الإنترنت يغيّر وجه التعليم في امريكا

شبكة النبأ: من المنتظر ان تدخل الثورة المعلوماتية وتقنية الاتصالات ضمن اليات الدراسة في كافة مراحلها في الولايات المتحدة بحيث ستكون معتمدة رسميا في اغلب المؤسسات التعليمية.

  في ولاية كاليفورنيا يقوم طالب في المرحلة الإعدادية يتعافى من مرض مزمن بتفقد الموقع الإلكتروني الخاص بصفّهِ بحثا عن الواجبات المدرسية المقررة. وفي ولاية إلينوي، يتعاون مهني مشغول مع زملائه المنتشرين في عموم البلاد، على مشروع من أجل الحصول على وحدات دراسية معتمدة لدرجة الماجستير في إدارة الأعمال.

ولا يعتبر أي من هذين الابتكارين في حقل التعليم، بشكل فردي ثورة في هذا المضمار، فعمر الإنترنت، رغم هذا كله قد جاوز العشرة أعوام. ولكن التعليم بواسطة الإنترنت إجمالا يحقق نجاحا متسارعا من شأنه أن يغير أساليب التعليم في الولايات المتحدة بدأ من صفوف المرحلة الابتدائية وحتى المستوى الجامعي.

نمو التعلم عبر الإنترنت

وحضر حوالي 3.5 مليون طالب وطالبة، أي بمعدل 20 في المئة من العدد الكلي لطلبة الكليات والجامعات، فصلاً أو أكثر على الإنترنت خلال السنة الدراسية 2006 – 2007 – بزيادة مقدارها 10 في المئة تقريبا عن السنوات الدراسية السابقة، وفقا لمجموعة سلون، وهي منظمة - مدعومة تعمل على تحسين التعليم على شبكة الإنترنت.

وتقول منظمة سلون في آخر تقرير سنوي صدر لها بعنوان أمة على الإنترنت إن معدل نمو عدد المسجلين للدراسة على الإنترنت الذي بلغ 9.7 في المئة قد تجاوز بكثير معدل نمو العدد الكلي للطلبة المسجلين في التعليم الجامعي. بحسب تقرير على موقع تقرير واشنطن.

وهذا يعني أن نصف العدد الكلي للطلبة المسجلين للدراسة عبر الإنترنت تقريبا هم من الطلبة الملتحقين في برامج دراسية  مدتها سنتان – للحصول على درجة الدبلوم -  من الكليات الأهلية التمهيدية التابعة للولايات المنتشرة في عموم البلاد، وتتضمن الفصول الدراسية الأكثر شعبية دورات مهنية في مجالات الأعمال التجارية، والتعليم، والهندسة، والتمريض، والصحة العامة وعلم المكتبات.

ومن علامات النمو الكبير الذي تشهده الإنترنت في مجال التعليم هو: وجود أكبر جامعة الكترونية خاصة في الولايات المتحدة اليوم هي جامعة فينيكس التي بلغ عدد الطلبة الملتحقين بها 187 ألف طالب وطالبة خلال العام الدراسي 2006 –2007 على شبكة الإنترنت.

وقد بلغ عدد الطلبة المسجلين للدراسة عبر الإنترنت في الكلية الجامعية المنفصلة التابعة لجامعة ماريلاند 40 ألف طالب وطالبة. وهناك غيرها من الكليات والجامعات الخاصة والعامة التي يوجد بها عدد كبير من الطلبة المسجلين للدراسة عبر الإنترنت مثل كلية بيكر، وكلية وسط تكساس، وجامعة والدن وجامعة كابيلا.

طلب العِلم من المهد إلى اللحد

هناك عدد من العوامل التي تدفع التوسع في التعليم عبر الإنترنت في الولايات المتحدة وحول العالم، وأهمها الطلب المتزايد على العلوم التخصصية التي يتطلبها المجتمع العصري المعقد القائم على المعلوماتية.

ويشير الخبراء أن هذا التوسع لا ينحصر على المعرفة، بل إن المعلومات الحالية يمكن أن تصبح بالية ويعفي عليها الدهر بسرعة - وخصوصا في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية وعلوم الكمبيوتر.

والمعضلة التي يواجهها العديد من المهنيين المحترفين هي أنه، على الرغم من أن تحصيلهم العلمي لم يعد من الممكن أن يتوقف عند حد الجامعة أو نيل شهادة مهنية، فإنه لا يوجد إلا القليل ممن يستطيعون تحمل تكاليف العودة إلى الصفوف الدراسية بدوام كامل. وتقول جمعية التعليم عن بعد الأميركية إن أفضل حل، ولعله الأكثر مرونة، بالنسبة لهؤلاء هو الدورات الدراسية الموجهة على الإنترنت التي يمكنهم دمجها في برامجهم المهنية والعائلية.

وعلاوة على ذلك، فإن التقدم الذي تحقق في مجال التكنولوجيا الرقمية يتيح لهم قدرا أكبر بكثير من التفاعل مع المعلمين ومع الطلبة الآخرين - بما في ذلك استخدام برامج الوسائط المتعددة والمحادثات الفورية – بالنسبة لأي شخص لديه تتوفر له إمكانية الاتصال الموثوق بالشبكة بواسطة جهاز ذي نطاق تردد واسع‏.

الفصول المفتوحة

حركة التعليم عبر الإنترنت وأبواب الفصول الدراسية في العديد من الجامعات الأميركية الكبرى متاحة أمام عامة الناس. ولو أن زوار المواقع لا يستطيعون الحصول على ساعات جامعية معتمدة، إلا أن مؤسسات تعليمية ابتداء من جامعة كاليفورنيا في بيركلي إلى جامعة ييل في كونيتيكت تقدم مواد الفصل الدراسي الكامل، من محاضرات وملاحظات، وتفسيرات ومناهج، لأي شخص يتوفر له الوقت والرغبة، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.

وقد قدم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الرفيع الشأن أكثر البرامج المتوفرة على الإنترنت طموحا، حيث نشر عددا ملحوظا من الصفوف الدراسية على الإنترنت بلغ 1800 صف. 

يقول ستيف كاسون الذي يشرف على مبادرة معهد مساشوستس للتكنولوجيا حول التعليم عبر الشبكة إن معهد مساشوستس للتكنولوجيا يحاول إعادة تعريف دور المؤسسة التعليمية في العصر الرقمي. يذكر معهد مساشوستس للتكنولوجيا أن 31 مليون شخص دخل على برامج المعهد المعروضة على شبكة الإنترنت، حيث أفاد نصفهم بأنهم يعلمون أنفسهم.

الجودة والإعتماد

أثار انتشار البرامج الموجودة على شبكة الإنترنت تساؤلات حول كيفية الحفاظ على المعايير التعليمية وقياسها. فقد تكون الفصول الدراسية الموجودة على الإنترنت معترفا بها محليا، ولكنه لم يتم اعتماد سوى القليل منها حتى الآن من قبل جمعيات مهنية معترف بها على المستوى القومي، وفقا لدورية إدكوس المهنية الفصلية.

وقد أطلقت مجموعة سلون التي تحمل شعار "التعلم في أي زمان، وفي أي مكان"، مبادرة طموحة لوضع معايير قومية لاعتماد التعليم على الإنترنت وأنواع التعليم الأخرى التي تتم عبر الإنترنت أو القائمة على التكنولوجيا.

ففي أعقاب الدمار الذي خلفه إعصار كاترينا في ولاية نيو أورلينز، على سبيل المثال ، أنشأت سلون جامعة "افتراضية" مؤقتة في غضون أسبوع وفر أمام الطلبة المشردين 1300 فصل دراسي مجاني من 175 مؤسسة تعليمية.

المدارس الثانوية الافتراضية

يلعب التعليم عبر الإنترنت دورا متزايد الأهمية في العديد من المدارس الثانوية الأميركية. إذ تستخدم إدارة التعليم في مقاطعة إلباسو بولاية تكساس مؤتمرات الفيديو الرقمي لربط الطلبة والمدرسين ببعضهم البعض في أكثر من 80 موقعا مختلفا.

ولكن الأمر الأكثر شيوعا، هو قدرة التعليم عبر الإنترنت على ربط المدارس بالطلبة العاجزين عن حضور الفصول الدراسية شخصيا. ومن بين المسجلين في برنامج مدرسةOrange Lutheran الثانوية في مقاطعة أورانج، بولاية كاليفورنيا، طالب يقيم في مزرعة منعزلة في ولاية نيبراسكا وآخر يتعافى من عملية زرع الكلى ورياضي يسافر كثيرا مع فريق الهوكي للتزلج على الجليد. وتقول مديرة المدرسة باتي يانغ "إننا نحاول تلبية احتياجات العديد من الناس بالعديد من الطرق المختلفة."

وهناك برنامج آخر، اسمه ببساطة المدرسة الثانوية الافتراضية، يقدم فصولا دراسية على الإنترنت مكملة للفصول الدراسية التقليدية بالشراكة مع أكثر من 400 مدرسة ثانوية في جميع أنحاء البلاد، وفي 35 بلدا آخر.

وكما قال أحد خبراء التعليم مؤخرا، إن الطلبة يتنقلون جيئة وذهابا بين اللقاءات المباشرة والتعليم وجها لوجه وبين التعلم عبر شبكة الإنترنت بسرعة كبيرة إلى حد أنه لم يعد من السهل التمييز بين الاثنين.

أما بالنسبة لرئيسة مجلس أميركا الشمالية للتعلم عن طريق الإنترنت سوزان باتريك، فان المسالة الحاسمة ليست ما إذا كان التعليم يتم توصيله إلكترونيا أو شخصيا، بل جعل التعليم في متناول كل طالب في أي زمان ومكان. وخلصت سوزان باتريك إلى القول إنه، يمكن تحقيق ذلك بإتاحة التعلم عن طريق الإنترنت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 27 كانون الثاني/2008 - 18/محرم/1429