بعد خراب البصرة: امريكا تسعى لحلول محلية  للمشكلات العراقية

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: قد يكون فسح المجال للعراقيين لحل مشاكلهم السياسية والاقتصادية والأمنية من قبل الادارة الامريكية تأسيسا لمرحلة ما بعد الاستقرار والتي تتطلب اقناع المعنيين داخل وخارج البلد على ان العراق مستقل تماما ولا توجد تبعات احتلال تفرض عليه املاءات طويلة الأمد من قبيل التواجد الامريكي الدائم او الاتفاقيات الاستراتيجية بعيدة المدى، ومن جانب اخر قد تكون هذه الفسحة جاءت كنتيجة محصلة لفشل الادارة الامريكية في دفع العراقيين نحو اهداف معينة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الهدف الان بالنسبة للولايات المتحدة هو الدفع باتجاه "حلول عراقية" للمشكلات العراقية. مشيرة إلى انه منذ ان اعلن الرئيس بوش عن عزمه تغيير المسار في العراق برفع حجم القوات وتنفيذ استراتيجية جديدة، بدأ مسؤولون أمريكيون عسكريون وديبلوماسيون بانتقالتهم السياسية الهادئة.

وأضافت الصحيفة، بعد جهود فاشلة لا تحصى لدفع العراقيين نحو اهداف مختلفة في المستويات السياسية والاقتصادية والامنية، قرر الاميركيون ترك العراقيين يتولون العمل على بعض الامور بانفسهم.

وأوضحت أنه ابتداءا من الجنرال ديفيد بيتريوس والسفير رايان كروكر إلى رجالات الجيش وعمال الاغاثة، يعرب المسؤولون عن ارادتهم في دعم العراقيين ومساعدتهم في بناء قراراتهم الخاصة.

وبهذا الصدد، نقلت الصحيفة عن ستيفن فاكان، قائد فريق اعادة اعمار المحافظات العامل مع الجيش الأميركي في الفلوجة، قوله، اننا نحاول العمل مع العراقيين على ايجاد حلول عراقية لمشكلات عراقية.

وتقول ان في حالات كثيرة ـ بخاصة في الجبهة السياسية ـ ليس هناك الا القليل من الشبه بين الحلول العراقية والاهداف الطموحة للعام 2007، التي طرحها بوش في خطابه إلى الأمة الأمريكية في كانون الثاني يناير الماضي. اذ يقول فاكان، بغية اعطاء كل عراقي حصته من اقتصاد البلد، سيمرر العراق تشريعا لتقاسم العائدات النفطية بين العراقيين.

وأضاف فاكان، أن العراقيين يخططون لعقد انتخابات في المحافظات في وقت لاحق من هذا العام، وستجري الحكومة اصلاحات على قانون اجتثاث البعث، وبناء عملية عادلة للنظر في تعديلات على دستور العراق.

وأوضح، على الرغم من تحقيق بعض التقدم وان بعض التشريعات ابتدأت تشق طريقها ببطء في البرلمان، الا ان اية نقطة من النقاط الاساسية لم تتحقق حتى الآن.. فضلا عن ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لم تتولى كامل المسؤولية الأمنية في المحافظات الـ18 كما كان بوش يتوقع.

ووصلت اعداد المحافظات التي تقع تحت السيطرة العراقية إلى 9 بتسليم القوات البريطانية مسؤولية البصرة إلى السلطات العراقية، حسب الصحيفة.

وفي ايضاحهم لهذا الوضع، اشار مسؤولون أمريكيون إلى اقتضاء الضرورة واثنوا على الابداع العراقي في ايجاد سبل مختلفة للوصول إلى الاهداف نفسها. وكثيرا ما لاحظ كروكر ان العراقيين وجدوا الطريق إلى توزيع العائدات النفطية من دون وضع قوانين لتنظيمها، كما ان بعثيين سابقين استعادوا وظائفهم الحكومية.. فضلا عن ذلك، تشكلت ادارات محلية للمحافظات ـ بعضها جاء من طريق انتخاب وبعضها لم ينتخب ـ وهي تزاول اعمالها الان.

وقال كروكر في لقاء معه إن العراقيين، في مستوى يمكنهم من تنفيذ مقارباتهم الخاصة بهم والحصول على النتائج المطلوبة. مضيفا أن، استعدادنا، كما اعتقد، يتزايد للقول ان الامور ستتم على وفق الشروط العراقية، التي نميّز جزءا منها وجزء اخر يبين لنا ما كان علينا فعله على مدى السنوات الخمس الماضية.

وأشارت الصحيفة إلى ان الجيش الأمريكي اثنى على حكومة المالكي على اعترافها بعدم استعدادها الان على ضبط الأمن في الكثير من مناطق العراق، وفي الوقت نفسه رفضها العنف المتواصل في البصرة والكثير من مناطق الجنوب بوصفه مشكل عراقي بالدرجة الاساس.

وكان قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بيتريوس، قال في اواخر العام الماضي ان هناك تحديات لا تحصى في المجال الامني في البصرة، وهناك حلولا عراقية بدات تظهر للتعامل مع بعض تلك القضايا.

وتعلق الصحيفة بقولها إنه بالنسبة لبعض المراقبين ان هذه المقاربة تؤشر واقعية جديدة من جانب واشنطن، واعتراف بان على مدى سنوات طويلة لم تفعل الخطط الفخمة، التي صيغت في الولايات المتحدة، فعلها في العراق. الا ان آخرين يرون ان عبارة "حلول عراقية" تنطوي على رغبة أمريكية متهكمة في اغماض عينيها عن العنف الطائفي والسياسي وتغطية المشكلات بالاموال المبالغ بها اذا كان ثمن ذلك اخراج الولايات المتحدة من العراق.

الا ان مسؤولين أمريكيين يدفعون باتجاه فكرة الحلول العراقية لاسباب كثيرة، كما تقول سارا سيوول، مديرة مركز سياسات حقوق الانسان في جامعة هارفرد التي كانت تتولى منصبا في البنتاغون في عهد كلنتون.

وتعتقد سيوول انه، في حين يتبنى الجنرال بيتريوس مفهوم "الواقعية"، الا ان ادارة بوش توصلت مؤخرا إلى هذه الصيغة التي تخرجها من اليأس ـ الذي كان سببه فشل جهودها على مدى السنوات الماضية.  

توقعات إقرار قوانين رئيسية خلال 2008 

وقالت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية إن إدارة الرئيس جورج بوش متفائلة بأن الحكومة العراقية ستتخذ خطوة مهمة بإتجاه مصالحة سياسية من خلال تمرير تشريعات رئيسية قبل أن يقدم قائد القوات الامريكية في العراق وسفير واشنطن تقرير التقدم في آذار مارس القادم.

ونقلت الصحيفة عن برت ماكغورك، مدير الشؤون العراقية والافغانية في البيت الابيض، قوله، أعتقد انكم ستشهدون، بخاصة في التسعين يوما المقبلة، البدء بتمرير بعض القوانين في المستوى الوطني.

وقال ماكغورك انه، سيتم تمرير قانون يسمح لمسؤولين سابقين في حزب البعث بالعودة الى وظائف حكومية-في اشارة لقانون المسائلة والعدالة الذي اقر مؤخرا-، وكذلك قانون آخر سينقل السلطة من الحكومة المركزية الى مجالس المحافظات.

و نقلت الصحيفة عن ماكغورك إن قانون سلطات المحافظات يواجه بعض المعارضة من جانب رئيس الوزراء نوري المالكي ورجل الدين البارز مقتدى الصدر، وكلا الرجلين شيعي ويسيطران على كتلتهما في البرلمان العراقي. وتتابع الصحيفة قولها ان العقبة الرئيسة في طريق مصالحة وطنية تتمثل بالتوتر بين الشيعة والسنة.

وتقول الصحيفة، إن غالبية الشيعة كانوا يشكلون اقلية سياسية تحت نظام الديكتاتور السابق صدام ، وهو سني عربي ، وكان حزب البعث يسيطر على الحكومة وافرط في إساءته للشيعة، الا ان الشيعة الان يمسكون بجزء من الحكومة المركزية وشعروا بالسأم من تقديم تنازلات الى السنة.

وتواصل الصحيفة قولها ان مسؤولا كبيرا في الادارة الامريكية توقع أن المالكي سيساير في النهاية موقف الاغلبية في البرلمان من قانون سلطات المحافظات، قائلا ان هناك اجماعا اكبر على هذه القضية مما كنت اتوقع.

وقال المسؤول ان الصدر واتباعه صاروا غير مكترثين بهذا الامر.

واشارت الصحيفة الى أن القوات الاضافية التي بلغت 30.000 عسكري التي أمر الرئيس الامريكي بارسالها الى العراق حققت تحسنا امنيا واضحا في البلاد، إذ أن القتلى من المدنيين، الذين بلغت اعدادهم اكثر من 3.000 في شهر كانون الاول ديسمبر 2006، انخفض الى اقل من 500 في الشهر الماضي.

وعلقت الصحيفة أنه، بسبب النقلات التي تحققت في المجال الامني، توجه النقد الى قلة التقدم الذي تحققه الحكومة العراقية المركزية.

ويقول المتشككون إنه على الرغم من الانجازات الامنية، لم يستثمر العراقيون "فسحة التنفس" التي قدمت لهم، بحسب الصحيفة. كانت ادارة بوش اعترفت بأن الوضع السياسي ليس مثاليا الان، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مارى ماري بيث لونغ، مرشحة الرئيس الامريكي لشغل منصب مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الامن الدولي الاسبوع الماضى، انها ستعطي حكومة المالكي درجة فاشلة على ادائها الى الان.

وقالت ماري بيث لونغ امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ خلال جلسة الاستماع الخاصة بتثبيتها في منصبها، ان الحكومة الوطنية بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي لم تؤد عملها بطريقة نموذجية من خلال تمرير التشريعات الاصلاحية الرئيسة. بحسب الصيحفة.

واعطى الرئيس بوش تقييما أكثر استبشارا في مؤتمر نهاية السنة الصحفي، مشيرا إلى المشاركة غير الرسمية لعائدات النفط مع حكومات المحافظات والتقدم الذي تبدى في الميزانية العراقية العامة.

وتتابع الواشنطن تايمز قولها انه، في الوقت الحاضر انتهت عملية الاندفاع التي أمر بها الرئيس بوش، وبدأت القوات الامريكية بمغادرة العراق، وبحلول اذار مارس يخطط الجيش الامريكي ليعود بحجمه الى ما قبل استراتيجية الاندفاع، حيث سيبقي على 130.000 عسكري على ارض العراق.

في هذه الاثناء، كما تتابع الصحيفة، سيقدم الجنرال ديفيد بيتريوس، القائد العام للقوات الامريكية في العراق، والسفير الامريكي في العراق، ريان كروكر، تقريرا الى الكونغرس بصدد ما ينجزه العراق من النقاط التي وضعت لقياس تقدمه.

وكان وزير الدفاع روبرت جيتس قال في ايلول سبتمبر الماضي ان من المتوقع ان تخفض القوات الامريكية عددها الى 10.000 بنهاية العام 2008، الا انه تراجع عن قوله قائلا ان الجنرال بيتريوس هو الذي سيقرر ماذا سيحدث بعد اذار مارس المقبل. وكان جيتس قال في مؤتمر صحفي عقده في البنتاجون في الاسبوع الماضي طبعا نريد الحفاظ على المكاسب التي حققناها. وعلقت الصحيفة بقولها ان الولايات المتحدة قد تخاطر في رؤية العنف، وقد تصاعد ثانية مع انسحاب القوات من العراق، اذ قال وين وايت، وهو محلل سابق للشان العراقي في وزارة الخارجية والان يعمل في معهد الشرق الاوسط، عندما تنتهي عمليات الاندفاع ونفقد القدرة على الامساك ببعض المناطق من دون قوات اضافية، فسنرى العنف وقد عاد بقوة.

وترى الصحيفة أنه، في حال عدم مصادقة البرلمان العراقي على بعض القوانين بحلول شهر اذار مارس المقبل، فسيكون مسؤولو الادارة الامريكية بمواجهة حالة مشابهة لما كان في الشتاء الماضي والربيع، عندما بدا الكونغرس مستعدا لفرض موعد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وتختتم الصحيفة قولها انه، على الرغم من هذه المخاطر جميعها، الا أن البيت الابيض يبدو اكثر تفاؤلا بشأن العراق من أي وقت مضى.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 15 كانون الثاني/2008 - 6/محرم/1429