصادية في أيدي النخبة غير المثقفة والمتعلمة والفاسدة.

- اعتماد الاقتصاد الإيراني على الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بالإضافة إلى الاعتماد بصورة أساسية على واردات البنزين المدعم لتفادي الاضطراب الاجتماعية.

- أن النظام الاقتصادي الإيراني يشهد حالة من التضخم أدت إلى رفع تكلفة السع الأساسية كالغذاء والمسكن والرعاية الصحية في حين تضاعفت البطالة داخل المجتمع الإيراني.

فالتركيز على عزل إيران اقتصاديا وسياسيا ـ من وجه نظر ماكين ـ سوف يزيد من الضغط الشعبي، وربما يؤدي إلى تغيير في السلوك الإيراني حتى وأن لم يحدث تغيير في الحكومة والنظام الإيراني.

ففي الوقت الذي ترفض فيه طهران الانصياع إلى عقوبات مجلس الأمن، يري أنه لابد من التعامل مع الدول الأوروبية القريبة من الموقف الأمريكي حيال إيران والدول الخليجية لما هو أبعد من عزل إيران خارج مجلس الأمن والأمم المتحدة وذلك في إطار رابطة الدول الديمقراطية (League Of Democracies) التى تضم إسرائيل لأن روسيا والصين تمارسان حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي قرار فاعل ضد طهران.

هذا وقد ساند قانون (Freedom And Support Act) في فبراير 2005 الذي يهدف إلى المزيد من العقوبات على إيران وتدعيم الجماعات والقوي الداعمة للديمقراطية وكذلك قانون (Iran Counter Proliferation Act) في مارس 2007 ولكنه لم يصوت بالموافقة على مشروع القرار الداعي إلى إعلان الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية. 

ميت رومني

يقول أن كلمة الرئيس الإيراني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تشير إلى عدوانية النظام الإيراني، وفي مؤتمر هرتسليا (Herzliya) بداية العام الماضي طالب باتخاذ خطوات جادة ضد البرنامج النووي الإيراني. ومنذ ذلك الوقت وإيران لم تغير من سلوكها العدواني ـ حسب رومني ـ وأنها استمرت في تطوير التكنولوجيا النووية تحديا للمجتمع الدولي ومجلس الأمن فقد حدد النظام الإيراني يوم التاسع من ابريل عيد وطني تحت مسمي (اليوم النووي) (Nuclear Day). ويري أن التهديد الإيراني لا يقل عن التهديد الأصولي الإسلامي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وكذلك الخطر النازي.

وفي ظل التحدي الإيراني للمجتمع الدولي بسعيها إلى امتلاك تكنولوجيا نووية تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية والحلفاء بالمنطقة، دعا رومني إلى التعامل مع المجتمع الدولي والحلفاء في منطقة الشرق الأوسط لمنع إيران من امتلاك تكنولوجيا نووية. بالإضافة إلى زيادة العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني بمنع إيران من الولوج إلى النظام المصرفي الدولي، والتعاون مع الشركاء الأوروبيين لفرض عقوبات على الشركات العاملة في إيران لعزلها اقتصاديا ودبلوماسيا، ولكنه في الوقت ذاته يري أن الخيار العسكري يظل مطروحا.

وحول معضلة هل يجب على الرئيس الأمريكي إخطار الكونجرس قبل شن أي عمل عسكري ضد طهران قال أن الرئيس عليه اتخاذ أي شيء لضمان أمن ومصلحة الولايات المتحدة، وأنه في حال وصوله إلى البيت البيض فإنه لن يتراجع عن استخدام القوة المسلحة لحماية المصالح الأمريكية. ولكن في الوقت نفسه إشراك الكونجرس حسبما ينص القانون والدستور الأمريكي.

مايك هوكابي

ينطلق هوكابي من مقولة (اجعل أصدقائك بالقرب منك وأعدائك أقرب) (Keep Your Friends Close And Your Enemies Closer) ويقارن بين إيران وتنظيم القاعدة حيث أنهما متشابهين في سعي كل منهما إلى نشر عقيدته وأفكاره ولكنهما يختلفان في أن تنظيم القاعدة منظمة إرهابية يجب القضاء عليها أما إيران دول يجب التعايش معها واحتوائها.

ومن أجل احتواء إيران يري أنه لابد من الانتصار في العراق فبعد الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في ابريل 2003، الأمر الذي اوجد حدث خللاً في ميزان القوي فى المنطقة لصالح إيران؛ يجب على واشنطن العمل على استقرار العراق وليس هذا مصلحة عراقية فقط وإنما مصلحة لدول الجوار الصديقة لواشنطن وللولايات المتحدة نفسها. فيؤكد أنه يجب على واشنطن التعامل مع تمدد النفوذ الإيراني في العراق ووقفه وتقويضه.

والطريقة الأخرى لاحتواء إيران هي الدبلوماسية فالولايات المتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهي تعلي من خيار القوة المسلحة التى ثبت فشلها ولذا يجب على واشنطن تقوية الجهود الدبلوماسية مع بكين وموسكو وسول والدول الأوروبية لإقناعهم بفرض المزيد من العقوبات على النظام الإيراني فتلك الدول ـ من وجه نظر هوكابي ـ تركز على المكاسب الاقتصادية أكثر من منع الانتشار النووي. ويري أن تلك الدول يجب أن تكون على قناعة أنهم سوف يتحملون خسارة الحلول الدبلوماسية ما يدفع واشنطن إلى خيار القوة المسلحة الذي يؤيد أنه قد يُتخذ بعيدا عن الكونجرس.

يدعم هوكابي إعلان بوش الحرس الثوري الإيراني كجماعة ساعية إلى نشر أسلحة الدمار الشامل وكذلك قوة القدس التابعة للحرس الثوري كمنظمة إرهابية. وينتقد رؤية المتنافسين الديمقراطيين الذاهبة إلى أن مثل ذلك سوف يعزز من خيار الحرب العسكرية لدي الإدارة الأمريكية الحالية، منطلقا من أن مثل هذا سيعزز فرض العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني أكثر من استخدام القوة المسلحة.

متنافسون رغم توافق الرؤى

من التناول السابق لرؤية عدد من المتنافسين الديمقراطيين والجمهوريين لنيل ترشيح حزبيهما لخوض الانتخابات الرئاسية، يتضح أن هناك توافقا في معظم رؤى هؤلاء المتنافسين المختلفين فكريا وحزبيا، فكلهم ينطلقون من قناعة مفادها أن الطموح النووي الإيراني يشكل تهديد للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها منطقة الخليج العربي حيث منابع النفط ـ وهو ما ظهر جليا في التوتر بين إيران والولايات المتحدة عند مضيق هرمز ـ والقوات الأمريكية في وقت عززت فيه طهران من قوتها الإقليمية بعد الإطاحة بالدكتاتور صدام الذي كان يمثل حجر عثرة أمام النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. بالإضافة إلى أن الطموح الإيراني النووي يشمل إخلالا في ميزان القوي الذي هو حاليا لصالح إسرائيل، فضلا عن التهديدات الإيرانية للوجود الإسرائيلي بالمنطقة وتقديم الدعم إلى الجماعات المسلحة في العراق ولبنان وفلسطين والمنظمات الإرهابية والذي يضيف بعدا أخر إلى الهاجس الأمريكي من إيران النووية.

ولمواجهة الطموح النووي يركز معظمهم على الخيار الدبلوماسي والعمل متعدد الأطراف في إطار منظمة الأمم المتحدة، لاسيما بعد فشل السياسة الأمريكية الانفرادية بعيدا عن الأمم المتحدة في العراق، ولكنهم في الوقت ذاته لا ينكرون إمكانية استخدام القوة المسلحة في حال إخفاق الجهود الدبلوماسية السلمية.

ولكن في واقع الأمر أضحي الخيار العسكري، كأحد الخيارات لإثناء إيران عن طموحها النووي، خياراً صعبا نظرا لتعدد الأوراق التى تمتلكها إيران والتى تستطيع من خلالها الضغط على واشنطن وتل أبيب بجانب تقرير الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي صدر مؤخرا والذي فند الادعاءات التى كانت يستند إليها الداعمين لشن ضربات اجهاضية على المنشآت النووية الإيرانية. ويصعب من هذا الخيار التأزم الأمريكي في العراق وأفغانستان والرفض الدولي لتلك الحرب في ظل تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى تظهر أن هناك تعاونا إيرانيا مع الوكالة بشان برنامجها النووي.

وفي النهاية يمكن القول أن الخيار الذي سوف يعتمد كخيار أمثل للتعامل مع الطموح النووي الإيراني سوف تفرضه العديد من المتغيرات التى لا تقل أهمية عن التحركات الإيرانية خلال الفترة القادمة والموقف الدولي من تلك التحركات ومدي نجاح واشنطن في تحقيق الإجماع الدولي على هذا الخيار في ظل تناقض وتنوع مصالح القوي الكبرى من التعامل مع أزمة البرنامج النووي الإيراني، وما سيتوافر للرئيس الأمريكي القادم من معلومات وتقارير ـ سواء كانت صحيحة أو مغلوطة ـ ليس متوافرة للمتنافسين الآن لأنهم خارج السلطة، وكذلك الضغط والتأثير من قبل عدد المؤسسات والوكالات الأمريكية كالبنتاجون والكونجرس على مؤسسة الرئاسة، ودور جماعات الضغط واللوبي المتناقضة المصالح والأهداف في التأثر على صانع القرار الأمريكي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5 شباط/2008 - 27/محرم/1429