شارع المتنبي في بغداد وأمل في عودة الأيام الحميمية

شبكة النبأ: شارع المتنبي وحلم العودة الى سالف العهد الجميل في ذلك الجمع المتحرك بهدوء بين الكتب التي تتشمس فوق الممرات والأرصفة فيما تنظرها العيون المتطلعة الى المعرفة.

هذه الأمنيات او الأمنية يتقاسمها الكتبيون ممن امتهنوا هذه التجارة كأجمل تجارة تعنى بالمعرفة والتطلع الى المستقبل.  

وتمنى كتبيون في شارع المتنبي، أن يعود شارعهم إلى سابق عهده بارتياد كبير من قبل المثقفين العراقيين ورواد الشارع الذين اعتادوا زيارته يوم الجمعة لاقتناء ما يشاؤون من الكتب والمطبوعات التي يفترشها باعة الكتب فيه.

نعيم الشطري، الكتبي المعروف بمزاده لبيع الكتب يوم الجمعة، أفتتح مزاده بعبارة راح (سوف) أبيع راح أصالح /امصالحك يا أبو ربيع /مصالحك لأجل الثقافة /للعلم ما مش كلافة (كلفة).

مؤسس مزاد الكتب في يوم الجمعة، الكتبي نعيم الشطري قال لوكالة (أصوات العراق): أنا متفائل جدا بعودة الشارع، الذي بدأ ينتعش شيئا فشيئا، رغم التأخر الحاصل في إعادة أعماره، فسوق الكتب سيكون أفضل من السابق، لأن رواد الشارع بدأوا يتوافدون عليه لاقتناء الكتب، والعراقي يبقى القارئ الأول بين الدول العربية، برغم الإرهاب والعنف الطائفي، لذا فشارع المتنبي سيبقى في قلب كل عراقي مهتم بالكتاب والإبداع و الثقافة والتواصل مع الإنسانية، ولن يترك العراقيون شارعهم،هذا المعلم المهم من معالم العراق القديمة.

فيما أوضح الناشر والكتبي مازن لطيف علي:  أن حضور الرواد إلى الشارع أصبح أكثر من السابق نوعا ما، وهناك طلب على الكتب السياسية والفكرية وكتب المذكرات التي تخص العراق، خاصة في هذه الأيام، ولعناصر الصحوة دور في تامين الأمن للشارع، وبالتدريج سيصل واقع شارع المتنبي إلى ما نطمح إليه كباعة ومثقفين عراقيين.

صاحب مكتبة الحنش ، الكتبي كريم حنش ، بين أن وضع الشارع أفضل الآن ، قياسا إلى الثلاث أشهر الماضية، لكنه ليس بمستوى الطموح الذي كان قبل سنتين، وقال مازال المثقف العراقي متخوف من المجيء إلى الشارع، ولازالت أسئلة المواطنين حول كيفية الوصول إلى الشارع، مثار شك وريبة.

وأضاف حنش : الجهد الحكومي يكاد أن يكون ظاهري، بدليل البناء الفوقي لواجهات العمارات في الشارع، دون الاهتمام بالعمارات التي دمرها الانفجار الأخير، وجمعة المتنبي للكتب تقليدية جدا بسبب ما ذكرنا من أسباب، نتمنى أن تواصل الحكومة عملها بصورة جادة ، بتبليط الشارع وتنفيذ حزء من الوعود التي أطلقها السيد نائب رئيس الوزراء أثناء زيارته للشارع، ولا ننسى المبلغ المرصود للشارع من قبل أمانة بغداد، والبالغ 7 مليارات دينار عراقي، هذا الرقم يعتبر خياليا مقارنة بالجانب العملي الذي نراه في الشارع.

صاحب مكتبة عدنان، أخو الشهيد عدنان الذي راح ضحية تفجير شارع المتنبي، الكتبي محمد سلمان قال اعتقد أن سوق الكتب لم يعد مثلما كان، بسبب تأخر أعمار الشارع من قبل أمانة بغداد ودائرة الاثار والتراث التابعة لوزارة الثقافة، فالشارع خرب ومليء بالحفر والأنقاض التي تعيق حركة رواده، وقوالب البناء والأرصفة الجاهزة تفترش الأرض بدل الكتب، وما لم يخربه الانفجار خربته عمليات إعادة الأعمار. نأمل أن تنتبه الجهات المسؤولة لأهمية الشارع  وتسعى لإعادة هيبته

الكتبي احمد العبادي ، نوه إلى سبب أخر، جعل رواد الشارع اقل من السابق، قال هناك ضعف واضح في القدرة الشرائية خصوصا في السنة الأخيرة، لذا هناك قلة إقبال على سوق الكتاب في الشارع، ناهيك عن خوف الرواد من أي توتر أمني، وما خلفه  التفجير ما يزال شاخصا أمامنا.

وأضاف العبادي بعض الجهات الحكومية استغلت ما آل إليه الشارع  لتقوم بصرف مبالغ ضخمة جدا، بحجة أعمار الشارع، حيث المبالغ المرصودة 7 مليارات دينار عراقي، التي لا تعادل القيمة الفعلية للمشروع، وبذلك يستمر نهب البلاد ومشروع أعمار شارع المتنبي خير مثال على ذلك.

صاحب مقهى الشابندر ومطبعة ابن العربي، الحاج محمد الخشالي، الذي دمر مقهاه بالكامل في التفجير الأخير وفقد 5 أولاد راحوا ضحية فيه، قال يا حبذا لو تعمر قلوب ذوي الشهداء من أرامل وأيتام قبل أعمار الشارع وما فيه من مبان وعودة الجمعة فيه إلى أيامها الأولى، لأنه لن يقوم بناء إلا بجهد أصحاب العلاقة.

وأردف الحاج الخشالي، بشأن أعمار الشارع  وزارة الثقافة هي التي أرادت أعمار الشارع  أول الأمر، ولكن بعد قضية وزيرها أسعد الهاشمي، تكفلت أمانة بغداد بأعماره، ومن ثم انسحبت وقالت إننا لن نعمر دواخل المباني، وإنما فقط الواجهات،  وبقي المقهى مدمرا ومطبعة ابن العربي مدمرة أيضا، وهي المتخصصة بطبع كتب التراث، وهناك إضبارة في وزارة الثقافة، تتحدث عن النية  في  أعمار ما تضرر، بعد إجراء كشوفات من قبل شعبتها الهندسية ركزت على المقهى والمطبعة، أعلمت بها شخصيا واستدعيت إلى مقر الوزارة  لدى المستشار الهندسي للوزير في حينه، وأطلعني على مشروع التعمير والمبلغ المرصود له.

وأضاف  فوجئنا بعد ذلك بأن أمانة بغداد هي التي ستعمر الشارع، وحضر نائب رئيس الوزراء د.برهم صالح  مع وفد من المسؤولين العراقيين، لفتح مشروع إعادة أعمار الشارع، وأستبشر أهل الشارع خيرا، لكن خلافات حدثت في أمانة بغداد بشأنه وتعقدت الأمور حول الإنشاءات هل هي تراثية أم لا ؟، وأخيرا سمعنا إن الإعمار توقف  لدواخل المباني، وزارني مستشار رئيس الجمهورية د.جلال الماشطة  قبل التفجير وبعده، لكن للأسف لم يتغير شيء، والأنقاض هي أبرز ما تلاحظه في المتنبي.

ويقع شارع المتنبي في وسط العاصمة العراقية  بغداد بالقرب من منطقة الميدان و  شارع  الرشيد، ويعتبر الشريان الثقافي لأهالي  بغداد والعراقيين عموما، حيث تزدهر فيه تجارة الكتب بمختلف أنواعها و مجالاتها وينشط عادة في يوم الجمعة.

وتوجد في الشارع مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر، كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتباً و مخطوطات نادرة إضافة إلى بعض المباني البغدادية القديمة.

وكان شارع المتنبي تعرض كغيره من مناطق بغداد والعراق لعدة تفجيرات خلال فترة عدم الاستقرار الأمني بعد عام  2003. إلا انه تعرض يوم 5 آذار مارس 2007 إلى هجوم بسيارة ملغمة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 30 متسوقا وبائعا للكتب ،فضلا عن  تدمير العديد من المكتبات و المباني، فتم تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست العام 1908. كما تم تدمير مقهى الشابندر الذي يعد من معالم بغداد العريقة ومطبعة ابن العربي التي تجاوره، إضافة إلى تدمير واحتراق العديد من المكتبات والمطابع والمباني البغدادية الأثرية في الشارع.

 وفي نوفمبر الماضي، وبحضور نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم احمد صالح وجمهرة من الأدباء والمثقفين والمواطنين، رفع الستار عن جدارية خاصة بشارع المتنبي ووضع حجر الأساس لمشروع إعادة أعماره ، وحضر الاحتفالية أمين بغداد  د.صابر العيساوي والفريق الركن قائد خطة فرض القانون وعدد من أعضاء مجلس النواب ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب فاضل ثامر.

سبق ذلك إعلان السلطات الأمنية برفع حظر التجوال يوم الجمعة اعتبارا من أول أيام شهر رمضان الماضي في بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 10 كانون الثاني/2008 - 1/محرم/1429