الثامن من شوال صرخة في ضمير الرسالة المحمدية

تحقيق:عصام حاكم

 شبكة النبأ: لاشك بأن ذكرى الثامن من شوال لسنة 1344هجرية الموافق 21/ نيسان/1925 ميلادية تعد علامة بارزة تشرع بدحض كل التخرصات المناهضة لعدم أذكاء ذاكرة التاريخ من جديد وهي تعيد من خلال ذلك تلك المشاهد والصور التي تركت أثرها على خارطة الوعي الاسلامي والانسانية من دون أن تستسلم لفلسفة التزويق والتجميل أنذاك، الا أنها تتعدى كونها أستهدفة تلك المقامات المطهرة في البقيع، بل تتمحورمن خلالها ذلك قراءات أقل ما يقال عنها أنها كانت تستهدف مهبط الوحي وبيت الرسالة المحمدية المطهرة، كما أنها كادت أن تصبح سابقة خطيرة، تمهد الطريق أمام فلسفة هدامة تبيح لكل من هب ودب أن يتجراء على أستباحت تاريخنا بكل معالمة الزاخرة.

وما حادثة سامراء الا فيض من تلك الثقافة المجنونة والكافرة وهي أمتداد طبيعي لذلك الفكر الذي يحاول من خجلا او وجل أن يمحو كل ما شأنه أن يعيد حالة التواصل بين الحاضر والماضي، أذن نحن اليوم أمام ثقافة هي أخطر الف مرة من تلك الثقافات الغربية التي تحاول أن تسلخ مداد التواصل الروحي بين الاسلام والمسلمين.

ومن أجل التواصل مع ذكرى الثامن من شوال كان لمراسل( شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة للاطلاع على أبعاد ومضامين ذلك السلوك القديم الجديد على ذاكرة الوعي الاسلامي والعراقي على وجه الخصوص فكانت الحصيلة ما يلي:ـ         

حيث كانت وقفتنا الاولى مع الشيخ (عبد الحسن الفراتي) عضو مجلس محافظة كربلاء ومسؤول السياحة الدينية في المحافظة حيث قال لـ(شبكة النبأ): اني لا اختلف مع الكثير في تقييم هذا الاعتداء او هذا السلوك غير الحضاري وغير الانساني بالمرة، بيد اني اقف امام حقيقة ناصعة البياض لا تحتمل اللبس مفادها ان  الحقائق التاريخية هي مداد أو واقع لثقافة الامة، وبالتالي هذه الحقيقة تنطق بأن الفعل الذي أستهدف  تهديم قبور أئمة البقيع لا يمكن تصنيفه بأنه ثقافة مستوردة أو دخيلة، بل على العكس فأن الدلائل تشير بأنه فعل محكوم بتعقل ودراية، وهذا الامر قد يستجلي منا الكثير من الضبابيه في الرؤيه، كما انه يمهد الطريق امامنا لسد الباب امام المتغطرسين الذين يحاولون قلب الحقائق التاريخية.

وما الحادث الاجرامي الذي استهدف الامامين العسكريين(عليهما السلام) في سامراء الا دليل أخر يذهب بنا الى أسقاط التي الاديولوجيات التي تحاول أن تطمس الواقع العربي المريض بأفة التكفير والارهاب وتغييب الاخر.

اما محدثنا التالي فهو السيد(كريم الشرفي) امام وخطيب جامع الشهداء في حي الغدير حيث يقول:  في البدء  لا يسعنى الا ان أقدم شكري الجزيل لشبكة النبأ على استضافتي ومن ثم اشكرهم مرة اخرى لانهم استطاعوا من خلال هذا التوجه ان يلقوا الضوء على الحيف والظلم في تلك الفاجعة التي استهدفت اهل بيت الرحمة والنبوة، فهُم سلام الله عليهم محاربون في الحياة وما بعد الموت ايضا، ومن المؤسف حقا أن تكون تلك الفاجعة لم توظف اعلاميا وذلك من خلال القنوات الفضائية الشيعية على أقل تقدير.

أما بعد فأني لا استطيع ان ابرر هذا التصرف تحت أي عنوان، وانا اجد العالم الاخر يعتز ويهتم كثيرا بالمعالم الاسلامية والاثار العربية ليس هذا فحسب بل يحفضوها بأفضل المتاحف ويشددون عليها الحراسة وهولاء القتلة يهدمون دور الاولياء والصالحين على رؤوس المصلين فأية أمة هذه التي تحاول أن تقتل حاضرها وماضيها ومستقبلها، فضلا عن ذلك انني أستغرب جدا من هذا الصمت العربي والاسلامي ازاء تلك الجريمة التي استهدفة المراقد الدينية في سامراء،  وهذا بطبيعة الحال مؤشر خطير يؤكد على تضافر الثقافة العربية القديمة والجديدة على أستهداف الرموز الدينية والتاريخية تحت غطاء ثقافة الوعي العربي المتأصل، فبئست هذه الامة التي لم تدخر شىء لدينها او دنيها.

اما وقفتنا الثالثة فكانت مع الشيخ (نجاح الحسناوي) وهو وكيل المرجع الاعلى السيد السيستاني في حي الغدير بكربلاء، حيث قال لـ(شبكة النبأ): يكاد التاريخ هذه الايام ان يعيد نفسة من جديد فيوم البقيع ابى الا ان يلقي بظلاله على هذا الشعب الصابر، وكأني بتلك الاهداف السابقة هي التي تحرك أولئك القتلة والمجرمين فهم عاودو الكرة من جديد من خلال استهداف المراقد المقدسة في سامراء، من دون ان يمنعهم هاجس الحياء من رسول الانسانية محمد (ص) وهم يقترفون هذا الفعل الشنيع بحق ال بيته تحت مظلة الكفر والالحاد او تحت بدعة السنة النبوية المطهرة، وما يبعث على الاستغراب والاستهجان في ان واحد، انهم يرفعون اليوم شعار الجهاد ومحاربة الكفر والاحتلال، وهناك ثمة سؤال لا يمكن تجاهلهه أبدا حيث يقول، لماذا لا يصدق الجهاد الا في حدود العراق فقط؟ علما بانهم مُحتلون ومنذ عقود من قبل الامريكان بالذات، ولحد الان لم تصدر فتوى من مراجع هؤلاء المجرمين بقتل الامريكان او تهديم قصر معاوية.

 اذن نحن امام استراتيجية هي ابعد ما تكون عن فكرة الجهاد أو التحرير، بل هي ترمز الى نوازع فكرية وطائفية مقيتة تحاول من خلالها تمرير مخطط يرمي لقتل الحقيقة والدين والانسان العراقي على وجه الخصوص.

اما الاستاذ (سلام البناي)، صحفي في شبكة الاعلام العراقي، قال لـ(شبكة النبأ):  يقينا بأن الثامن من شوال لا يعد حدثا عاديا يستقطب معنى بذاته، بل هو أبعد من ذلك حيث يرمز الى استباحة الصوم والصلاة، بل ربما هو يشكك حتى في رسالة الرسول الكريم (ص)، وما الاية القرانية الكريمة ( بسم الله الرحمن الرحيم، قل لا أسألكم  عليه  أجر الا المودة في القربى) ومن خلال تلك الاية نستوضح بأن أصل المودة  يصدق على الحياة والممات، وهذا الاقرار يفضح كل المخططات الرامية الى خلط الاوراق ويرفع الاقنعة عن اولئك الذين يدّعون الدين جزافا فهم يستبيحون كل المحرمات من قتل النفس المحترمة الى قتل الزرع والضرع فكيف بهم يتوقفون عند الاماكن المقدسة في البقيع أو سامراء، وهم لا ينتمون بالتاكيد الى أي دين او طائفة وما ينسبونه لانفسهم من دين فهو من باب الزيف والادعاء ليس الا، فلم نسمع او نرى أي دين من الاديان يجيز القتل للأبرياء او القتل على الشبهة بل وحتى الاديان غير السماوية لا تجيز هذه الوحشية.

وكانت محطتنا الاخيرة مع الشيخ (علي مجاهد) وهو مدير مؤسسة الزهراء الخيرية في كربلاء، حيث قال لـ(شبكة النبأ): ربما يكون الثامن من شوال ذلك اليوم الذي أستباح به المشركون الاوائل قبور أهل بيت الرحمة في البقيع سنة 1344 هجرية ما هو الا غيض من فيض ذاكرة التاريخ الزاخرة بعلامات هي أشبه ما تكون بهذا السلوك وهي ليست ببعيدة عنه، فمنذ أربعة عشر قرنا ومراقد الاولياء والصالحين محطة مهمة يستكن اليها أولئك المجرمين من أجل العبث بها أو النيل منها تحت عناوين مختلفة كأن يكون الشرك أو الالحاد أو ذرائع أخرى، وهذا الامر بطبيعة الحال يملي علينا أن نستوضح بأن تلك الثقافة هي ليست ثقافة دخيلة أو جديدة فعلا كما يدعي البعض على الواقع العربي، الذي هو بالتاكيد ينسجم معها أو يستجيب لها عبر نداء ثقافة القطب الواحد من دون اعطاء الطرف الاخر فرصة الاسهام في اتخاذ فكر اخر مهما كان ذلك الاختلاف بسيط ولا يشكل عصب مهم في تغيير مسار الدين مثلا او جوانب انسانية أخرى، هذا مما يجعل الباب مشرعا على مصراعيه لكل من هب ودب بأن يفتي ويقتل ويهدم متى يشاء.

اذن نحن اليوم أمام ثقافة بدوية أصيلة تكاد ان تتطابق أو تنسجم مع  المفاهيم الجديدة لمنظمة القاعدة الارهابية، لذا فأني أصر على ان التشدد الاسلامي هو نسق أو وجه من اوجه الحضارة البدوية وليس فيه من الاسلام شيئا، وقد يتوهم من يدعي بأن المنظمات الارهابية هي كلها نسيج غربي أو ما شابه ذلك، بل هي  حقيقة وفي جلّها جزء لا يتجزء من الثقافة البدوية والتي لا تذعن بالمرة للرأي الاخر أو لاختلاف المفاهيم والافكار هذا مما يخلق حالة لبس أو سوء فهم في قراءة الطرف الاخر.

ومن هنا نستخلص بأن الاراء تجمع على ان الحادث الشنيع الذي استهدف قبور أئمة البقيع في الثامن من شوال سنة 1344 هجرية ما هو الا ثقافة مجنونة اخترقت الوعي العربي منذ أكثر من أربعة عشر قرنا وهي تكاد أن لا تنسجم مع خط الرسالة الاسلامية الداعم لحالة التواصل مع الرسول (ص) من خلال تلك الرموز والشخوص الذين هم المداد والدعامة الاساسية لنشر تعاليم الرسالة المحمدية السامية، وما جاء به التكفريين اليوم من فعل استهداف مرقدي الامامين العسكريين(عليهما السلام) الا اشارة جلية على تطابق تلك الافكار والقراءات بين الماضي والحاضر، ولهو دليل واضح يحاول ان يدحض كل التوجهات التي تتهم جهات اخرى من باب أسقاط التهمة عن أولئك المشركين والملحدين القدامى وأحفادهم الجدد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23 تشرين الاول/2007 - 11/شوال/1428