الكهرباء في العراق بين الحلم والواقع المرير

كربلاء – مرتضى حسن

 شبكة النبأ: باتت الطاقة الكهربائية وما تمتلكه من أهمية بالغة في حياة الناس والتي تعد اهم مصادر الطاقة التي تساعد الإنسان على سد احتياجاته وتيسير أموره لاسيما في بلد يمر بظروف أشبه ما يمر بها بلدنا العراق كوننا نفتقد الى كل مصادر الطاقة في الوقت الذي نمتلك فيه كل مؤهلات الحصول عليها سواء كانت الطاقة المغيبة تحت أطباق الثرى وتلك التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.. ام تلك التي نراها يوميا دون استثمارها كالطاقة الشمسية والهوائية والمائية وغيرها مما يجعلها تذهب سدى دونما جدوى ، ومن خلال تقديم دراسات ومقترحات ربما تساعد المسؤول في اختيار أفضلها لتصب الفائدة في نهاية المطاف في مصلحة المواطن الذي نفذصبره من شدة الانتظار والوعود.

من بين هذه الدراسات دراسة تقدم بها السيد كاظم نور الصافي عضو مجلس محافظة كربلاء ورئيس لجنة الماء في المجلس ومدير دائرة الماء سابقا من خلال اعتماده على الجهود الفردية ومساعدة الخيرين من أبناء المحافظة في خطوة منهم لإيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء، وحول هذا الموضوع كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) وقفة مع السيد الصافي للإلمام بجوانب تلك الدراسة فحدثنا قائلا :

 لقد تضمنت الدراسة عدة بحوث اختص كل بحث بجانب معين اذ اختص البحث الأول بإجراء استبيان شمل مناطق مختلفة من المحافظة..

الاستبيان شمل  (126) عائلة في المحافظة من مختلف الشرائح في عدة أحياء مثل حي الحسين والموظفين وسيف سعد وحي رمضان ومناطق في ناحية الحر لمعرفة مدى استعداد المواطنين للمساهمة في دفع أجور الكهرباء فيما اذا لو استمر التيار الكهربائي من دون انقطاع، فكانت إجاباتهم واضحة ومشجعة، كما ولاحضنا من خلال الاستبيان ان حوالي (122) عائلة من مجموع (126) يمتلكون مولدات كهربائية صغيرة تعمل بواسطة البنزين وبمعدل خمسة لترات يوميا.

واختص البحث الثاني بالمولدات الكهربائية العامة والمنزلية بالاعتماد على الإحصائية الميدانية والرسمية للمولدات العاملة في المحافظة، تم إحصاء 620 مولدة  والتي تعمل بطاقات مختلفة تتراوح بين (150 ـ700 ) KVA لغاية 1/7/2007 باستثناء الفنادق ودوائر الدولة ، وقد تبين ان هذه المولدات في حالة تشغيلها مجتمعة تولد (114735 ) KVA أي ما يعادل (524/97) ميكا واط وهذا الإنتاج يعادل إنتاج محطة كهرباء قياسا بما تجهز به محافظة كربلاء في الحالات القصوى والبالغ(80 ) ميكا واط فقط ، أما بالنسبة للمولدات المنزلية فقد تبين من خلال الاستبيان ان عدد الذين يملكون مولدات منزلية بلغ (78,3).. 98% منها تعمل بمادة البنزين ، وعليه في حالة البناء على ان عدد الساكنين في كربلاء هو (850000 نسمة) بمعدل خمسة أفراد للعائلة الواحدة سيكون لدينا (133110 ) مولدة كهربائية منزلية بطاقة (10) فولت.

فيما اختص البحث الثالث من الدراسة بالوقود الذي تعتمده المولدات للتشغيل وقد صنف الى وقود الديزل (الكاز) والذي بلغت كمية المباع منه لأصحاب المولدات الأهلية العامة خلال شهر حزيران فقط (’ 284’129’2) لتر حسب كتاب شركة توزيع المنتجات النفطية /فرع كربلاء في 12/7/2007، كما وتبين ان هذه الكمية لا تكفي للتشغيل في أزمات القطع الكهربائي الأمر الذي يؤدي الى شراء كميات أضافية بأسعار السوق السوداء والتي تتراوح ما بين (500ـــ600 ) الف دينار شهريا ،في حين نتج من خلال الاستبيان ان  معدل كمية وقود البنزين المستهلك شهريا لتشغيل المولدات المنزلية يصل الى (500’966’19 ) لتر.

اما البحث الرابع الذي اختص بدراسة الأمور المتعلقة بعملية صيانة المولدات وذلك من خلال الاستفسار من أصحاب المولدات عن كلف الصيانة الشهرية قد تبين ان معدل المبالغ المصروفة شهريا تتراوح بين (300ــ600 ) الف دينار حسب نوع العطل وحجم المولدة ، أما المولدات المنزلية فقد بلغ معدل كلف الصيانة شهريا حوالي (10000 ) دينار من ضمنها كلفة شراء زيت المحرك.

وأخيرا اختص البحث الخامس بالأمور العامة مثل الأسلاك الكهربائية المغذية للدور السكنية والمحال التجارية من المولدات والتي تمتد لمسافة تصل الى ( 500 م ) مما يؤدي الى حدوث ضائعات في التيار الكهربائي ، كما وان هذه الأسلاك لها العديد من التبعات مثل سرقة معظمها بين الحين والأخر وبصورة دورية تكاد تتكرر كل ثلاثة أشهر مما يتطلب مبالغ أضافية لما تم ذكره تصرف لتعويض واستبدال المسروق إضافة الى أنها موضوعة بشكل عشوائي على أعمدة الكهرباء والهاتف او على مساند خشبية صغيرة مما يجعلها تشكل منظرا قبيحا فضلا عن حيلولتها دون مرور السيارات والآليات الكبيرة مثل سيارات الإطفاء.

 كما وتناول البحث الجانب البيئي لاسيما وان المولدات توضع عشوائيا في الإحياء في الساحات الفارغة لتتوسط الدور السكنية في الوقت الذي ينبعث منها عوادم كثيفة كونها قديمة ومستهلكة الأمر الذي يؤثر سلبا على صحة المواطن من جراء ذلك إضافة الى تسببها بتخليف البرك المائية الآسنة من خلال تسرب الماء المستخدم في عملية تبريد المحرك فضلا عن رمي بعض الأجزاء التالفة منها في كالشواصي وخزانات ومواد سكراب بالقرب من المولدة ناهيك عن رمي زيت المحركات التالف الأمر الذي يحول المناطق المحيطة بالمولدة الى منطقة لتجميع الخردة هذا بدلا من ان نضع مكانها حديقة للتنفيس او متنزها عاما ، كما ومن الملاحظ ان اغلب المولدات وضعت مكشوفة من دون ان يتم حجزها عن المحيط الخارجي خوفا من ارتفاع درجة حرارة المحرك علما ان اغلبها تعمل من دون وضع كاتم الصوت (صالنصة) بسبب تمزقه وعدم توفر البديل في المحافظة ،كما وان المولدات المنزلية تساهم في تعرض المنازل للحريق او الانفجار في أي لحظة كون اغلب المواطنين يلجأ لخزن الوقود في المنزل تحسبا لحدوث أزمة في المشتقات النفطية.

 ولم تغفل الدراسة عن إن المولدات الأهلية تؤدي إلى حدوث شدا نفسيا بين المواطن ومشغل المولدة في حالة عدم تشغيل المولدة لأسباب قد تكون فنية او غيرها مما يؤدي في النهاية الى حدوث تصادمات وعراك والجميع على حق.

هذا وقد تعرضت الدراسة التي تقدم بها الصافي  في بحثها الأخير الى مسألة الكلف فكانت كلف وقود الكاز المباع لأصحاب المولدات الأهلية (958 مليون و177 الف و800) دينارشهريا ،وكلفة وقود البنزين للمولدات المنزلية (8 مليون 984 الف 925 ) دينار شهريا ، بينما بلغت كلفة صيانة المولدات الاهلية (186 مليون )دينار شهريا ، و(13مليون و311 الف )دينار شهريا  لصيانة المولدات المنزلية ليكون مجموع الكلف الشهرية (11 مليار و460 مليون و202 الف و800 ) دينار.

هذا ولم تتعرض الدراسة الى كلفة نقل الوقود وكلفة شراء الأسلاك الكهربائية وكلفة شراء الوقود بأسعار السوق السوداء وكلفة الحراسة وكلف أجور الماء والكهرباء وكلفة أنشاء غرفة المشغلين.

الحلول والبدائل

مما تقدم يمكن الاستنتاج ان المبالغ المصروفة والجهود المبذولة كبيرة جدا ولا تتناسب مع ما يحصل عليه المواطن من تيار كهربائي ضعيف وغير مستمر ، ما حدا بالقائمين على هذه الدراسة الى طرح بديل وتمثل بعرض مقدم من إحدى الشركات الأجنبية يتضمن تجهيز ونصب مولدات كهربائية تعمل بالاعتماد على النفط الخام بعدد (13) وحدة تنتج (152) ميكا واط ، تنصب خلال (12 ) اسبوعا فقط وبثلاث مراحل ، مع صيانة مجانية لمدة سنة كاملة وقائمة بمواد احتياطية أساسية ، فضلا عن أمكانية تدرج المحطة وحسب القانون الدولي، ويتم إيصال التيار الكهربائي الى المواطنين بالاعتماد على الشبكات الكهربائية الحالية، علما ان كلفة المحطة الواحدة (75 مليون و500 الف ) دولار امريكي يتم دفع 20% من المبلغ المذكور بعد ثلاثة أسابيع من توقيع عقد الشراء والباقي بعد الانتهاء من النصب والتشغيل ، علما ان الشركة تتعهد بإدخال الكادر العامل في المحطة دورة تدريبية لمدة أسبوعين للتمكن من تشغيل المحطة ، كما ومن الممكن بيع المحطة في حالة انتفاء الحاجة اليها والاستغناء عنها مستقبلا.

وقد تم تقديم هذه الدراسة الى مجلس محافظة كربلاء والإدارة المحلية والتي من جانبها قامت بتقديمها الى وزارة الكهرباء لاتخاذ ما يلزم..

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29 تشرين الاول/2007 - 17/شوال/1428