إن ما حدث في جلسة مجلس النواب في الاسبوع الماضي المخصصة لمناقشة
اقرار ميزانية الدولة لعام 2008، من مشادات كلامية حادة بين النائب
بهاء الاعرجي ورئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي، بخصوص طلب الاعرجي
تقديم وثائق واشرطة مصورة إلى رئاسة مجلس النواب العراقي والتي تدين
الدليمي، وعلى إثرها توسع الجدل قال حينها رئيس المجلس محمود
المشهداني مخاطبا الاعرجي من أين حصلت على تلك الوثائق؟ فرفض الاعرجي
الافصاح, وعندها طلب منه المشهداني ان يقدمها للجنة الأمن والدفاع وليس
إلى رئاسة المجلس.
وعلى اثر ذلك ، وصف الدليمي الاعرجي بـ "الكذاب". وأشار إلى ان
الناطق باسم خطة فرض القانون العميد قاسم الموسوي قد قال إن الدليمي
بريء من التهم الموجهه اليه.
وكانت قوة عراقية وأمريكية مشتركة قد اقتحمت الخميس "29 كانون
الثاني" مكتب الدليمي على خلفية مقتل احد افراد الصحوة في حي العدل
غربي بغداد, وعثرت على سيارتين مفخختين، وعلى أثرها تم اعتقال افراد
الحماية وكذلك نجل الدليمي.
ويترأس عدنان الدليمي جبهة التوافق العراقية ثالث اكبر كتلة في
البرلمان إلى جانب رئاسته مؤتمر أهل العراق أحد الأحزاب الثلاثة
المنضوية تحت الجبهة التي تشغل 44 مقعدا من مقاعد البرلمان الـ(275).
الى ذلك ظهرت إرهاصات سياسية واجتماعية والتي تمثلت بعضها في
المشادات الكلامية التي جرت وماتلاها من فوضى واتهامات بين النواب من
قتل وتهجير وسرقات نفذتها بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية لدليل واضح
على وصول الشارع العراقي الى حافة الانفجار التي جمدت الحركة
السياسية أكثر مما هي عليه الان.
كما أدت هذه الفوضى إلى فقدان هيبة الحكومة في نظر المواطن. ففي
أوقات سابقة من تاريخ الدولة العراقية الراهنة انتقل زمام الامر من
شخص لآخر..... أول هذه الشخصيات الدكتور اياد علاوي وبعدها الدكتور
الجعفري وكون تلك الشخصيات غير قادرة على الأداء بشكل صحيح وعجزت
مؤسساتها عن الأعمال التي تطور البلاد وتنهض بها بسبب ضعف الأداء
الحكومي بشكل عام وعدم قدرتها وحزمها في تطبيق القوانين على الجميع دون
تفرقة، خلق ذلك شعورا بعدم بالرضا من قبل المجتمع العراقي وكون الشعب
العراقي شعباً فتيا في عهد جديد و ينتمي إلى منطقة تعيش اضطرابات أمنية
وأزمات وصعاب أثرت فيه سلباً بسبب الحروب التي تعرضت لها البلاد منذ
مطلع القرن العشرين وصولا الى دخول الامريكان العراق وما تبعتها من
مرحلة وضعت العراق على خارطة الفساد والعنف والإرهاب التي قتلت وهجرت
ورملت وروعت ويتمت طائفة كبيرة من ابناء الشعب العراقي وما تبعتها من
تهديدات اقليمية.
هذه الاضطرابات ومثيلاتها موجودة حاليا خلال قيام الحكومة الحالية
التي تشكلت على اساس التقسيم الطبقي والقبلي وإعادة تشكيل الحكومة بعد
سقوط نظام صدام ومن ثم العمل وفقا لنظام المحاصصة والمحسوبية على أمل
أرضاء جميع مكونات المجتمع العراقي في الوقت الذي توقفت فيه البلاد عن
تطوير البنى التحتية ودفع عملية التنمية مما أدى الى خلق حالة عدم
الرضا والتذمر من قبل المجتمع خوفا من المستقبل الذي تقوده مثل هذه
الحكومات.
فالفرق بين الحكومة في عهد صدام حسين والحكومة الحالية هي ان
الحكومة في عهد صدام كانت ديكتاتورية وتقتل كل من يعارض رأيها
وقراراتها وأعمالها المشينة، ، اما الحكومة الحالية فهي تعمل داخل اطار
النظرة الحزبية الضيقة وتعجزعن تلبية حقوق المواطن الذي حرم كثيرا من
خيرات هذا البلد، الذي بات في وضع الانفلات مما ينذر بكارثة إنسانية
وثقافية عامة.
من الأمور التي دفعت الناس عن عدم الثقة ببعض أعضاء مجلس النواب
والمسؤولين في الحكومة هو جلسات مناقشة المشاكل الشخصية والحزبية، في
الوقت الذي تهمش فيه معالجة المشاكل الحقيقية والتنموية إضافة إلى ذلك
عدم مساعدة المواطن في تلبية متطلباته الحياتية الضرورية وكان الضحية
الأولى هو المواطن الذي أصبح رهينة السوق وغلاء الأسعار والحاجات
الدخيلة وغير الصحية.
ومن الأمور الأخرى التي دفعت المواطن بالنظر إلى الحكومة والبرلمان
بعين الاستهزاء هو ان بعض من النواب لا يتمتعون بالمصداقية وان
تحركاتهم لمصالح حزبية و في ذات الوقت لايدركون أن الجميع من حولهم
يعرفهم ويعرف ماهية أهدافهم.. التي عطلت وعرقلت مشاريع النهوض
بالبلاد على حساب جثث وأشلاء شعبه المسكين .
A_alialtalkani@yahoo.com |