الدخول موتا او الرحيل طوعا من امريكا لمهاجرين غير شرعيين

شبكة النبأ:  الهجرة هي ظاهرة معقدة ومؤثرة على الصعيد السياسي والانتخابي في امريكا بلد المهاجرين، فبينما يرحل بعض المهاجرين غير الشرعيين من تلقاء أنفسهم فان اخرين يتنقلون داخل الولايات المتحدة تحاشيا لغارات وكالة الهجرة الاتحادية واجراءات لتطبيق القوانين اصدرتها بعض الولايات وسلطات محلية. وحيث تصبح

ومن بينهم مهاجرون لا يحملون وثائق في مارشال تاون في ايوا حيث القي القبض على عمال من المكسيك وامريكا الوسطى في مصنع سويفت اند كو لتعبئة اللحوم في اطار غارات منسقة في ست ولايات قبل عام واسفرت الغارات عن القاء القبض على مئات العمال.

وفي العام الماضي كثفت شرطة الهجرة الأمريكية الحملات في أماكن العمل في انحاء البلاد وتعاونت مع عدد متزايد من القوات المحلية لتدريب ضباط على تطبيق قوانين الهجرة. بحسب (رويترز).

وتزامنت اجواء التشديد مع تراجع الاقتصاد الامريكي لتميل الكفة نحو اختيار العمال المهاجرين الذين يجدون صعوبة في ايجاد فرص عمل للعودة لبلادهم من تلقاء أنفسهم.

وليندي التي هاجرت من المكسيك للولايات المتحدة بشكل غير شرعي وزوجها ماركو انطونيو في الأسابيع التي سبقت عيد الميلاد ليقررا موعد عودتهما لبلدهما.

وعملت ليندي كمصففة شعر في فينيكس والمنطقة المحيطة بها لمدة ثلاثة اعوام ولكنها تعتقد الان ان الوقت قد حان للعودة لمسقط رأسها في اجواسكالينتيس بوسط المكسيك.

وقالت ليندي بحسب تقرير لرويترز: التي طلبت عدم نشر اسمها الأخير: الوضع اصبح صعبا جدا حتى أنه يبدو انه لم يعد امامنا الكثير من البدائل.

والزوجان ضمن اعداد متزايدة من المهاجرين غير الشرعيين في ارجاء الولايات المتحدة بدأوا يحزمون حقائبهم والتنقل مع اتساع نطاق الحملة ضد المهاجرين الذين لا يحملون وثائق وتباطؤ الاقتصاد الامريكي لتتحول الرحلة المعتادة للوطن لتمضية عيد الميلاد الى رحلة ذهاب بلا عودة.

وفي الوقت ذاته رفض الكونجرس الأمريكي مشروع قانون يسعى لمنح عدد كبير من 12 مليون مهاجر غير شرعي سبيلا لنيل وضع قانوني في الولايات المتحدة مما شجع كثيرا من الولايات والسلطات المحلية على اقرار اجراءات خاصة تستهدف العمالة غير الشرعية.

ووقف ارنستو جارسيا وهو نجار من كابوركا بشمال غرب المكسيك أمام القنصلية المكسيكية في فينيكس ليملا اوراقا تسمح له واسرته باستئناف حياتهم الى الجنوب من الحدود ويقول: لا زالت مجرد فكرة .. رغم اننا نستعد للرحيل.

وليس هناك احصاء لعدد المهاجرين غير الشرعيين الذين تركوا الولايات المتحدة بالفعل نظرا لان كثيرين يتوجهون بكل بساطة جنوبا لعبور الحدود في سيارات تحمل امتعتهم خلال فترة عطلة عيد الميلاد التي تشهد نزوحا سنويا او يستقلون طائرات الى وجهات اخرى.

وتقول مصادر قنصلية مكسيكية في فينيكس انها تشهد زيادة في عدد المهاجرين الذين يتقدمون بطلبات ليحصل اطفالهم الذين ولدوا في الولايات المتحدة على الجنسية المكسيكية مما يتيح لهم الالتحاق بمدارس في المكسيك.

كما أن هناك زيادة في طلبات تسمح للاسر بحمل اجهزة منزلية للمكسيك دون سداد رسوم استيراد.

ويقول افراد في الجالية البرازيلية في شمال شرق الولايات انهم بدأوا يشهدون زيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعودون لوطنهم في الاشهر الاخيرة.

وقال فاوستو مينديز دا روشا المدير التنفيذي لمركز الهجرة البرازيلي في بوسطن "بدأوا يضعون في الاعتبار الخوف الدائم من الاحتجاز والترحيل وقرر كثيرون المغادرة.

ويذكر بعض المهاجرين العائدين التباطؤ في اقتصاد الولايات المتحدة كاحد العوامل وتراجع قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى مما قلص قيمة تحويلاتهم لاعالة اسرهم في بلادهم.

ترك اليسيو كارفاليو (66 عاما) زوجته وأربعة اطفال في البرازيل عام 2001 حين بدأ رحلته للبحث عن عمل في بوسطن، ومنذ ذلك الحين تمكن من سداد نفقات تعليم اطفاله من عمله في مطعم ولكنه ينوي الآن العودة في فبراير شباط.

وقال: الأجور منخفضة حقا وتكلفة المعيشة مرتفعة، كما اننا نتعرض لاستغلال مفرط في العمل هنا ومطالب كثيرة.

ويعرف موزيس جارسيا وهو مواطن أمريكي قدم من المكسيك قبل 18 عاما كثيرا من الأسر التي أضيرت في غارة عام 2006 من خلال الكنيسة وعمله في قطاع العقارات ويقول ان معظم العاملين انتقلوا لولايات اخرى ولم يعودوا للمكسيك.

وقال: شعروا انهم ليسوا محل ترحيب هنا. انتقلوا لمينيسوتا واتلانتا ونبراسكا وكاليفورنيا.

الهجرة تحديا للموت للوصول للولايات المتحدة

وفي الاتجاه الاخر فان الهجرة الى الولايات المتحدة رغم اخطار الموت والوقوع في حبائل المحتالين لازالت قائمة على قدم وساق، فق حاول جورجي شقيق ماريا جالبان أربع مرات القيام بالرحلة سرا من كوبا الى فلوريدا وفشل.. والان تخشى عائلته أن تكون محاولة خامسة للهجرة تنتهي بوفاته في البحر..

كان جالبان وزوجته وطفلاه بين نحو 40 كوبيا يقول عن أقارب ومقيمون أنهم غادروا كوبا على متن زورق بنهاية الشهر الماضي.. ولم تعرف السلطات وعائلاتهم أي شيء عنهم منذ ذلك الوقت.

وقالت ماريا جالبان وهي تعرض صورة لابنة وابن شقيقها في بلدة ببريكو الصغيرة الواقعة على بعد 200 كيلومتر من هافانا قرب منتجع فاراديرو: كان يريد أن يكون مع شقيقي الاخر (في الولايات المتحدة) اذ أنهما أكبر مني وكانا يريدان دائما أن يكونا معا.. ولم يعثروا على أي أثر لهم.

وكان جالبان (42 عاما) مثابرا في جهوده للانتقال للولايات المتحدة بالرغم من أن الامر انتهى به مرتين في السجن في جزر الباهاما كما أعادته السلطات الامريكية لكوبا في محاولتين اخريين.

وهذه المرة انضم جالبان وأسرته لمئات من الكوبيين الذين غادروا البلاد منذ أن سلم الزعيم الكوبي فيدل كاسترو مؤقتا السلطة لشقيقه راؤول بعد أن أجريت له جراحة عاجلة قبل أكثر من 16 شهرا، ولم يظهر كاسترو علانية منذ ذلك الوقت.

وسجل الان عدد الكوبيين الذين رصدتهم السلطات الامريكية وهم يحاولون الوصول للاراضي الامريكية أعلى معدلاته منذ الرحيل الجماعي عام 1994 عندما حاول عشرات الالاف من الكوبيين التدفق على الولايات المتحدة.

وبمقتضى قوانين الهجرة الامريكية تجرى اعادة الكوبيين الذين يتم رصدهم في البحر ولكن من يصلون الى الاراضي الامريكية يسمح لهم دائما تقريبا بالبقاء.

وتلقي كوبا باللوم على هذه السياسة في تشجيع الكوبيين على المخاطرة بحياتهم على متن سفن أو قوارب تهريب، ويقول منتقدون ان هذه الهجرة تعكس الاستياء من المصاعب الاقتصادية في البلاد.

وانضم جالبان وأسرته في محاولتهم للهجرة الى اخرين من بريكو ومارتي في اقليم ماتانزاس حيث تشق السيارات والدراجات طريقها وسط حقول قصب السكر وطرق بها لافتات مكتوب عليها شعارات ثورية.

وقالت عائلات من غادروا انهم لم يعرفوا أي شيء عن الرحلة وعلموا بها فقط في وقت لاحق ولكن يأملون معرفة أي أخبار عن أقاربهم وهم يستعدون لاحتفالات نهاية العام، ونادرا ما يختفي المهاجرون.

وقال جورجي جارسيا الذي غادر ابن عمه وزوجته أيضا على متن الزورق المفقود: الامل هو اخر شيء نفقده خاصة وأنهم لم يعثروا حتى على حذاء ولا على أي شيء، نأمل أن يكونوا على متن سفينة ما أو وصلوا الى جزيرة... لقد نشأنا معا وهو أكثر من ابن عمي أنه أخي.

ويبحر المهربون على متن قوارب يطلق عليها قوراب السجائر في المياه الكوبية لنقل ركاب يدفع أقاربهم في الولايات المتحدة أحيانا ما يصل الى ثمانية الاف دولار لجلب ذويهم الى الساحل الامريكي.

ووفقا للاحصاءات الامريكية رصد خفر السواحل 2868 كوبيا وهم يحاولون الوصول للولايات المتحدة خلال عام 2007 . وهذا هو أعلى رقم منذ عام 1994 عندما حاول أكثر من 35 ألفا الوصول الى الولايات المتحدة.

ووافقت واشنطن على منح 20 ألف تأشيرة دخول للبلاد سنويا لمن يسعون للهجرة ولكن عملية اصدار التأشيرات تواجه خلافات.

قالت البعثة الامريكية في هافانا ان الاعمال القنصلية واجهت هذا العام عقبات في حين تقول كوبا ان السلطات الامريكية تؤخر صدور التأشيرات لاضعاف الحكومة.

وصرح الفتنانت كوماندر كريس اونيل المتحدث باسم خفر السواحل في ميامي بأن السلطات علمت بالزورق المفقود في السادس من ديسمبر كانون الاول بعد تلقي مكالمات هاتفية من عائلات المفقودين ومكتب عضو مجلس النواب الامريكي من فلوريدا لينكولن دياز بالارت.

وبحثت طائرة تابعة لخفر السواحل الامريكية عن الزورق الذي أبلغ بعض الاقارب المسؤولين الامريكيين بأنه يحمل على متنه 40 فردا.

وقال اونيل أن البحث لم يسفر عن ظهور حطام أو أي اشارات أخرى على وجود الزورق ولم ترد تقارير للسلطات تفيد بانقلاب أي قوارب كما لم تصل رسائل استغاثة من المنطقة المعنية.

وأضاف بمجرد أن علمنا باحتمال أن يكون هناك مفقودون في البحر حاولنا اعداد قضية ولكن الناس الذين اتصلوا بنا لم يزودونا بمعلومات كافية.

الابرشيات الامريكية منقسمة بشأن مساعدة المهاجرين

القس لاري كريبس لا يتحدث الاسبانية وليس لديه اي فكرة بشأن ما يتعين على أمريكا عمله فيما يتعلق بالهجرة غير المشروعة لكنه يعلم الان ان اسمه على قائمة المستعدين لمساعدة المهاجرين بشكل غير مشروع في أوقات الازمات. بحسب رويتر.

بدأ الامر صغيرا. قبل عدة أشهر كان احد رعايا ابرشية كريبس في أوهايو يبحث عن مكان يلتقي فيه السكان من أصول لاتينية وعرض كريبس مكانا في كنيسة جون وزلي يونايتد الاصلاحية، واعقب ذلك بدء دروس عن الهجرة كل أحد منذ أغسطس اب الماضي.

وبعد بضعة أيام وبعد اتصال هاتفي تحذيري ظهر عشرات من المهاجرين اليائسين الفارين من حملة على مصنع دواجن قريب على ابواب الكنيسة طالبين ملاذا امنا.

وسمح لهم كريبس بالدخول وبدأ رعايا ابرشيته ومعظمهم من البيض العمل على الفور، بعضهم احضر الطعام وبعضهم أعد مكانا في قاعة التمارين الرياضية وغرفة الانشاد لينام فيه المهاجرون.

وتذكر كريبس وهو واقف في المطبخ الهادئ حاليا بالكنيسة حيث كانت تعد وجبات الطعام: احدهم نقدني مئة دولار لشراء أغراض، كانت ليلة مشحونة اذ كانت الاسر وكريبس نفسه يخشون من أن تأتي الشرطة او مسؤولون اتحاديون.

وقال كريبس: لم اكن واثقا من الناحية القانونية ما اذا كان يحق للشرطة دخول مكان عبادة.. لكننا رأينا الامر ببساطة هو .. ما كان يمكن ان يفعله السيد المسيح.. ان تساعد أولا ثم توجه الاسئلة فيما بعد.

لكن مساعدة مهاجرين بشكل غير مشروع أصبحت عملا لا يحظى بشعبية في أمريكا، فعلى صعيد حملات انتخابات الرئاسة تراجع كل من الجمهوريين والديمقراطيين عن أي تأييد سابق لمهاجرين بشكل غير مشروع والمواطن الامريكي العادي يتعامل بالحرص نفسه في مواجهة ردة قوية ضد 12 مليون مهاجر بشكل غير مشروع.

وأظهر استطلاع اجرته لوس انجليس تايمز ومؤسسة بلومبرج لقياس الرأي العام هذا الشهر أن ثلث الامريكيين يريديون حرمان المهاجرين بشكل غير مشروع من الخدمات الاجتماعية بما فيها الدراسة والرعاية الصحية الطارئة.

والازمة السياسية المتعلقة بالهجرة في أمريكا وتصاعد حملات ترحيل العمال الذين لا يحملون اوراق اقامة دفعت بالازمة اليومية للمهاجرين بشكل غير مشروع الى يد أشخاص مثل كريبس.

وساعدت سوزان وودوارد (54 عاما) في اطعام الاسر الخائفة التي اقامت في كنيسة جون وزلي لمدة يومين، لكنها تعلم أن ليس جميع رعايا ابرشيتها يرون ان على الكنيسة مساعدة المهاجرين بشكل غير مشروع، ونتيجة لذلك فان تقديم المساعدات لهم في ذلك الوقت ومنذ ذلك الحين يتم في هدوء.

وتعمل سيلفيا كاستيلانوس الناشطة في التحالف من اجل حقوق وكرامة المهاجرين بهدوء داخل الكنائس في أوهايو بجلسات توعية في الابرشيات بشأن معاناة المهاجرين.

وتقول ان القساوسة حتى الان رحبوا جميعا بالحوار لكن مرتادي الكنائس الذين يحضرون جلسات التوعية ليسوا جميعا من المتحمسين.

واندلع الجدل حول الهجرة بقوة في باتلر حيث ادى تدفق المهاجرين الكبير الى فتح متاجر للبقالة والمخابز المكسيكية ويقول المعارضون ان اللاتينيين يأتون بالجرائم ويشكلون ضغوطا على المدارس والمستشفيات ويأخذون الوظائف من الامريكيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1 كانون الثاني/2008 - 21/ذو الحجة/1428