تجسيدا لترابط  التطرف مع البترودولار: الوهابية والحكم السعودي السلطوي وجهان لعملة واحدة 

شبكة النبأ: مع تصاعد خطر الوهابية المتسلحة بقوة الثروات النفطية الهائلة في اروقة الحكم السعودي السلطوي  اصبحت هذه الحركة محط استهجان واستنكار اغلب دول العالم لما قام به تنظيم القاعدة الذي يستمد منها فتاواه وافكاره المتطرفة والمتشددة من نشر صور الدمار والتطرف في انحاء الشرق الاوسط واوربا وامريكا وحتى افريقيا.

وقضى بيتر هاردي، المحلل السياسي في بي بي سي، الشهرين الأخيرين في إعداد تحقيق عن (الوهابية) وهو التفسير الإسلامي السائد في السعودية. وفي الجزء الأول الذي تبثه الخدمة العالمية لبي بي سي، يبحث هاردي فيما إذا كانت الوهابية قد ساهمت مع البترودولار في ظهور التطرف.

عدد كبير من السعوديين متهمين بالإرهاب

يقول لورنس رايت الحائز على جائزة بوليتزر عن كتاب له عن تنظيم القاعدة: إن جوهر الوهابية هو التطهر. إنهم مهتمون فقط بالتطهر وهذا ما يجعلهم قمعيين.

ويرفض الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية والسفير السابق في لندن، بقوة هذا الاتهام ويقول: من وجهة نظرنا في المملكة لا يوجد شئ اسمه الوهابية. إنه سراب.

لم يهتم السعوديون قط بلافتة "وهابيون" التي كانت تاريخيا، مصطلحا مسيئا يستخدمه الذين ينتقدونهم.  وهم شديدو الحساسية لما يوجه إليهم من اتهامات بأنهم استغلوا العوائد الضخمة للنفط لتحويل مذهب ظهر في بيئة صحراوية إلى قوة عالمية متطرفة.

الاتهام والاتهام المضاد

يضيف بيتر هاردي، خلال الشهرين الماضيين تحدثت مع مسؤولين في الحكومة السعودية والجميعات الخيرية السعودية، وجميعهم اتفقوا على ان الحملة الموجهة لهم ظالمة.

لقد استمعت إلى عدد من الخبراء العالميين الذين تجمعوا في بلدة ساحلية ريفية في هولندا، لمحاولة تعريف الوهابية والسلفية.

واستمعت إلى عدد من كبار المحققين الأمريكيين وهم يصفون شكوكهم العميقة في الجمعيات الخيرية السعودية، وشعورهم بالإحباط وهم يتتبعون خيوط التمويل.

وقال لي المدعي الأمريكي باتريك فيتزجيرالد لماذا أصبح على قناعة بأن الجمعية الخيرية السعودية التي تتخذ لها مقرا في شيكاغو هي واجهة للقاعدة. وقد أغلقت السلطات الأمريكية الجمعية عام 2002.

وبعد عامين خضعت جمعية خيرية سعودية اخرى هي جمعية "الحرمين" للتدقيق. وتوصلت السلطات السعودية والأمريكية إلى أن 10 من فروعها "تمول الإرهاب".

إلا أن المحققين الأمريكيين كانوا يعجزون عادة عن تحويل شكوكهم إلى يقين عن طريق العثور على أدلة قاطعة. وهذا ما يزيد من تشكك المسلمين السعوديين والأمريكيين في الاتهامات التي توجهها الحكومة الأمريكية.

ثقافة الكراهية

لقد فحصت دور الكتابات الوهابية، التي تستخدم في المدارس السعودية ويتم تصديرها إلى العالم كله، والتي تروج للشك في- وكراهية غير المسلمين. بل وتكفير فرق كثيرة من المسلمين انفسهم.

وطمأنني السفير السعودي في واشنطن، إلى ان سلسلة من الخطوات قد اتخذت في المملكة من أجل إصلاح نظام التعليم وغرس قيم التسامح.

إلا أن رجل التعليم السعودي حسن المالكي ليس مقتنعا بعد بما يقال عن هذه الخطوات الإصلاحية. وقد قال لي: إنهم يدرسون للطلاب أن كل من يختلف مع التفسير الوهابي إما كافر أو منحرف ويجب أن يتوب أو يقتل.

وأضاف، أن هذا يعد اعتداء على نصف المجتمع السعودي، حيث تتعايش الطائفتان السنية والشيعية مرغمين مع المؤسسة الدينية الوهابية.

وقد قمت بزيارة الجمعية العالمية للشبان المسلمين، وهي جزء من المؤسسات الإسلامية الممولة جيدا التي أسسها الملك فيصل في الستينيات والسبيعيات. وقد بنت تلك المؤسسات المساجد والمدارس وقدمت المساعدات الإنسانية للمسلمين المحتاجين. إلا أن هناك دليلا على أنه مع مرور الوقت، أصبح جزء من فروعها المحلية منغمسا في الشبكات المسلحة.

ويعتقد برنارد هايكل، الأستاذ في قسم دراسات الشرق الاقصى بجامعة برنيستون، أن السعوديين انشأوا مؤسسات سرعان ما فقدوا القدرة على السيطرة عليها.

وقد بلغ التمويل السعودي للإسلام السياسي ذروته في الثمانينيات عندما مول السعوديون بالتعاون مع الأمريكيين وغيرهم، الجهاد ضد القوات السوفيتية في أفغانستان. لقد كانت الحرب في أفغانستان الوعاء الذي خرج منه تنظيم القاعدة.

يقول البروفيسور هايكل: لقد خرج الجنّي من الزجاجة، ولم يتمكن السعوديون من إعادته إليها مرة أخرى.

احكام وفتاوى انتقائية

من جهة اخرى وفي شان سعودي داخلي لا تزال تتفاعل قضية "فتاة القطيف" بالسعودية، اذ  دعت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية، الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى التدخل شخصياً لإسقاط جميع الاتهامات التي وجهتها إحدى المحاكم إلى الفتاة التي تعرضت للاغتصاب على أيدي سبعة شبان بعد ما قاموا باختطافها.

كما طلبت المنظمة الدولية المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في العالم، السلطات السعودية إلى إعادة منح ترخيص مزاولة مهنة المحاماة لمحامي الفتاة، عبد الرحمن اللاحم، والذي كانت المحكمة نفسها قد قررت سحب رخصة المحاماة منه، بدعوى أنه "سعى إلى التأثير على المحكمة"، من خلال التحدث إلى وسائل الإعلام حول تفاصيل القضية.

من جانبه، قال اللاحم في تصريحات لـCNN إن موكلته البالغة من العمر 19 عاماً، أصبحت الآن بدون محام للدفاع عنها، مما يُعد انتقاصاً لحقوقها، بعد أن قررت المحكمة العامة في "القطيف" شرقي المملكة العربية السعودية، سحب رخصة مزاولة مهنة المحاماة، وإحالته إلى لجنة تأديبية بوزارة العدل.

وأضاف قوله إنه أُصيب بـ"الصدمة" لمضاعفة العقوبات على موكلته، رغم أنها المجني عليها في القضية، التي تعود أحداثها إلى مارس/ آذار من العام الماضي، فيما صدرت أحكاماً اعتبر أنها "مخففة" بحق الجناة الذين قاموا باختطاف الفتاة وتناوبوا اغتصابها.

وكانت المحكمة قد شددت معاقبة المجني عليها، والتي عُرفت بـ"فتاة القطيف"، بعد أن كان محاميها قد طعن في حكم سابق صدر بحقها العام الماضي، يقضي بجلدها 90 جلدة، والتي شُددت إلى مائتي جلدة بالإضافة إلى الحكم بسجنها لمدة ستة شهور، فيما قضت المحكمة بسجن الجناة لمدد تتراوح بين عامين وتسعة أعوام.

وجاء في حيثيات الحكم أن الفتاة، وهي متزوجة، كانت في "خلوة غير شرعية" مع شخص آخر، تعرض هو الآخر للاختطاف والضرب من قبل مغتصبيها، وصدر حكم بجلده أيضاً مائتي جلدة والسجن لستة شهور.

واعترض محامي الفتاة، اللاحم على قرار الحكم "لأنه توجد فتوى تعتبر هذا النوع من الجرائم من 'الحرابة' (التعرض للناس تحت تهديد السلاح) وتصل عقوبتها إلى الموت"، وفقاً لما ذكر في تصريحات سابقة أدلى بها لشبكة CNN.

وأوضح المحامي أن الفتاة التقت "المجني عليه الآخر" في مكان عام، لاسترداد صور لها كانت بحوزته، مشدداً على أنه اطلع على تلك الصور ولم يظهر منها ما يسيء إلى موكلته.

ورغم تشديد اللاحم على ثقته بالإصلاحات التي يقوم بها العاهل السعودي في البلاد، علق على قرار المحكمة الصادر وقال: بعد سنة، غيرت المحكمة العقوبات المفروضة على المتهمين، وأصبحت بالسجن بين عامين وتسعة أعوام.. لقد أصابتنا الدهشة عندما غيروا عقوبة الضحية لتصبح السجن ستة شهور، إضافة إلى جلدها 200 جلدة.

وفي تعليقات نشرتها شبكة "العربية" السعودية ضمن موقعها على الانترنت، ذكر أحد القراء: كأنما كتب على الفتاة في البلاد الإسلامية أن تكون الضحية الدائمة، فها هم أشاوس الشريعة يعاقبون الضحية ويخففون حكم الجناة، فأيهما أفظع الخلوة غير الشرعية أم جريمة الاغتصاب؟.

وجاء في تعليق آخر: أذا ترك هؤلاء الشباب بدون حكم رادع لهم، فوداعاً ثم وداعاً لبنات أخرى سوف يقومون باغتصابهم، فيما أضاف ثالث: لم يكف هذه الفتاه المسكينة ما حدث حتى يقوم هؤلاء العلماء بالحكم عليها.

الخارجية الأمريكية تصف القضية بأنها "مثيرة"

من جانبه، وصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، شون ماكورميك قضية فتاة القطيف وعقوبة التي فرضت عليها بأنها "مثيرة للدهشة". بحسب CNN.

وقال: في حين أن الحكم قضائياً، جزء من حكم قضائي، في محاكم خارج دولتنا، وفي حين من الصعوبة بمكان تقديم أي تصريحات مفصلة حول الوضع، أعتقد أن معظم الناس سيصابون بالدهشة.

وأضاف ماكورميك: لا يمكنني الخوض في قضايا محاكم سعودية، غير أنني أعتقد أن معظم الناس هنا سيصابون بالدهشة إذا ما عرفوا بالظروف المحيطة بها ومن ثم بالعقوبة التي خرجت بها المحكمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22 تشرين الثاني/2007 - 11/ذوالقعدة/1428