القضايا الاقتصادية في صلب حملة الانتخابات الأمريكية

شبكة النبأ: يحظى الملف الاقتصادي بوضع خاص في الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، وذلك نظراً للإختلالات المؤثرة التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي، نتيجة للسياسات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية الحالية،  وتأثير ذلك على الوضع المعيشي للمواطن الأمريكي. حيث اهتم كل مرشح في حملاته الانتخابية بتوضيح الآليات التي سيعتمد عليها في مواجهة هذه الاختلالات.

ومن المعروف أنه في أعقاب حوادث 11 سبتمبر 2001 احتلت السياسة الخارجية الحظ الأوفر من اهتمام الرئيس الأمريكي جورج بوش، وذلك على حساب الوضع الاقتصادي الداخلي الذي شهد منذ عام 2001 وحتى الآن تباطؤا كبيرا في النمو لم يتعدى 3.5 % عام 2005 وهو أقصى معدل نمو وصل إليه الاقتصاد الأمريكي خلال ست سنوات.

أما الحزب الديمقراطي المنافس فيرتب صفوفه للانقضاض على السياسات الاقتصادية للجمهوريين، مركزاً على ما يعانيه الوضع الاقتصادي الداخلي من اختلالات. بحسب موقع تقرير واشنطن.

ويعد الوضع الاقتصادي من أبرز القضايا المؤثرة في تحديد خيارات الناخب الأمريكي، وفي هذا الصدد، يرى لاري ساباتو Larry  J. Sabato  مدير مركز السياسات في جامعة فرجينيا، أن الاقتصاد المحلي أكثر أهمية لمستقبل بوش من الشأن العراقي، فالوضع الاقتصادي الجيد داخل أمريكا يمكن أن يعوض الفشل في العراق، لكن النجاح في العراق لا يعوض الفشل الاقتصادي في أمريكا.

أمام الحزب الجمهوري الذي يمثله الرئيس الأمريكي الحالي بوش في الفترة المتبقية من رئاسته مأزقان، هما الاقتصاد والعراق، فأمريكا تشهد ركوداً اقتصادياً مصحوباً ببطالة ضمن ما يسمى بالدورة الاقتصادية التي تمر بها الاقتصاديات الرأسمالية كل بضع سنوات، أي ركود فانتعاش فركود، لكن الناخب الأمريكي يهتم أولاً وقبل كل شيء بالحصول على الوظيفة وهو أمر طبيعي، فإذا لم ينتعش الاقتصاد الأمريكي فإن الحزب الجمهوري سيدخل الانتخابات الرئاسية بسجل سيئ، مما يزيد فرص الحزب الديمقراطي بالفوز في الانتخابات القادمة. وأبرز المتنافسين فيه السيناتور هيلاري كلينتون عن ولاية نيويورك، والسيناتور الشاب باراك أوباما عن ولاية إلينوي.

مأزق الديون وعجز الموازنة الفيدرالية

يواجه الاقتصاد الأمريكي خطرا كبيرا بسبب مشكلة الديون الداخلية والخارجية. فمن جهة يواجه مشكلة الديون الضخمة المستحقة للمستثمرين الأجانب الذين قاموا باستثمار أموالهم في الولايات المتحدة ذات الاقتصاد المزدهر وسوق الأوراق المالية المنطلقة. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي وتدهور ربحية البورصات الأمريكية يخشى على الاقتصاد الأمريكي أن  يجد نفسه أمام مأزق الديون.

كما ارتفع الدين العام الفيدرالي بشكل كبير جدا منذ عام 2001 وذلك بسبب العجز الكبير في الموازنات السنوية الفيدرالية ويتراوح عجز الموازنة الفيدرالية سنويا حول 400 مليار دولار.

 وارتفع إجمالي الدين العام للولايات المتحدة من 57% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2001 إلى ما يقارب نسبة 62.5% من الناتج المحليّ الإجمالي عام 2004 حتى وصل إلي أعلى مستوياته 5ر65% (965ر8 تريليون دولار) في عام 2007 بسبب تزايد النفقات، خاصة نفقات الحرب في العراق. ومن المتوقع أن يسمح المشرعون الأمريكيون للحكومة بتجاوز الخط الأحمر - أي 965ر8 تريليون دولار - حتى تستطيع تسديد التزاماتها نحو مشتري سندات الخزانة الأمريكية.

البطالة وإغلاق المصانع

تتزايد نسبة البطالة في الولايات المتحدة بسبب تراجع معدلات النمو والإقفال المتزايد للمصانع. وانتقال بعض الصناعات إلى دول آسيوية. إلى جانب إغراق أسواق الولايات المتحدة المفتوحة بالبضائع الصينية الرخيصة كثيفة العمالة فمنذ مايو وظفت الشركات أعداد قليلة من العمال. وقد بلغ معدل البطالة 5.9 بالمائة في يونيو الماضي.

وعلى الرغم من أنه أعلى بكثير من آخر أدنى مستوى له (3.9 بالمائة في أكتوبر من عام 2000)،الا أنه ليس مرتفعاً على نحو خاص وفقاً لمعايير فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى جانب مشكلة البطالة يعانى  سوق العمل الأمريكية من نقص في الكفاءات مع وجود الوظائف المتوفرة.

عجز الميزان التجاري الأمريكي

من أهم المشكلات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي العجز المتزايد فى الميزات التجارى حيث بدأ العجز في الميزان التجاري الأمريكي (سلع و خدمات) منذ العام 1971, و قد بلغ وفقا لـUS. Dep. Of  Commerce في العام 2005 مبلغ 723.616- مليار دولار أمريكي وهو رقم قياسي جديد في العجز التجاري الأمريكي وأسوء بحوالي أكثر من 25% من العجز المحقق في العام 2004 وتشير الارقام  إلى أنّ العجز في الميزان التجاري بلغ في العام 2006 الرقم (763.6) مليار دولار أي بزيادة حوالي 40مليار دولار عن 2005. تتصدّر الصين قائمة الدول التي يميل الميزان التجاري لصالحها في مواجهة الولايات المتّحدة؛ إذ بلغ عجز الأخيرة أمام الأولى في العام المنصرف 2006 الرقم (232.5) مليار دولار بعد أن كان (201. 5) مليار دولار في العام 2005 . ويرجع العجز المتزايد فى الميزان التجارى الأمريكي إلى:-

- ارتفاع فاتورة الطاقة:  حيث ارتفاع اسعار البترول العالمية بشكل قياسي من حوالي 10 دولارات للبرميل اواخر التسعينات الى ما يزيد عن 75 دولار للبرميل عام 2007 .ادى الى ارتفاع قياسى فى الواردات من الطاقه يفوق مبلغ 300 مليار سنويا من البترول.

- زياده الواردات الاستهلاكية وانخفاض الإنتاج: إذ إن الطلب على المواد الاستهلاكية والمنسوجات و غيرها من المواد الكثيفه العمالة يزداد سنويا بشكل كبير تشكّل الصين المصدر الأساس لهذه الواردات نظراً لرخص سعر اليد العاملة الذي ينعكس على الإنتاج الذي يتّميز بسعر زهيد.

- انخفاض الطلب على الخدمات الأمريكية: مثل السياحة والتعليم وانخفاض الطلب على التكنولوجيا الأمريكية فوفقاً لمكتب الإحصاءات الرسمية الأمريكية، فقد حقّقت الصادرات التكنولوجية الأمريكية فائضاً بلغ (4.6) مليار دولار في الربع الأول من العام 2001، مقابل عجز في الربع الأول من العام 2006 مقارنة بالربع الأول من العام 2001 بلغ (7.2) مليار دولار.

انخفاض قيمه الدولار

تدهورت قيمه الدولار أمام اليورو إلي أقصى حد منذ صدور اليورو حتى وصل اليورو الى 1.38 دولار . اقتصاديا قد يشجع تخفيض قيمه الدولار امام العملات الرئيسية الطلب على المنتجات الأمريكية لانخفاض سعرها ولكن التخفيض المستمر لقيمه الدولار قد يفقد الثقه فى الاستثمارات على الدولار وخصوصا الاستثمار فى السندات الحكومية الأمريكية والاستثمار في اسواق المال الأمريكية.

وكانت العملات الرئيسية، مثل الين الياباني والجنية الإسترليني، قد ارتفعت أمام الدولار بسبب المخاوف من اتساع العجز في الميزان التجاري الأمريكي، واحتمال اتجاه الإدارة الأمريكية لانتهاج سياسة تخفيض قيمه الدولار لتخفيض أسعار صادراتها، ومن ثم زيادة فرصها في الأسواق.

وقد أدت سياسة تخفيض سعر الدولار الى اتجاها أصبح يتزايد الآن يشير إلى أن المستثمرين الخارجيين أو بمعنى أدق ممولي الديون الأمريكية أصبحوا أكثر حذرا ويعملون منذ فترة على تنويع استثماراتهم خارج أمريكا وداخل قاراتهم وهو ما يفسر تزايد النغمة القائلة إن سيطرة الدولار على الأسواق العالمية أو بالأحرى اعتماد عملة جديدة قبل أن يسقط الدولار. الخطر الأكبر يكمن في احتمال توقف أو تغيير مسار الاستثمارات العالمية التي تمول الدين الخارجي والعجز في الحساب الجاري والموازنة الأمريكيين. كما أن انخفاض في حجم هذه الاستثمارات سيؤدي إلى حالة تدهور سريعة وحادة في أسعار تداول الدولار وهو ما يعني عمليا ارتفاع أسعار الخدمات والبضائع المستوردة التي تنافس البضائع المحلية.

- كما يعانى الاقتصاد الأمريكي مجموعه تحديات أخرى أهمها ارتفاع معدلات التضخم حتى وصل الى 1.8% عام 2007 بعد ان ظل عند معدل 1.6 اواخر التسعينات. وانخفاض حجم الاستثمارات بفعل المخاوف من مشكلات اسواق المال الأمريكية الأمر الذي جعل  كثيرين من المستثمرين الأجانب يترددون في ضخ أموال جديدة داخل الولايات المتحدة. ويقوم البعض ببيع الأسهم والسندات الأمريكية مضيفا المزيد من الضغوط على  Wall Street"  ".

ان ايجاد الحلول لهذه  التحديات الاقتصادية سيكون هو المحدد الاساسى فى تحديد هوية الرئيس الأمريكي المستقبلي في ظل اهتمام المواطن الأمريكي بالدرجة الأولى بأهمية الوضع الداخلي ومدى التحسن المعيشى للمواطن الأمريكي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 28 تشرين الاول/2007 - 16/شوال/1428