أسعار خيالية وقياسية للنفط تنبأ عن تزايد عوامل عدم الاستقرار

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ:  رغم تسارع وتيرة الأحداث تشير التحليلات الأولية الى ان احتمال خضوع اسعار النفط  لعوامل الجذب الناتجة عن صراع تركي - كردي عند المنطقة الحدودية مع العراق امر مستبعد، إلا ان امتداد النزاع  نحو ايران او تعرضها لأي توتر على خلفية ملفها النووي سيقود اسعار برميل النفط الى مستويات غير مسبوقة قد تصل الى 100 دولار للبرميل.

وقال وزير النفط العراقي الاسبق، عصام الشلبي، إن مجموعة كبيرة من العوامل تتحكم بأسعار النفط الحالية، مستبعداً إمكانية توقع المدى الذي قد تبلغه أسعار الذهب الأسود بسبب تذبذب هذه العوامل، التي يشكل تراجع قيمة الدولار الأمريكي أحد أبرز ركائزها.

وقلل الشلبي الذي شغل منصبه الوزاري خلال حقبة الدكتاتور صدام ، بين 1987 و1990 وغادر العراق بعد غزو الكويت، في حديث لبرنامج أسواق الشرق الأوسط CNN، من تأثير التوتر على الحدود التركية العراقية.

غير أنه حث بالمقابل على التركيز على الأوضاع في إيران، إذ قد يرفع إقفال مضيق هرمز الأسعار إلى 200 دولاراً للبرميل، ونبه إلى أن تطبيق مسودة قانون النفط الجديد ستؤدي إلى تفكك العراق.

ورفض الشلبي، الذي تحدث إلى معد ومقدم البرنامج، جون دفتريوس، خلال وجوده على هامش مؤتمر المال والطاقة في لندن، الاعتماد على التقارير الغربية التي ترجح تراجع سعر النفط بسبب انخفاض النمو المتوقع لعدد من الدول المتقدمة، مشيراً إلى أن الأسواق الصينية والهندية ستعوض الفارق.

وأضاف: في العام 2020، سيعادل الاستهلاك الصيني للنفط استهلاك الولايات المتحدة، وكذلك الهند، معدلات النمو هناك تزداد بصورة مضطردة، وأنا على ثقة أن الطلب سيظل قوياً، ربما لن يأتي من أوروبا أو الدول الثماني الكبرى، غير أن العمالقة الجدد سيوفرونه بالتأكيد.

وعن تأثير التوتر الأمني في المنطقة، قال الشلبي إن احتمال خضوع أسعار النفط  لعوامل الجذب الناتجة عن صراع تركي - كردي عند المنطقة الحدودية مع العراق أمر مستبعد، إلا أن امتداد النزاع نحو إيران أو تعرضها لأي توتر على خلفية ملفها النووي سيقود أسعار برميل النفط إلى ما فوق 200 دولاراً.

وأضاف: إذا أقفلت طهران مضيق هرمز، أو ردت على أي ضربة باستهداف بعض منشآت النفط في الخليج فإن ذلك سيقود إلى حرمان الأسواق من قرابة 18 إلى 20 مليون برميل نفط يومياً، وهذا سيدفع البرميل إلى سعر 150 أو 200 دولار حتى.

وحذر الشلبي من مخاطر مسودة قانون النفط العراقي الجديد، مشيراً إلى أنها قد تكون الباب الذي يفتح على عملية تقسيم العراق إذا ما تم تطبيقه على صعيد توزيع العائدات على حد تعبيره.

ولفت الوزير العراقي السابق إلى أن سلطة إقليم كردستان وقعت خلال أسبوع واحد خمس اتفاقيات نفطية، بينها اتفاقية واحدة مع أطراف أمريكية، وقال إن مصير هذه الصفقات غير معروف في المستقبل، إذ أن الحكومة المركزية في بغداد لا تقر بقانونيتها لأنها تمت دون موافقتها.

النفط حول 94 دولارا وتوقعات بارتفاعه إلى 100 دولار

وعادت أسعار النفط إلى الارتفاع في التعاملات الآسيوية الإلكترونية لبورصة نيويورك في بورصة سنغافورة وسط توقعات بتواصل أسعار الخام الآجلة في تحطيم أرقام قياسية مدفوعة بتقييد الإمدادات.

فقد ارتفع خام النفط الخفيف، تسليم شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، 9 سنتات، ليستقر سعره عند 93.58 دولاراً للبرميل، وذلك في تعاملات منتصف النهار في بورصة سنغافورة.

وكانت أسعار النفط قد انخفضت الخميس بمقدار 1.04 دولاراً للبرميل لتستقر عند 93.49 دولاراً، بعد أن كانت قد بلغت رقماً قياسياً في وقت سابق عندما تخطى سعره حاجز 96 دولاراً، وفقاً للأسوشيتد برس.

ويعتقد العديد من المستثمرين أن تقييد الإمدادات سيقود السعر إلى حدود 100 دولار للبرميل، وربما أكثر.

وقال المحلل في مؤسسة ألارون تريدينغ، فيل فلين: السؤال الأهم الذي يريد الجميع معرفة الإجابة عليه هو 'هل نصل إلى سعر 100 دولار للبرميل خلال هذه الجلسة؟"

من جهته، قال مدير تمويل السلع في مؤسسة ASTMAX في طوكيو، تيتسو إيموري، إن ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 100 دولار للبرميل سيكون مدفوعاً بعوامل مثل التهديدات الجيوسياسية للإمدادات أو انخفاض المخزون الاستراتيجي منه في الولايات المتحدة أو أوروبا.

وقال إيموري: يرغب البعض في أن يصل سعر الخام إلى مستوى 100 دولار للبرميل، لكنني لا أعتقد أن هذا المستوى سيدوم طويلاً لأنه بكل بساطة سعر باهظ.

وكان الانخفاض في سعر النفط الخام الخميس قد نجم وسط تداولات هشة، جراء مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي، وقرار فرنسا بطرح كميات من مخزونها النفطي في الأسواق إلى جانب تحرك لبعض المستثمرين باتجاه جني الأرباح.

ورغم السعر الحالي الباهظ للنفط نسبياً، إلا أنه يظل بحدود أسعار التضخم التي بلغتها في أوائل عقد الثمانينيات من القرن العشرين، عندما ارتفع سعر البرميل إلى 38 دولاراً، وهو سعر تضخمي يقدر حالياً بين 96 و103 دولارات.

وفي بورصة نايمكس، ارتفع سعر وقود التدفئة بحدود سنت واحد، ليصل سعر الغالون إلى 2.5224 دولاراً، في حين ارتفع البنزين 1.13 سنتاً، ليصل سعره إلى 2.3545 دولاراً للغالون.

أما الغاز الطبيعي، فقد انخفض سعره 2.2 سنتاً، ليستقر سعر الألف قدم مكعب منه عند 8.615 دولاراً.

وفي بورصة لندن، ارتفع خام مزيج برنت 58 سنتاً، ليستقر سعره عند 90.3 دولاراً للبرميل.

لماذا ارتفعت أسعار النفط?

ويغذي موجة صعود الاسعار بعد تراجعها لما دون 50 دولارا مطلع العام طلب قوي على الخام وضعف الدولار. بحسب رويترز.

اضافة الى ذلك ساعد تراجع قيمة الدولار الامريكي مقابل عملات رئيسية أخرى على تعزيز عمليات الشراء في مختلف السلع الاولية حيث يرى المستثمرون أن الاصول المسعرة بالدولار رخيصة نسبيا.

كما نال ضعف العملة الامريكية من القدرة الشرائية لايردات أوبك وزاد القدرة الشرائية لبعض المستهلكين المسعرة وارداتهم بعملات أخرى غير الدولار.

ولمح وزراء نفط أوبك الى أنه رغم ارتفاع أسعار النفط الى مستويات اسمية قياسية الا أن التضخم والدولار خففا من تأثير ذلك.

ويقول بعض المحللين ان المستثمرين يستخدمون النفط كملاذ امن في مواجهة ضعف الدولار.

ومنذ خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) أسعار الفائدة في منتصف أغسطس اب وقيام بنوك مركزية بضخ مليارات الدولارات في الاسواق المالية لتخفيف أزمة ائتمان صعدت أسعار النفط بما يقرب من 40 في المئة وارتفع الذهب 20 في المئة.

وتزدهر تدفقات الاستثمار من صناديق معاشات التقاعد والتحوط على السلع الاولية وكذلك المضاربات. وفي غضون ذلك تسببت أزمة الائتمان في ركود بعض الاسواق الاخرى عمليا ولاسيما سوق الاوراق التجارية بضمان أصول في الولايات المتحدة.

ووفقا لبيانات من مجلس الاحتياطي الاتحادي فقد تراجع حجم سوق الاوراق المالية بضمان أصول في الولايات المتحدة لاحد عشر أسبوعا متتاليا ليصل الى 883.7 مليار دولار هذا الاسبوع من ذروة بلغت 1.17 تريليون دولار في نهاية يوليو تموز.

وفي أوروبا انكمشت السوق بحسب محللين لدى بي.ان.بي باريبا الى 192 مليار دولار بنهاية سبتمبر أيلول من 297 مليار دولار في نهاية يوليو. ووجدت بعض الاموال طريقها الى أسواق الطاقة والسلع الاولية.

الطلب

في حين كانت الارتفاعات السابقة في الاسعار تنتج عن اضطرابات في الامدادات فان الطلب من دول مثل الصين والولايات المتحدة هو المحرك الرئيسي للزيادات الراهنة.

وتباطأ نمو الطلب العالمي بعد ارتفاعه في عام 2004 لكنه مستمر في الزيادة ولم يكن لارتفاع الاسعار حتى الان أثر يذكر على النمو الاقتصادي.

ويقول محللون ان العالم يتكيف بشكل جيد مع ارتفاع الاسعار الاسمية لانها تعتبر أقل من المستويات السائدة في موجات صعودية سابقة اذا أخذت أسعار الصرف والتضخم في الاعتبار كما أن بعض الاقتصادات أصبحت أقل استهلاكا للطاقة.

قيود الانتاج التي تفرضها أوبك

بدأت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تضخ أكثر من ثلث انتاج العالم من النفط خفض انتاج الخام أواخر 2006 لكبح تراجع في الاسعار.

وساعد تراجع معروض أوبك في السوق على ارتفاع الاسعار هذا العام في حين أخذت البلدان المستهلكة ممثلة في وكالة الطاقة الدولية تناشد المنظمة لشهور ضخ المزيد من الخام.

وقررت أوبك في اجتماع عقدته في سبتمبر زيادة انتاج النفط 500 ألف برميل يوميا من أول نوفمبر.

ويعتقد أغلب اعضاء المنظمة أنه ليس بوسعهم فعل شيء لترويض سوق يقولون انها تتحدى المنطق.

نيجيريا

انخفضت امدادات الخام من نيجيريا ثامن أكبر بلد مصدر للنفط في العالم منذ فبراير شباط عام 2006 بسبب هجمات متشددين على صناعة النفط في البلاد.

واوردت الشركات تفاصيل وقف انتاج نحو 547 الف برميل يوميا من انتاج نيجيريا بسبب الهجمات وعمليات تخريب.

العراق

يجاهد العراق لانعاش صناعة النفط بعد عقود من الحروب والعقوبات وضعف الاستثمار. وصادرات خام كركوك من شمال البلاد متقطعة حيث تسببت أعمال التخريب ومشكلات فنية في توقف خط الانابيب معظم الوقت منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة في مارس اذار 2003 الامر الذي يحول دون عودة الصادرات الى معدلاتها قبل الغزو.

تزايد سخونة المراهنات

من جهة اخرى أثار ارتفاع اسعار النفط الى مستويات قياسية موجة من المراهنات حول المدى الذي يمكن أن يصل اليه الارتفاع شارك فيها كثيرون من عمال الحي الشرقي في لندن الى خبراء أسواق المال في مانهاتن.

وقال جوس ايفانز المتعامل لدى شركة اي.جي اندكس للمراهنات على الانترنت، هم في العادة عملاء ميسورو الحال ويراهنون عموما على أن السوق سترتفع. وقد شهدنا زيادة في الاقبال مؤخرا.

وبعيدا عن الابراج الزجاجية في أحياء المال يبدي المتمرسون في المراهنات اهتماما كبيرا.

وقال جيف هيكس - وهو من سكان لندن وليس له وظيفة في الوقت الحالي - أثناء وجوده في متجر للمراهنات في الحي الشرقي، أراهن بمئة جنيه أن النفط سيرتفع لان أمريكا لديها نقص...لم تكن أمريكا لتغزو العراق لولا ما لديها من نقص في النفط.

وراهن المؤلف ماثيو سيمونز الخبير في صناعة النفط بمبلغ خمسة الاف دولار لدى أحد كتاب الاعمدة في صحيفة نيويورك تايمز أن أسعار النفط ستصل الى 200 دولار في عام 2010.

ويبني سيمونز حساباته على أساس أن سعر 65 دولارا للبرميل من النفط يعني أن سعر الكأس يبلغ عشرة سنتات أي أن النفط أرخص عشر مرات من سعر المياه المعبأة.

ويقول تشارلز ريان وهو عامل في صناعة الغاز أثناء قضاء أمسيته في متجر للمراهنات في لندن، أراهن أن النفط سيرتفع لان الحكومات سيئة والحرائق تشتعل في المصافي.

وتقول شركة كانتور اندكس للمراهنات ان احتمالات ارتفاع النفط الى 100 دولار بحلول عيد الميلاد تبلغ 13 الى 8.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 4 تشرين الثاني/2007 - 23/شوال/1428