رحلة الحجاج: مشاهدات صحفية عند منفذ "جديدة عرعر" الحدودي

عدسة وتحقيق:عصام حاكم

شبكة النبأ: بعيدا عن دائرة السجال السياسي والفرقة التي تتصف بها الكتل السياسية في العراق، وبعيدا أيضا عن صيحات الرفض والاستنكار الشعبية ازاء وزارة التجارة لعدم التزامها بآلية توفير مفردات البطاقة التموينية، انطلق مراسل(شبكة النبأ المعلوماتية) صوب الصحراء الغربية ليحط به الرحال عند المنفذ الحدودي المؤدي الى المملكة العربية السعودية في منطقة النخيب وجديدة عرعر جنوب غرب العراق، ليسجل من هناك بعض المشاهدات الصحفية للحجاج العراقيين الساعين لتأدية فريضة الحج لهذا العام عبر الطريق البري، وليقف كذلك عند أهم المحطات والاستعدادت الامنية والخدمية من قبل هيئة الحج العراقية والوزارات الساندة لها، فكانت الحصيلة ما يلي:

أول المتحدثين السيد (جمال حبيب متعب) رئيس هيئة الهلال الاحمر العراقية/ فرع كربلاء وعضو الهيئة الادارية في المركز العام، حيث قال: دأبت جمعيتنا ومنذ سقوط النظام البائد ولحد ساعة اعداد هذا التقرير على تقديم الدعم الانساني المستمر في كافة المجالات الانسانية من خلال تقديم الدعم الى العوائل المتعففة في المحافظة والعوائل المهجّرة من المناطق الساخنة، بالاضافة الى ممارسة حملات التلقيح وبمعاونة دائرة صحة كربلاء، فضلا عن ذلك المساهمة الفعلية ايام الزيارات المستمرة الى محافظة كربلاء المقدسة.

أما بخصوص هذا المخيم فهو بالتاكيد ليس الاول ولن يكون الاخير ان شاء الله فقد كان لفرع كربلاء  المقدسة السمعة الطيبة لاقامته ثلاث مخيمات منذ سقوط النظام ولحد الان، اما هذا العام فقد تضافرت جهود كلاً من الفروع الثلاثة التابعة لهيئة الهلال الأحمر العراقية وهي فرع كربلاء المقدسة وفرع الانبار وفرع النجف الاشرف، حيث تم بناء ثلاث اماكن لاستراحة وايواء الحجاج ابتداء من حصن الأخيضر مرورا بمنطقة النخيب وصولا الى منطقة جديدة عرعر، وقد تضمن بناء اربعمائة خيمة لإيواء الحجاج وللاستراحة، بالاضافة الى تقديم الخدمات الصحية والطبية ناهيك عن توزيع وجبة غذائية للحجاج فضلا عن تقديم العصائر والمياه المعدنية، بالاضافة الى ذلك هناك خدمات اخرى يمكن ان يلمسها الحاج من خلال التعامل الجيد من قبل كوادرنا ومتطوعينا، وما هذه الجهود المتواضعة الا دليل واضح وحرص أكيد على تقديم الافضل لابناء شعبنا الصابر المجاهد، داعين العلي القدير ان يعيد جميع الحجاج الى حضن الوطن سالمين غانمين بمغفرة من الله سبحانه وتعالى ورضوانة.

ومن ثم أتجهنا الى المنفذ الحدودي لنلتقي بالعقيد (عبد الله الهذال) امر قاطع المنفذ الحدودي، ليحدثنا هو الاخر، قائلا: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فاني أقدم الشكر الجزيل لـ(شبكة النبأ) لتجشمها عناء المجيىء الى هنا للوقوف عند الممارسات والانشطة التي تضطلع بها دوائرنا في موسم الحج، فنحن منذ فترة ليست بالقصيرة كنا في تماس مع القيادة العراقية المتمثلة بدولة رئيس الوزراء لوضع خطة او الية للوقوف على  اهم المعوقات والاشكالات الامنية والخدمية التي تعترض قوافل الحجيج والحيلولة دون وقوعها، هذا مما أفضى الى تشكيل غرفة عمليات يناط اليها مسؤولية حشد جهود كل الوزارات الامنية والخدمية من اجل تقديم افضل الخدمات للحجاج العراقين، وفعلا أستطاعت  كلا من وزارة الدفاع والداخلية من تأمين الطريق البري الواصل بين كربلاء ومدينة الرمادي للحيلولة دون وقوع أي عمل ارهابي يستهدف امن الحجاج، أما بالنسبة للدوائر الخدمية فأنت ترى  بأم عينك دوائر الصحة والبلدية والكهرباء حاضرة هي الاخرى في الميدان وكذلك المنظمات الانسانية المتمثلة بهئية الهلال الاحمر العراقي، والكل هنا حريص على تأدية واجباته المنوطة به على أكمل وجه.

اما محطتنا التالية فكانت مع الحاجّة (أم كريم) وهي من أهالي الديوانية، حيث قالت: أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليّ هذا العام بنعَم كثيرة منها زواج ولدي الوحيد ومنها الوضع الامني في العراق عموما أصبح يبشر بالف خير بالاضافة الى وجودي هنا  معكم اليوم كي يتسنى لي زيارة بيت الله الحرام وزيارة قبر الحبيب المصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وما اراه اليوم من خلال وجوه هؤلاء الشباب من أفراد الحرس الوطني وقوات الشرطة ومنتسبي الهلال الاحمر العراقي، ناهيك عن مالقيناه من كرم وطيبة عند اهلنا واخوتنا في محافظة الانبار، وكل هذه الامور التي ذكرناها سابقا هي بالتأكد نذر خير وسعد، حيث سعى الجميع هنا على تقديم الخدمة واية خدمة يريدها الحاج من تقديم المأكل والمأوى والمشرب الى الخدمات الصحية والطبية بالاضافة الى زرع روح الامن والامان في نفوس الحجيج، فكل هذه الامور محطات مهمة للشكر والامتنان لله اولا ومن ثم اليكم ايها الشباب وتعني الكوادر العاملة على خدمة الحجاج، وفي النهاية لا أملك سوى الدعاء لكم وللقائمين على هذا المسعى الخيّر بالموفقية من الله سبحانه وتعالى وشكرا.

ومن ثم التقينا بالحاج السيد (يحيى مليون الميالي) ليحدثنا هو اخر، قائلا: لا يمكن بأي حال من الاحوال تقييم الجهود التي تبذلها الدوائر الامنية والخدمية بهذه العجالة ولكن هناك ثمة أدلة لا تقبل اللبس والشك، الا وهي حالة الاطمئنان والسرور التي تركها هؤلاء الأخيار في صدور  ونفوس جميع الحجاج صغارا وكبارا من خلال ذلك التعامل الحاني بمشاعر الانسانية ومحاولة تلبية احتياجات الحاج من سلامة الطريق الى ايصال دورات المياه وتوفير المكان المناسب لاقامة الصلاة بالاضافة الى الخدمات الطبية والصحية، ناهيك عن تهيئة السرادق والخيم لإيواء الحجاج عند الضرورة وتجهيزهم بالفرش والبطانيات، الى حالة التهليل والترحاب التي لقيناها من قبل الجميع، فكلها والحمد الله بشائر خير وعافية تنذر بعراق جديد من الشمال الى الجنوب وهذه الممارسة او التجربة هي بالتأكيد تفصح عن العراق الواحد بعيدا عن الاصطفاف المذهبي والعشائري والحزبي، وانا من خلالكم أشد على أيدي هؤلاء الخيرين الذين تحملوا عناء البرد والسهر في قلب الصحراء من أجل تقديم أفضل الخدمات الى حجاج بيت الله الحرام داعين المولى القدير ان ينعم على العراق والعراقيين بالامن والامان والسلام ختام.

أما محطتنا الاخيرة كانت مع قائم مقام منطقة النخيب، الشيخ لورانس متعب ال هذال، حيث يقول: لا تتسع الكلمات للتعبير عن مدى سروري وفرحتي وانا اقدم بعض الخدمات لهؤلاء الحجاج الذاهبين الى الحج وزيارة قبر الرسول الكريم (ص) وقد تضافرت هذا العام جهود الجميع متمثلة بكوادر الهلال الأحمر ووزارة الصحة ووزارة البلديات من اجل تقديم افضل الخدمات للحجاج، ولا يسعني في هذا الموقف الا تقديم الشكر الجزيل من خلالكم الى كل الجهود المخلصة من أجل انجاح هذه التظاهرة الايمانية، كما أود أن أقدم الشكر الجزيل لعناصر الحرس الوطني والشرطة وقوات الحدود لما عانوه من سهر وبرد من أجل ان ينعم الحاج العراقي بالامن والامان، وفي الختام اقدم شكري لـ(شبكة النبأ) كونكم العين الثاقبة التي ترصد الحقيقة اينما كانت، متمنيا لكم دوام التواصل على عمل الخير والمعروف على امتداد ربوع عراقنا الجريح.

وفي نهاية هذه اللقاءات استشعرنا باننا أمام تجربة عراقية صادقة لها القدرة على دحض كل التخرصات المغرضة وتتسم بكل معاني التواصل مع مبادىء ومنظومة الثقافة الانسانية وكذلك تمثل حالة التجانس والانسجام بين مكونات الطيف العراقي بكل توجهاته، فالكل هنا حريص على تقديم أفضل ما عنده من خدمة بغض النظر عن الانتماء الديني أوالمذهبي اوالعشائري، وبصراحة مطلقة تمنيت الشعب العراق جميعه حاضر هنا عند المنفذ الحدودي ليلحظ الدم العراقي الدافق بألوان المودة والمحبة, وقد ودعنا هذا المكان ونحن يتملكنا السرور والابتهاج والغبطة مما سمعناه ورأيناه من ثقافة السلوك الانساني والتصرف الاجتماعي السوي عبر فعاليات موسم الحج هذا. ومن الله التوفيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 19 كانون الاول/2007 - 8/ذو الحجة/1428