العراقيون العائدون شريحة واسعة بحاجة لإعادة توطين واهتمام

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: بعد الإنخفاض الملحوظ في اعمال العنف ببغداد بدأت مئات العوائل العراقية التي هاجرت إلى البلدان المجاورة للعراق خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب ازدياد اعمال العنف بالعودة الى العراق، بعد ان حثت الحكومة المهاجرين على العودة في اعقاب الاستقرار الأمني النسبي في بغداد وشجعتهم على العودة، وقال عائدون منهم إنهم لا يفكرون فى العودة مرة أخرى الى المهجر.

وقال هؤلاء العائدون إنهم لا يفكرون فى العودة مرة اخرى الى المهجر مهما كانت الظروف نظرا للمعاناة التي عاشوها في تلك البلدان، ونظرا للوضع الامني شبه المستقر في بغداد.

وقال ابو مصطفى (52 عاما- متقاعد) إنه عاد إلى بغداد مع عائلته من سوريا حيث بقي هناك نحو عام بعد سماعه بتحسن الوضع الامني في بغداد عبر الصور والتقاير التي تنقل عبر التلفزيون.

واضاف ابو مصطفى، الذي يسكن في حي الدورة جنوبي بغداد ، أن الاوضاع الأمنية بدت شبه طبيعية في بغداد، وأن إنخفاضا ملحوظا في أعمال العنف بدأ يظهر فى المدينة، على عكس ماكنا شهدناه سابقا في بغداد ومدن العراق الاخرى.

وأوضح أنه قرر عدم مغادرة العراق مرة اخرى لأي سببب كان بسبب أحوال العراقيين في البلدان المجاورة، وسوء المعيشة ، وسوء إنتظام الدراسة للأولاد.

وتقول الحكومة العراقية في بياناتها إن ما معدله ألف عراقي يوميا بدأوا في رحلة العودة إلى بلادهم بعد ان اضطروا إلى النزوح عنها مع تصاعد وتيرة العنف ، ومعظم العائدين هم من العراقيين الذين هاجروا إلى سورية، وبعضهم من الاردن.

وقال اللواء عبد الكريم خلف مدير مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية لوكالة (أصوات العراق) ان، معدل الف مواطن عراقي يعودون يوميا الى العراق من سوريا والاردن ولبنان ، وان الاعداد في تزايد ، نظرا للاوضاع الامنية الجيدة في عموم العراق.

وأضاف أن العائدين يعودون مباشرة الى منازلهم كونهم يشعرون بالامان فيها، معربا عن أمله أن يعود كل العراقيين الذين هاجروا بسبب اعمال العنف في اوقات سابقة.

وخصصت وزارة الدفاع العراقية قوة خاصة لحماية مواكب اللاجئين العراقيين العائدين من سوريا على طول الطريق الممتد من الحدود إلى بغداد.

صادق جعفر (34 عاما) عاد مع زوجته وولديه مؤخرا من لبنان، يقول انه عاد الى بغداد عبر القوافل الحكومية التي تقل العائدين من سوريا الى بغداد، لكنه مازال يعاني من عدم وجود فرصة عمل، وانه يريد أن يعوض الأيام التي قضاها خارج العراق، بعد استقرار الأمن في بغداد، لكنه لم يجد عملا يلائمه، وقال انه عمل بمهن حرة شتى في بيروت لكنها على حد قوله لاتسد حاجته وعائلته وايجار الشقة التي استأجرها.

ويضيف جعفر، وهو من سكنة حي الشعب شرقي بغداد، إنه مكث في لبنان اكثر من عام، وانه هاجر بعد أن إزداد الوضع الامني سوءا في حينه وأصبحت حياة أي مواطن مهددة بالخطر ما اضطره الى الهجرة خارج العراق.

ويقول جعفر انه لايفكر على الاطلاق بالعودة مجددا الى لبنان، رغم تعامل اللبنانيين مع العراقيين بطريقة انسانية.

وقال وهو يبكى ما أن اجتزنا الحدود باتجاه العراق حتى بدت دموعي تنهمر تلقائيا، لاني تذكرت طفولتي وحياتي واهلي واصدقائي.

أم ابتسام (66 عاما - إمرأة مسيحية)عادت من الاردن مؤخرا، تقول انها غادرت مع ابنتها الوحيدة الى عمان بعد ازدياد اعمال العنف, وان ابنتها قامت بتأجير صالون الحلاقة التي كانت تعمل به في بغداد للتمكن من العيش في عمان بعد ان يرسل المستأجر الايجار الشهري الى عمان عبر حوالة.

تقول ام ابتسام ايضا انها عادت الى بغداد حيث مسكنها في منطقة النعيرية في بغداد مع ابنتها ، وأمهلت المستأجر شهرين لاعادة صالون الحلاقة لانه مصدر رزقهم الوحيد للمعيشة، وانها ستبقى في بغداد ولن تغادرها ثانية الى بلد اخر،لان الاوضاع الامنية في بغداد جيدة وتشجع على البقاء، على حد قولها.

ويقول عامر سليم (44 عاما - متقاعد - من سكنة منطقة الحارثية ) ان شقيقا له عاد مؤخرا مع عائلته من عمان بعد أن قضى نحو عامين هناك ، وهو لا يأمل بالعودة مجددا الى عمان لانه لايطيق البقاء خارج بلاده على الرغم من أن وضعه المعيشي جيد في بغداد وحتى عندما كان في عمان ، لكنه يفضل البقاء في العراق على الغربة .

ويقول الدكتور تحسين الشيخلي المتحدث المدني باسم خطة فرض القانون "ليس هناك احصائية دقيقة عن اعداد العراقيين العائدين الى الوطن بسبب استمرار تدفق عودة العراقيين من المهاجرين خصوصا من سوريا وبشكل يومي، مشيرا الى ان عودة العراقيين اختيارية وليست إجبارية ، وهي جاءت نتيجة لاستقرار الامن في العراق.

صندوق أممي للعراقيين العائدين

وقال مبعوث الامم المتحدة الى العراق ستافان دي ميستورا إن المنظمة الدولية قررت تأسيس برنامج خاص قيمته 11,4 مليون دولار مخصص لمساعدة 500 من الأسر الفقيرة التي قررت العودة الى البلاد من المنافي بسبب انحسار موجة العنف.

وقال دي ميستورا إن المساعدات التي سيوفرها البرنامج الجديد ستكون اضافة لما تقدمه الحكومة العراقية للعائدين. بحسب رويترز.

يذكر ان الحكومة العراقية تشجع اللاجئين الذين فروا الى سورية على العودة الى البلاد، ولكن وزير الهجرة عبدالصمد رحمان قال إن الاولوية ستكون للعراقيين المقيمين في "الدول المجاورة التي لا تستطيع توفير الخدمات اللازمة لهم.

ومضى الوزير العراقي للقول: اما بالنسبة للدول الاخرى، فنحن نضيف اصواتنا الى صوت الامم المتحدة في مناشدة العراقيين المقيمين فيها للتريث حتى ينجلي الوضع كليا في العراق.

يذكر ان اكثر من مليوني عراقي فروا من بلادهم الى البلدان المجاورة طلبا للأمان منذ الغزو الامريكي للعراق في عام 2003.

تحذيرات من عدم القدرة على استيعاب العائدين

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الجيش الأميركي حذر من ان الحكومة العراقية لازالت غير مستعدة لمعالجة القضايا التي لا تعد ولا تحصى التي تواجه اللاجئين العائدين، ومن بينها المساكن الامنة والغذاء والمعونة.

وأضافت أن مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قد حذر من ان العراق مازال غير مستعد لاستقبال عودة واسعة النطاق. فالعديد من احياء بغداد لازالت غير امنة وليس بوسع العاملين في الأمم المتحدة زيارتها، وهذا الواقع يحبط الجهود في تقييم احوال العائدين فيها.

وقالت الناطقة باسم المفوضية سيبيلا وايكس، من مقرها في دمشق، "بنحو عام، اللاجئون هم افضل من يقدِّر متى يمكنهم العودة،" وأضافت "نحن نعتقد ان التغير ضعيف جدا، الا اننا مستعدون لدعم الناس على اتخاذ قرار العودة."

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت مقالا قالت فيه انه في الوقت الذي بدأ فيه العراقيون يعودون بأعداد كبيرة إلى بغداد، يقول مسؤولون عسكريون أميركيون إن الحكومة العراقية لم تعد حتى الآن خطة لاستيعاب هذا التدفق والحيلولة دون تحوله إلى مرتع لنشوب دورة جديدة من العنف الطائفي.

وقال هؤلاء المسؤولون إن الحكومة العراقية تفتقد إلى آلية تمكنها من حل النزاعات التي ستنشب حول الممتلكات، عندما يعود بعض سكان بغداد إلى منازلهم ليكتشفوا أنها قد احتلت من اطراف آخرين. كما أنها لم تتقدم حتى الآن بخطة مفصلة بشأن آلية توفير المساعدة والمأوى والخدمات الأخرى الضرورية لآلاف العراقيين المنتظر عودتهم.

ويحذر قادة أميركيون ميدانيون من أن الفشل في إدارة عودة هؤلاء اللاجئين بطريقة مدروسة قد يقوض ما تم حتى الآن من تقدم على الصعيد الأمني، موردين قول العقيد ويليام راب، أحد مساعدي قائد القوات الأميركية في العراق، إن من شبه المؤكد أن كل العائدين سيجدون بيوتهم قد سكنها غيرهم.

وقد ساهم الفصل الطائفي هذا في الحد من أعمال العنف، لكن ماذا سيحدث عندما يبدأ الملاك الحقيقيون في العودة إلى منازلهم؟

العقيد راب يرى أن بالإمكان تفادي مواجهات جديدة ببناء منازل جديدة للعائدين بدل محاولة إجبار المقيمين الحاليين على المغادرة، معتبرا أن امتزاج السكان من جديد ودمجهم في أحياء متعددة الطوائف، قد يأخذ سنوات وربما عقودا.

السلطات اللبنانية تجبر العراقيين على العودة

وقالت منظمة (هيومان رايتس ووتش) المعنية بحقوق الانسان إن السلطات اللبنانية تعتقل اللاجئين العراقيين الذين يفتقرون للوثائق القانونية والثبوتية وتجبرهم اما على العودة الى بلادهم او على المكوث في السجون لفترات طويلة.

ويحث تقرير اصدرته المنظمة بهذا المعنى السلطات في لبنان على تخفيف القيود التي تفرضها على العراقيين ومنحهم اذون اقامة مؤقتة. بحسب فرانس برس.

ويلحظ التقرير المعنون "شقاءٌ هنا أو موتٌ هناك: خياراتٌ بائسة للاجئين العراقيين في لبنان" انه بالرغم من ان السلطات اللبنانية لا تجبر اللاجئين العراقيين على العودة الى العراق عنوة، فإنها تجبرهم على الاختيار بين شرين.

يقول بيل فريليك مدير شؤون اللاجئين في المنظمة "إن العراقيين المقيمون في لبنان يعيشون في رعب دائم مخافة الاعتقال. فالذين تلقي السلطات القبض عليهم يخيرون بين المكوث في السجون لفترات طويلة وبين العودة الى العراق."

ومضى فريليك الى اتهام السلطات اللبنانية بانتهاك مبادئ القانون الدولي بقوله: "إن لبنانن بتخييره العراقيين بين المكوث في السجن او العودة الى بلادهم انما ينتهك مبدأ اساسيا من مبادئ القانون الدولي."

وتشير تقديرات المنظمة الى ان عدد اللاجئين العراقيين في لبنان يناهز الـ 50,000، يقبع 580 منهم خلف قضبان السجون.

ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن نديم حوري الباحث في (هيومان رايتس ووتش) قوله إن السلطات في لبنان اعادت 298 عراقيا الى بلادهم عام 2006، بينما اعادت 154 في الاشهر الستة الاولى من العام الحالي.

وجاء في التقرير: ان العراقيين الذين يدخلون لبنان بشكل لا شرعي، او الذين يدخلون قانونيا ثم يتجاوزون المدد الممنوحة لهم، يعاملون كمهاجرين لا شرعيين ويتعرضون للاعتقال والسجن والغرامات والتسفير."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6 كانون الاول/2007 - 25/ذوالقعدة/1428