هل ستنجح القوات الأمريكية في كبح العنف بحزام بغداد؟

علي الطالقاني*

شبكة النبأ: تعتبر المناطق المحيطة بالعاصمة بغداد و جنوبها خصوصا والتي سميت مؤخرا  "مثلث الموت" او حزاب بغداد أضافة الى المثلث السني الذي رسمت معالمه في فترة حكم النظام البائد، أمتازت هذه المناطق باحداث أدخلت تلك المناطق في عملية مد وجزر مع القوات الامريكية تساندها القواة العراقية لكبح العنف الدائر في تلك المناطق والتي أصبحت مأوى كبير للمجاميع الارهابية بعد سيطرتها على تلك المناطق لشهور، حتى بات الجميع من ابناء تلك المناطق في خطر.

اليوم وفي حملة أمنية واسعة تشنها هذه القوات في تلك المناطق للتخلص من باقي المجاميع الارهابية بعد أن شهدت تلك المناطق حملة تسليح واسعة للعشائر لطرد مجاميع القاعدة.

تراجع

وتراجعت اعمال العنف تراجعا حادا في بغداد حسب البيانات الامريكية لعدد الهجمات واحصاءات الضحايا العراقيين.ويرجع التراجع في جزء منه لضربات عنيفة وجهها زعماء القبائل لتنظيم القاعدة في تلك المناطق.

ويقول لينش ان زيادة القوات في بغداد ساهم بشكل حاسم في وقف تدفق سيارات ملغومة ومسلحين انتحاريين على العاصمة عبر نهر دجلة والحد من عمليات تهريب الاسلحة من ايران.ويقول ان هناك انخفاضا كبيرا في اعمال العنف والجريمة في منطقته اذ شهدت تراجع تفجيرات القنابل على الطرق بنسبة 59 في المئة منذ بداية يوليو تموز.

ويقول تراجع عدد الهجمات.رغم اننا نتعرض لهجوم الان... لكن يتردد سؤال مهم بشأن استراتيجية الزيادة فهل ستبقي القوات الامريكية لفترة زمنية كافية لضمان استمرار تراجع اعمال العنف..ومع تزايد الدعوات داخل الولايات المتحدة لعودة القوات قال الرئيس الامريكي جورج بوش ان تحسن الامن يعني ان يغادر مابين 20 و30 ألف جندي العراق بحلول منتصف العام المقبل.يقول الجيش الامريكي ان السبيل هو ضمان ان قوات الامن العراقية مستعدة لتولي المسؤولية.

ويقول لينش: الشعب العراقي هو وحده القادر على الانتصار في المعركة ضد المتمردين والسبيل هو بناء قوات امن يمكنها الوجود بشكل دائم.

600 جندي أمريكي وعراقي جنوب بغداد

من جانبه  اعلن مسؤولون امريكيون ان حوالي 600 جندي امريكي وعراقي يؤازرهم الطيران، شنوا فجر الجمعة هجوما على قريتين سنيتين قرب بغداد للقضاء على مقاتلين يشتبه بانتمائهم الى تنظيم القاعدة ويختبئون بين السكان. والقريتان تبعدان 25 كلم جنوب غرب العاصمة العراقية.

وتشكل هذه العملية بداية اخر هجوم لإقامة خط من المراكز القتالية والقواعد لحماية الجزء الجنوبي من بغداد.

وقال الكولونيل دومينيك كاراكيلو قائد الفرقة الثالثة في اللواء العاشر المجوقل ان: هذه محاولة لاحلال الاستقرار نهائيا في المنطقة الغربية من الفرات.

واضاف ان العملية تهدف ايضا الى العثور على جنديين امريكيين خطفا في 12 مايو الماضي عندما وقعت دوريتهما في كمين قرب قرية كرغولي شرق الفرات.

وعثرت التعزيزات التي ارسلت الى المكان بعد هذا الاشتباك على اربعة جنود ومترجم قتلى وسمحت بالتأكد من فقدان اثنين.

من جهته، قال الكومندان جوناتان اوتو المسؤول عن اجهزة الاستخبارات في اللواء: نعتقد ان عناصر القاعدة الذين شاركوا في خطف الجنديين يختبئون في هاتين القريتين. ويبلغ عدد سكان تلك القرى  4600.

وكان تنظيم دولة العراق الاسلامية وهي تحالف من جماعات سنية مسلحة تنضوي تحت لواء تنظيم القاعدة، قد اعلن مسؤوليته عن الهجوم محذرا القوات الامريكية من البحث عن الرجلين.

أول ثكنة

ويخطط الجيش الامريكي لإقامة اول ثكنة قتالية في المنطقة عند منطقة القصر الاوسط جنوب بغداد 15 كم.

وتقضي الخطط الامريكية بإقامة رأس جسر في منطقة القصر الأوسط الهدف الاساسي للهجوم.

واوضح الكومندان جايسون واغونر احد الضباط الذين يشاركون في الهجوم: سنسيطر على القرية وسنقيم مركزا متقدما على الضفة الغربية للفرات في الأوسط.

وقال: ان القوات ستبني بعد ذلك جسرا فوق النهر يربط الأوسط بالضفة الشرقية للفرات، موضحا ان الجسر سيسهل تحركات القوات التي ستشارك في البحث عن الجنود الذين يعتبرون مفقودين.

مئات المهجرين يتهمون "عناصر الصحوة" بـ"الارهاب"

من جانب آخر تظاهر مئات العراقيين من اهالي مناطق جنوب غرب بغداد مطالبين حكومة المالكي باتخاذ اجراءات صارمة لطرد "قوات الصحوة" التي تساندها القوات الاميركية متهمينهم ب"الارهاب".

وتجمع المتظاهرون وهم من النساء والرجال وبرفقتهم بعض الاطفال من اهالي مناطق السيدية والبياع والعامل ومناطق اخرى (جنوب غرب بغداد)امام مبنى مجلس محافظة بغداد (وسط بغداد).

وقال ابو محمد المحمداوي (32 عاما) فر من منزله منذ اكثر من عامين لوكالة فرنس برس "نطالب بتطهير السيدية من المجرمين والارهابيين الذين شكلهم الاميركان والحزب الاسلامي والذين اطلقوا عليهم قوات الصحوة.

واضاف الرجل المسن ان هؤلاء قتلة وارهابيون وقد تورطوا بعمليات قتل وتعرف عليهم معظم المهجرين وحددوا اشخاصا بينهم قتلوا كثيرا من المدنيين" وتابع ان "بعضهم يقوم بحرق منازل العوائل الشيعية المهجرة.

وطالب المحمداوي الحكومة العراقية ب"تطهير المنطقة من هذه القوة" مشيرا الى انها "جاءت من مناطق اخرى لا تنتمي الى مناطقنا بذريعة حماية المنطقة التي ينتمون اليها".

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "عناصر الفوج الذي شكله الاميركان ليسوا من اهالي السيدية" واخرى "بيوتنا تسرق وتحرق وتفجر".

ورفع اخرون صورا قالوا انها لابنائهم الذين قضوا في اعمال عنف وسط هتافات "كلا كلا للصحوة" و "كلا كلا للمحتل" و"ارجعوا بيوت السيدية".

برنامج لجعل المسلحين مواطنين صالحين

من جانب آخر قال الميجور جنرال من المارينز دوغلاس ستون في مقابلة حديثة معه: الانحطاط والفشل في القيادة اللذان قادا إلى فضيحة أبو غريب لن يسمح بتكرارها ثانية. يمكننا أن نفهم سبب تمكن المتطرفين من الاستفادة مما حدث في كسب مجندين جدد. إنها حالة ما كان يجب السماح بحدوثها. ومنذ مايو (ايار) الماضي حينما تسلم مسؤولية عمليات الاعتقال الأميركية في العراق، فتح مرافق الاحتجاز الأميركية للمعاينة الخارجية وأعطى المعتقلين فرصة لمناقشة قضاياهم مع السلطات العسكرية. كذلك قدم برامج تهدف إلى تحويل المشتبه بهم إلى مواطنين مثاليين. فهناك مدرسون ورجال دين ونفسانيون واختصاصيون آخرون يستخدمون القرآن لتعديل وجهات نظر المعتقلين المتطرفة وتوفير استشارات شخصية وتعليم أولي لإعادة تأهيل الأشخاص الأكثر فقرا، والذين لم تتوفر لهم فرص التعليم من قبل، وبعض منهم مر بغسل دماغ على يد المتطرفين.

إنها ساحة معركة العقول

واكتسبت المهمة بعدا ملحا مع تزايد عدد المحتجزين تحت السلطة الأميركية بالعراق إلى حوالي 25 ألف شخص. وهم معتقلون في معسكري كروبر وبوكا. ويقع الأخير بالقرب من البصرة. وقبل بدء فرض إجراءات صارمة في مجال الأمن والتي بدأت في فبراير(شباط) الماضي كان المركزان يضمان 15500 معتقل. ومع اعتبارهم «تهديدا للأمن» يمكن إبقاء البالغين محتجزين إلى ما لا نهاية. وبعضهم سينتظر أعواما قبل المحاكمة، وهذا ما يجعلهم على استعداد للتجنيد من قبل المتطرفين المقيمين معهم. ويفرض القانون العراقي إطلاق سراح صغار السن خلال 12 شهرا.

وقال ستون إنه لم يتم اعتقال أي من المحتجزين الذين أطلق سراحهم والذين يتجاوز عددهم الألف، مرة أخرى. لكنه اعترف أنه لأمر سابق لأوانه أن يبقى الحال على ما هو عليه. وقدر أن هناك ما يقرب من 30% من المعتقلين قد يكونون محصنين من أي جهود تبذل ضمن برنامج التأهيل الذي تصل تكاليفه إلى 254 مليون دولار. وهدف ستون هو عزل هؤلاء الرجال، بينما يصب جهوده على أولئك القابلين على الإقناع. وأغلبهم حسبما يقول هم من الفقراء والعاطلين عن العمل من العرب السنة، مع القليل من التعليم وسهولة إغوائهم بالمائة أو بالمائتي دولار التي يعرضها المتمردون عليهم لزرع قنبلة على الطريق.

ويرى سْتون أن السلاح الأفضل الذي يمكن استخدامه في سياسة التأهيل هو القرآن الكريم الذي يحتوي على الكثير من الآيات المحرمة للقتل. وأضاف: «أظن أنه لأمر مثير للاستغراب بالنسبة للأميركيين أن يكتشفوا حقيقة كون المعتقلين أنفسهم لا يعرفون القرآن معرفة كافية. إن كل ما يعرفونه هو ما يقوله إمام مسجدهم المحلي».

وقال رجل الدين المسؤول عن درس «التنوير» الأخير، إن الكثير من طلابه صُدموا حينما قرأ عليهم مقاطع من القرآن تحرم قتل الأبرياء حتى لو كانوا غير مسلمين. وأضاف: «إذا قتل معتقل شخصا ما قبل ذلك فإنه بعد البرنامج الذي درسه سيفكر ألف مرة قبل أن يقتل ثانية. لكن ذلك سيعتمد على المكان الذي سيذهب إليه بعد إطلاق سراحه، لأن الظروف في الخارج صعبة جدا. فهناك الكثير من العنف.

وإضافة الامام هناك أكثر من 7000 معتقل سجلوا لدراسة العربية والرياضيات والعلوم والجغرافيا والإنجليزية ودروس في التربية الوطنية. ويأمل ستون أن يكون التعليم الأولي الذي يحصلون عليه في المعسكر سيمكنهم من فهم القرآن الكريم بأنفسهم. 

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19 تشرين الثاني/2007 - 8/ذوالقعدة/1428