الهند تسعى للتحضر بقمع الفقراء

 

شبكة النبأ: الفقر في الحالة الهندية جريمة يعاقب عليها القانون شأنه شان السرقة او الاعتداء او النهب وهكذا يراوغ القانون عن حل المشكلة الجذرية التي يعاني منها الناس هناك.

يقول نشطاء ان سجن هؤلاء الذين اصطدموا بالقاع في المدن الهندية يعرضهم لظلم مزدوج، ويطالبون بعدم تجريم التسول.

وحتى بعض من يعملون من داخل النظام الذين يزيدون بشكل متكرر من الضغوط التي تتعرض لها الحكومة مع اقتراب موعد دورة ألعاب الكومنولث يوافقون على وجود مشكلات خطيرة.

وفي صباح معظم الأيام تجوب سيارة في أرجاء العاصمة الهندية وتمسك بأناس معاقين تلوثهم الاوساخ من الشوارع، مثل هؤلاء الناس من بين المظاهر الباقية التي تريد لها دلهي أن تختفي وهي تتجمل لاستضافة دورة ألعاب دول الكومنولث لعام 2010 والتي ينظر اليها باعتبارها فرصة كي تتباهى العاصمة باعتبارها وجها لهند جديدة أكثر عصرية. بحسب رويترز.

ويودع مئات من المتسولين السجون لمدد تتراوح بين عام وعشرة أعوام بموجب قوانين مكافحة التسول.

تجوب سيارة الدورية شوارع دلهي ويراقب ضباط الشوارع من نوافذ المركبة توقعا لظهور شاب أحدب يرتدي أسمالا بالية يعرج عند ناصية وتتدلى بين عكازيه ساقه اليسرى الواهنة من أثر شلل للاطفال أصيب به في طفولته. يتوقف الرجل عند كشك على جانب الطريق ويمد يده، وصاحب الكشك تأخذه الشفقة.

واندفع أ. م. باندي رئيس فريق مكافحة التسول هو وزميله خارج العربة باتجاه الرجل الذي كان يضع بحرص روبية (حوالي 2 سنت أمريكي) في جيبه.

في البداية يحاول الرجل المذهول الخروج من المأزق بابتسامة وهو يقتاد عبر الشارع ويخدش عكازاه أسفلت الطريق.

وقال.. لا تدفعوني..وسرعان ما تحولت ابتسامته الى دموع عندما أدرك أنه يُدفع الى عربة الشرطة. وقال.. سأرجع الى البيت ولن أتسول.. أعدكم بذلك.

وبينما ينمو الاقتصاد الهندي بمعدل أسرع من أي وقت مضى لا تزال الهند تفتقر الى نظام شامل للرعاية لانتشال الملايين من الفقر المدقع.

وقال ضابط مسؤول عن البرامج الاجتماعية في أحد السجون المخصصة للمتسولين ان لديه في الحجز الذي يشرف عليه أناس يعتقد أنهم عمال مشردون أبرياء لا يمكن تمييزهم ظاهريا عن المتسولين.

ويلقى بالذين يتم القبض عليهم أثناء مداهمات الشرطة في البداية في مركز احتجاز في شمال دلهي يمتليء بالفئران ويمنعون من حمل هواتف محمولة للاتصال بعائلاتهم أو بأصدقائهم وان كان يسمح لهم بكتابة أو املاء خطاب.

ويمثلون في وقت لاحق أمام قاضي تحقيق في محكمة مخصصة للمتسولين يمثل أمامه ما يقرب من ثلاثة الاف متسول كل عام.

ويتم البت في كل قضية استنادا الى شدة العبارات التي تفوه بها المتهم ضد موظف الحكومة الذي زج به في العربة، ويكون هناك أحيانا محام من منظمة غير حكومية يقدم المساعدة. واثبات حدوث جريمة التسول ليس ضروريا.

وكما ينص قانون مكافحة التسول الذي وضع قبل 50 عاما فان عدم امتلاك وسيلة مرئية لكسب العيش ومن ثم ترجيح حدوث التسول يكفي للادانة.

ويتم اطلاق سراح البعض ويتم احتجاز البعض الاخر الى أن يدفع شخص ما تأمينا يعادل حوالي ثلاثة الاف روبية (75 دولارا). ويرسل الباقون الى سجن مخصص للمتسولين لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام أو لمدة تصل الى عشر سنوات ان اقترن التسول بجرائم أخرى وهي العقوبة نفسها ضد جرائم السرقة المصحوبة بالعنف.

واذا كان المتسول كفيف البصر أو مقعد أو لا حول له بشكل عضال فان القانون ينص على التحفظ على هؤلاء لبقية حياتهم تحت اشراف موظف مدني، وقال بارمجيت كاور مدير جمعية خيرية للمشردين.. القانون يجرم الفقر.

ومضى يقول، الذين يتم القبض عليهم في الاغلب ليسوا متسولين، انهم مشردين يعملون أو مسافرين.. أناس جدد على المدينة.

ويوافق موظف برامج اجتماعية في أحد مراكز الاحتجاز على أن هناك قدرا من الحقيقة في هذا الرأي، وقال الموظف الذي طلب عدم الكشف عن هويته يحدث أن بعض الذين يقبض عليهم ليسوا متسولين وانما مجرد عمال مهاجرين يعيشون على الطرق. وهناك ما يقرب من 60 ألف متسول في دلهي طبقا لاحصاءات الحكومة المحلية حوالي ثلثهم من الاطفال.

ولا تزال فكرة الصدقة كواجب ديني قوية ولهذا السبب تكون المعابد والمساجد من أول الاماكن التي تستهدفها المداهمات كل صباح للقبض على المتسولين. لكن بعض الهنود من الطبقة الوسطى يرون أن المتسولين مسألة تدعو للقلق.

فنقابة المحامين في نيودلهي حثت بنجاح المحاكم هذا العام على ضرورة سجن المزيد من المتسولين قائلة ان بعضهم يمكن أن يكون وقحا ومصدر تهديد.

وكذلك تصف وسائل الاعلام الهندية عادة المتسولين بأنهم تهديد وتصفهم بأنهم ماكرون ويتضح أنهم اعضاء أثرياء في عصابات للجريمة المنظمة.

لكن كثيرا من السلطات التي تعمل مع المتسولين تقول انه لا توجد أدلة تؤيد هذه المزاعم. وطبقا لمسحين حكوميين منفصلين يحصل معظم المتسولين على أقل من 50 روبية في اليوم (حوالي دولار) وهو ما يعادل سعر قدح من القهوة في مقهى أنيق في نيودلهي.

وهاجرت أغلبية الى دلهي من قرى في الولايات الهندية الفقيرة غالبا بسبب انعدام الدخل وهو ما يرجع غالبا الى الامية أو المرض أو التقدم في العمر، وكثيرون أطفال ونساء لكن الحكومة تكافح للعثور على موظفات للتعامل مع المتسولات حسبما يقضي القانون.

وعادة ما يكون التأهيل هو المبرر الذي يقدم لايداع متسولي دلهي في السجن لكن 12 متسولا أو نحو ذلك من بين 350 مسجونين حاليا في أحدى الدور المخصصة للمتسولين وافقوا على تلقي دروس تقدم لهم لتعلم حرفة.

ولم يعتقد أي من الضباط الذين تحدثت معهم رويترز، أن أحدا يستفيد من دروس التدريب التي تقدم وهو الاستنتاج نفسه الذي خلص اليه تحقيق أجرته المحكمة العليا في عام 2005.

ومن بين الدارسين الاكثر اجتهادا أشوك (42 عاما) وفيديا (60 عاما) ويصران على أنه تم القاء القبض عليهما على سبيل الخطأ.

وقالا ان الانهماك في غزل الصوف يساعدهما على تمضية الوقت للعام أو العامين القادمين لكنهما يتطلعان لاستعادة عملهما السابق في دار للطباعة ومصنع للبلاستيك عندما يطلق سراحهما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأثنين 24 كانون الاول/2007 - 13/ذو الحجة/1428