
شبكة النبأ: يقول خبراء الارهاب ان
الهجمات الإرهابية الانتحارية آخذة في الازدياد، وتشمل الأطفال بشكل
متزايد كضحايا وكمنفذين لتلك الهجمات ايضا. ورغم ان الاغلبية العظمى
للمفجرين الإرهابيين يكونون عادة في اواسط العمر او البالغين الشباب،
وهم من المتزوجين وغير متزوجين، إلا انه ليس هناك صورة شخصية واضحة لمن
هم المهاجمون الارهابيون هذه الأيام، مما يضاعف صعوبة الكشف من قبل
قوات الشرطة والأمن.
وقال روبرت بيب، الخبير في العلوم السياسية بجامعة شيكاغو ومدير
مشروع شيكاغو حول الهجمات الإرهابية الانتحارية في مقابلة أجراها معه
موقع يو أس إنفو مؤخرا: المقصود من الهجمات الإرهابية الانتحارية هو
قتل أعداد كبيرة من الناس بين جمهور مستهدف من أجل إيجاد نوع من الخوف
والفوضى قادر على إحداث تغيير سياسي بشتى الطرق. وأشار بيب إلى أن
الهجمات الإرهابية الانتحارية آخذة في الازدياد باضطراد منذ أوال
ثمانينيات القرن الماضي.
وطبقا لمركز مكافحة الإرهاب الوطني الأميركي فقد أبلغ عن وقوع ضحايا
بين الأطفال بشكل متزايد في العام 2006، بارتفاع يزيد على 80 بالمئة
مقارنة بالعام 2005، حيث قتل أو جرح أكثر من 1,800 طفل خلال هجمات
إرهابية وقعت في العام 2006. ويقول الخبراء إن استهداف الأطفال يسبب
معاناة هائلة وفقدانا للأسر ويوقع أضرارا اقتصادية واجتماعية أعمق في
المجتمعات لأن وفيات الأطفال تدمر أجيال المستقبل.
وقال بيب إن أبحاثه أظهرت أن المراهقين بين سن 15 و18 سنة يشكلون
حوالي 20 بالمئة من جميع المفجرين الانتحاريين. وقال إن مشاركة أطفال
أصغر سنا أمر نادر الحدوث، ولكنه ليس شيئا لم يسمع به من قبل لأن
الجماعات الإرهابية تجرب باستمرار تكتيكات مختلفة للتغلب على الإجراءت
الأمنية المعززة.
وقال بيب إن استخدام النساء، اللواتي يشكّلن حوالي 20 بالمئة من
المهاجمين على نطاق العالم، والأطفال في الهجمات الانتحارية يخدم
إستراتيجية أساسية لتجنب الكشف المبكر من قبل قوات الأمن. وتميل
الجماعات الإرهابية إلى الاعتماد بشكل أقل على الأطفال الأصغر سنا أيضا
لأن الإرهابيين يخططون لأن ينفذ المهاجم الهجوم بالفعل.
وقد كتب بروس هوفمان، الأستاذ بجامعة جورجتاون، في مقال نشر في مجلة
أتلانتك مونثلي يقول إن الأغلبية العظمى للمفجرين الإرهابيين يكونون
عادة في أواسط العمر أو البالغين الشباب، وهم من المتزوجين وغير
متزوجين، وبعضهم لهم أطفال. ويقول هوفمان في هذا المقال بعنوان "منطق
الهجمات الإرهابية الانتحارية" إنه ليس هناك صورة شخصية واضحة لمن هم
المهاجمون الإرهابيون هذه الأيام، مما يضاعف صعوبة الكشف من قبل قوات
الشرطة والأمن.
هجمات ليست مرتبطة بالضرورة بالدين
وقال بيب إن أكثر من نصف الهجمات غير مرتبط بالدين. وأوضح أنه حتى
الآونة الأخيرة ارتكب نمور التاميل في سري لانكا من الهجمات الإرهابية
الانتحارية أكثر من أي جماعة أخرى. وقال إن الدافع الأساسي لنمور
التاميل هو الماركسية، وليس العقيدة الدينية. وقال بيب إن نصف جميع
الهجمات تقريبا التي وقعت منذ ثمانينيات القرن الماضي ليست مرتبطة
بالأصولية الدينية التي يستشهد بها عادة بين الجماعات التي تتخذ من
الشرق الأوسط مقرا لها.
وطبقا للخبراء فإن استخدام الهجمات الإرهابية قد ازداد لأسباب
رئيسية عديدة، وإن نسبة نجاحهم هو أهم العوامل الحاسمة. وقد ظهر
استخدام الهجمات الإرهابية الانتحارية لأول مرة في لبنان في العام 1983
من قبل جماعة حزب الله، التي أتقنت هذا الأسلوب في البداية.
وقال بيب إن أبحاثه تشير إلى أن معظم الهجمات الإرهابية الانتحارية،
أي حوالي 95 بالمئة منذ العام 1980، تنجم عن الإدراك الفعلي أو المتصور
للاحتلال الأجنبي لدولة أو منطقة. إلا أنه أضاف أن ذلك ليس سوى نمط
عام. وقال بيب، مهما كان السبب فإنك لا ترى انخفاضا في الهجمات
الإرهابية الانتحارية.
ويقول هوفمان، أستاذ دراسات الأمن بكلية إدموند أيه والش للخدمة
الخارجية بجامعة جورجتاون، في مقال نشر أخيرا في مجلة راند ريفيو: لقد
تم تبني الأساليب الانتحارية من قبل عدد متزايد من المنظمات الإرهابية
حول العالم لأن الهجمات تسبب الصدمة والقتل وهي غير مكلفة ومن الصعب
جدا وقفها.
ويقول هوفمان، وهو خبير في الإرهاب الدولي والمدير السابق لمكتب
مركز أبحاث راند في واشنطن، إن الهجمات الإرهابية الإنتحارية تتم كجزء
من حملة أكبر، لتقويض الثقة بالحكومة والقيادة، ولسحق الروح المعنوية
الشعبية، ولنشر الخوف والترهيب.
وطبقا لمركز مكافحة الإرهاب الوطني فإن الهجمات الإرهابية انخفضت
قليلا في العام 2006، ويعزى ذلك أساسا لحدوث انخفاض في استخدام
السيارات المفخخة التي هي أقل كلفة من المهاجم الإنتحاري. إلا أن
التقرير يشير أيضا إلى أن المهاجمين الإنتحاريين الذين يعملون بدون
استخدام عربات ازدادوا بنسبة 25 بالمئة في العام 2006، وأن قدرة هؤلاء
المهاجمين على اختراق تجمعات كبيرة من الناس ثم إشعال فتيل متفجراتهم
ربما يفسر الارتفاع في شدة تدمير التفجيرات في العام 2006.
ويقول الخبراء إن مما يثير القلق أن تقرير الإرهاب يشير أيضا إلى أن
التعليم والتدريب الديني، الذي كان يعتقد بأنه عامل مساهم في تطرف
المهاجم، يلعب دورا صغيرا في خلق المهاجمين الانتحاريين. ويقول بيب إن
التعليم الديني يلعب دورا صغيرا في المساعدة على تشجيع الشباب على أن
يصبحوا مهاجمين انتحاريين.
وقال الدكتور مارك سيغمان، وهو طبيب وباحث مستقل في الإرهاب ومؤسس
مؤسسة سيغمان الاستشارية قرب مدينة واشنطن، إن أبحاثه المتعلقة
بالإرهابيين في مناطق رئيسية عديدة تشير إلى أن 87 بالمئة من
الإرهابيين في دراسته تلقوا تعليما علمانيا، ولم يكن التعليم الديني
عاملا مهما في تطرفهم.
وقال سيغمان في مقال بعدد شهر آب/أغسطس للمجلة الإلكترونية بعنوان
"إعادة البناء والصمود بعد خمس سنوات على 11 أيلول/سبتمبر" إن الأغلبية
الساحقة لإرهابيي القاعدة في العينة جاؤوا من أسر ذات معتقدات دينية
معتدلة جدا أو من وجهات نظر علمانية كليا. بل إن 84 بالمئة منهم أصبحوا
متطرفين في الغرب، وليس في بلادهم الأصلية.
استخدام الأطفال كمفجرين انتحاريين
يزيد الشعور بالوحشية
يقول جمعة البالغ من العمر ست سنوات متذكرا ما حصل له: عندما وضعوا
الحزام أول مرة على جسدي، لم أعرف بماذا أفكر، ولكنني لمست بعدئذ
القنبلة. ويضيف، أنه ضُلل لارتداء الحزام الناسف من قبل متمرد من
طالبان في أفغانستان. وأبلغه المتمرد أنه إذا ضغط على فتيل التفجير
"فسوف يطلق الزهور".
وعندما أدرك جمعة حقيقة الحزام أبلغ قوات الأمن الأفغانية. ويقول
خبراء الإرهاب إن هذا الفتى قد اختير لقتل آخرين بحزام ناسف لأنه كان
من المعتقد أنه سيتسلل بسهولة عبر قوات الأمن لأن من غير المحتمل لهم
الشك في مفجر انتحاري طفل.
ويقول توم كونيغز، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في
أفغانستان، إن استخدام الأطفال، بشكل خاص، يشير إلى أن الجماعات
[الإرهابية] المسؤولة عن 'تجنيدهم' ترى حاجة لاستخدام الشدة المتزايدة
للوحشية.
واستخدم تنظيم طالبان في شهر نيسان/إبريل صبيا في الثانية عشرة من
العمر لقطع رأس رجل باكستاني للاعتقاد بأنه جاسوس. وقال والد الرجل
الذي قطعت رأسه "إن طالبان ليسوا مجاهدين (الذين قاتلوا بنجاح ضد
الاحتلال السوفياتي لأفغانستان). وهم لا يحاربون من أجل قضية الإسلام
... بل هم أعداء الإسلام. وهم يتصرفون كمتوحشين".
وطبقا لخبراء الإرهاب فإن استخدام الأطفال في الهجمات الانتحارية،
رغم أنه ما زال نادر الحدوث، آخذ في الانتشار فيما تواصل الجماعات
الإرهابية اختبار الأساليب المختلفة لاختراق إجراءات الأمن وتعزيز
الطبيعة القاسية والدمار الفتاك للعنف.
وتقول كريستين فير، وهي مسؤولة سابقة للشؤون السياسية في بعثة
مساعدة الأمم المتحدة لأفغانستان (UNAMA) والتي نسقت دراسة البعثة
بعنوان "الهجمات الانتحارية في أفغانستان: 2001-2007"، إن الهجمات
الانتحارية ظاهرة جديدة في أفغانستان.
جدير بالذكر أنه لم يقع أي هجوم انتحاري معروف في أفغانستان قبل
التاسع من أيلول/سبتمبر 2001. ففي ذلك اليوم قام عضوان من تنظيم
القاعدة، منتحلين شخصيتي صحفيين، بتفجير نفسيهما واغتالا أحمد شاه
مسعود زعيم التحالف الشمالي المناهض لطالبان.
وشن متمردو طالبان 103 تفجيرات انتحارية في أفغانستان خلال الأشهر
الثمانية الأولى لهذا العام، أي بزيادة نسبتها 69 بالمئة مقارنة
بالفترة نفسها من العام 2006، وفقا لتقرير بعثة مساعدة الأمم المتحدة
لأفغانستان. ووقع 123 هجوما انتحاريا طوال العام 2006، مما أدى إلى
مقتل 305 أشخاص، وفقا للتقرير.
ويقول كونيغز إن الضحايا المباشرين لأي هجوم انتحاري هم الأشخاص
الذين يقتلون أو يجرحون وأسرهم وأصدقاؤهم. إلا أن هدف مثل هذه الهجمات
هو أيضا المجتمع ككل.
وقال أيضا، إن الهجمات الانتحارية تشيع الحزن والأسى في مجتمعات
بأسرها، وتقوض ثقة الشعب بمؤسسات الدولة، وتثير ردودا تحدّ من الحريات،
وترهب السكان وتشعرهم بأن آمال السلام رهن فقط بمسببي العنف.
وقالت فير إن الأهداف الرئيسية للإرهابيين في أفغانستان هم الشرطة
وقوات الأمن وقوات التحالف، وليس السكان المدنيين. إلا أن المدنيين
يشكلون أكبر مجموعة من الضحايا.
وأشارت فير أيضا إلى أن أفغانستان تفتقر إلى مفهوم "تقديس
الاستشهاد" الموجود في مناطق أخرى اختبرت الهجمات الإرهابية
الانتحارية. وقالت إن الأفغان لا يميلون إلى دعم المهاجمين
الانتحاريين.
الكثير من الانتحاريين يأتون من
الطبقة الوسطى
يتحدى الإرهابيون الإنتحاريون الصور النمطية، حيث يقول الخبراء إنهم
قد يكونون شبابا أو متوسطي العمر أو حتى أطفالا، متزوجين أو غير
متزوجين، رجالا أو نساء، متعلمين أو متدينين أم لا، طبقا لمجموعة
متزايدة من المعلومات.
وأظهرت دراسة تتعلق بالإرهاب للدكتور (مارك سيغمان) من مؤسسة سيغمان
الاستشارية بولاية ماريلاند أن الإرهابيين كأولئك الذين هاجموا
الولايات المتحدة في العام 2001 جاؤوا من خلفيات اجتماعية تنتمي إلى
الطبقة الوسطى، وليس من خلفيات فقيرة كما يعتقد أحيانا.
وكتب يقول في عدد للمجلة الإلكترونية إيه جورنال يو أس ايه، هذا
ينطبق على معظم الحركات السياسية، بما في ذلك الحركات الإرهابية،
وتنظيم القاعدة لا يختلف عن ذلك.
ويستشهد سيغمان، وهو طبيب نفسي متخصص بالطب الشرعي وباحث في
الإرهاب، بدراسة درس فيها أكثر من 400 من الإرهابيين المرتبطين
بالقاعدة، من الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا وشمالي إفريقيا وأوروبا.
وأظهرت الدراسة أن حوالي 13 بالمئة منهم فقط ذهبوا إلى مدارس دينية،
التي كان يعتقد عادة أنها مصدر للمهاجمين الإنتحاريين الجدد. وقال
سيغمان إن الغالبية الساحقة للإرهابيين في دراسته، أي حوالي 84 بالمئة،
تم تحولهم للتطرف في الغرب وليس في بلادهم السابقة.
ويقول الخبراء إن الأبحاث تشير أيضا إلى أن كثيرين من الإرهابيين
الجدد يختارون الإرهاب والتطرف عادة بأنفسهم، ويتبعون أقارب لهم أو
أصدقاء للانضمام إلى المنظمات الإرهابية للقيام بالهجمات الإنتحارية.
وتشير الدراسات التي أجرتها جيسيكا ستيرن الباحثة بجامعة هارفارد
إلى أن الكثيرين من الإرهابيين الشباب الذين قرروا أن يصبحوا مهاجمين
انتحاريين تطور لديهم تطرف متعمق نتيجة تعرضهم لإذلال متصور، وهو مفهوم
يدعمه سكوت أتران مدير أبحاث علم الإنسان أو الأنثروبولوجيا في مركز
الأبحاث العلمية الوطني الفرنسي (CNRS) وهو أستاذ زائر حديثا بجامعة
ميشيغان.
ويقول أتران في مقال نشر في مجلة واشنطن كوارترلي إن فهم مفهوم
الإذلال بالنسبة لكيف عومل هؤلاء من قبل قوات أجنبية مهم لفهم غضب
الإسلاميين. ويقول إن الأفراد الذين يختارون ارتكاب الهجمات التفجيرية
الإرهابية كثيرا ما يتأثرون بالقيم والانتماء للمجموعة أكثر من
الاعتبارات الأخرى لمصلحتهم الشخصية.
وتقول أودري كيرث كرونين، وهي متخصصة سابقة في الإرهاب كانت تعمل في
خدمة أبحاث الكونغرس، وهي جزء من مكتبة الكونغرس الأميركي، تقول، إن
الدوافع للهجمات الإرهابية ليست مختلفة من نواح عديدة عن الأنواع
الأخرى للإرهاب، بما في ذلك لفت الانتباه لقضية، أو الشهرة الشخصية
بارتكاب عمل شر، أو الغضب، أو الانتقام والعقاب ضد ظلم متصور.
وقالت كرونين إن عمل "الاستشهاد" بالنسبة لبعض المهاجمين
الانتحاريين قد يتيح لهم فرصة لترك أثر قوي في الآخرين أو يتيح فرصة
لكي يتذكرهم الآخرون. وقالت، إن المهاجمين الإنتحاريين يكونون أحيانا
نساء أرامل أو أخوة ثكالى يريدون الانتقام لأحبائهم الذين ذهبوا ضحية
العنف. |