حياة الأطفال في العراق: كوابيس مظلمة واوضاع مأساوية ومستقبل غامض

شبكة النبأ: تشير احصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي الى ان عدد الاطفال الأيتام في العراق بلغ نحو اربعة ملايين ونصف المليون طفل بينهم 500 الف طفل مشرد في الشوارع، فيما تضم دور الدولة للأيتام 459 يتيما فقط!!؟، وفي ظل هذه الأوضاع الكارثية تبقى حياة الاطفال في العراق على مهب الريح دون اية ضمانات مستقبلية.

يجلس مصطفى فاضل البالغ من العمر عشر سنوات بجوار سوق شعبي ببغداد بانتظار متبضعين يحمل حاجاتهم لقاء اجر زهيد لمساعدة أسرته بعد أن راح والده ضحية العنف في البلاد. مصطفى يتخيل أحيانا أنه جالس في صف دراسي حتى تبدد خياله مناداة أحدهم.

وقال مصطفى لوكالة (أصوات العراق)، تركت المدرسة والتحقت بالعمل بعد مقتل والدي الذي راح ضحية سقوط قذيفة هاون استهدفت منزلنا قبل نحوعامين فاصبحت المعيل الوحيد لعائلتي.

وأضاف، لم اكن اتصور يوما أنني سأعمل بهذه المهنة لكن زملاء لي شجعوني عليها بعد أن مروا بذات الظروف التي مررت بها.

وتابع، تفكيري حاليا ينحصر في الحصول على مصدر رزق لعائلتي، لم أعد أفكر بمستقبلي وكيف أكون.

وقال، أتخيل أحيانا أنني أجلس في صف دراسي حتى يوقظني صوت أحد المتبضعين يريد حمالا.. مبينا أنه يحاول أن يعتمد على نفسه في مواجهة ظروف الحياة الصعبة التي تعيشها عائلته.

وثمة، من أمثال مصطفى، أطفال مشردون وأيتام يعيشون في الوقت الحاضر واقعاً مأساوياً بحسب بعض الجهات التي تعنى بشؤونهم، وينتظرهم مستقبل غامض بسبب عدم وجود تشريعات وقوانين تحميهم وتكفل حياتهم.

وقال الصبي ناصر سعدون (14 عاما) وهو يعمل ببيع الحلويات في تقاطع السفارة الالمانية في الكرادة وسط بغداد، أعيش وضعا مأساوياً وحالة من العوز المادي والضيق بسبب انفصال والديّ منذ نحو عامين ما يجعلني مشرداً تارة هنا وتارة هناك.

وأضاف، مارست مهنة بيع الحلوى لانها لاتحتاج الى رأس مال كبير مبينا أن ما يحصل عليه من مردود مالي في اليوم لايكاد يكفي سوى لسداد قوته.

وتابع، أقف في تقاطعات الطرق كثيراً، تارة تحت أشعة الشمس وتارة تحت زخات المطر كي أبيع بضاعتي المتواضعة.

وعما يفكر به  للغد حين يكبر قال، أشعر ان مستقبلي غامض، أو ربما أكون بلا مستقبل. 

من جانبها كشفت الدكتورة آمال كاشف الغطاء، رئيسة المؤسسة الاسلامية للمرأة والطفل (منظمة غير حكومية ببغداد) ان كل خمس عائلات عراقية لديها طفل معاق لا يستطع مواصلة الدراسة بعد الابتدائية بسبب عدم توفر الظروف النفسية له.

وقالت إنه، في ظل استمرار الاوضاع المأساوية للاطفال  في العراق، ممثلة بسوء الرعاية الصحية والفقر وأعمال العنف، اتوقع ان ينشأ جيل يحمل الكثير من التمرد والعنف.

واوضحت أنه، بحكم هذا الوضع طرأ تغيير كبير على حياة الاطفال أجبر الكثير منهم على ترك مدرسته واصدقائه واللجوء الى العمل ما اثر على نفسيته.

 وانتقدت كاشف الغطاء ما اسمته "عدم وجود رعاية" من قبل الحكومة لهذه الشريحة مع تزايد اعدادها نتيجة اعمال العنف في البلاد.

وعن الوضع الصحي لأطفال العراق بينت ان، الوضع الصحي مترد اذ ان كل خمس عوائل لديها طفل معاق لا يستطع مواصلة الدراسة بعد الابتدائية بسبب عدم توفر الظروف النفسية له.

وطالبت بتشريع قوانين تخدم الاطفال المعوقين والمشردين، وقالت إنه لا بد من أن يتم تشريع قوانين تحمي وتحدد عمالة الاطفال.

عضوة في لجنة المرأة والطفل بالبرلمان تنظر لمستقبل الطفل العراقي نظرة "يشوبها التشاؤم" بسبب انعكاس العنف المسلح على أوضاعه، وقالت إن لجنتها اقترحت قوانين تحمي الطفولة في العراق سيتم طرحها على البرلمان.

وتقول النائبة نادرة عايف، عن قائمة جبهة التوافق العراقية، أحمل نظرة تشاؤمية لمستقبل الاسرة العراقية نتيجة  للأوضاع المتفاوتة التي يعيشها الاطفال بسبب التهجير والعنف والفقر والتفكك الاسري.

وتابعت أن، من نتائج هذا العنف وصول عدد الاطفال الايتام والمشردين الى نحو اربعة ملايين ونصف المليون طفل اضافة الى وجود 800 طفل يقبع الان في السجون الامريكية والعراقية.

وأوضحت، يوجد 700 طفل (حدث) في السجون العراقية ونحو 100 أخرون  في السجون الامريكية  تتباين تهمهم بين الارهاب وبين التبليغ الكاذب.

واشارت إلى أن لجنة المرأة والطفل في البرلمان اقترحت في وقت سابق مجموعة قوانين تخدم الطفل في العراق، منها قانون صندوق اليتيم وصندوق الطفولة وهيئة رعاية الطفولة.

وقالت، هذه القوانين، التي اعتبرتها حلولا مؤقتة لمعالجة اوضاع الاطفال في العراق، سيتم طرحها أمام البرلمان العام الحالي، من دون أن تحدد متى يتم هذا الطرح.

من جهتها اعتبرت عبير الجلبي مسؤولة قسم دور الدولة للإيواء بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ان الطفل العراقي لا يزال يعاني من ضياع حقوقه اذا ما تمت مقارنته بأقرانه من اطفال الدول المجاورة .

وقالت الجلبي، إن أطفال العراق يعانون من ضياع حقوقهم برغم ان العراق عضو فاعل في لائحة حقوق الطفل لسنة 1989.

يشار إلى أن لائحة حقوق الطفل لسنة 1989 تتضمن اعتراف الدول الاطراف، بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون.

كما تنص أيضا على أن تحترم الدول الأطراف حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية وتشجع على توفير فرص ملائمة ومتساوية للنشاط الثقافي والفني والاستجمامي وأنشطة أوقات الفراغ.

وتعترف الدول الأطراف بحسب اللائحة، بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.

وقالت الجلبي، اذا استعرضنا الواقع  العراقي سنرى ان الطفل يعاني الكثير مثل حرمانه  الصحة في المدرسة وحرمانه من اللعب مع اقرانه وحرمانه من التعبير عن رأيه".

وأشارت الى أن "عددا غير قليل من الاطفال يتعرضون للكثير من الاعتداءات الجسدية والجنسية وبعضهم يضطر للعمل بمهن شاقة لاتناسب سنه، ومنهم من يضطر للتسول نتيجة الفقر والظروف الصعبة المحيطة به".

وعن عدد الايتام المسجلين في دور الدولة قالت الجلبي، لدينا 459 يتيماً دون سن الثامنة عشرة موزعين على 18 داراً للايتام في العراق، اربع منها ببغداد بينما تتوزع الدور الاخرى على بقية المحافظات.

وقال الباحث الاجتماعي اثير كريم إن الاوضاع السلبية التي يعشيها اطفال العراق حالياً ستزيد من معاناتهم اذا لم تسن الحكومة تشريعات تحميهم وتكفل حقوقهم.

وأضاف أن انعكاس عمليات العنف التي تجري على مرأي ومسمع من الأطفال وسفك الدماء والخراب ستترك في المستقبل أثراً سلبياً علي نفسية وشخصية الطفل العراقي، مبينا أنه من الصعب أن ينشأ الجيل الحالي من الاطفال في ظل هذه الظروف وهو معافى وسليم مالم تتوفر له المناخات المناسبة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 كانون الثاني/2008 - 9/محرم/1429