الأدوار الخفية لزيارة رايس الاخيرة  إلى العراق

المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ: في زيارة ليست الأولى من نوعها على الصعيد السياسي لحل الأزمة العالقة من موضوعات الفيدرالية ومشكلة كركوك المتنازع عليها بين الساسة العراقيين وكذلك مشكلة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق والتي فجرت الوضع هناك بعد أن كانت تلك المناطق تشهد استقرارا قبل وبعد سقوط نظام صدام. على إثر هذه الأزمات قامت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزارايس بزيارة مفاجئة للعراق لحث زعمائه على تسريع المصالحة الوطنية للحفاظ على المكاسب العسكرية الأخيرة التي حدت من العنف بدرجة كبيرة، حسب رويترز، وذلك بعد ساعات من تجاوز قوات تركية الحدود العراقية.

وهذه هي أول زيارة لرايس للعراق منذ سبتمبر الماضي عندما رافقت الرئيس الامريكي جورج بوش في زيارة لمحافظة الانبار الغربية التي كانت معقلا للمقاتلين السنة ويسوقها المسؤولون الامريكيون الان كمثال للنجاح.

وهي ثامن زيارة تقوم بها منذ توليها منصب وزيرة الخارجية للعراق. وتعتزم رايس تسليط الاضواء على التقدم الذي تحقق في الحد من العنف وتنشيط الاقتصاد.

وتجيء زيارة رايس للعراق في الوقت الذي أبدى فيه مسؤولون امريكيون نفاد صبرهم وحثوا الزعماء العراقيين على الاستفادة من تراجع العنف لتحقيق تقدم سياسي أكبر.

وقال ديفيد ساترفيلد منسق العراق في الخارجية الامريكية للصحفيين المرافقين لرايس ما ينقص هنا..وهو ضروري تماما على المدى الطويل لتأمين كل هذا..هو التقدم السياسي.عليهم العراقيون ان يتحركوا. وانخفضت الهجمات في العراق بنسبة 60 في المئة منذ يونيو حزيران لكن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تعاني من انقسامات اصابتها بالشلل لم تحقق تقدما يذكر في تمرير قوانين تهدف الى تحقيق المصالحة الوطنية بين الطوائف والاعراق.

وحين زارت وزيرة الخارجية الامريكية العراق في فبراير حثت الزعماء العراقيين على الاستفادة من اي تراجع في العنف لدفع المصالحة الوطنية قدما وحذرت من ان صبر الولايات المتحدة لن يستمر الى الابد.ويناضل الساسة للتغلب على خلافاتهم وانعدام الثقة المتبادل.

كركوك

وتوجهت رايس بالطائرة مباشرة الى مدينة كركوك الشمالية المضطربة المختلطة عرقيا ويعيش فيها أكراد وعرب وتركمان. وتعتبر كركوك من القضايا الصعبة في المأزق السياسي القائم بين قادة العراق المتناحرين. والتقت رايس مع اعضاء مجلس محلي تعطل عمله بسبب مقاطعة جماعتين رئيسيتين.

وانهى ممثلو العرب السنة مؤخرا مقاطعتهم وقال ساترفيلد ان التركمان يتحركون بثبات أكبر صوب المشاركة.

وناقش الاجتماع الاستفتاء المزمع، وحقول النفط، ومجال الصحوة، فضلا عن الصراع بين تركيا ومقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وقالت رايس وهي تجلس الى طاولة مع أكثر من35 ممثلا في المجلس تطلعت دوما للمجيء الى كركوك.انها محافظة هامة لمستقبل العراق..عراق ديموقراطي عراق لكل الشعوب. وتنص المادة 14 في الدستور العراقي على اجراء استفتاء يقرر مصير المدينة وما اذا كانت ستنضم الى المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في الشمال لكن الاستفتاء تأخر بسبب الانقسامات العميقة بين العرب والاكراد.

وتعتبر الاقلية الكردية في العراق التي تهيمن على منطقة كردستان العراق التي تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي كركوك عاصمتهم التاريخية لكن العرب الذين شجعوا على الانتقال الى المدينة خلال فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين يخشون من التعرض للطرد في حالة اجراء الاستفتاء.

وصرح جون نيجروبونتي نائب رايس في وقت سابق من الشهر بأنه يستحيل اجراء الاستفتاء هذا العام لتحديد وضع المدينة.

وكان من المقرر اجراء الاستفتاء في 31 ديسمبر لكن حكومة بغداد لم تقم بالاستعدادات المطلوبة وسط مخاوف من ان يفجر الاستفتاء موجة جديدة من العنف في العراق اذا جاءت نتائجه مخالفة لرغبات العرب والتركمان.

البرزاني يرفض مقابلة رايس

من جانبه قال رئيس وزراء اقليم كردستان العراقي إن رئيس الاقليم رفض لقاء وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بسبب تسامح واشنطن مع هجمات عسكرية تركية.

وطغت على زيارة رايس التي لم يعلن عنها للعراق عملية توغل نفذها 300 جندي تركي في محافظة دهوك في شمال البلاد.

وأدانت حكومة رئيس الاقليم الكردي العراقي مسعود البرزاني تلك العملية وانتقدت تسامح الولايات المتحدة مع ضربات جوية وقصف مدفعي تركي ضد انفصاليين متحصنين بشمال العراق.

وقال رئيس الوزراء الكردي نجيرفان البرزاني للصحفيين انه كان من المفترض أن يعقد اجتماع بين رايس ومسعود البرزاني في بغداد ولكن بسبب الموقف الامريكي المتعلق بالهجمات والقصف التركي فضل ألا يذهب.

وأضاف نجيروان وهو ابن شقيق مسعود البرزاني ان الولايات المتحدة تشرف على المجال الجوي العراقي ولذلك فانه من غير الممكن أن يقع انتهاك لهذا المجال الجوي من دون معرفة الامريكيين أو موافقتهم.

وقصفت طائرات تركية قرى في شمال العراق في مطلع الاسبوع. وشكا العراق من أن امرأة مدنية قتلت في الغارات وقال انه يريد أن يكون هناك تنسيق مع بغداد في حال شن أي عمل عسكري في المستقبل.

دعم ضمني

من جانب آخر أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، عن دعم ضمني للحملة العسكرية التركية ضد الأكراد في العراق، وذلك عبر إشارتها إلى وجود "مصلحة مشتركة" لأنقرة وواشنطن وبغداد في وقف "نشاطات" مسلحي حزب العمال الكردستاني.

مواقف رايس، التي جاءت خلال زيارتها للعراق، قابلها رفض رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، لقاء الوزيرة الأمريكية احتجاجاً على العملية التركية، فيما أعلن ناطق باسم حكومة الإقليم أن الأتراك أنهوا توغلهم وسحبوا قواتهم إلى ما وراء الحدود خلال ساعات ما بعد الظهر بتوقيت بغداد.

وقال جمال عبدالله، الناطق باسم حكومة إقليم كردستان، إن "المجموعة الصغيرة" من الجيش التركي، والتي يقارب عدد أفرادها 300 جندي، بدأت بالانسحاب من شمالي العراق في فترة ما بعد ظهر الثلاثاء.

وكان الرئيس التركي، عبدالله غول، قد أشار إلى أن العملية العسكرية التي تنفذها قواته حالياً في شمالي العراق، تستهدف من وصفهم بـ"الإرهابيين" وليس المدنيين، وألمح إلى أن تحرك أنقرة يلقى دعماً دولياً وأنه يهدف إلى مساعدة على العراق على التخلص من "الإرهابيين" في وقت تعجز بغداد عن القيام بذلك بمفردها.

وأضاف الرئيس التركي، الذي كان يتحدث في مدينة قونيا الجنوبية "إنها عملية حساسة جداً.. وهي ليست ضد المدنيين في العراق، فالعراق جار لنا ونريد مساعدة على التخلص من مشكلة الإرهاب لأنه عاجز عن القيام بذلك بنفسه."

وعن المواقف الدولية قال غول: "تحتاج المعركة ضد الإرهاب إلى تعاون دولي، ولدينا هذا النوع من التعاون في العملية الحالية."

ويهدد هذا التصعيد الأمني بتفجر أهدأ مناطق العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في ربيع 2003 للإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ويأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين بغداد وأنقرة توترا بعد استدعاء الأولى سفير تركيا لديها للاحتجاج على القصف التركي على شمالي العراق السبت، والذي أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة أربعة وتدمير عدد من المنشآت.

وكانت الخارجية العراقية قد قالت في بيان إن وكيل الوزارة للشؤون القانونية محمد حاج حمود استدعى السفير التركي لدى البلاد للإعراب عن استياء حكومة بغداد على الغارات.

وطالب حمود خلال اللقاء الحكومة التركية بوقف العمليات العسكرية "التي تؤثر على الأبرياء وتبث الذعر، وقد تؤثر على علاقات الصداقة القائمة بين شعبي وحكومتي البلدين الجارين."

الولايات المتحدة تساعد الأتراك إستخباريا.

وقفة مع الحلفاء

من جانبها نشرت صحيفة ( واشنطن بوست) الامريكية ، تقريرا تقول فيه إن الولايات المتحدة تمد تركيا بمعلومات إستخبارية فورية ساعدت الجيش التركي في توجيه سلسة من الضربات للانفصاليين الأكراد المتحصنين في شمال العراق، ومن بينها هجوم جوي واسع نفذه الأتراك الأحد الماضي، طبقا لما يقول مسؤولون في البنتاجون.

وذكرت الصحيفة أن "كادرا من الجيش الأمريكي أقام مركزا لتبادل المعلومات الاستخبارية في أنقرة، يوفر صورا جوية ومعلومات عاجلة أخرى يجري جمعها من الطيران الأمريكي والطائرات الموجهة التي تركز على معاقل الأكراد في الجبال العراقية" كما قال مسؤولون.

ونقلت عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية أن" هدف هذا البرنامج الأمريكي يتمثل في حصر تحركات ونشاطات عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل من أجل إقامة حكومة مستقلة في تركيا".

كما نقلت عن مسؤول في الجيش الأمريكي  أن" الولايات المتحدة تزود الأتراك على نحو أساسي بالأهداف التي يحتاجونها،" مشيرا إلى أن الجيش التركي هو الذي يقرر بعدها التصرف على أساس المعلومة أم لا، وتحيط الولايات المتحدة علما بذلك.

وترى الصحيفة أن الدور الأمريكي في مساعدة تركيا، وهي حليف في الناتو، قد يعقد المبادرات الدبلوماسية الأمريكية في العراق، بخاصة جهودها في دفع القادة السياسيين العراقيين لتشريع قانون يرمي إلى حث مصالحة سياسية، كما أن التعاون مع تركيا يضع الولايات المتحدة في موقع مساعدة بلد رفض السماح للقوات الأمريكية باستخدام أراضيه لفتح جبهة شمالية ضد نظام صدام في العام 2003، بالإضافة إلى أن هذا قد يحيِّد الأقلية الكردية، التي يوفر قادتها دعما قويا جدا لوجود القوات الأمريكية في العراق. إلا أن الهجمات المتوالية التي ينفذها المتمردون الأكراد ضد تركيا انطلاقا من قواعدهم في جبال قنديل قد وضعت صناع السياسة الأمريكية في مواجهة معضلة شائكة. إذ أن تركيا هددت بشن هجوم واسع النطاق عبر الحدود العراقية لتدمير معسكرات الاكراد في شمال العراق. وهذا ما يفتح جبهة جديدة في حرب العراق ويعرقل انسياب التموين للجيش الأمريكي في العراق، والذي يتلقى 70% من الشحن الجوي وثلث وقوده عبر تركيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن" هذا التعاون الاستخباري جاء بعدما عقد عسكريون كبار في الجيش الأمريكي ومسؤولون في البنتاجون سلسلة محادثات مع نظرائهم الأتراك للتوصل إلى استراتيجية أكثر تفهما وشمولا لمقاتلة الاكراد، طبقا لما قال مسؤول عسكري رفيع المستوى على إطلاع على المحادثات.

وبالإضافة إلى تزويد الأهداف، قال مسؤولون عسكريون أمريكيون أنهم شجعوا الأتراك على إستخدام إجراءات غير عسكرية ضد حزب العمال الكردستانى وعقد حوار مع الحكومة العراقية، بحسب الصحيفة.    

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annbaa.org

Arch_docu@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20 كانون الاول/2007 - 9/ذو الحجة/1428