ملف تخصصي: أهم المشاكل التي تواجه إسرائيل في العام 2008

إعداد: علي الطالقاني*

شبكة النبأ: دولة إسرائيل (بالعبرية: מדינת ישראל) هي دولة  برلمانية تُعتبر - حسب قوانينها- دولة يهودية وديمقراطية [1]. يعتبر معظم مواطني الدولة يهودا بديانتهم أو بقوميتهم[2]، ولكن من بينهم أقلية عربية كبيرة من المسلمين والمسيحيين وكذلك من الدروز ويطلق عليهم مسمى عرب إسرائيل أو عرب الـ48[3].

تأسست إسرائيل في 14 أيار/مايو 1948م  حيث تم إعلانها من قبل المجلس اليهودي الصهيوني في فلسطين في اليوم المتمم لفترة الانتداب البريطاني حسب قرار الأمم المتحدة وحكومة بريطانية، وفي ظل حرب بين العرب واليهود أسفرت عن النكبة الفلسطينية وإبادة الكثير من المدن والقرى الفلسطينية حيث أصبح سكانها لاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي بعض البلدان العربية.

وقد أعلنت دولة إسرائيل هدفا لها استقبال اليهود الذين تم ترحيلهم من شرقي أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وتوطينهم في الدولة اليهودية، وكذلك استقبال اليهود من جميع أنحاء العالم.

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية انشغالات على الصعيدين الداخلي والخارجي ومع اقتراب السنة الجديدة لعام 2008، تبقى إسرائيل تواجه مصاعب غير مسبوقة النظير خلال الستين عاما الماضية.

* على الصعيد الداخلي:

التطورات التي أعقبت صعود تيار الليكود وإضعاف تيار العمل، أدت لاحقاً إلى انقسام الليكود إلى جناحين الأول احتفظ باسم الليكود الأصلي بقيادة بنيامين نتينياهو ويغلب عليه الطابع الديني، أما الثاني فقد حمل اسم كاديما بقيادة إرييل شارون ويغلب عليه الطابع الديني – الذرائعي، وبعد تولي إيهود أولمرت زعامة كاديما بات الحزب معرضاً للانقسامات بعد هزيمة صيف 2006م في مواجهة حزب الله وصدور المؤشرات العامة لتقرير فينوغراد.

تقول المؤشرات والتكهنات ان الصراع السياسي سوف يدور خلال العام القادم، بين قوى رئيسية هي: كاديما، العمل، الليكود، وقوى صغيرة تتمثل في مجموعة من الأحزاب الدينية والسياسية الإسرائيلية الصغرى مثل حزب إسرائيل بيتنا وحزب شاس وغيرها. وبسبب تقارب موازين القوى بين الأحزاب الإسرائيلية الثلاثة الكبرى، فإن الأحزاب والجماعات الصغيرة سوف تجد فرصة كبيرة للحصول على المزيد من المزايا عن طريق القيام بالمناورة والالتفاف على خطوط الصراع بين القوى الكبرى. بكلمات أخرى، فإن الأحزاب الكبرى سوف تحصل على وزن أكبر إذا نجحت في ضم وتجميع القوى الصغيرة إلى جانبها، وبالطبع فهي لن تستطيع ذلك إلا بتقديم الكثير من التنازلات لإرضاء هذه القوى.

كذلك تقول التوقعات بأن حزب كاديما سوف يواجه الكثير من الخلافات والتصدعات بسبب صراع الأجنحة الذي بدأ وسوف يتصاعد بين رئيس الوزراء وزعيم الحزب الحالي إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني الطامحة إلى زعامة الحزب ورئاسة الوزارة.

وبالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، فإن همومه كالعادة ترتبط بالحساسية الفائقة إزاء مهددات الأمن الإسرائيلي بسبب عقدة الخوف إزاء احتمالات انتهاء دولة إسرائيل والعودة إلى حالة الشتات اليهودي مرة أخرى.

أبرز القضايا:

* الانتخابات الرئاسية الأمريكية: أن مجيء رئيس أمريكي مؤيد وداعم لإسرائيل هو الضمانة الرئيسية لتعزيز شعور الإسرائيليين بالأمن إزاء البيئة الشرق أوسطية الحافلة بالتهديدات والخصوم. وحالياً يعتبر رود غولياني المرشح الجمهوري اليميني المتطرف (الذي طالب أمريكا بإشعال الحرب في الشرق الأوسط ضد سوريا ولبنان وإيران والأراضي الفلسطينية من أجل تأمين إسرائيل) هو المرشح الأفضل بالنسبة للإسرائيليين.

* كفاءة الجيش الإسرائيلي: ينظر الرأي العام الإسرائيلي إلى الجيش الإسرائيلي باعتباره الساعد القوي الذي تستخدمه وتعتمد عليه إسرائيل في ردع وتدمير كل القوى المهددة لها، ولكن هزيمة جنوب لبنان وما ترتب عليها من نتائج أدت إلى بروز الكثير من المخاوف إزاء قدرة وفعالية الجيش الإسرائيلي في المواجهات القادمة المحتملة. ويشير أحدث التقارير إلى انخفاض قدرات القوات البرية الإسرائيلية وتحديداً المشاة والقوات الخاصة التي انخفضت قدرتها القتالية كثيراً من جراء الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا وعدم خوض التجارب الحقيقية ونفور الشباب الإسرائيلي من العمل في هذه المجالات والاعتماد المتزايد على المجندين والذين لا يمكن الاعتماد عليهم كعسكريين محترفين.

* صعود حركة حماس: اطمأن الرأي العام الإسرائيلي بعد اتفاقيات أوسلو إلى أن الخطر الفلسطيني لم يعد ذلك الخطر الرئيسي المهدد لأمن إسرائيل وأصبح يندرج ضمن مخاطر التهديد الثانوية لإسرائيل، ولكن بعد صعود حركة حماس تزايد الخطر الفلسطيني من جديد وعاد ليندرج ضمن مخاطر التهديد الرئيسية.

* الملف النووي الإيراني: أصبحت تصريحات الزعيم الإيراني أحمدي نجاد المتعلقة بـ"إزالة إسرائيل من الخارطة" تشكل هاجساً ينذر بالخطر ومؤشراً لرفع المخاوف إزاء وجود إسرائيل، وعلى خلفية توظيف الإعلام الإسرائيلي والأمريكي لهذه العبارة، انتاب الشارع الإسرائيلي هوس عقدة الخطر الإيراني المحدق، وتشير المعلومات إلى أن الأغلبية العظمى في الشارع الإسرائيلي ترى ضرورة أن تتصرف إسرائيل بمفردها لدرء الخطر الإيراني إذا أصرت الولايات المتحدة على عدم التدخل، وحالياً، كما تقول المعلومات أيضاً، فإن هناك بعض الشركات الإسرائيلية التي تسعى لبناء ملاجئ لحماية الإسرائيليين وتحديداً القدس من الخطر النووي الإيراني في حال اندلاع المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية أو الإسرائيلية، الأمريكية – الإيرانية. هذا وضمن استعدادات المواجهة مع إيران تنشط الوكالة اليهودية للهجرة حالياً في عملية إخراج اليهود الإيرانيين إلى خارج إيران.

* مشكلة الصواريخ الفلسطينية: يعود اهتمام الشارع الإسرائيلي بهذه المشكلة بسبب إدراكه التام لأبعادها العسكرية المستقبلية، فالصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون حالياً تهدد المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة، ولكن المخاوف تتمثل في احتمالات أن تقوم الفصائل الفلسطينية بتطوير قدراتها الصاروخية، وتركيب الرؤوس الكيميائية عليها، على النحو الذي يجعل الساحة الفلسطينية مكشوفة إزاء صراع حرب كيميائية صاروخية فلسطينية – إسرائيلية، تلحق بإسرائيل خسائر بشرية لا يمكن تعويضها مهما فعلت، وحتى إن قضت على الفلسطينيين الموجودين في قطاع غزة والضفة، فإن هناك أضعاف الفلسطينيين موجودين في المناطق الأخرى، ويستطيعون بكل سهولة تعويض الخسائر البشرية الفلسطينية.

* مشكلة المستوطنات والاستيطان: تمثل المستوطنات وسياسية الاستيطان وتهجير اليهود إلى إسرائيل القوام الأساسي لبناء إسرائيل ديموغرافياً، وينظر الشارع الإسرائيلي إلى عملية بناء القوام الديمغرافي اليهودي باعتبارها أحد العوامل الرئيسية لقوة إسرائيل الإستراتيجية، ولما كانت عملية بناء المستوطنات تخضع لاعتبارات عسكرية وأمنية متعلقة بنشر المستوطنات في المواقع ذات القيمة الجيو-ستراتيجية العالية عند حدوث المواجهات العسكرية وللاعتبارات التلمودية المتعلقة بمدى القيمة المقدسة أو قداسة الموقع بالنسبة للتراث الأسطوري اليهودي المتعلق بخارطة مملكة الرب هرمجدون التي سيقوم المسيح اليهودي ببنائها على أرض الميعاد التوراتية المقدسة. لذا، فإن عدم بناء المزيد من المستوطنات القائمة هو أمر بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي يندرج ضمن بنود المحرمات التلمودية والتوراتية.

* مشكلة السلام مع سوريا: برغم عدم الاهتمام بالسلام مع سوريا من قبل الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية فإن الرأي العام الإسرائيلي يدرك حقيقة أن السلام مع سوريا معناه نسبة كبيرة من مخاطر التهديدات العربية للوجود الإسرائيلي قد انتهت،

* السياسة الخارجية:

تعاني السياسة الخارجية الإسرائيلية من مشكلة "التمدد العابر للحدود" وقد أدى الإحساس الإسرائيلي بعدم الاعتراف بالآخر، إلى تهافت إسرائيل في إقامة علاقات دبلوماسية مع أي بلد في العالم مهما كانت المسافة الجغرافية بعيدة ومهما كانت المصالح غير موجودة أو غير ممكنة، والدافع هو مجرد الاحتفاء وتعزيز مشاعر "الاعتراف بالآخر" في إسرائيل.

الانتشار الدبلوماسي الإسرائيلي الواسع النطاق ترتب عليه الكثير من الالتزامات، وتحاول إسرائيل جاهدة إدارة شبكة علاقاتها الدبلوماسية الخارجية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تفادياً لوقوع كارثة دبلوماسية على غرار كارثة ما بعد حرب 1973م عندما قامت الدول الإفريقية بالإجماع بطرد الدبلوماسيين الإسرائيليين وإغلاق السفارات الإسرائيلية بما في ذلك نظام الرئيس موبوتو الذي تلقى تدريبه العسكري في إسرائيل، وقد نجحت إسرائيل في العودة إلى إفريقيا بمساعدة الدبلوماسية المصرية خلال فترة ما بعد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد.

أهمية الانتشار الدبلوماسي الإسرائيلي ترتبط باعتبارات "الأمن السياسي الوقائي" الإسرائيلي لأن هذا الانتشار يعزز قدرة إسرائيل في الالتفاف على الحكومات والدول والحيلولة دون قيامها بالضغط الجماعي على إسرائيل وعزلها دبلوماسياً بسبب جرائمها وانتهاكاتها للقانون الدولي. ولكي ترسخ الدبلوماسية الإسرائيلية أقدامها في البيئة الدولية فإنها تحاول بالتنسيق مع الولايات المتحدة القيام بدور الوسيط الداعم لدول وحكومات العالم في الحصول على المعونات الأمريكية والأوروبية الغربية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك محاولة الإسرائيليين إفهام الأتراك أن طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يمر عبر تل أبيب، وأيضاً محاولة إفهام المصريين والأردنيين بأن تل أبيب تمثل المحطة الرئيسية في مشوار الحصول على المعونات والمساعدات الأمريكية، هذا ويمكن تقييم السياسة الخارجية الإسرائيلية على أساس المؤشرات الآتية:

* اختلال مؤشر توازن "الدور" والـ"مكانة" في النظام الدولي: حيث تتمتع إسرائيل بـ"مكانة" صغيرة في النظام الدولي، فهي لا تملك ثروات ولا تقدم القروض والمساعدات، ولا تمثل رقماً هاماً في موازين التجارة العالمية والاقتصاد العالمي، وبرغم ذلك فإن إسرائيل تحاول القيام بـ"دور" كبير في السياسة الدولية بسبب سيطرة اللوبي الإسرائيلي على كل من القوام المؤسسي للسياسة الخارجية الأمريكية وأداء الدبلوماسية الأمريكية السلوكي الوظيفي في بيئة العلاقات الدولية الراهنة. وإزاء هذا الاختلال، فإن مؤشر توازن الدور والمكانة في السياسة الخارجية الإسرائيلية معرض للانكشاف في أي لحظة خاصة وأنه مهدد بخطرين هما:

* خطر "فقدان المصداقية" لأن إسرائيل على سبيل المثال لن تستطيع أن تفرض على الأوروبيين قبول عضوية تركيا ولن تستطيع إجبار أمريكا على تقديم الأموال والمساعدات لدول العالم التي تؤيد إسرائيل خاصة إذا تزايد عدد هذه الدول على خلفية المزاعم والوعود الإسرائيلية بالدعم الأمريكي، وبالتالي فإن مضي السياسة الخارجية الإسرائيلية في التأثير على دول العالم الأخر عن طريق الوعود بالحوافز الأمريكية سوف يؤدي إلى انكشاف مصداقية المزاعم والوعود الإسرائيلية.

* خطر انهيار اللوبي الإسرائيلي: تزايدت الانتقادات داخل الولايات المتحدة الأمريكية ضد اللوبي الإسرائيلي باعتباره يمثل اليد الخفية التي ظلت تدير وتوجه السياسة الخارجية الأمريكية في الاتجاه الذي يضر بالمصالح الأمريكية، كذلك تزايد مؤشرات الكراهية لليهود الأمريكيين، وبدأت ترتفع بعض الأصوات التي تتهم هؤلاء اليهود الأمريكيين بـ"الولاء المزدوج" لإسرائيل أولاً وأمريكا ثانياً. التورط في حرب العراق والتورط في استهداف سوريا وإيران جميعها أدت إلى توفير الأدلة الكبيرة على دور اللوبي الإسرائيلي وعناصره في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية. وقد بدأت الحملة ضد اللوبي الإسرائيلي داخل أمريكا قبل أكثر من عشرين عاماً بواسطة عضو الكونغرس السيناتور بول فندلي، ولكنها اتسعت حالياً، وأصبحت هناك العديد من الجماعات والمواقع الإلكترونية والأصوات والأكاديميين والآراء المطالبة بوضع حد ونهاية لدور اللوبي الإسرائيلي الخفي داخل الولايات المتحدة. وبالتالي فإن أي ضعف أو انهيار للوبي الإسرائيلي معناه انهيار الدعم الأمريكي لإسرائيل وهو الأمر الذي يمثل بالنسبة للإسرائيليين النذير بكابوس القيامة والفناء.

تحديات تواجه اليهود

في مؤتمر اقامه " مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي "، والذي حضره قادة إسرائيل رؤساء الجاليات اليهودية، ومفكرين ورجال اعمال يهود من جميع ارجاء العالم، للتباحث في المشاكل التي تواجه الوجود اليهودي في العالم. و ناقش المؤتمر جملة التحديات الاستراتيجية التي تواجه اليهود في العصر الحالي، وذلك بالاستناد الى دراسة وضعها الخبير الاستراتيجي البروفيسور يحزقيل درور ومدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلي الاسبق آفي غيل، وتتضمن تحديد "التهديدات الجغرافية السياسية المركزية التي تعرض وجود الشعب اليهودي للخطر"

وحسب الدراسة فأن التهديدات التي تواجه اليهود:

1- تعاظم " الأصولية " في مواجهة العولمة، ودخول صدام الحضارات مرحلة متطورة، بشكل يؤثر على مستقبل الأنظمة المتحالفة مع الغرب في المنطقة، وإمكانية أن يسيطر الأصوليون على بعض الأنظمة، الى جانب أن يؤدي ذلك الى تطوير شبكات عالمية للجهاد العالمي.

2- "ارهاب " موجه ضد يهود ومؤسسات يهودية في العالم، يترافق وقدرة ابادة متعاظمة من مسلمين متطرفين ومن افراد.

3- تعميق عدم الاستقرار في الشرق الاوسط في ظل تآكل العناصر الاسلامية المعتدلة.

4- التداعيات الخطيرة للجدل حول دور الولايات المتحدة في العالم، سواء خارج امريكا وحتى داخلها، وإمكانية أن يحدث تغيير في توجه الولايات المتحدة للعب دور في التأثير على ما يجري في العالم، وتحديداً في الشرق الاوسط، حيث تشير الدراسة الى أن إسرائيل ستكون أكثر الدول التي ستضرر من ذلك. وتبدي الدراسة خوفاً خاصاً من إمكانية أن يحدث تآكل تبعاً لذلك في الدور الذي تقوم به المنظمات والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة.

 

5- تحول التورط الأمريكي الحالي في العراق الى أزمة نفسية وطنية لكل الأمريكيين، تذكرهم بتورطهم في فيتنام، الأمر الذي قد يدفع الإدارة الأمريكية الى هجر الجهود لإقامة نظام حكم حليف لها في بغداد، مما يعني أن تتحول أرض العراق الى مركز عمل لحركات الجهاد العالمية التي ستعمل ضد الغرب، وضمن ذلك ضد إسرائيل.

6- تعاظم الهجمات على الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وعلى شرعية اسرائيل في الوجود كدولة يهودية، مما يؤدي الى تردي النفوذ السياسي جماعات الضغط اليهودية.

7- تآكل مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، مما يؤدي الى تغيير شاسع في سياستها في الشرق الاوسط لدرجة تعرض اسرائيل للخطر، يترافق مع تعاظم تعلقها بالنفط.

8- التراجع في التوازن الديمغرافي في اسرائيل بين الفلسطينيين واليهود لصالح الفلسطينيين، الذي يحفز بدوره هجرة اليهود العكسية، ولا سيما لدى اليهود ذوي القدرة على أن يستوعبوا في دول الغرب، والذين يكونون بشكل خاص.

9- صعود قوة الصين والهند واحتياجهما المتزايد لمصادر الطاقة في الشرق الاوسط من شأنهما أن يؤديا بهما الى انتهاج سياسة مؤيدة للعرب.

10- تحذر الدراسة من إمكانية أن تصل القوى المؤثرة في النظام العالمي الى قناعة مفادها أنه من أجل ضمان أمن العالم، فأنه يتوجب حل الصراعات العالمية، وضمن ذلك الصراع العربي الإسرائيلي. وتخشى الدارسة أن يتم فرض حلول على إسرائيل من أجل وضع حد لهذا الصراع لا تتقاطع مع مصالحها.

قيادة غير مؤهلة

من ناحية ثانية اكدت وثيقة سرية ناقشها المؤتمر، وكشفت عنها صحيفة " يديعوت احرنوت " أن هناك مؤشرات مقلقة جدا من الفساد الشخصي والمؤسساتي. وجاء في الوثيقة " انه لا ريب ان اجزاء هامة من القيادة السياسية العليا للشعب اليهودي، بما في ذلك بعض القيادات السياسية الاسرائيلية كانت ولا تزال ذات نوعية استثنائية، كما تشهد انجازاتهم على مدى التاريخ. ومع ذلك تبرز بعض النواقص الواضحة، بما فيها غياب الزعامة الروحية البارزة المقبولة من الجميع ونقص المعرفة الحيوية الاضافية. فالزعماء يعانون من جهل شديد في مجالات حرجة، كعدم المعرفة والفهم في الاليات الثقافية، الروحانية والاجتماعية التي في اطارها سيزدهر الشعب اليهودي، وكذا عدم فهم كافٍ للمحركات التي تصمم المستقبل – كالعلم والتكنولوجيا، الميول الجغرافية السياسية، التطورات في الاسلام، الالية الثقافية، الديمغرافية، آثار العولمة وغيرها ". واضافت الوثيقة " ففي القرن الحالي سيقف الشعب اليهودي أمام تحديات مصيرية تتضمن مخاطر جسيمة وفرص هائلة على حد سواء. مسائل الامن ستحتدم في الوقت الذي تترنح فيه اسرائيل بين السلام والنزاع بما في ذلك من مخاطر وجودية. اليهود بصفتهم هذه سيكونون اهدافا لهجمات الاسلام المتطرف وغيره من الجماعات ". وشددت الوثيقة على الحاجة العاجلة الى تطوير وتحسين القيادة العليا للشعب اليهودي واسرائيل، موصية باعطاء تمثيل زائد في القيادة اليهودية للنساء، لمجموعات من المهاجرين الجدد والزعماء الميدانيين الشباب .  

28% من يهود امريكا فقط صهاينة

وناقش المؤتمر بتوسع اوضاع اليهود في امريكا على اعتبار أن الجاليات اليهودية في امريكا ونشاطها له دور حاسم في تأمين بقاء اسرائيل.واشارت احدى الدراسات التي اعدها كل من خبير الديموغرافيا البروفيسورين سيرجيو ديلا فرغولا والخبير في شؤون التجمعات اليهودية حاييم فاكسمان، وعرضت خلال المؤتمر الى أنه على الرغم من أن 82% من اليهود في أمريكا يؤيدون إسرائيل الا أن 28 % منهم فقط يعتبرون أنفسهم "صهاينة". اللافت من خلال المداولات في المؤتمر أنه حتى قادة العمل اليهودي في العالم لا يؤمنون بأن اسرائيل تمثل مركز " الشعب اليهودي "، كما قال ستيف هوفمان، الذي ترأس "اتحاد الجاليات اليهودية". وحسب دراسة نوقشت خلال المؤتمر فأن 15% فقط من اليهود الامريكيين الشبان يشعرون انهم "قريبون جدا" من اسرائيل مقابل 44 في المائة يشعرون انهم "بعيدون" منها.ومن المعطيات المقلقة التي اطلع عليها المؤتمرون هو انخفاض عدد اليهود في العالم. حيث تبين من خلال الاوراق التي عرضت أن عدد اليهود في العالم سيواصل الانخفاض بسبب ميل الشباب اليهود للزواج من غير اليهود بنسبة عالية، الى جانب انخفاض الولادة في التجمعات اليهودية في العالم، مشيرة الى أن الجاليات اليهودية في امريكا تعتبر مثال واضح على ذلك. واكدت إحدى الدراسات أن عدد اليهود في اوروبا انخفض منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي بعشرة اضعاف. من ناحيته قال يسرائيل وولمان من قادة اليهود في امريكا من خطورة تواصل انخفاض عدد اليهود في العالم، على اعتبار أن ذلك خطر وجودي على اسرائيل. وقال أن دولة اسرائيل " سيصعب عليها البقاء في عالم قليل اليهود، نوعيا وكميا، ولن يبقى يهود الشتات من جهتهم بغير المرساة التي تُكونها اسرائيل لهويتهم، وأمنهم الشخصي، واعتقادهم ". وناقش المؤتمر الميزان الديموغرافي بين اليهود والفلسطينيين داخل اسرائيل، حيث تبين من خلال الدراسات التي عرضت أن معدل الزيادة لمجمل السكان الفلسطينيين في اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة ضِعف زيادة اليهود تقريبا. وكان تقرير سابق ل " معهد تخطيط السياسة للشعب اليهودي " قد اكد أن العامل الأساسي المسؤول بشكل أساسي عن تدني عدد اليهود في العالم هو التعريف الذي تضعه الديانة اليهودية لمن هو يهودي، حيث يعتبر الانسان يهودياً إن كان قد ولد لأم يهودية، بغض النظر عن ديانة والده. وأشار التقرير الى أن اعتماد هذا التعريف ساهم في توجه عدد كبير من اليهود الى التحلل من اليهودية والاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، سيما في الولايات المتحدة. وينوه التقرير الى أن هذه القضية ظهرت بقوة مع موجات الهجرة الضخمة إلى اسرائيل التي بدأت في العام 1990 واستمرت حتى العام 1999، حين هاجر إلى إسرائيل مليون مهاجر، إذ أن المؤسسة الدينية لم تعترف بيهودية حوالي ثلث المهاجرين، إلى أن اضطر قسما كبيرا منهم للشروع بعملية تهويد جديدة، وحتى الآن هناك 300 ألف شخص في إسرائيل يعتبرون أنفسهم يهودا وترفضهم المؤسسة الدينية، وهناك قرابة 29 ألف مهاجر ضمن عائلات يهودية، حافظوا أو انتقلوا للديانة المسيحية، ولكنهم "ينعمون" بقانون الهجرة القائم. ويضيف التقرير أن عدد اليهود (المعترف بهم) في الولايات المتحدة 5,27 مليون نسمة، ولكن لو اعترف بيهودية اولئك الذين آباءهم يهود لكان عدد اليهود اليوم في الولايات المتحدة عشرة ملايين نسمة.

ويأتي الحديث عن انخفاض عدد اليهود في العالم في ظل ما كشفت عنه القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي مؤخراً حول قيام منظمات إسرائيلية بتهويد قبائل هندية ونقلها الى إسرائيل. وقالت القناة أن منظمة اسرائيلية تتلقى دعماً من منظمة يهودية امريكية تدعى " صندوق الأخوة "، قامت باغراء قبيلة هندية فقيرة تعيش على الحدود الهندية الصينية، ونجحت في اقناع افرادها أنه في حال قبلوا بالتحول للديانة اليهودية، فأنه سيتم نقلهم الى إسرائيل حيث يتمتعون بحياة ذات مستوى معيشي متطور. ونوهت القناة الى أن حاخامات يهود قدموا الى أماكن تواجد هذه القبيلة وقاموا بتهويد افرادها حسب الديانة اليهودية. وأشارت القناة الإسرائيلية الى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها المنظمات اليهودية بإستغلال الأوضاع البائسة لبعض القبائل الفقيرة في الهند وتقوم بتهويدهم ونقلهم الى إسرائيل. من ناحيته قال الحاخام يحيئل اكشتاين، وهو مدير منظمة " صندوق الأخوة "، التي تولت عملية تهويد ونقل افراد القبائل الهندية الى اسرائيل أنه على الرغم من أن افراد هذه القبائل لم يكونوا يهود، إلا أن لهم جذور يهودية زاعماً أنهم ينتمون الى قبائل " بني منشيه "، اليهودية التي كانت تعيش في منطقتي الهند والصين. وكان المؤتمر الذي عقد العام الماضي قد الى مواصلة احياء ذكر ى ما اسماه ب " المحرقة " التي تعرض لها اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وإلى عدم إسقاط مسألة "المحرقة" عن جدول أعمال جميع الدول والمجتمعات التي يعيش اليهود فيها. ويضيف التقرير قائلاً " الذاكرة التاريخية هي مركّب أساسي ومميز خاص للهوية اليهودية، على صعيد الفرد، والصعيد العام ". ويضيف " "تذكّر" هي وصية أساسية في اليهودية، ولها أهمية مركزية من ناحية التواصل التاريخي والشعور بالمصير المشترك، فالكارثة (المحرقة) هي إضافة مأساوية ". ويوصي التقرير بتنظيم حملات دعائية واعلامية لتذكير العالم بالمحرقة عن طريق زيادة النصب التذكارية والمعاهد والمتاحف التي تخلد ذكراها.

توصيات

وبين التوصيات التي خرج بها المؤتمر كحلول للمشاكل التي طرحت خلال ال للحلول يمكن أن نعدد: محاولات بلورة جبهة دولية ناجعة من دول عربية معتدلة حيال ايران؛ جهود لمنع الولايات المتحدة من هجر الشرق الاوسط؛ الى جانب زيادة تعاون اليهود في العالم ودولة اسرائيل مع دول عظمى صاعدة كالصين والهند؛ تقدم ذو مغزى نحو اتفاق سلام اسرائيلي عربي مستقل؛ يعتمد على تعزيز القوة العسكرية لاسرائيل؛ العمل على انضمام اسرائيل الى محافل أمن متعددة الدول مثل الناتو؛ وتوثيق العلاقة والتعاون بين اسرائيل والطوائف اليهودية في العالم؛ محاولة خلق مصادر طاقة بديلة.

وفي الخلاصة يقضي التقرير بانه "يجب البلورة الفورية لخطة استراتيجية كي لا تقوم بعد عشر سنوات لجنة فينوغراد يهودية".

* مؤشر العنف السياسي.

 التوجهات السياسية الخارجية الإسرائيلية تقوم على مبدأ العنف السياسي، وذلك عن طريق استخدام آلية الترغيب والترهيب في إرغام الأطراف الأخرى وكسر إرادتها، ولا يفرق الإسرائيليون بين الأصدقاء والخصوم فهم جميعاً متساوون أمام ماكينة العنف السياسي الإسرائيلي.

* العنف السياسي الإسرائيلي ضد  مصر.

 لجأت إسرائيل واللوبي الإسرائيلي  إلى حرمان حكومة حسني مبارك من الحصول على المعونات الأمريكية من أجل كسر إرادتها وإجبارها على القيام قسراً بتقديم طلب إلى إدارة بوش بإحضار بعض وحدات الجيش الأمريكي (التي سيكون عناصرها من اليهود الأمريكيين) للإشراف على محاصرة قطاع غزة من الجانب المصري، وإصدار الأوامر للقوات المصرية لكي تقوم بإحكام إغلاق المعابر المؤدية للقطاع وغيرها من المنافذ على الأراضي المصرية، بما يؤدي إلى تشديد الحصار الإسرائيلي على الفلسطينيين.

* العنف السياسي الإسرائيلي ضد الأردن.

 ويتمثل في حالة العنف الهيكلي البنائي التي تفرضها إسرائيل على الأداء المؤسسي لأجهزة دولة "الديوان الملكي الأردني". بكلمات أخرى، فقد نجحت إسرائيل في كسر إرادة السيادة الوطنية الأردنية على النحو الذي أدى إلى :

* قيام أجهزة المخابرات الإسرائيلية بعملية الجمع الاستخباري للمعلومات بالوكالة عن المخابرات الإسرائيلية في البلدان العربية.

 * قيام السلطات الإسرائيلية بالضغط على الفلسطينيين.

* التنسيق الإجباري بين الأجهزة الأردنية والأجهزة الإسرائيلية حول "ضبط" الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية.

* العنف السياسي الإسرائيلي ضد السلطة الفلسطينية وحركة فتح: استخدم الإسرائيليون كافة أشكال العنف السياسي ضد السلطة الفلسطينية وحركة فتح ومن أبرزها: قصف مقرات السلطة وحصار ياسر عرفات في رام الله واعتقال كوادر فتح ومسؤولي السلطة الفلسطينية ونشر نقاط التفتيش والحواجز في مناطق واقعة تحت سيطرة السلطة وإغلاق المعابر وفرض الحصار على السلطة الفلسطينية والفلسطينيين وتنفيذ عمليات الاغتيال وقصف المدنيين الفلسطينيين بالطائرات وغير ذلك.

* العنف السياسي الإسرائيلي ضد قوى 14 آذار اللبنانية.

من المفهوم تماماً أن إسرائيل هي التي قامت من جهة بدعم صعود قوى 14 آذار في الساحة اللبنانية، ومن الجهة الأخرى القيام بـ"ذبح" زعماء 14 آذار وتقديمهم كقرابين برسم تعزيز حيوية قوى 14 آذار وتسويق العداء ضد سوريا، وفي نفس الوقت استطاعت إسرائيل وضع زعماء قوى 14 آذار تحت التهديد إن تجرأوا على كشف مخططات الاغتيالات الإسرائيلية في لبنان والتي أشرف بعضهم على تنفيذها، كذلك فالعدوان الإسرائيلي ضد لبنان في صيف العام 2006م، وإن كان يستهدف ممارسة العنف السياسي الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان، فإنه كان عنفاً سياسياً ضد قوى 14 آذار أيضاً التي هرول زعماؤها إلى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل نفسها طلباً لوقف العدوان لأنه قضى على نفوذ قوى 14 آذار في الشارع اللبناني. وحالياً تخضع قوى 14 آذار لأسوأ عملية عنف سياسي إسرائيلي من النمط البنائي – الهيكلي، الذي يستخدم أسلوب الترغيب والترهيب على النحو الذي أصبح فيه زعماء قوى 14 آذار مرغمين للجوء حصراً إلى خيار المضي قدماً في المشروع الإسرائيلي. بكلمات أخرى، فإن المشروع الإسرائيلي أمامهم والحريق الإسرائيلي وراءهم.

عموماً، العام القادم بالنسبة لإسرائيل سيكون عاماً حاسماً لأنه يرتبط بجملة من القضايا الرئيسية والفرعية التي ينظر إليها الإسرائيليون باعتبارها ترتبط بوجود وأمن إسرائيل كقضية الرئاسة الأمريكية والملف النووي الإيراني والسلام مع سوريا ومستقبل ملف الأزمة اللبنانية وأزمة قطاع غزة والضفة الغربية وغيرها. وبالمقابل فإن إستراتيجية الأمن الإسرائيلي سوف تعاني الكثير من عمليات شد الأطراف ولن ينعم الأمن الإسرائيلي بحالة الهدوء النسبي التي كان يتمتع بها خلال الثلاثة أعوام الماضية.

مراجع

* يرد هذا التعريف في "قانون أساس: الكنيست" بند 7أ (تعديل رقم 9 عام 1985)، "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته" بند 1أ و"قانون أساس: حرية العمل" بند 2.

* حسب التعريف الرسمي الوارد في تعديل "قانون العودة" عام 1970 يهودي هو "من وُلد لأم يهودية أو اعتنق اليهودية وهو ليس ابنا لدين آخر." ولكن هذا التعريف يثير الخلاف بين اليهود داخل إسرائيل وخارجها لأنها تتابع المعايير الدينية بدلا من العلمانية، ولكنها لا تتابع المعايير الدينية الأرثودكسية بالكامل.

* حسب التعريفات الإسرائيلية الرسمية يشكل الدروز طائفة خاصة منفصلة عن الطوائف العربية.

..............................................................................

المصادر:

1- وكالات

2- اسلام اونلاين

3- موقع الجمل

4- موسوعة ويكيبيديا 

*مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

المركز الوثائقي والمعلوماتي

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 30 كانون الاول/2007 - 19/ذو الحجة/1428