تشهد أسواق النفط العالمية زيادة متواصلة في أسعار النفط الخام حتى
بلغ سعر البرميل الواحد (100) دولار وهذه الزيادة جاءت متزامنة مع
ارتفاع سقف الإنتاج العراقي من النفط الخام لتصل الى (2.3) مليون برميل
وزيادة حجم الصادرات إلى (1.8) مليون برميل يوميا بحسب تقارير الخبراء
النفط العالميين والمحليين والتي أيدتها تصريحات بعض المسئولين في
وزارة النفط العراقية .
وعلى الرغم من هذا الارتفاع الكبير في أسعار النفط كان يجب إن تصب
في صالح الشعب العراقي ولتظهر أثاره في زيادة الدعم الحكومي لحاجات
ومتطلبات العيش الكريم للمواطن إلا العكس هو الحاصل حيث ازدادت معاناة
والآلام العراقيين من الارتفاع الذي تشهده تكاليف المعيشة ولعل معاناة
شريحتي المتقاعدين والموظفين الحكوميين تنبئ بالوضع العام الذي يعيشه
باقي أفراد المجتمع العراقي والذي وصل معدله العام دون خط الفقر في
مؤشر خطير على فداحة العجز الاقتصادي والغلاء المعيشي في العراق .
ولا يزال المسؤولين العراقيين في السلطة التنفيذية والتشريعية التي
نوجه اليها سهاد النقد بصورة رئيسية كونها المم! ثل الرئيسي لابناء
الشعب يغطون في سبات عميق ازاء ما يجري على افراد هذا الشعب المبتلى من
الصعوبات بسبب عدم مبالاتهم لمتطلبات المعيشة بعد إن بلغ حجم ما
يتقاضوه من رواتب مسؤولياتهم السابقة واللاحقة عشرات الملايين من
الدنانير شهريا بالإضافة إلى المنح والمكافاءت التي تغدق عليهم بها
حكومتنا التليدة بين العطلة التشريعية والأخرى ناهيك عن جملة من
الامتيازات الأخرى التي لم تقف الى ألان عند حدود معينة وقابلة للزيادة
المفرطة لا النقصان .
وتستمر معاناة أبناء العراق الذي يعانون الآمرين جراء شظافة العيش
وقسوة الحياة وغلاء المعيشة نتيجة للإهمال والتقصير من قبل المسؤولين
الذي وصل مداه بالاستخفاف بمشاعر ومصير مليون واثنان وثلاثون الف
متقاعد عراقي يشكلون مع عوائلهم 40% من إجمالي سكان العراق وذلك عندما
اعلن مجلس وزرائنا ومجلس نوابنا عن العمل على إصدار قانون التقاعد
الجديد وهو النبأ الذي جعل متقاعدينا يترقبون ويعيشون في عالم من
الأحلام الوردية طوال عام كامل وهم يأملون في بصيص من النور يخرجهم من
النفق المظلم الذي ادخلوا فيه قسرا بفضل السياسة الحمقاء والقوانين
المجحفة للحاكم الامريكي برايمر و! التي لا زال ساستنا يحرصون على
بقائها رغم رحيل الأخير منذ سنتين عن العر اق ، وزارة المالية وعبر
مجلس النواب أفصحت أخيرا عن المصادقة على قانون التقاعد ليرى النور
بعملية قيصرية بعد مخاض عسير ويعلن عن ولادة مشوهة للقانون بعد ان تبين
ان الكرم الحاتمي للسلطات العراقية لم يتجاوز 20 الف دينار فما دون لـ
(90%)من متقاعدين العراق .
ولعل هذا المثال يعكس بصورة واضحة حجم الإنفاق والدعم الحكومي
لابناء العراق الصابرين والمرابطين ويبين كذلك حجم المأساة الكبرى التي
يعيشها العراقيون على الصعيد المعيشي في ظل الحكومة الوطنية المنتخبة ،
كما يجب الإشارة والتنويه الى ان عدد العاطلين من حملة الشهادات وغيرهم
بلغ 50% لا كما يزعم السيد المالكي 15% وليذهب السيد رئيس الوزراء الى
محافظات الديوانية او الناصرية او ميسان او الكوت ليرى بأم عينه ألاف
من الشباب المتخرج من جامعات ومعاهد العراق يبحثون عن أي وظيفة او فرصة
عمل تتاح لهم هذا اذا استثنينا من لديه القدرة على دفع 4 مليون دينار
ليوفق الى التطوع في اجهزة الداخلية والدفاع بعد أن احتكر رجالات
الجهات الحاكمة على مقاليد التعيين في جميع وزارات الدولة العراقية من
دون استثناء .
ان الوضع المعيشي والخدمي الصعب الذي يعيشه العراق! يون لا يمكن ان
ينكره المسؤولين وان كانوا يتباهون بإنجازاتهم الاقتصادية والمعيشية
عبر مقارنة وضع الفرد لعراقي مع حاله أبان فترة حكم البعث الصدامي فهذا
امر مردود عليه من عدة جوانب أبرزها الميزانية الانفجارية التي يتبجحون
بها والتي جاءت نتيجة لحجم الواردات العراقية من النفط الخام فقط والتي
بلغت (50) مليار دولار على اقل تقدير بالإضافة الى الدعم الدولي الذي
تقدمه الدول المانحة لدعم مشاريع البناء والأعمار في العراق .
كما أن المواطن العراقي سيبقى يتساءل عن مصير هذه المليارات من
الدولارات خصوصا وهو لم يجد الا ألان ما يعطي انطباعا واضحا وأثرا
ايجابيا على كل الأصعدة الخدمية والمعيشية والاقتصادية ، والا فهل من
المعقول ان تعلن الحكومة عن ميزانية قدرها (42) مليار دولار للعام 2007
وتقوم بالمقابل بتخصيص مبلغ (70) مليون دولار كميزانية انفجارية (بحسب
ادعائها) لمحافظة كبيرة مثل ميسان عانت ولا زالت تعاني من اهمال وتخريب
عمره 30 عاما ؟!.
اما في الجانب الاقتصادي فالحديث ذو شجون لأن البطاقة التموينية
التي تمثل المورد الغذائي الأساسي للعائلة العراقية لا زالت تفقد
باستمرار الكثير من مفرداته! ا الرئيسية بل وأصبح عصا يلوح بها
المسؤولون بين الفينة والأخرى مهددين ب إلغائها وتعويضها بـ(5) دولارات
امريكية بحجة الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات المبرمة من ايام علاوي
مع صندوق النقد الدولي الموقر وعلى حساب الملايين من ابناء هذا الوطن
الجريح الذي ابتلى بمن لا يخاف الله فيه إلاً ولا ذمة .
كما أدى النقص الحاصل في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمشتقات
النفطية والخدمات الصحية الى خلق موارد أخرى لاستنزاف الفرد العراقي
ماديا بعد أن توفرت البدائل من خلال القطاع الخاص الذي لا يخضع
للمراقبة الحكومية ، وهو ما ضاعف حجم المعاناة لأبناء العراق وزاد من
صعوبة معيشتهم .
فهل تنتبه حكومة العراق والسلطة التشريعية قليلا الى هذا الشعب
ويتخلوا بعض الشيء عن النظر الى مصالحهم الفئوية الضيقة ويتوجهوا لرفع
تقصيرهم وإهمالهم لهذا الشعب الذي لم يقصر في التضحية بالغالي والنفيس
في سبيل النهوض بالعراق وبنائه من جديد وانتخبهم على أساس تحقيق
السعادة والرفاه والازدهار للعراق وشعبه ، أم يستر السياسيون في غيهم
وظلمهم للشعب العراقي واستنزاف ثرواته لتحقيق المكاسب وجني الثروات وهو
الأمر الذي لن تسكت عليه الجماهير للأبد لأنها ستبقى أبدا تردد المقولة
الخالدة لفيلسوف العراق المرجع! الشهيد محمد باقر الصدر (قد) (الجماهير
أقوى من الطغاة).
ahmedalbudayry@yahoo.com |