المصالحة الوطنية العراقية.. نجاح مرتقب

علي الطالقاني

على الرغم من حدوث بعض العمليات الإرهابية في مناطق العراق خصوصا  في العاصمة بغداد وأطرافها إضافة إلى ديالى والموصل والانبار، إلا أن المتتبع للشأن العراقي لايستطيع أن ينكر وجود تحسن كبير في المجال الأمني وردع للمجاميع الإرهابية.

 وكذلك لايسع المتطلع للشأن العراقي ان يجد مقارنة بين العراق اليوم وعراق بعد عام 2004، فأن مظاهر الحركة وسير الحياة في المناطق الساخنة أخذت تدب وتسير نحو طريق يوصلنا إلى بر الأمان وأصبحت هذه المشاهد واضحة للعيان في كثير من المناطق، وإن لم تكن تعبر عن تطور في باقي المجالات الاقتصادية والاجتماعية،  إلا أنها دليل قاطع على المسير نحو نهاية عهد العنف والإرهاب الذي راح ضحيته قرابة المليون ونصف مليون ضحية  يضاف الى ذلك أربعة ملايين ونصف المليون مهجر،وصولا  إلى خسائر العراق التي فاقت ملايين الدولارات نتيجة الفوضى والفساد الإداري.

في سنوات ما بعد سقوط نظام صدام ، عرف العراق عدة رؤساء، كانوا يبررون  ما يحدث من إرهاب و عنف على انه  بقايا لمجاميع ضالة ، لكنهم الآن  خارج السلطة  وبقي الإرهاب، الى أن جاء رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بخطة جديدة ومدعومة، من قبل بعض الأطراف الدولية للقضاء على العديد من المجموعات المسلحة تحت مسمى " المصالحة الوطنية" " وقانون المسائلة والمصالحة" والتي بدأ تنفيذها في عام 2006، وهي السياسة التي تقضي بملاحقة المجرمين والإرهابيين ومن يخرج عن القانون وبنفس الوقت إرجاع العديد من الضباط وأجهزة الحكم السابق و إخلاء الكثير من السجناء والمعتقلين.

في بداية الأمر ظهرت العديد من العراقيل التي عكرت سير هذه المشاريع التي كانت تمثل  نقطة ماء أمام بحر التحديات التي واجهة الحكومة والشعب ، كذلك فالجماعات المسلحة  التي دعت للقتال والتي ما زالت ترفض المصالحة، أصبحت تعلن عن مسؤوليتها إثر كل محاولة اغتيال تستهدف أحد العناصر التي أخذت من مشروع المصالحة مقاومة هذه المجاميع التي تنتمي لتنظيم القاعدة وكذلك باقي المجاميع التي تعمل بالتوافق مع بعض القوى العراقية التي تريد افشال سير العملية السياسية، هل ياترى  تقبل هذه المجاميع بالحوار وهل ينفع الحوار مع جماعات جندت الأطفال لتفجير أنفسهم وسط المدنيين والأبرياء ؟ كذلك مع من يكون التفاوض هل يكون مع مجاميع أطلقت على نفسها «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» الذين ليسوا الا عصابة من قطاع الطرق والمجرمين الذين استحلوا العيش على دماء الأبرياء  وابتزاز أموالهم.

إن كانت سياسة المصالحة الوطنية وباقي الأطروحات،  قد أثبتت نجاحها نسبيا في إعادة نوع من السلم  للمجتمع العراقي الذي عانى طيلة السنوات الثلاث الماضية من العنف و الإرهاب، إلا أن الجهود تبقى ناقصة بسبب عدم توافق التيارات السياسية ، ولا سيما المُعارضة منها  التي تعتبر أساس المشكلة.

الكثير من المسؤولين العراقيين قد أعلنوا أن سياسة المصالحة الوطنية تحتاج لبعض من الوقت على ان تكون هناك مقدمات لتهيئة النفوس: فانطلقت مؤتمرات المصالحة والحوار الوطني بين السياسيين وكذلك بين منظمات المجتمع المدني وصولا الى العشائر حتى  وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وياترى هل ينسى أو يتجاهل  المسؤولون العراقيون أهم مراحل وأطوار المصالحة الحقيقية..؟

ربما تكون الإجابة  هو التحّدي الذي تواجهه القوى والأحزاب العراقية وخصوصا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يقبل على  الترشح لولاية رئاسية ثانية، كذلك أصبح للعراقيين قناعة توجب على السياسيين أن يرتبوا البيت السياسي العراقي وهو من أولى الأولويات.

ومما لا شك فيه أن الحوارات بين الأطراف المعنية  حول المصالحة  يبدو فيها من الغموض أشياء كثيرة ، لم تنته إلى نقطة بعينها  يلتف حولها معظم الشعب ليكون منطلقا لحلول موضوعية لمشاكل البلاد العالقة.

ما يجري من مفاوضات بين كل الأطراف العراقية  يعبر عن أن الكل يريد أن يقدم  رؤى يشهد لها التاريخ لانجاز مشروع الوحدة الوطنية. وان وصلت هذه المشاريع القائمة الآن إلى مبتغاها المنشود حينها يكون للعراق صورة جديدة  يفرضها الواقع وليس أطراف بحد ذاتها.

كذلك فان الفهم المشترك للمشاكل العالقة له الدور الأكبر في فتح الباب أمام الوحدة والبناء والتماسك. وعندئذ يكون العراقيون في مرتبة تضاهي الشعوب المتقدمة من خلال خلق علاقات داخلية و إقليمية أكثر توازنا تجني الفائدة الأكبر لهم ولشركائهم في العالمين العربي والعالمي.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 28 تشرين الثاني/2007 - 17/ذوالقعدة/1428