شبكة النبأ:
يعيش العراقيون على أمل بأن تكون بلادهم آمنة، بعد حقب مريرة
عاشوها انتزعت منهم الأهل والأقرباء فضلا عن الأصدقاء بسبب أعمال العنف
والإرهاب التي مارستها المجاميع المسلحة والمدعومة من قبل دول عديدة،
فضلا عن اتهام قسم من الأحزاب التي تنتمي للبرلمان العراقي بدعم هذه
المجاميع ويعتبر حزب البعث المحظور واحدا من بين هذه المجاميع. وفي
خطوة جريئة وقرار حاسم طالما انتظره الكثير حول تحديد مصير حزب البعث
الذي اتهم بجرائم القتل والفساد بحق أبناء الشعب العراقي وكذلك
السياسات الخاطئة التي انتهجها هذا الحزب تجاه بعض الدول المجاورة. فقد
وافق البرلمان العراق أخير على مشروع قانون يتيح لالاف من أعضاء حزب
البعث المنحل الذي كان يتزعمه الرئيس السابق صدام حسين العودة للحياة
العامة، مما يثير تساؤلات كبيرة عند الشعب العراقي خصوصا ضحايا هؤلاء
البعثيين.
والقانون هو الأول ضمن سلسلة من الإجراءات التي ضغطت واشنطن على
الحكومة العراقية منذ فترة طويلة للموافقة عليها بهدف اجتذاب الاقلية
العربية السنية التي كانت لها الهيمنة في عهد صدام للمشاركة بشكل أكبر
في العملية السياسية.
وقال المتحدث الحكومي علي الدباغ ان القانون يحافظ على حقوق الشعب
العراقي بعد الجرائم التي ارتكبها حزب البعث كما يفيد الابرياء من
أعضاء الحزب مشيرا الى أن القانون يحقق حالة من التوازن.
وطرحت واشنطن قانون اجتثاث البعث عندما كانت تتولى ادارة العراق بين
عامي 2003 و 2004. لكنها أقرت في وقت لاحق بأن الاجراء مبالغ فيه وطلبت
من زعماء عراقيين تخفيفه.
وقال ستافان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة الى بغداد "هذه أنباء
طيبة وخطوة صائبة على الطريق الذي كان ينبغي السير فيه منذ فترة طويلة
نحو تحقيق المصالحة الوطنية. من المهم أن تكون هذه العملية شاملة بقدر
الامكان."
والقانون هو جزء من مساع أوسع نطاقا لانهاء أزمة سياسية شهدت انسحاب
أكبر كتلة عربية سنية من حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي
الشيعية في أغسطس اب الماضي.
وقال رشيد العزاوي العضو السني في اللجنة التي ساعدت على وضع مشروع
القانون ان الموافقة على القانون علامة طيبة على احراز تقدم وستعود
بفائدة كبيرة على البعثيين. وتابع أن القانون أقر بسلاسة وأن المعارضة
كانت قليلة.
ولمح برهم صالح نائب رئيس الوزراء وأكبر مسؤول كردي في مجلس الوزراء
الى أنه سيتم تنفيذ تغييرات سياسية أعمق في المستقبل. وقال خلال مقابلة
في مدينة السليمانية الكردية ان مقاطعات السنة واخرين قوضت قدرة
الحكومة على مواجهة التحديات وان الوقت حان من أجل التغيير.حسب رويترز.
وأبدى زعماء شيعة وأكراد ترددا ازاء فكرة مكأفاة أشخاص يلقون على
عاتقهم مسؤولية الاضطهاد الذين تعرضوا له في عهد صدام.
وسيسمح القانون الجديد للالاف من أعضاء حزب البعث السابق بالعودة
الى وظائفهم السابقة في الحكومة والجيش في حين ستقدم معاشات التقاعد
لمجموعة أصغر من الاعضاء البارزين في الحزب السابق الذين ما زالوا
ممنوعين من شغل وظائف حكومية. ويمكن لضحايا القمع في عهد صدام أن
يقاضوا أعضاء حزب البعث للحصول على تعويضات.
من جانبه قال عضو مجلس النواب عن (جبهة التوافق العراقية) رشيد
العزاوي ، عقب إنتهاء جلسة البرلمان " تم التصويت (بالموافقة) على
مشروع القانون، مع التعديلات التي اجريت عليه ( أي النسخة المعدلة)،
وبالأغلبية الساحقة."حسب وكالة أصوات العراق
وخلال مناقشات البرلمان ، دعا عضو مجلس النواب عن (جبهة التوافق)
عبد الكريم السامرائي الأعضاء إلى التصويت على "النسخة الأصلية لمشروع
قانون المساءلة والعدالة، والتي قدمتها الحكومة إلى البرلمان، وليس على
النسخة المعدلة"، في حين طالب رئيس (حزب الفضيلة الإسلامي) حسن الشمري
إلى "حل لجنة اجتثاث البعث".
وقال السامرائي، في الجلسة، إن "نص مشروع هذا القانون قد انجز بناء
على اتفاق سياسي بين الحكومة العراقية وقادة الكتل البرلمانية, في حين
أن التعديلات التي اضيفت هي تعديلات لجنة اجتثاث البعث, وهي افرغت
القانون من محتواه النهائي."
من جانبه، قال النائب الشمري " ادعو إلى حل هيئة اجتثاث البعث
بأغلبية الأعضاء ( أي 139), كما ينص الدستور, لكي يتم تشكيل لجنة جديدة
لتطبيق (قانون) المساءلة والعدالة."
ويشغل (حزب الفضيلة)، الذي يرأسه الشمري، (15) مقعدا في مجلس
النواب.
وعلى صعيد متصل، اعلنت كل من: القائمة العراقية الوطنية، وجبهة
الحوار الوطني، والكتلة العربية المستقلة، ومجلس الحوار الوطني
والمستقلون من (جبهة التوافق)، رفضهم وعدم تصويتهم لقانون (المساءلة
والعدالة).
وانتقدت تلك الكتل البرلمانية، في بيان اصدروه ، مشروع القانون الذي
أقره البرلمان، ووصفوه بأنه "صعب التطبيق."
وقال مصطفى الهيتي (من جبهة الحوار الوطني)، خلال مؤتمر صحفي عقده
ممثلو الكتل المذكورة، مستعرضا نقاط الخلاف الأربعة التي يأخذونها على
القانون "اختفت الناحية الإنسانية من القانون( المساءلة والعدالة)،
لكونه ينص على اسقاط كافة الحقوق على من تثبت مشاركته في جرائم ضد
الشعب العراقي، أو من أثرى على حساب المال العام."
قانون المساءلة قانون غير منصف
من جانبه قال نائب عن كتلة رساليون في مجلس النواب، اعرب عن استيائه
من قانون اجتثاث البعث، واصفا اياه بـ"غير المنصف".
واضاف حسن هاشم "ان قانون المساءلة بصيغته الحالية، هو قانون غير
منصف ونحن نرفضه، ولن نصوت عليه كونه ينصف المجرمين من بقايا حزب
البعث، ولا ينصف الضحايا."حسب وكالة اصوات العراق.
كما قالت مها عادل النائبة عن الكتلة الصدرية "اننا ضد قانون
المساءلة والعدالة بكل صيغه، كونه يصب بخدمة اعضاء حزب البعث المنحل."
معتبرة "ان قانون المساءلة والعدالة محاولة امريكية بالنسيق مع حزب
البعث لعودة البعثيين الى السلطة."
من جهتها، اتفقت نائبة مستقلة في مجلس النواب، مع الرؤية السابقة في
وصفها قانون المساءلة والعدالة بـ"غير المنصف"، وقالت صفية السهيل "ان
القانون المعدل لم يأخذ بنظر الاعتبار الملاحظات التي قدمها الكثيرون،
ونحن نرى أن هذا القانون بصيغته الحالية لم ينصف الضحايا."
وكان رئيس الكتلة الصدرية نصار الربيعي قال في وقت سابق إن التيار
الصدري قدم للبرلمان 20 فقرة تمثل ملاحظات التيار الصدري على القانون.
وأضاف ان التيار سينظر فيما اذا كانت النسخة المعدلة التي ستعرض
على مجلس النواب، تتضمن هذه الفقرات كي يقرر التصويت عليه من عدمه، دون
ان يوضح ماهية هذه الفقرات.
لكن نظرة مغايرة ترى في قانون المساءلة والعدالة بأنه "مجحف بحق
البعثيين"، هذا ماعبر عنه عضو في الجبهة العراقية للحوار الوطني، حيث
شدد محمد الدايني بان "جبهة الحوار ستقف ضد هذا القانون الذي هو أسوأ
من قانون اجتثاث البعث."
نائب اخر، من جبهة التوافق العراقية شدد على ان "شريحة واسعة من
العراقيين ليس بحاجة إلى مثل هذا القانون وكثير منهم لايقفون معه."
واضاف عز الدين الدولة " أن البعثيين يشكلون مساحة واسعة من تشكيلة
المجتمع العراقي ويجب أن لا يتم تقييد حياتهم بمثل هذه القوانين، واغلب
أعضاء التوافق سيصوتون ضد القانون في حال عرض في مجلس النواب للتصويت."
نائب عن الائتلاف العراقي الموحد، وافقه الرأي بضرورة ان تحل
الاشكالات العالقة حول مسودة هذا القانون قبل عرضها على البرلمان،
مبينا "ان الائتلاف العراقي الموحد سيصوت على القانون بعد حل بعض
الاشكالات."
وشدد علي الاديب "يجب أن تعرض المسودة القديمة والتعديلات معا، مع
ضرورة الاطلاع على التعديلات قبل التصويت على القانون، وان الائتلاف قد
سيصوت لصالح القانون في حال الاطلاع على النسخة المعدلة."
وقال النائب عن الائتلاف العراقي الموحد كمال الساعدي، في وقت سابق
"ان ارجاء قانون المساءلة والعدالة تم بسبب اضافة فقرتين للنسخة
المعدلة، تتعلق بحقوق اعضاء حزب البعث المنحل، منها ما ينص بعدم منح
عضو فرقة فما فوق مقاولات من الدرجتين الاولى والثانية، والفقرة الاخرى
تتعلق بعدم منح عضو فرقة فما فوق ممن تثبت ادانته راتب تقاعدي."
من جانب اخر، قال عضو في التحالف الكردستاني (58مقعدا)، ان جبهته
تؤيد هذا القانون وستصوت لصالحه اثناء عرضه للتصويت داخل مجلس النواب.
واضاف محسن السعدون " أن التحالف الكردستاني ليس لديه أي تحفظ على
هذا القانون، وان التحالف سيطلع على التعديلات التي أجريت على القانون
ومن ثم سيصوت الصالح القانون."
كما قال النائب عن قائمة الرافدين يونادم كنا، ان عدد المستفيدين من
قانون المساءلة والعدالة يقارب الثلاثين الف شخص.
وبين كنا " ان هذا القانون يسهم بالمصالحة الوطنية، و يختلف عن هيئة
اجتثاث البعث في الية التطبيق."
بوش يثني على القانون
من جانبه اثنى الرئيس الامريكي جورج بوش على القانون الجديد الذي
صدق عليه مجلس النواب العراقي والقاضي بالسماح لاعضاء حزب البعث المنحل
بالعودة الى الحياة العامة.
ووصف بوش القانون الجديد بأنه يمثل خطوة مهمة نحو المصالحة الوطنية.
وقال بوش "إنه (اي القانون) يعتبر خطوة مهمة نحو المصالحة الوطنية،
وهو يبرهن على ان الزعماء العراقيين يفهمون ان عليهم العمل سوية من اجل
تحقيق تطلعات الشعب العراقي."
ويبقى الشارع العراقي متسائلا لماذا ترك البرلمان العراقي كل
الملفات الاخرى مثل ملف الخدمات والفساد والبطالة والاعمار وصوت على
عودة البعثيين..؟ |