تركيا تستهدف حزب العمال الكردستاني أم حلم أكراد العراق

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم ان الحكومة التركية تستهدف علنا قواعد حزب العمال الكردستاني الخلفية في شمال العراق إلا انها على ما يبدو تضمر العداء وتعد لمواجهة مشروع الاكراد في حلمهم لإقامة دولة مستقلة، وهي فيما يخص نيتها للسيطرة على الوضع في جنوب شرق تركيا انما تستعد لإجهاض اية تحركات مستقبلية لأكراد تركيا في الالتحاق بالوطن الجديد المزمع اقامته او التطلع الى نظام حكم ذاتي كما هو الحال في كردستان العراق.

على امتداد البصر يتحرك طابور من الشاحنات صوب حدود شمال العراق، المعبر القريب من بلدة زاخو العراقية هو بمثابة شريان اقتصادي للعراق لانه أسرع طريق للواردات كما انه على نفس الدرجة من الاهمية بالنسبة لسائقي شاحنات أتراك يطرقون هذا الطريق أسبوعيا.

هم يشعرون الان بالقلق من احتمال قوي بأن تشن القوات التركية هجوما على متمردين أكراد يتمركزون على حدود العراق. وقال سائق شاحنة تركي وهو ينتظر ان يعود الى بلاده "هذا حلق تركيا".

واضاف، الاف الشركات ترسل السلع من المصانع الى العراق. اذا أغلقت الحدود ستغلق المصانع أبوابها وسنفقد عملنا.

في عام 2006 بلغت الصادرات التركية للعراق 2.6 مليار دولار. التأثير التركي على شمال العراق حيث يزدهر الاقتصاد جلي للعيان. بحسب رويترز.

فالشاحنات المتجهة جنوبا الى مدينة دهوك العراقية محملة بالاسمنت والحديد الصلب والسيارات والشاحنات الصغيرة والمواسير والالمونيوم والوقود.

واللافتات التي تعلن عن مطاعم على جانب الطريق مكتوبة بالتركية. في سوق دهوك تجد الزبد والجبن والسجائر والحلوى كلها صناعة تركية.

وتتعرض الحكومة التركية لضغوط في الداخل للقيام بعملية توغل عسكرية في شمال العراق لتضرب الانفصاليين الاكراد المختبئين في الجبال بعد ان صعدوا هجماتهم هذا العام على الجنود الاتراك.

وبدأ الجيش التركي يحشد قواته على الحدود وحصل الان على الضوء الاخضر من الحكومة لعبور الحدود ودخول شمال العراق لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

لكن هناك ضغوطا دولية لتفادي الصراع الذي تخشى الولايات المتحدة ان يدخل المنطقة في براثن الفوضى ويهدد امدادات النفط ويصيب جهود اعادة الاستقرار الى العراق بعد الغزو الامريكي عام 2003 بانتكاسة.

وهدد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي بفرض عقوبات وتقييد الصادرات التركية للعراق ليزيد الضغط على بغداد حتى تتحرك ضد المتمردين الاكراد المتحصنين داخل اراضي العراق.

ويقول سائقو الشاحنات ان هذه العقوبات ستضر الاتراك مثلما ستضر الحكومة العراقية.

وقال حسن وهو سائق شاحنة ينتظر العودة الى تركيا بعد ان سلم شحنة وقود الى كركوك، هذا الطريق فيه لقمة العيش. اذا اغلق سنعاني.

على المشارف الشمالية لدهوك تجري عمليات بناء نشطة شقق ومنتجعات سكنية وفنادق ومكاتب. مظاهر الثروة المتنامية ظاهرة للعيان في كل مكان.

في الاسواق تجد السلع الاستهلاكية والمترفة جنبا الى جنب. شاشات تلفزيون مسطحة 46 بوصة وسيجار مونتي كريستو ومبردات ودراجات وملابس تنتجها دور أزياء معروفة وصالة العاب رياضية للمنازل وساعات حائط قديمة. كلها أتت من شريان ضيق شمالي زاخو.

وقال سائق شاحنة تركي طلب عدم نشر اسمه، ما من شيء يمكن ان يخطر لك على بال لا ننقله الى هنا.

واضاف، هذه الحدود مهمة للاقتصاد التركي. الناس سيفقدون عملهم. يجب ان يحلوا المشكلة بالدبلوماسية والاجتماعات.

وقال السائق الذي يقوم بهذه الرحلة الى العراق مرتين على الاقل في الشهر، اذا نشبت حرب الجانبان سيخسران والناس ستموت.

ويقول مسؤول جمركي كبير ان نحو 700 شاحنة تدخل العراق كل يوم وان هذا يمكن ان يزيد أكثر. ففي عام 1998 كان نحو 3000 شاحنة تعبر كل يوم.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه من مكتبه عند معبر ابراهيم خليل الحدودي، انها مسألة سياسية. الاتراك لا يريدون للمنطقة الكردية ان تنتعش وتتطور.

ويقول محللون ان تركيا قلقة من منطقة كردستان في شمال العراق التي تتمتع بحكم ذاتي الى درجة كبيرة لانها اذا حققت نجاحا كبيرا سيحفز ذلك الاكراد الاتراك في جنوب شرق البلاد للمطالبة بمنطقة متمتعة بحكم ذاتي.

وقال المسؤول الجمركي الكبير، سيفعلون اي شيء ليدمرونا. الامر ليس متعلقا بحزب العمال الكردستاني. حزب العمال الكردستاني هو لا شيء مجرد بضع مئات من المقاتلين فلماذا يحتاجون 60 الف جندي.. انهم يريدون القضاء على التقدم في كردستان.

ويضيف، هذه البوابة ليست للمنطقة الكردية فقط بل للعراق كله. معظم السلع الاتية من تركيا هي من انتاج شركات تركية.

تركيا تستهدف أكراد العراق

من جهته نفى رئيس اقليم كردستان أن يكون متمردون أكراد متمركزين هناك قائلا ان أي توغل تركي سيهدف فقط الى عرقلة عملية التنمية في الاقليم.

وقال مسعود البرزاني لقناة تلفزيون العربية ان أكراد العراق سيقاومون أي توغل عسكري من قبل تركيا داخل الاقليم وهو الذي قالت أنقرة انها قد تلجأ اليه لوقف الهجمات التي يشنها متمردو حزب العمال الكردستاني عبر الحدود.

وقال البرزاني، بصراحة حزب العمال الكردستاني هي حجة ... الهدف هو ايقاف أو اعاقة النمو والتطور في اقليم الكردستان. وذكر أن متمردو الحزب متمركزون بشكل أساسي في تركيا.

وقال برزاني، حزب العمال الكردستاني ليس لهم مقر في أي مدينة أو في أي ناحية أو في أي قرية من قرى اقليم الكردستان.

واضاف، اذا كان لهم تواجد فهو في مناطق نائية لا توجد بها قرى ولا قوات البشمركة ولا قوات حرس الحدود ولا قوات الشرطة. مضيفا ان حزب العمال الكردستاني موجود داخل تركيا.

وكان البرزاني يتمتع بعلاقات طيبة مع أنقرة لكن هذه العلاقات تدهورت بشكل حاد في الشهور الاخيرة بعد أن استخدم الزعيم الكردي لهجة قاسية في انتقاد النهج الذي تتعامل به تركيا مع أكراد العراق.

وتلقي أنقرة بالمسؤولية على حزب العمال الكردستاني في مقتل أكثر من 30 ألف شخص منذ بدأت الجماعة في عام 1984 حملتها المسلحة من أجل اقامة وطن عرقي في جنوب شرق تركيا.

مدن شمال العراق واحة استقرار.. حتى الآن

"مرحبا بكم في مدينة الاحلام" هكذا كتب على لافتة للترحيب بزائري مهرجان بمدينة دهوك الكردية العراقية.

الساعة تجاوزت العاشرة مساء ومع هبوب نسيم بارد يتجول اباء وامهات في هذه المدينة الشمالية الواقعة بين منحدرين جبلين على بعد 60 كيلومترا من الحدود التركية بينما يتنقل الاطفال من ارجوحة الى أخرى وتدور عجلة دوارة ضخمة وتومض الاضواء وتفوح رائحة حبات الذرة المشوية (الفشار).

ومثل هذا المشهد بمثابة حلم للمواطنين في الجنوب في العاصمة العراقية حيث يهرع الناس الى منازلهم في المساء ويمضون ليلتهم وسط دوي طلقات الرصاص وقذائف المورتر وأصوات أبواق سيارات الاسعاف والشرطة وازيز طائرات هليكوبتر تحلق فوق الرؤوس.

ومع تحضير تركيا لهجوم محتمل على متمردى حزب العمال الكردستاني الانفصالي الذين يختبئون في جبال منطقة كردستان العراقية يتزايد الخوف من ان يتداعى الاستقرار في تلك المنطقة ايضا.

ويقول عصمت حسين الذي يدير مطعما في دهوك، لرويترز، ينبغي ان يقصفوا حزب العمال الكردستاني وليس القرى التي يقطنها مدنيون. المشكلة بين حزب العمال الكردستاني والقوات التركية وليس الشعب العراقي.

وحين يأتي المساء في دهوك تنشط المخابز لتقدم خبرا طازجا بينما يلعب رجال مسنون الورق والضامة ويحتسون الشاي في مقاه على جوانب الطريق.

ومع اقترب منتصف الليل لا يزال متجر ضخم يفتح ابوابه في مركز للتسوق بينما تتجول فتيات ترتدين سراويل من الجينز وقمصانا قطنية.

ويقول احد سكان بغداد يزور كردستان، تشعر انك على قيد الحياة حين تأتي الى هنا. يمكن ان تفعل كل ماتريده. يمكن للرجل وزوجته التسوق مع اطفالهما او الجلوس في مقهى.

وتابع، يمكنك ان تمكث في الخارج حتى وقت متأخر ثم تستقل سيارة اجرة دون ان تخشى ان يتبعك احد. لا يمكن ان تفعل ذلك في بغداد.

ويقول حسين، في كردستان الوضع مختلف عنه في العراق. لم نسمح للارهابيين بالوصول الى هنا.

وتشهد مناطق شاسعة من البلاد هجمات انتحارية وتفجير سيارات ملغومة وجرائم خطف وقتل طائفي تقع مسؤوليتها على مسلحين سنة متعاونين مع القاعدة أو ميليشيات شيعية تلقى دعما من جماعات في ايران.

ويرتدي الغربيون في العراق سترات واقية من الرصاص حين يغادرون مجمعاتهم التي تخضع لحراسة مشددة ويتنقلون بسرعة في المدينة وسط حرس مسلحين. ولكن في فندق راق في مدينة اربيل الكردية الرئيسية يرتدون ملابس غير رسمية ويحملون حقائب ويبدون على استعداد للعمل.

وانتشرت فنادق جديدة أنيقة ومجمعات سكنية في الضواحي الجبلية لمدينة اربيل وتعرض سيارات مستوردة جديدة في معارض ويقوم شبان برفع القمامة وري الشجيرات التي زرعت حديثا على طول الطرق الرئيسية.

ونادرا ما ترى هنا الجدران الاسمنتية الواقية التي تحيط بمجمعات كثيرة وتحف بالطرق السريعة في بغداد. ويوجد عدد قليل منها قرب المباني الحكومية ومراب للسيارات باحد الفنادق.

وتزين الجدران لوحات جدارية زاهية الالوان لزهور عباد الشمس وجبال تغطيها الثلوج وخيول وقصور وجسور حجرية فوق انهار سريعة الفيضان واعلانات لشركة بيبسي. وحتى الجسر الاسمنتي طلي باللونين الازرق والاخضر.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 29 تشرين الاول/2007 - 17/شوال/1428