مصطلحات نسوية: تحرير المرأة

تحرير المرأة: Women's Liberation

شبكة النبأ: استخدم هذا المصطلح على ما يبدو لأول مرة في عام 1969 على الرغم من أن هذه الفكرة كانت موجودة ضمناً في ما قالته ماري أستيل من أن النساء مثلهن مثل العبيد. وبعدها تحدثت سوجورنر تروث عن عدم المساواة بين الرجل الأسود والمرأة السوداء على الرغم من تحرير العبيد في عام 1867 وبعد مرور قرن من الزمان كانت المرأة السوداء والبيضاء لا تزال تعتبر تابعة في سياق الحركات السياسية الراديكالية المناهضة لحرب فيتنام والداعية لتحرير السود. وأصبح من الواضح أن المرأة ستضطر لتحرير نفسها، ففي عام 1969 أعلنت مجموعة الراديكاليات النسويات في نيويورك المواجهة المستمرة مع الرجال لإدراكهن ان "تحرير المرأة" لن يلقى الترحاب بدون نضال، وفي نفس العام أعدت جماعة "الجوارب الحمراء" بنيويورك أول مانيفستو لتحرير المرأة، وتم إنشاء منظمة تحرير المرأة في بريستول بالمملكة المتحدة. وقبل هذا التاريخ بثلاثة أعوام كانت جولييت ميتشيل قد كتبت على الحاجة إلى التحرر، وسار على نهجها عدد من الشخصيات ذات الأصوات المؤثرة مثل شيلا روبوثام. وفي عام 1970 انعقد أول مؤتمر وطني حول تحرير المرأة في كلية راسكن بأكسفورد، وبعد ذلك اختصر المصطلح إلى الصيغة Woman,s Lib في وسائل الإعلام التي يهيمن عليها الرجل بقصد السخرية والتهوين من شأن الحركة، وما زالت الصيغة المختصرة تستعمل حتى اليوم في سياق الاستهانة بالحركة.

حركة تحرير المرأة(1)

التعريف:

حركة تحرير المرأة: حركة علمانية، نشأت في مصر في بادئ الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد الإسلامية. تدعوا إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل أمر … ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم العربي.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

قبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظمة لتحرير المرأة ضمن جمعية تسمى الاتحاد النسائي .. كان هناك تأسيس نظري فكري لها .. ظهر من خلال كتب ثلاثة ومجلة صدرت في مصر.

- كتاب: المرأة في الشرق، تأليف مرقص فهمي المحامي، نصراني الديانة، دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق، ومنع الزواج بأكثر من واحدة، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والنصارى.

- كتاب: تحرير المرأة، تأليف قاسم أمين، نشره عام 1899م، بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول، وأحمد لطفي السيد. زعم في أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، وقال إن الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين.

- كتاب: المرأة الجديدة، تأليف قاسم أمين أيضاً - نشره عام 1900م يتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل على أقواله وادعاءاته بآراء الغربيين.

- مجلة السفور: صدرت أثناء الحرب العالمية الأولى، من قبل أنصار سفور المرأة، وتركز على السفور و الاختلاط.

سبق سفور المرأة المصرية، اشتراك النساء بقيادة هدى شعراوي ( زوجة علي شعراوي ) في ثورة سنة 1919م فقد دخلن غمار الثورة بأنفسهن، وبدأت حركتهن السياسية بالمظاهرة التي قمن بها في صباح يوم 20 مارس سنة 1919م.

وأول مرحلة للسفور كانت عندما دعا سعد زغلول النساء اللواتي تحضرن خطبته أن يزحن النقاب عن وجوههن. وهو الذي نزع الحجاب عن وجه نور الهدى محمد سلطان التي اشتهرت باسم: هدى شعراوي مكونة الاتحاد النسائي المصري وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى. واتبعتها النساء فنزعن الحجاب بعد ذلك.

تأسس الاتحاد النسائي في نيسان 1924م بعد عودة مؤسسته هدى شعراوي من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما عام 1922م .. ونادى بجميع المبادئ التي نادي بها من قبل مرقص فهمي المحامي وقاسم أمين.

مهد هذا الاتحاد بعد عشرين عاماً لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي عام 1944م وقد حضرته مندوبات عن البلاد العربية. وقد رحبت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بانعقاد المؤتمر حتى أن حرم الرئيس الأمريكي روزفلت أبرقت مؤيدة للمؤتمر.

ومن أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة:

الشيخ محمد عبده، فقد نبتت أفكار كتاب تحرير المرأة في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده. وتطابقت مع كثير من أفكار الشيخ التي عبر فيها عن حقوق المرأة وحديثه عنها في مقالات الوقائع المصرية وفي تفسيره لآيات أحكام النساء. ( التفاصيل في كتاب المؤامرة على المرأة المسلمة د. السيد أحمد فرج ص 63 وما بعدها. دار الوفاء سنة 1985م كتاب عودة الحجاب الجزء الأول، د.محمد أحمد بن إسماعيل المقدم ).

سعد زغلول، زعيم حزب الوفد المصري، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال.

لطفي السيد، الذي أطلق عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة المصري في عهده.

صفية زغلول، زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنكليز عرفته مصر.

هدى شعراوي، ابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة وزوجة علي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة ( حالياً الوفد ) ومن أنصار السفور .

سيزا نبراوي ( واسمها الأصلي زينب محمد مراد )، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية. وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م.

درية شفيق، من تلميذات لطفي السيد، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه، ثم إلى إنكلترا، وصورتها وسائل الإعلام الغربية بأنها المرأة التي تدعوا إلى التحرر من أغلال الإسلام وتقاليده مثل: الحجاب والطلاق وتعدد الزوجات.

- لما عادت إلى مصر شكلت حزب ( بنت النيل ) في عام 1949م بدعم من السفارة الإنكليزية والسفارة الأمريكية .. وهذا ما ثبت عندما استقالت إحدى عضوات الحزب وكان هذا الدعم سبب استقالتها. وقد قادت درية شفيق المظاهرات، وأشهرها مظاهرة في عام 19 فبراير 1951م و 12 مارس 1954م بالتنسيق مع أجهزة عبد الناصر فقد أضربت النساء في نقابة الصحافيين عن الطعام حتى الموت إذا لم تستجب مطالبهن. وأجيبت مطالبهن ودخلت درية شفيق الانتخابات ولم تنجح. وانتهى دورها. وحضرت المؤتمرات الدولية النسائية للمطالبة بحقوق المرأة - على حد قولها.

سهير القلماوي، تربت في الجامعة الأمريكية في مصر، وتخرجت من معهد الأمريكان، وتنقلت بين الجامعات الأمريكية والأوربية، ثم عادت للتدريس في الجامعة المصرية.

أمينة السعيد، وهي من تلميذات طه حسين، الأديب المصري الذي دعا إلى تغريب مصر .. ترأست مجلة حواء. وقد هاجمت حجاب المرأة بجرأة - ومن أقوالها في عهد عبد الناصر: " كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ولدينا الميثاق ؟ ". تقصد ميثاق عبد الناصر الذي يدعو فيه إلى الاشتراكية - وسخرت مجلة حواء للهجوم على الآداب الإسلامية .. وهي لا تزال تقوم بهذا الدور ..

د . نوال السعداوي، زعيمة الاتحاد المصري حالياً.

الأفكار والمعتقدات:

نجمل أفكار ومعتقدات أنصار حركة تحرير المرأة فيما يلي:

تحرير المرأة من كل الآداب والشرائع الإسلامية وذلك عن طريق:

- الدعوة إلى السفور والقضاء على الحجاب الإسلامي.

- الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، والأسواق.

- تقييد الطلاق، والاكتفاء بزوجة واحدة.

- المساواة في الميراث مع الرجل.

- الدعوة العلمانية الغربية أو اللادينية بحيث لا يتحكم الدين في مجال الحياة الاجتماعية خاصة.

- المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية.

- أوروبا والغرب عامة هم القدوة في كل الأمور التي تتعلق بالحياة الاجتماعية للمرأة: كالعمل، والحرية الجنسية، ومجالات الأنشطة الرياضية والثقافية.

الجذور الفكرية والعقدية:

بعد تبلور حركة تحرير المرأة على شكل الاتحادات النسائية في بلادنا خاصه والدول عامة، أصبحت اللادينية أو ما يسمونه ( العلمانية ) الغربية هي الأساس الفكري والعقدي لحركة تحرير المرأة. وهي موجهة وبشكل خاص في البلاد الإسلامية إلى المرأة المسلمة؛ لإخراجها من دينها أولاً. ثم إفسادها خلقياً واجتماعياً .. وبفسادها، يفسد المجتمع الإسلامي وتنتهي موجة حماسة العزة الإسلامية التي تقف في وجه الغرب الصليبي وجميع أعداء الإسلام وبهذا الشكل يسهل السيطرة عليه.

ومن الأدلة على أن جذور حركة تحرير المرأة تمتد نحو العلمانية الغربية مايلي:

- في عام 1894م ظهر كتاب للكاتب الفرنسي الكونت داركور ، حمل فيه على نساء مصر وهاجم الحجاب الإسلامي، وهاجم المثقفين على سكوتهم.

- في عام 1899م ألف أمين كتابه تحرير المرأة أبدا فيه آراء داركور.

- وفي نفس العام هاجم الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل ( زعيم الحزب الوطني ) كتاب تحرير المرأة وربط أفكاره بالاستعمار الإنكليزي.

- ألف الاقتصادي المصري الشهير محمد طلعت حرب كتاب تربية المرأة والحجاب في الرد على قاسم أمين ومما قاله: " إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا ".

- ترجم الإنكليز - أثناء وجودهم في مصر - كتاب تحرير المرأة إلى الإنكليزية ونشروه في الهند والمستعمرات الإسلامية.

- الدكتورة ( ريد ) رئيسة الاتحاد النسائي الدولي التي حضرت بنفسها إلى مصر لتدرس عن كثب تطور الحركة النسائية.

- اغتباط الدوائر الغربية بحركة تحرير المرأة العربية وبنشاط الاتحاد النسائي في الشرق وتمثلت ببرقية حرم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمؤتمر النسائي العربي عام 1944م.

- صلة حزب ( بنت النيل ) بالسفارة الإنكليزية والدعم المالي الذي يتلقاه منهما - كما رأينا عند حديثنا عن درية شفيق.

- ترحيب الصحف البريطانية ببدرية شفيق زعيمة حزب ( بنت النيل ) وتصويرها بصورة الداعية الكبرى إلى تحرير المرأة المصرية من أغلال الإسلام وتقاليده.

- برقية جمعية ( سان جيمس ) الإنكليزية إلى زعيمة حزب بنت النيل تهنئها على اتجاهها الجديد في القيام بمظاهرات للمطالبة بحقوق المرأة.

- مشاركة الزعيمة نفسها في مؤتمر نسائي دولي في أثينا عام 1951م ظهر من قرارته التي وافقت عليها أنها تخدم الاستعمار أكثر من خدمتها لبلادها.

- إعلان ( كاميلا يفي ) الهندية أن الاتحاد النسائي الدولي واقع تحت زيادة الدول الغربية ولاستعمارية واستقالتها منه.

- إعلان الدكتورة نوال السعداوي رئيسة الاتحاد النسائي المصري عام 1987م أثناء المؤتمر أن الدول الغربية هي التي هيأت المال اللازم لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي والدول الإسلامية لم تساهم في ذلك.

هذه بعض الوقائع التي تدل دلالة لا ريب فيها على صلة حركة تحرير المرأة بالقوى الاستعمارية الغربية.

ويتضح مما سبق:

أن حركة تحرير المرأة هي حركة علمانية، نشأت في مصر، ومنها نشرت في أرجاء البلاد الإسلامية، وهدفها هو قطع صلة المرأة بالآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها كالحجاب، وتقييد الطلاق ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل شيء. ويعتبر كتاب المرأة في الشرق لمرقص فهمي المحامي، وتحرير المرأة والمرأة الجديدة لقاسم أمين من أهم الكتب التي تدعوا إلى السفور والخروج على الدين، وتمتد أهداف هذه الحركة لتصل إلى جعل العلمانية واللادينية أساس حركة المرأة والمجتمع. 

تحرير المرأة(2)

درجت حركة تحرير المرأة العربية على الاحتفاء بقاسم أمين رائدًا للتحرير , واعتبار كتابه "تحرير المرأة" البيان الثوري لها , لكن مفهوم "تحرير المرأة" مر بتحولات تجاوزت فكر قاسم أمين بمراحل نظرًا لاختلاف "المرحلة" والظروف المحيطة , بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت .. ففي حين كان الاحتكاك الإرادي بالغرب الشرارة التي أحيت الكثير من الإشكاليات في الفكر العربي والإسلامي , وقضية المرأة إحداها , وخصوصًا واضع دستور التحرير "قاسم أمين" الذي عاش في فرنسا من 1881 إلى 1885 ووضع كتابيه "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" في 1889 : 1900 متأثرًا بأنموذج باهر ؛ عاينه في حضارة حديثة ومسيطرة .

وفي حمأة الثورة العارمة من أجل الحرية في مصر وغيرها (كانت هناك مسيرة متعثرة منذ أول مشاركة دستورية حقيقية من 1866 إلى قيام الثورة العرابية لانتزاع الحق في المشاركة في السلطة) فكان "تحرير المرأة" جزءًا من مشروع البحث عن الحرية الشاملة .. وفي لحظة الانبهار هذه يكمن تفسير التقلب الملحوظ في فكر قاسم أمين بين كتبه الثلاثة "المصريون" و "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" .

في هذه المرحلة استند مفهوم "تحرير المرأة" إلى تحرير جسدها من الحَجب والحجاب ؛ باعتبارهما ينتميان إلى التراث (نقيض العصر) في وقت كان مفهوم سائد للنهضة ينبني على القطيعة معه .

وفي حين كان "الحجب" يستمد مشروعيته من خصوصية كل من الرجل والمرأة , هذه الخصوصية التي تفرض نفسها على مجال ونوع المهام التي يمارسها كل منهما , و"الحجاب" يستمد مشروعيته من اعتبار أن الجسد حامل للذة , في ذلك الحين بدأ "تحرير المرأة" بنزع الحجاب وتجاوز الحَجب باعتباره رمزًا إلى عمق الإحساس بالسجن والقيد الذي لا يستقيم مطلقًا مع قيمة الحرية على النمط العصري .

وفي سنة 1924 دخل مفهوم "تحرير المرأة" مرحلة التنظيم حيث أسست هدى شعراوي الاتحاد النسائي بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المنعقد في روما سنة 1922 , ثم انعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي سنة 1944 الذي لقي ترحيبًا من بريطانيا والولايات المتحدة حتى إن زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت كانت من ضمن المؤيدين , والمميز لهذه المرحلة أن ذلك كان يتم "طوعيًا" وبترحيب خارجي .

وفي مرحلة لاحقة تحولت تلك التنظيمات إلى مراكز استطالة لسلطة الغرب داخل المجتمعات العربية .. على صورة مؤتمرات دولية تشكل وثائقها أجندة عمل التنظيمات النسائية بل والحكومات أحيانًا , وفي هذا السياق يأتي مؤتمر المرأة الأول في مكسيكو عام 1975 تحت شعار "رفع التمييز ضد المرأة" ثم مؤتمر كوبنهاجن سنة 1980 ونيروبي 1985 ومؤتمر السكان والتنمية في القاهرة 1994 وبكين 1995 , وعن هذه المؤتمرات وبالتنسيق مع قياداتها تحت مظلة الأمم المتحدة انبثقت المؤتمرات العربية حيث شهدت مصر ظهور أول قمة نسائية سنة 2000 شارك فيها تسع من زوجات الرؤساء , ثم قمة المرأة العربية سنة 2001 التي شهدت إنشاء منظمة عربية للمرأة لها استقلالها في إطار جامعة الدول العربية .

وإذا كان مفهوم "تحرير المرأة" لدى قاسم أمين ركز على الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق ونحوها , فإنه أصبح أكثر تبلورًا نتيجة الاطلاع العميق على حركة التحرر الغربية والتشبع بأفكارها , خصوصًا من خلال الانخراط في التنظيمات الدولية والإقرار بمرجعية ما يصدر عنها من بيانات وتوصيات , بحيث أصبح جوهر فكرة "تحرير المرأة" يكمن في مطلب السيطرة دون الرجل أو في العلاقة مع الرجل بحيث تركز المؤتمرات على المرأة "الفرد" (أنا أولاً) و(حقوقنا الآن) الشعار الذي اتخذته سابقًا المنظمة القومية للمرأة التي أسستها رائدة التحرر "بيتي فريدان" في أمريكا وذلك في مقابل أولويات الأسرة والأطفال.. ومن ثم اعتبرت وثيقة بكين أن "الأمومة" (الدور الذي كانت تطمح إليه المرأة لتصبح رمزًا للعطاء وتستمد منه سلطتها وسطوتها) دور "نمطي" تقليدي (بمعنى الازدراء) ؛ لأنه مرتبط بالخضوع للرجل .

وإذا كانت المرحلة السابقة اقتصرت على الدعوة الفكرية (بدءًا من قاسم أمين) ثم التوصيات "غير الملزمة" (مع مؤتمرات الأمم المتحدة) فإن المشروع دخل طورًا جديدًا مع تبني بعض الأنظمة العربية والإسلامية له في محاولة استعجال تطبيقه بالدفع تجاه الحل السياسي من أعلى , وفي هذا السياق تأتي تعديلات قوانين الأحوال الشخصية بدءًا من مصر , ثم مشروع قانون "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" ـ كما سُميَ ـ في المغرب وعدد من الدول , وأخيرًا ـ وليس آخرًا ـ تعديل قانون الأحوال الشخصية في تركيا الذي أنهى سيادة الرجل على الأسرة وفرض مطالب "تحرير المرأة" كاملة وبدأ تنفيذه مطلع سنة 2002 .

في هذه المرحلة نجد أن المفهوم انتقل من مجرد "الثورة الفكرية" ليصبح "مطلبًا اقتصاديًا" وسياسيًا باعتباره ركنًا في "التنمية" ليتناسب مع توجهات مجتمع السوق والقيم الرأسمالية , وبهذا يصبح مفهوم الإلحاح على موضوع "عمل المرأة" ومنح القروض المالية من البنك الدولي للمرأة العاملة , الأمر الذي يبين تحول وسائل تنفيذ مشروع التحرير من مجرد بث الأفكار إلى التوصيات والتنظيمات ثم محاولة الفرض الحكومي الرسمي .

ـ التنظيمات النسائية.. قراءة نقدية:

إنه من اللافت للنظر تزايد النشاط النسوي في العالم العربي وتأسيس الكثير من التنظيمات النسوية (الحكومية وغير الحكومية) في البلد الواحد ؛ فمثلاً وجد في الأراضي الفلسطينية (كما تسمى) ـ حسبما ذكر بحث موَّله برنامج الأمم المتحدة للتنمية عن المنظمات النسوية ـ أكثر من (174) منظمة حتى عام 1993 , وبعد اتفاق أوسلو في العام نفسه بدأت وتيرة النشاط النسوي في التزايد بشكل فاق التوقعات , حتى إنه ربما تجاوز غيره من الأنشطة الاجتماعية والسياسية الأخرى .. وكذلك الأمر في كثير من الدول العربية هذا فضلاً عن المنظمات الحكومية والاتحادات النسائية المرتبطة بالتنظيم العالمي للمرأة , ومن المثير للجدل .. الدعم الأوروبي والدولي السخي لهذه التنظيمات والأنشطة وتمويل صندوق المرأة التابع للأمم المتحدة لها ! وعلى سبيل المثال حصلت التنظيمات النسوية في الأراضي الفلسطينية على 5% من إجمالي المعونات الدولية المخصصة للأراضي الفلسطينية (حسب تقرير 1997) فيما لم يخصص للمجال الزراعي والصناعي إلا أقل من 1.2 % منها .

ومن الجدير بالذكر أن أي تمويل إنما يتم لأهداف محددة وله شروطه ومحدداته السياسية والثقافية , ومن ثم تخضع الأولويات لتحديد الجهات المانحة ماليًا والضاغطة سياسيًا وثقافيًا , كما أنه يتعين الالتزام بتلك الأولويات لضمان استمرار التمويل .. ومن جهة أخرى فإن التنظيمات الحكومية تخضع لأولويات النظام السياسي ووفق خلفيته الفكرية والأيدلوجية .

هذه الاعتبارات تجعل التنظيمات وما يصدر عنها من مؤتمرات وأنشطة تختلط فيها المواقف الثقافية والحضارية بالسياسية إلى حد كبير ؛ مما يُحدث إشكاليات كبيرة على المستوى الثقافي والاجتماعي والديني ؛ لأنه لا يمكن لنا أن نستعير / نستنسخ جزءًا من نمط حياة قائم في بناء حضاري وثقافي معقد (الغرب هنا) من دون إدراك مكملات هذا الجزء , وتبعات ومشاكل هذا الاستنساخ على مجتمعاتنا ؛ ما يسفر عن فجوات تفرضها خصوصية المجتمعات العربية المتعددة ثقافيًا , والمتفاوتة وعيًا وتمسكًا بالقيم الدينية (المتيقنة أو الموهومة) .

فمثلاً , إن التوجه الحكومي في اليمن لدمج المرأة في العملية الاقتصادية لا يبتعد كثيرًا عن "التوجه العالمي" والتنسيق مع جهات خارجية أو "الخضوع" لمطالب سياسية دولية بخصوص هذا الشأن .. والأهم من ذلك هو أن هذا التوجه الذي ينشغل "كلية" بالتساوق مع التوجه العالمي لا يهتم كثيرًا بخصوصية المجتمع اليمني والذي يفرض سلم أولويات يختلف عن غيره ؛ فأبرز ما نلحظه في هذا التوجه أنه لا يهتم "الاهتمام المطلوب" بتعليم المرأة في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية بشكل مقلق , خاصة بين صفوف النساء , فالإمعان في مطلب "اللجنة الوطنية للمرأة" اليمنية (وهي هيئة حكومية تأسست قبل نحو خمسة أعوام) الذي ينص على (توفير فرص التعليم وخصوصًا الثانوي لجميع النساء , وتشجيع الإناث على الاستمرار في مواصلة دراستهن لما بعد المرحلة الإلزامية وعدم الاكتفاء بمستويات متدنية من التعليم لزيادة فرص مشاركة المرأة في سوق العمل بتوفير حوافز مادية وعينية) .. هذا الإمعان يبين أن مطلب تعليم النساء ينحصر في هدف محدد جاء "مكملاً" للتوجه العام نحو إدماج المرأة في العملية الاقتصادية , بمعنى أن الاهتمام بالتعليم لغرض إشراك المرأة في سوق العمل "فقط" , الأمر الذي يؤكد ما قلناه قبلُ من قفز التنظيمات النسوية على البعد الثقافي والفكري (باعتباره كان يمثل مطلبًا مبدئيًا مع قاسم أمين ومعاصريه) , لتحقيق مطالب سياسية واقتصادية من دون الالتفات إلى الفوارق التي تعيشها تلك المجتمعات .

وكذلك الأمر بالنسبة للتنظيمات النسوية الفلسطينية التي تنشغل بقضايا الزواج المبكر والتعدد ونحوها .. في حين لم نجد تنظيمًا نسائيًا يهتم بالمقاومة والعنف الإسرائيلي !

يأتي ذلك في سياق عولمة نموذج المرأة الغربية من خلال سعي الأمم المتحدة والتنظيمات المنضوية تحتها والخاضعة لها إلى فرض منظومة من القيم الغربية على أنها قيم إنسانية عالمية , وتطالب بها كل المجتمعات وتعتبرها هدفًا يستحق النضال من أجله .. وهذا من شأنه أن يجعل قضايا المرأة (وفق تصور التنظيمات النسوية) جزءًا من مشروع "العولمة" على اعتبار أن لها تداعيات وتأثيرات تتجاوز حدود الجغرافيا والهويات وتهميش كل المرجعيات الدينية والثقافية لصالح مرجعية الفلسفة الغربية .. وهذا يعيدنا من جديد إلى أزمة العلاقة مع الغرب والحداثة , وإشكالية الهوية والمرجعية .

ولو عدنا نتأمل القضايا التي تلح عليها كل المؤتمرات على مدار القرن الماضي لوجدناها تنحصر في مطلبين رئيسين :

الأول : حق المرأة في إثبات الوجود والمشاركة في فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية وغير ذلك في محاولة لإعادة صياغة العلاقة "المتخلفة" (بمعيار المقارنة مع الغرب) التي تقوم على "اقتسام" النشاط الإنساني بين الرجل والمرأة , وتجعل لكل منهما مجالاً خاصًا , مكانًا ونوعًا .. هذه الصياغة الجديدة استدعت الكثير من القضايا مثل "القوامة" و"عمل المرأة" , ما استدعى "حق المرأة" في التشريع القانوني وممارسة أدوار قيادية سياسية وغيرها , وما تفرع عن ذلك من إشكالات شغلت نقاشًا طويلاً من الخطاب الثقافي والسياسي .. هذه المشاركة مع الرجل كانت كفيلة بإعادة صياغة "العلاقة" بين الرجل والمرأة من منظور "حديث" و "واقعي" بعد أن كان ذلك الاحتكاك استثنائيًا وفي نطاق ضيق جدًا , وبعد أن كان الرجل هو المسؤول عن الدور القيادي في البيت وخارجه .

و"الحقوق" هذه تستدعي ضرورة مبدأ "المساواة" الذي شغل مساحة كبيرة من المؤتمرات المتوالية ثم من التشريعات في بعض الدول العربية والإسلامية كتركيا ومصر والمغرب وغيرها.. والإقرار بهذا المبدأ كفيل بإعادة صياغة خارطة العلاقة بين الرجل والمرأة في البيت وخارجه , ومن أبرز القضايا التي تحضر هنا "القوامة" , وبالتالي تأثيراتها على تنظيم شؤون الأسرة وتربية الأولاد , وحق الطلاق , وسفر المرأة وعملها من دون إذن الزوج , والتساوي في الميراث؛ بل اقتسام الممتلكات بالتساوي بعد الانفصال أو الوفاة , وغير ذلك مما قد يعود بالنقض على مسلّمات دينية ونصوص صريحة .

إن توسيع مشاركة المرأة في الاقتصاد من خلال تأمين فرص العمل بالاستناد إلى مفهوم "المساواة" وكذا باقي المجالات .. من شأنه أن يغير كثيرًا من ملامح الخارطة الاجتماعية والثقافية للأسرة العربية ؛ لنجد أنفسنا أمام "نمط" مختلف , يثير كثيرًا من الإشكالات التي سنستوردها من "النموذج المثال" الذي نحاكيه , من دون تَبْيِئَة هذا الاقتباس نفسه (قد رأينا بعض هذه البوادر من خلال أَنْثنة الإعلام العربي عامة) ؛ فتأمين فرص العمل لكل امرأة (من المهم هنا تَذَكر عجز الحكومات عن القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للرجال) من شأنه أن يرفع ـ إلى حد كبير ـ من نسبة البطالة في مجتمعات "نامية" كمجتمعاتنا , كما من شأنه أن يضع بثقله على قوانين وأعراف "الزواج" ليعاد ترتيبها وفق الوضع الجديد (بطالة الرجل وفقره , وخلق نساء رأسماليات) وربما نصل إلى أن تدفع المرأة المهر كما في كثير من ولايات الهند , أو أن يعول كل من الزوجين نفسه كما في الغرب .

المطلب الثاني :

تركز حول "حرية" المرأة في ممارساتها ونشاطاتها .. والحرية هنا تعني الانعتاق من أي سلطان (وفق التصور الغربي) ؛ وإذا كان المطلب الأول يركز على "الحقوق" بوصفها نشاطًا , فإن الثاني يركز على "الحرية" بوصفها قيمة لا بد أن تحضر في كل النشاطات التي تمارسها المرأة .

وتحت هذا المطلب تندرج كثير من القضايا الشائكة أبرزها حرية المرأة في التصرف بجسدها (الحرية الجنسية , والتحكم بالحمل وبجنس الجنين , والإجهاض , وتشكيل الجسد كما تشاء أو هكذا تتصور) في مقابل منع التعدد , وهو ما ركزت المؤتمرات وخاصة مؤتمر السكان ووثيقة بكين .. يأتي هذا في زمن ازدهرت فيه فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام باللذة الجنسية ومستلزماتها (الإعلان , التجميل , الموضة , العطور , الملابس الداخلية والخارجية , الإكسسوارات , مسابقات الجمال , عروض الأزياء , فنانات ذوات أجساد ..) , وأصبح فيه الجنس والجسد هما الثقافة السائدة (في النموذج المثال الذي يراد عولمته) بالتحالف مع العقل المادي الساعي لتعظيم اللذة والربح وتقديمهما على كل هدف آخر , بعد أن كان الجنس والجسد يخضعان للثقافة السائدة التي يساهم في تشكيلها الدين والعرف الاجتماعي .

ومن المهم هنا أن الحرية الجنسية لا تقتصر على العلاقة الطبيعية (ذكر وأنثى) بل تتسع لتشمل اشتهاء المماثل والدخول معه في ممارسة فعلية ربما تؤدي إلى الاكتفاء به عن الشريك الطبيعي , الأمر الذي سيصل إلى الاعتراف به قانونيًا كما في ألمانيا مثلاً , بالرغم من وجوده بكثرة في أمريكا وفرنسا والسويد والكيان الصهيوني وغيرها .

إن الإشكالية الجوهرية التي تنشأ عنها كل هذه الإشكاليات هو تَعَمّد التنظيمات النسوية العربية (حكومية وغير حكومية) تجاوز النسق الثقافي والديني الخاص بنا , وتَبنّي النموذج الغربي للمرأة لتحقيق مكاسب خاصة بتأثير الإرهاب أو الإغراء الدولي , وتحدي معتقدات ومفاهيم الجماهير التي تبقى على الدوام مشدودة إلى ثوابت دينية (سواء متيقنة أم مظنونة أو موهومة) فضلاً عن نسقها الثقافي الذي يتميز بكثير من الخصوصية والتحفظ إزاء نقيضه الغربي الذي تلح نخبنا (الثقافية والسياسية) المنتمية إلى ثقافته على فرضه وتعميمه .

إن غياب المؤتمرات والتنظيمات النسوية العربية عن الاهتمام بشكل رئيس بموضوعات التربية والأسرة والعنوسة (سجلت بعض الإحصائيات أن في مصر 9 ملايين عانس) وصورة المرأة في وسائل الإعلام (خاصة أن هذه المؤتمرات لها صفة رسمية بمعنى أنها قريبة من مواقع القرار) وعن قضايا مشاكل الدعارة والبغاء المتنامية في العالم العربي , وعن خطاب المجلات النسائية الاستهلاكي , الذي ينشغل كلية بجماليات الفن لصناعة أجساد وفق المقاييس المحددة مسبقًا للجسد المثال في عالم يشكل فيه الجسد الأنثوي كل مقتضيات التوظيف في عالم المال ؛ لأن قطاع الإنتاج لا يرى في المرأة سوى جسد , ومن ثم يشترط ـ في الدرجة الأولى ـ جمال الهيئة في معظم المهن التي تشغلها المرأة ليكون الجسد هو أداة التواصل بين المالك والزبون , إن غياب كل ذلك عن أجندة التنظيمات يؤكد اغترابها عن المطالب الحقيقية للمرأة لاستلابها لمرجعية مختلفة كليًا عن مرجعية مجتمعاتها , كما يؤكد على البعد الاقتصادي في "تحرير المرأة" .

هذا العبث الذي يصر على تغيير ملامح حياتنا يجعل من أولوياتنا الحالية العودة إلى قضية المرأة وإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من سياق واقعها وثقافتنا ومرجعيتنا الدينية , والتأكيد على صناعة كوادر نسائية قادرة على العطاء والإبداع في المواقع الفكرية والاجتماعية وغيرها ؛ فقد تسبب تجاهلنا لمشاكل المرأة وغيابها أو تغييبها (بفعل عادات وتقاليد واجتهادات غير واعية) بإتاحة المجال لكثير من الاختراقات , وحدوث هذه التشوهات والالتباسات التي نعايشها.. وغني عن القول : إن الحل لمشاكل المرأة لا يكون بالقوانين والقرارات "الرسمية" أو بتسييسها ؛ لأنها مشاكل ثقافية واجتماعية منبنية على الوعي الديني والثقافي والاجتماعي .

شعار تحرير المرأة(3)

أثيرت قضية حقوق المرأة في الغرب أولاً ، واتخذ مثيروها من مطلب تحرير المرأة ومساواتها مع الرجل شعاراً لها .

وقد سارع العلمانيون والمتغربون عندنا في مطلع القرن الحالي إلى نقل هذا الشعار – الذي لا يزال يردُّده خلفهم المنسلخون من دينهم وحضارتهم حتى اليوم –إلى عالمنا الإسلامي .

غير أن هذا الشعار لم يعد قادراً على إغواء المرأة المسلمة عن دينها وعفافها وعن دورها الإنساني الحيوي في الأسرة والمجتمع بعد أن تكشفت دوافعه الماكرة ، وظهرت آثاره ونتائجه المدمرة على حياة المرأة وعلاقات الأسرة في الغرب ، بل وعلى الحياة الاجتماعية برمتها فيه .

ففي ظل شعار التحرير سُحقت إنسانية المرأة في الغرب ، وعُطِّل أو عُرقِل دورها الإنساني الطبيعي ، ورسالتها المقدسة في تشييد دعائم الأسرة متكاملة ومتضامنة مع الرجل .

وحرمت من التمتع بحقها في كفالة الرجل لها وإنفاقه عليها ، حيث أُجبرت باسم ( التحرر والمساواة مع الرجل ) على الخروج من المنزل ، والعمل في المصانع والمكاتب من أجل الحصول على لقمة العيش .

واستدرجت باسم ( الفن والمدنية الحديثة ) إلى مواطن الرذيلة والفساد الخلقي ، واتخذت أسواق الرأسمالية الجديدة - التي لا تعرف معنى للعفة والشرف - من جسدها فتنة جنسية تروِّج بها سلعها وبضائعها التجارية .

فهل يريد دعاة التحرير للمرأة المسلمة أن تتحرر على هذا النحو ، ويؤول أمرها إلى هذا المصير ؟ لا ريب في أن المرأة الغربية كان لها عذرها ، وكانت لها أسبابها التي دفعتها إلى رفع شعار التحرير ، والمطالبة بمساواتها مع الرجل في الكرامة الإنسانية وفي الحقوق .

فلقد عانت هذه المرأة عبر قرون طويلة من تاريخ أوروبا من امتهان كرامتها وهضم حقوقها ، فمن حيث وضعها الإنساني كانت تُعدُّ مخلوقاً ناقصاً لا روح فيه ، أو فيه روح حيوان .

وهذا جعلها في إطار هذه الرؤية لهويتها غير جديرة بالحياة الآخرة ، وحيث أنها تعتبر رجساً كانت تمنع من قراءة الكتب المقدسة .

ومن حيث وضعها الحقوقي كان الغرب لا يعترف لها بأية حقوق ، ويعدها رقيقاً خادماً للرجل ، وكان إلى عهد قريب لا يعترف لها بذمة مالية مستقلة عن الرجل ، ولا يُرى لها أهلية لتملك الأموال ولا للتصرف فيها .

ولا تزال معظم القوانين الغربية حتى اليوم تجرد المرأة من اسم أبيها وعائلتها عند الزواج ، وتجبرها على حمل اسم زوجها .

وهذا الأمر دعا المؤتمر النسائي الذي نظمته وزارة المرأة والأسرة في الحكومات الألمانية الإقليمية عام ( 1991 م ) إلى المطالبة باحتفاظ المرأة الألمانية باسم والدها ، وهو من أبسط ما تتمتع به المرأة المسلمة من حقوق منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان .

ومع قيام الثورة الصناعية في أوروبا برزت الحاجة إلى تشغيل الأيدي العاملة الرخيصة ، ففتحت المعامل والمصانع أبوابها أمام النساء اللواتي قبلن - تحت وطأة الحاجة وفقدان المعيل من الرجال - العمل بأزهد الأجور ، رغم كون العمل الذي يؤدينه لا يقل كمية وصعوبة وقيمة عن عمل الرجل .

ومن ثم بدأت المرأة تشعر بهوانها وهضم حقوقها قياساً بالرجل ، ولا تزال المرأة في بعض البلاد الأوربية الراقية صناعياً ومادياً لا تتقاضى أجراً مساوياً لأجر الرجل مهما تكن أهمية العمل الذي تؤديه وقيمته .

وهذه مجمل الظروف والأسباب التي دعت المرأة الغربية إلى المناداة بشعار التحرير والمطالبة بمساواتها مع الرجل في كل شيء .

فهل ثمة سبب يدعو المرأة المسلمة إلى تقليدها والاقتداء بها في هذا المجال ؟ والإسلام ساوى بين المرأة والرجل في الكرامة الإنسانية ، وفي التكليف والمسؤولية ، وفي الحقوق المادية والمعنوية .

فنظر إليها باعتبارها أحد زوجين يمثلان النوع الإنساني لا يفضل أحدهما على الآخر إلا بالتقوى ، فقال الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُم شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم ) الحجرات : 13 .

وساوى بينهما في التكاليف والواجبات ، وأناط بهما مسؤولية تقويم المجتمع وإصلاحه ، وهو ما يعرف في الإسلام بـ ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، فقال الله عزَّ وجل : ( وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتِ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ ) التوبة : 71 .

وجعل من المرأة أحد ركنين يقوم عليهما معاً بناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى في صرح المجتمع ، وعلى ديمومة هذه الأسرة تتوقف ديمومة الحياة البشرية وتنشئة أجيالها المتعاقبة ، مقيماً العلاقة بينها وبين ركن الأسرة الآخر – الرجل – ، على أساس الزواج في إطار حميمي تجلُّلُه السَّكِينة ، وتشيع فيه المودَّة والرحمة والمعاشرة بالمعروف ، فقال الله تعالى : ( وَمِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفِسِكُم أَزوَاجاً لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً ) الروم : 21 .

وفي مجال الحقوق ساوى الإسلام بين المرأة والرجل على جميع الصُّعُد ، فقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهنَّ بِالمَعرُوفِ وَلِلرجَالِ عَلَيهنَّ دَرَجَة ) البقرة : 228 .

فيشير هذا النص المحكم إلى مبدأ التكافؤ والتوازن بين الحقوق والالتزامات الثابتة لكل منهما في ذمة الآخر ، فحق للمرأة على الرجل أن يحميها ويجاهد دونها ، وأن ينفق عليها ويلبي حاجاتها ومتطلباتها المادية في جميع حالاتها وأطوار حياتها : بنتاً وزوجاً وأُمّاً .

مراعياً في جميع ذلك قدرة الرجل ولياقته البدنية والنفسية أكثر من المرأة على مقارعة العدوان وصدِّ الأخطار ، وعلى معالجة قوى الطبيعة واستخراج مكنوناتها وخيراتها اللازمة لمعيشته .

أما الدرجة المذكورة في الآية السابقة فهي ليست تشريفاً وامتيازاً للرجل كما أسيء فهمها ، بل هي في حقيقتها كفالة ورعاية للمرأة ومسؤولية عن إدارة الأسرة .

وهي ما سمَّاه القرآن الكريم في آية أخرى : بـ ( القوَامَةِ ) : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضهُم عَلَى بَعضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم ) النساء : 34 .

أما المرأة حقٌ لها عليه أيضاً أن يرفق بها ، ويحسن معاشرتها معنوياً وجنسياً ، فيحيطها بمودته ورحمته ، ويمتعها بنفسه كما تمتعه هي بنفسها .

أما الرجل فحقٌ له عليها أن تحمل وتلد الأبناء ، وتقوم بتربيتهم ورعايتهم – لما جبلت عليه فطرتها العضوية والنفسية من استعدادها للقيام بهذا الدور – وأن تحفظه في نفسها وماله ، وتطيعه بالمعروف ، وتحسن معاشرته كما يحسن هو معاشرتها .

هذه هي الملامح العامة لصورة الوضع الإنساني والحقوقي للمرأة في الإسلام على صعيد التشريع ، فهناك تساوٍ بينها وبين الرجل في الكرامة الإنسانية ، وتكافؤ في الحقوق ، وتشارك في الأعباء ، وتكامل في الوظائف والأدوار .

وإذا كانت بعض ملامح هذه الصورة يعتريها شيء من الغموض على صعيد الواقع والتطبيق فذلك لا يختص بأوضاع المرأة فقط وإنما يشمل الأوضاع الاجتماعية كلها بما في ذلك أوضاع الرجل نفسه .

فأساس مشكلة المرأة المسلمة والرجل المسلم مع أوضاعهما الاجتماعية إنما هو أساس واحد ، وهو ( ابتعادهما عن نهج الإسلام وتفريطهما بأحكامه ) ، ولا أمل بإصلاح هذه الأوضاع إلا بالعودة إليه والاستقامة على نهجه القويم .

تحرير المرأة بين الاسلام والغرب(4) 

هل تحررت المرأة في الغرب؟! الحركات النسائية في العالم ترى ان المرأة الغربية قد حصلت على اعلى درجات الحرية، وهى تكافح لتتمتع المرأة في كل العالم خاصة في الوطن العربى بالحرية التى تتمتع بها المرأة في أوروبا وامريكا.

ولأن مرجعية الحركات النسائية التى تكافح لتحرير المرأة هى الحضارة الغربية، فانها ظلت حركات تربوية تؤثر على المتغربات من النساء، وتردد خطابا لا يتفق مع الواقع، وتساهم بشكل كبير في تشويه صورة المرأة العربية.

حرية الجسد

وتحرير المرأة في الغرب تم لتحقيق اهداف اقتصادية، لتشكيل بيئة ثقافية تتناسب مع التطور الرأسمالي.

إن هذا يعنى ان الرأسمالية لم تحرر المرأة لاهداف انسانية، او كعملية كفاح من اجل الحرية، ولكن ذلك تم لتحقيق اهداف الرأسمالية في استغلال المرأة لتطوير المنتجات وتسويقها وزيادة ارباح الشركات عابرة القارات.

فتحرير المرأة لم يكن حبا لها ولكن كان ذلك حبا للمال والسيطرة.

لقد كان تحرير المرأة عملية ضرورية لزيادة ارباح الشركات عابرة القارات، ولقد استغلت في ذلك جسد المرأة، وحولت المرأة نفسها الى سلعة جنسية تساهم في الترويج للسلع بإغراء المستهلكين للشراء، بالاضافة الى تطوير المنتجات التى تتعلق بالمرأة، او بالعلاقة بين الرجل والمرأة ابتداء من العطور ومواد التجميل والازياء حتى المنشطات الجنسية.

إن الرأسمالية العالمية قد حررت جسد المرأة لتستخدمه في الصناعة والتجارة والتسويق والاغراء ولم تحرر عقل المرأة او روحها، ولم تتعامل معها كإنسان كرمه الله.

المرأة المثيرة

ولذلك فان المرأة الجميلة لم تعد النموذج المفضل للمرأة الغربية، فهى لا يهمها ان تكون جميلة بالمقاييس الانسانية والحضارية، ولكن يهمها ان تكون مثيرة جنسيا حتى لو كانت قبيحة، وشركات التجميل، والازياء تساعدها على تحقيق هذا الهدف.

المرأة الأوروبية تتزين لاغراء الرجل جنسيا، وليس بهدف ان تكون جميلة،ونتيجة المبالغة والافراط في استخدام منتتجات التجميل تحولت المرأة الى مسخ مشوه، يضاف الى ذلك أن استخدام مواد التجميل يؤثر بشكل سلبى على الوجه كلما تقدمت المرأة في العمر فتثير النفور، وينعكس ذلك على نفسيتها فتصاب بالكثير من الامراض النفسية الناتجة عن عدم الاهتمام بها.

المرأة عندما تتقدم في العمر تفقد جاذبيتها ويذهب جمالها، ولذلك لا يهتم بها المجتمع الرأسمالى التى استخدمها في زمن الصبا لتحقيق اهدافه.

هذا الاتجاه ايضا تزامن مع تزايد نفوذ الصهيونية وتطورها في أوروبا، فلقد كانت المرأة من اهم الاسلحة التى استخدمتها الحركة الصهيونية في التجسس والاغراء وصنع الفضائح واجبار الكثير للخضوع لمطالبها.

ومن الواضح ان الحركة الصهيونية قد ساهمت بشكل كبير في فرض نموذج المرأة المثيرة جنسيا وغير الملتزمة بالاعراف والتقاليد المجتمعية التى توصف بانها رجعية، وذلك للتقليل من تمسك المجتمعات بثوابتها الحضارية والاخلاقية.

المعركة مع العلمانية

اما النظم العلمانية فانها استخدمت كل الوسائل لفرض نموذج المرأة المثيرة جنسيا، ويبدو ذلك مفهوما الى حد كبير نتيجة الارتباط التاريخى بين العلمانية والرأسمالية.

ولقد حاولت العلمانية ان تربط بين التقدم والحداثة والعصرنة من ناحية والاثارة الجنسية من ناحية اخرى، فالمرأة الملتزمة بأعراف المجتمع وتقاليدة واخلاقياته يتم تصويرها بأنها متخلفة، وان جمالها بلدي بمعنى انه قديم ومتخلف.

ولذلك فقد اعلنت النظم العلمانية في العقود الاخيرة الحرب بشكل غير اخلاقى على الحجاب الاسلامى حتى ان نظاما عربيا علمانيا يرفض ادخال أية امرأة الى المستشفى للعلاج اذا كانت محجبة، فإذا أرادت ان تتمتع بالعلاج وليس بالتعليم والعمل فان عليها ان تصبح سافرة، وأن تقلد النموذج الأوروبى للمرأة.

وكان فرض النموذج الأوروبى للمرأة من اهم تجليات التبعية لامريكا في عالمنا العربى.. ولذلك فقد ادركت الكثير من النساء العربيات المثقفات ذلك، واستخدمن حجابهن كوسيلة للدفاع عن هويتهن وكسلع لمقاومة التبعية والاستعمار الثقافى والاحتلال.

امتهان لكرامة المرأة

استخدام المرأة كسلعة جنسية لا يمكن بأن يوصف بأنة حرية، انه امتهان لكرامة المرأة، ولقد اصبحت صناعة التسلية الغربية تعتمد بشكل اساسى على جسد المرأة العارى حيث اوضحت دراسة لجامعة هارفارد قدمتها للكونجرس ان 90% من الصور الموجودة على الانترنت إباحية.

أن تعرية جسد الإنسان هو بالتأكيد عملية غير حضارية وإهانة لكرامة الإنسانية، فالانسان عندما يتقدم ويغتنى ويعتز بشرفه وأصله فإنه يلبس الثياب الفاخرة التى تخفى الجسد بشكل كامل.. أما العرى فإنه يرتبط بالتخلف والفقر وعدم الثقة وعدم الشرف.

يضاف الى ذلك أن الجمال يرتبط بالثياب فهى من أهم وسائل الزينة ويرتبط بالذوق الحضارى والهوية والثقافة.

والحضارة الغربية تعتبر أن اظهار مفاتن المرأة يعنى الحرية والتقدم لكن الحضارة الاسلامية تعتبر أن العرى هو التخلف والقبح واشاعة للفاحشة واهانة للكرامة الانسانية.

الحضارة الاسلامية تتعامل مع المرأة كإنسانة كرمها الله ولها مسؤوليات وواجبات والتزامات في مقابل الحقوق.

تعدد الزوجات

منذ سنوات كنت أحضر ندوة في لندن حين أشارت باحثة أوربية بنوع من السخرية الى تعدد الزوجات في الاسلام، ومن المؤكد أن هذا يعتبر من أهم مسائل تشويه صورة المسلمين حيث تنشر الكثير من الصحف الأوروبية والامريكية صور الرجل العربى وخلفة اربع حريم.

ولقد بدأت تلك الصورة تؤثر بشكل كبير في مجتمعاتنا العربية حيث يتم التخلى تدريجيا عن تعدد الزوجات، وبدأ بعض علماء المسلمين بصنع شروط لهذا التعدد بهدف تضييق نطاقه.

لكن لم يحاول أحد أن يقرأ واقع المرأة في الغرب، فالحقيقة أنة قد تم التخلى بشكل عام عن شكل الأسرة الطبيعية المكونة من زوج وزوجة واطفال،

ولقد اصبح ذلك يشكل مشكلة كبيرة للمجتمعات الغربية تتمثل في تناقص المد الديموجرافى، وتحول هذه المجتمعات الى الشيخوخة.

لقد حرم الغرب تعدد الزوجات، ولكن الذى حدث واقعيا هو التحول لتعدد العشيقات او الصاحبات، وتحقيق المتعة الجسدية خارج إطار الزواج.

وأصبح الرجل غير ملتزم بأية واجبات نحو المرأة فهو يستطيع أن يرحل في اى وقت ويتركها لتواجه مصيرها حتى لو حملت منه، ولذلك انتشرت ظاهرة النساء اللواتى يقمن بتربية الابناء وحدهن دون أب.

المرأة في اوروبا تحولت الى صديقة أو عشيقة وفقدت حقها في ان تصبح زوجة وأما، ولقد اصبح حالها بائسا، فهى تستطيع ان تصاحب من تشاء حتى إذا تقدمت في العمر، ولم تعد قادرة على العمل ظهرت مأساتها الحقيقة.

ظاهرة العجائز

تستطيع أن تشاهد ظاهرة العجائز في اى شارع في اوروبا حيث تسير المرأة العجوز تبحث عن دور او عن اى أحد يهتم بها حتى لو كان ذلك بدافع الشفقة.

حتى إن انجبت اولادا فإنهم يتركونها وحيدة تعانى جدب الحياة في خريف العمر، وربما تتسول من ابنائها بعض الاهتمام الذى قد يتمثل في مجرد بطاقة تهنئة في عيد الميلاد، حيث تشعر بأن هذه البطاقة أغلى من كل كنوز الدنيا.

هل هناك إمرأة تريد لنفسها تلك النهاية؟!

الجمال يصبح مجرد ذكريات في العقد الخامس من العمر، والحياة تصبح كئيبة بدون اسرة.

اما الحضارة الاسلامية فإنها تضمن بشروطها الحق لكل إمرأة الزواج والحياة داخل اسرة، وتضمن لها ان يكفلها زوجها وابناؤها واقاربها، بل انه يتزايد الاهتمام بها كلما تقدمت في العمر.

ولذلك فقد وفرت الحضارة الاسلامية لكل إمرأة الفرصة للزواج حتى إذا كانت دميمة او اطلقت من زوجها أو مات عنها هذا الزوج. ولم تعرف المجتمعات الاسلامية ظاهرة العنوسة طوال فترة طويلة من التاريخ، ولقد بدأت تلك الظاهرة تنتشر في مجتمعاتنا وتسبب الكثير من المآسى للاسر. يتزوج ابنة عمة او قريبته حفاظا على الشرف وصلة الارحام والتكامل الاجتماعى وزيادة الروابط العائلية.

التعامل مع المرأة في المجتمعات الاسلامية لا يكون على اساس المظهر الخارجى ومفاتن الجسد، ولكن يتم على اساس مجموعة من العوامل منها الدين والشرف والاخلاق والنسب والحفاظ على الروابط العائلية وصلة الرحم وتحقيق التماسك الاجتماعى.

من اجل ماذا نهدر كل هذه الثروة من الاعراف والتقاليد والاخلاق التى تحقق التماسك الاجتماعى لمجتمعاتنا؟!! الى متى نقلد الغرب تقليدا اعمى؟!!

هناك نتيجة أخرى خطيرة لواقع المرأة في الغرب هى أنه نتيجة للافراط في الاثارة الجنسية فقد الرجل اهتمامه بالمرأه، وفقد رغبتة فيها فانتشرت العلاقات الشاذة التى أدت الى انتشار مرض الإيدز، وبدأت الكثير من المجتمعات تتجه نحو مصير مجهول.

ياسادة الاسلام وحده هو الذى يحقق حرية المرأة كإنسانه كرمها الله وحفظ لها حقوقها وألزمها بأن تكون راعية في بيت زوجها، وبأن يكون لها اسرة، وأن تكون أما وزوجه، وأن تجد من يكفلها عندما يتقدم العمر.

ياسادة يجب أن نحرر انفسنا من التبعية لنحرر الرجال والنساء في وطننا ولكى يكون الرجل رجلا والمرأة إمرأة.

حركة تحرير المرأة(5)

حركة علمانية، نشأت في مصر في بادىء الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد العبرية والإسلامية، تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل أمر.. ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم العربي.

* أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة:

ـ الشيخ محمد عبده: فقد نبتت أفكار تحرير المرأة في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده وتطابقت مع كثير من أفكار الشيخ التي عبر فيها عن حقوق المرأة وحديثه عنها في مقالات الوقائع المصرية وفي تفسيره لآيات أحكام النساء.

ـ سعد زغلول: زعيم حزب الوفد المصري الذي أعاد قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجعيعه في هذا المجال.

ـ لطفي السيد الذي أطلق عليه أستاذ الجيل، وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة المصري في عهده.

ـ صنعة زغلول، زوجة سعد زغلول وابنه مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنجليز عرفته مصر.

ـ هدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنجليزي في زحفه على العاصمة وزوجة على شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة ومن أنصار السفور.

ـ سيزا نبراوي (واسمها الأصلي زينب محمد مراد) وهي صديقة هدى شعرواي في المؤتمرات الدولية والداخلية. وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923 م.

ـ درية شفيق من تلميذات لطفي السيد.

ـ سهير القلماوي وأمينة السعد وهي من تلميذات طه حسين الأديب المصري الذي دعا إلى تغريب مصر.. ترأست مجلة حواء. وقد هاجمت حجاب المرأة بجرأة.

ـ د/نوال السعداوي زعيمة الاتحاد النسائي المصري.

* أفكار ومعتقدات هذه الحركة:

ـ تحرير المرأة من كل الآداب والشائع الإسلامية وذلك عن طريق:

1 ـ الدعوة إلى السفور والقضاء على الحجاب الإسلامي.

ـ الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، والأسواق.

ـ تقييد الطلاق، والاكتفاء بزوجة واحدة.

ـ المساواة في الميراث مع الرجال.

2 ـ الدعوة العلماينة الغربية أو اللادينية بحيث لا يتحكم الدين في مجال الحياة الاجتماعية خاصة.

3 ـ المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية.

4 ـ أوروبا والغرب عامة هم القدوة في كل الأمور التي تتعلق بالحياة الاجتماعية للمرأة: كالعمل، والحرية الجنسية، ومجالات الأنشطة الرياضية والثقافية. 

تحرير المرأة.. مصطلح غامض أم مفهوم غائب؟(6)

مؤسف وضع المرأة في بلادنا العربية, فهي واقعة بين مطرقة التغريب وسندان التقليد ويبدو أن الأمل في قدرتها على الفكاك من هذه الثنائية المهلكة ليس أكبر من الأمل بالتغيير في مجتمعاتنا, ونحن إذ ننادي بالتغيير فهذا لأنه سنة الحياة, فالحياة ليست جامدةً ولا متوقفةً عند لحظات تاريخية بعينها أو عند أشخاص مهما كان وزنهم, ومن الأفضل لنا أن نرتقي عربة التغيير بوعي وإدراك من أن نُجبر على الركوب فيها بآليات غريبة عنا أو أن نتغافل عنها لتسحقنا عجلاتها دون رحمة!

لا نستغرب إذن أن يلاقي مصطلح "تحرير المرأة" كل هذا الهجوم, لأن النموذج الذي يسبق إلى الأذهان هو النموذج الغربي, لكن ماذا عن النموذج الإسلامي؟ وإذا كان الإسلام هو الثوب السابغ للفطرة الإنسانية إذ يلبي أشواق الإنسان الروحية دون أن ينكر عليه حاجاته المادية وإذ يتسم بالأبعاد الواقعية والمقاصدية للحلول التي يطرحها فحيثما وجدت المصلحة فثمّ شرع الله, فلماذا تقاوم جماعة منا الاجتهاد في استنباط هذه الحلول وكأنه لا مشاكل لدينا؟!

أجرت إحدى القنوات الفضائية حواراً مع أحد المنتسبين للعلم الشرعي حول تحرير المرأة, وكان برنامجاً من أثقل البرامج على النفس, فآليات الحوار غائبة وكأن الضيف أعدّ محاضرةً وأراد أن يلقيها على المشاهدين, لدرجة أنه انزعج من المشاركات مع أنها كلّها مؤيدة لآرائه, فلا يوجد بين المتصلين معارض واحد مما يثير الشكّ في مصداقية تلك القناة, ولم تكن أقواله ذات علاقة مباشرة بتحرير المرأة بل كانت مقارنةً للأفكار الغربية مع ماذا؟ لا أدري!! لأنه لم يعجبه مصطلح الفكر الإسلامي!! والسؤال: إذا لم نقابل الفكر بفكر, فبماذا نقابله؟ والسؤال الآخر: إلى متى نتبّع المزدوَجة إما ... أو؟ إما أن نبقى متزمتين في قضايا المرأة أو أن المرأة سيجذبها الطرف الآخر الغربي له؟ نعم .. للأسف.. المرأة ليست أكثر من لعبة في وسط الحبل, وما يقوم به الطرفان: المتفلّت والمتشدّد ليس أكثر من ردود فعل!

اقتصرت "محاضرة" الضيف على رفض أي دعوة لنقد التراث, مع أن القديم لولا انتهاء صلاحيته لا يُنبذ والجديد لولا الحاجة إليه لا يُؤخذ, ولذلك يجب التأكيد على معنى التراث, فإذا قُصد به الإرث الشامل لكل قديم بما فيه المقدس أي القرآن الكريم والسنة الصحيحة فمن حقنا عدم قبول هذا الفهم والنظر إليه على أنه دعوة مغرضة لا تجعلنا نفقد هويتنا وأصالتنا وديننا فحسب بل تُحوّلنا إلى فئران تجارب إذا لم يكن إلى أسوأ منهما حيث إنه سيفرض علينا إعادة تجارب الآخرين الخاطئة ونحن في غنى عن خبرة حمقاء كهذه, لكن إذا أكّدنا أن كلمة التراث تشمل البشري فقط فهنا يجب أن نكون أول من يدعو لتقليب هذا التراث فنأخذ منه ما يتماشى مع مصلحة الأمة والمجتمع؛ وإذا علمنا أن رسولنا عليه الصلاة والسلام وخلفاءه الراشدين من بعده استفادوا من تجارب الأقوام الأخرى فلا معنى لورعنا المزيّف وعدم اقتدائنا بهم, وبذلك نرفع عن التراث البشري قدسيته المزعومة فلا نقتبس منه إلا ما كان مناسباً لزمننا كما ننفض عن عقولنا غبار الوهن فلا نقبل من تجارب الأمم الأخرى إلا ما كان متناغماً مع ثوابتنا الحقيقية, وهكذا فقط نمنع أنفسنا من الوقوع بين فكي الاستلاب للتاريخ والاستلاب للآخر, ونحمي في الوقت ذاته أنفسنا من الغرق في خضمّ سؤال: أين الإسلام الذي نتباهى بأنه صالح لكل زمان ومكان؟

إن التراث حافل بالغث والسمين, وفي قضايا المرأة بالذات لعبت عدة عوامل دوراً كبيراً في تكريس النظرة الدونية للمرأة, ومن تلك العوامل تسرّب تعاليم بعض الديانات السابقة سماوية وغيرها كنظرة اليهودية إلى حواء وأنها سبب الخطيئة الأولى وخروج آدم من الجنة, كذلك دخول قبائل وشعوب في الإسلام دون أن تغير عاداتها الجاهلية التي تمارسها تجاه المرأة, إضافةً إلى استغلال قاعدة "سد الذرائع" لفرض أمزجة معينة وجعلها قوانين عامة تقيّد حركة المرأة وتكبّل تقدم المجتمع؛ وفي هذا يقول الشيخ محمد الدحيم: (إن علينا أن نتجاوز مراحل الجمود، ومن لم يستطع التجاوز فليس مرخصاً للقيادة, فنحن محتاجون -بل مضطرون- إلى إعمال الشريعة في الخلق؛ ليدخلوا في دين الله أفواجاً، ولا يجوز أن يصدوا عن سعة الرحمة بحجة سد الذرائع الموظفة في غير مناسبتها، لا سيما حين يكون الباعث على السوط بها هوى متبعاً, أو عرفاً منغلقاً، أو عقلاً ناقصاً، أو نظرة قاصرة، فالشريعة بأدلتها ومقاصدها أعلى وأجل).

من أهم الأمور التي تجب معالجتها بفقه مقاصديّ جديد وخطاب إسلاميّ رشيد قضايا خروج المرأة للعمل ومشاركتها الاجتماعية والسياسية, ونحن إذ ندعو لتمكين المرأة فذلك كي تساهم في تنمية مجتمعها وزيادة خبراتها وليس كي تنحشر بين أمومتها الفطرية والضرورات الاقتصادية, فيهمّنا ألا نكرر أخطاء الآخرين, وقد باتت متلازمة المرأة المستعجلة تشكل هاجساً للمجتمعات الغربية وهي المرأة التي تعمل لساعات طويلة يُفصل أطفالها عنها ويُحرم جسدها من أخذ القسط الكافي من الراحة, لذلك في الوقت نفسه الذي يتم التأكيد على حق المجتمع في عمل المرأة كما في المقال الهام لسعادة وكيل وزارة العمل السيد عبد الواحد الحميد بمجلة المعرفة لعدد يونيو 2004, لا ننسى أن من حق المرأة الحصول على عمل يتناسب مع فطرتها أولاً ويتلاءم مع مقدراتها وكفاءاتها ثانياً ويراعي ظروفها كزوجة وأم ثالثاً, ولعل في قرارات مجلس الوزراء الأخيرة بشأن المرأة تحقيقاً لحلم ظل يراود النساء طويلاً, وما نرجوه أن توضع موضع التطبيق في أقرب فرصة ممكنة, وأملنا بالأخوات وافدات النساء إلى مؤتمر الحوار الوطني الحالي أن يطالبن بحقوق المرأة كما بيّنها الشرع الحكيم إذ هي مساوية للرجل في الحقوق والواجبات وليس - للأسف- كما كتب أحد أدعياء العلم الشرعي بأن المرأة تابعة للرجل وأن الرجال مفضلون على النساء في الدنيا والآخرة: في الدنيا بالإرث والشهادة والقوامة وتعدد الزوجات والطلاق وفي الآخرة بالحور العين! فحسبنا الله ونعم الوكيل في هذا الفهم السقيم, كم هو مشوّه للدين! وكم يساهم في إساءة ظن المرأة بدين الإسلام العظيم! إن الإٍسلام هو دين العدل, والمساواة في الإسلام هي العدل, فلا يمكن للأب أن يساوي بين ابنه الكبير والصغير فيبحث للطفل عن زوجة بينما يجلس البالغ في حضنه مثلاً, وكذلك في موضوع الرجل والمرأة ففي مقابل الإرث المضاعف والقوامة تكون المسؤولية والإنفاق أي كما تقول القاعدة الفقهية: الغُنم بالغُرم؛ والشهادة تتبع علاقة الشاهد بالواقعة وعدله وضبطه وليس جنسه أو لونه فشهادة المرأة في أمور الحمل والولادة والرضاعة تعادل شهادة رجلين؛ وتعدد الزوجات لا يدل على أفضلية الرجل بل يدل على تهذيب المرأة أي على إخلاصها أكثر من الرجل بحكم الفطرة المبثوثة في كل منهما, إضافة إلى أنه يلبي حاجات المجتمع من حيث ازدياد عدد النساء على الرجال بسبب الحروب مثلاً, عدا أن شرطه العدل فإنْ فُقِد هذا الشرط فالأصل الالتزام بواحدة؛ وفي مقابل حق الطلاق للرجل يوجد حق الخلع للمرأة وكذلك حقها أن تكون العصمة بيدها إذا شاءت وحقها أن تشترط أي شرط عند عقد الزواج بما فيه عدم الزواج عليها, والمؤمنون عند شروطهم.

بدل أن نحرِّم مصطلح تحرير المرأة يجب تحرير المفهوم بأنه إثبات مكانة المرأة وتأكيد حقوقها, لكن السؤال الذي يطلّ برأسه هنا دون خجل ومواربة: من الذي يضمن للمرأة حقوقها إذا أنكرها عليها أحد أفراد الأسرة؟ كم من الفتيات يخجلن من المطالبة بإرثهن أو بحقهن في اختيار أزواجهن, وكم من النساء اللواتي يقعن ضحية للطلاق التعسفي أو لزواج متعدد جائر أو لتعنت الزوج في معاملتهن بالضرب أو بالاستيلاء على أموالهن؟! ألسنا بحاجة لتربية جديدة للفتاة والفتى بأنهما متساويان في الإنسانية وبالتالي في الحقوق والواجبات؟ ألسنا في حاجة لثقافة جديدة تبطل مفعول عادات بائدة بأن صوت المرأة عورة وظلها عورة؟ لاحظوا أني لم أذكر أن وجهها عورة وكفيها عورة لكني أطرح سؤالي السابق: (إذا كان الوجه عورة فلماذا يُستر في الحل ويُكشف في الإحرام؟) بصيغة أخرى بعد إذ ظن بعض الإخوة أنه أجابني بأن النقاب ممنوع لكن غطاء الوجه أو الإسدال واجب, فأقول: الحديث (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) يوضّح أن حكم الوجه والكفين واحد, فإذا كان كفّا المرأة عورة في الحل فلماذا يمنع لبس القفازين في الإحرام؟!

لا داعي أن يقدح أي أحد زناد فكره لإيجاد الجواب, فليست المسألة أن تكشف المرأة عن وجهها بقدر ما هو التأكيد على الحديث الشريف أن دم المؤمن- رجل الأمن في الظروف الحالية- عند الله أغلى من الكعبة, وليس وجه المرأة أغلى من الكعبة وليس من الثوابت على أية حال!

حركة تحرير المرأة(7)

تعتبر حركة تحرير المرأة من العوامل المؤثرة بشدة في تغيير بنية المجتمعات العربية والاسلامية واعادة تشكيل التركييبة القيمية لهذه المجتمعات، وقد استرعت اهتمامي دراسة موجزة ومركزة في أحد المواقع حول نشأة وتطور هذه الحركة ارجو ان تتفضلوا معي بقراءتها لعل لنا فيها نفعا وأجرا.

التعريف

حركة تحرير المرأة . حركة علمانية ،نشأت فيمصر في بادئ الأمر ، ثم انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية . تدعوا إلىتحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب ، وتقييدالطلاق ، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل أمر … ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم الغربي .

التأسيس وأبرز الشخصيات

* قبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظمة لتحريرالمرأة ضمن جمعية تسمى الاتحاد النسائي .. كان هناك تأسيس نظري فكري لها .. ظهر منخلال ثلاثة كتب ومجلة صدرت في مصر هي:-

كتاب المرأة في الشرق تأليف مرقص فهميالمحامي ، نصراني الديانة ، دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييدالطلاق ، ومنع الزواج بأكثر من واحدة ، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات ورجال النصارى .

كتاب تحرير المرأة تأليف قاسم أمين ، نشره عام 1899م ، بدعم من الشيخ محمدعبده وسعد زغلول ، وأحمد لطفي السيد . زعم فيه أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام ، وقال إن الدعوة إلى السفور ليست خروجاً على الدين .

كتاب المرأة الجديدةتأليف قاسم أمين أيضاً - نشره عام 1900م يتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل علىأقواله وادعاءاته بآراء الغربيين .

مجلة السفور ، صدرت أثناء الحرب العالميةالأولى ، من قبل أنصار سفور المرأة ، وتركز على السفور و الاختلاط .

*

سبق سفورالمرأة المصرية ، اشتراك النساء بقيادة هدى شعراوي ( زوجة علي شعراوي ) في ثورة سنة1919 م فقد دخلن غمار الثورة بأنفسهن ، وبدأت حركتهن السياسية بالمظاهرة التي قمنبها في صباح يوم 20 مارس سنة 1919م .

*

وأول مرحلة للسفور كانت عندما دعا سعدزغلول النساء اللواتي تحضرن خطبته أن يزحن النقاب عن وجوههن، وهو الذي نزع الحجابعن وجه نور الهدى محمد سلطان التي اشتهرت باسم هدى شعراوي مكونة الاتحاد النسائيالمصري وذلك عند استقباله في الإسكندرية بعد عودته من المنفى . واتبعتها النساءفنزعن الحجاب بعد ذلك .

*

تأسس الاتحاد النسائي في نيسان 1924م بعد عودة مؤسستههدى شعراوي من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما عام 1922م .. ونادىبجميع المبادئ التي نادي بها من قبل مرقص فهمي المحامي وقاسم أمين .

*

مهد هذاالاتحاد بعد عشرين عاماً لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي عام 1944م وقد حضرتهمندوبات عن البلاد العربية . وقد رحبت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكيةبانعقاد المؤتمر حتى أن حرم الرئيس الأمريكي روزفلت أبرقت مؤيدة للمؤتمر .

من أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة

• الشيخ محمد عبده - فقد نبتت أفكاركتاب تحرير المرأة في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده . وتطابقت مع كثير من أفكارالشيخ التي عبر فيها عن حقوق المرأة وحديثه عنها في مقالات الوقائع المصرية وفيتفسيره لآيات أحكام النساء .

( التفاصيل في كتاب المؤامرة على المرأة المسلمة د.السيد أحمد فرج ص 63 وما بعدها . دار الوفاء سنة 1985م كتاب عودة الحجاب الجزءالأول ، د.محمد أحمد بن إسماعيل المقدم ) .

سعد زغلول ، زعيم حزب الوفد المصري ، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال .

لطفي السيدالذي أطلق عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسانحال حزب الأمة المصري في عهده .

صفية زغلول- زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهميباشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنكليز عرفته مصر .

هدى شعراويابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة وزوجةعلي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة (الوفد حاليا) ومن أنصار السفور .

سيزا نبراوي ( واسمها الأصلي زينب محمد مراد ) ، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمراتالدولية والداخلية . وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضورمؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م .

•درية شفيق وهي منتلميذات لطفي السيد ، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه ، ثم إلى إنكلترا ،وصورتها وسائل الإعلام الغربية بأنها المرأة التي تدعوا إلى التحرر من أغلالالإسلام وتقاليده مثل : الحجاب والطلاق وتعدد الزوجات .

ولما عادة إلى مصر شكلتحزب ( بنت النيل ) في عام 1949م بدعم من السفارة الإنكليزية والسفارة الأمريكية ..وهذا ما ثبت عندما استقالت إحدى عضوات الحزب وكان هذا الدعم سبب استقالتها وقدقادت درية شفيق المظاهرات ، وأشهرها مظاهرة في 19 فبراير 1951م و 12 مارس 1954م فقد أضربت النساء في نقابة الصحافيين عن الطعام حتىالموت إذا لم يستجب لمطالبهن، وأجيبت مطالبهن ودخلت درية شفيق الانتخابات ولم تنجح . وانتهى دورها . وحضرت المؤتمرات الدولية النسائية للمطالبة بحقوق المرأة - على حدقولها - .

سهير القلماوي : - تربت في الجامعة الأمريكية في مصر - وتخرجت منمعهد الأمريكان - وتنقلت بين الجامعات الأمريكية والأوربية ، ثم عادت للتدريس فيالجامعة المصرية .

أمينة السعيد : وهي من تلميذات طه حسين ، الأديب المصريالذي دعا إلى تغريب مصر .. ترأست مجلة حواء . وقد هاجمت حجاب المرأة بجرأة – ومن أقوالها في عهد عبد الناصر : " كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ولديناالميثاق ؟ " تقصد ميثاق عبد الناصر الذي يدعو فيه إلى الاشتراكية" وسخرت مجلةحواء للهجوم على الآداب الإسلامية .. وهي(المجلة) لا تزال تقوم بهذا الدور ..

• د . نوالالسعداوي : زعيمة الاتحاد النسائي المصري حالياً .

الأفكار والمعتقدات

نجمل أفكارومعتقدات أنصار حركة تحرير المرأة فيما يلي :

• تحرير المرأة من كل الآدابوالشرائع الإسلامية وذلك عن طريق :

- الدعوة إلى السفور والقضاء على الحجابالإسلامي .

- الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في كل المجالات في المدارسوالجامعات والمؤسسات الحكومية ، والأسواق و تقييد الطلاق والاكتفاء بزوجة واحدة .

- المساواة في الميراث مع الرجل .

• الدعوة العلمانية الغربية أو اللادينيةبحيث لا يتحكم الدين في مجال الحياة الاجتماعية خاصة .

• المطالبة بالحقوقالاجتماعية والسياسية .

• أوروبا والغرب عامة هم القدوة في كل الأمور التي تتعلقبالحياة الاجتماعية للمرأة : كالعمل ، والحرية الجنسية ، ومجالات الأنشطة الرياضيةوالثقافية .

الجذور الفكريه والعقائديه

بعد تبلور حركة تحرير المرأة علىشكل الاتحادات النسائية في البلاد العربية خاصة والدولية عامة، أصبحت اللادينية أوما يسمونه ( العلمانية ) الغربية هي الأساس الفكري والعقدي لحركة تحرير المرأة، وهي موجهة وبشكل خاص في البلاد العربية والإسلامية إلى المرأة المسلمة ؛ لإخراجهامن دينها أولاً، ثم إفسادها خلقياً واجتماعياً .. وبفسادها ، يفسد المجتمعالإسلامي وتنتهي موجة حماسة العزة الإسلامية التي تقف في وجه الغرب الصليبي وجميعأعداء الإسلام وبهذا الشكل يسهل السيطرة عليه .

ومن الأدلة على أن جذور حركةتحرير المرأة تمتد نحو العلمانية الغربية مايلي :

-في عام 1894م ظهر كتابللكاتب الفرنسي الكونت داركور ، حمل فيه على نساء مصر وهاجم الحجاب الإسلامي ،وهاجم المثقفين على سكوتهم .

- في عام 1899م ألف أمين كتابه تحرير المرأة أبدافيه آراء داركور .

-وفي نفس العام هاجم الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل ( زعيمالحزب الوطني ) كتاب تحرير المرأة وربط أفكاره بالاستعمار الإنكليزي .

- ألفالاقتصادي المصري الشهير محمد طلعت حرب كتاب تربية المرأة والحجاب في الرد على قاسمأمين ومما قاله : " إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا ".

-ترجم الإنكليز - أثناء وجودهم في مصر - كتاب تحرير المرأة إلى الإنكليزية ونشروه فيالهند والمستعمرات الإسلامية .

-الدكتورة ( ريد ) رئيسة الاتحاد النسائي الدوليالتي حضرت بنفسها إلى مصر لتدرس عن كثب تطور الحركة النسائية .

-اغتباط الدوائرالغربية بحركة تحرير المرأة العربية وبنشاط الاتحاد النسائي في الشرق وتمثلت ببرقيةحرم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمؤتمر النسائي العربي عام 1944م .

-صلةحزب ( بنت النيل ) بالسفارة الإنكليزية والدعم المالي الذي يتلقاه منهما - كمارأينا عند حديثنا عن درية شفيق .

-ترحيب الصحف البريطانية بدرية شفيق زعيمة حزب ( بنت النيل ) وتصويرها بصورة الداعية الكبرى إلى تحرير المرأة المصرية من أغلالالإسلام وتقاليده.

- برقية جمعية ( سان جيمس ) الإنكليزية إلى زعيمة حزب بنتالنيل تهنئها على اتجاهها الجديد في القيام بمظاهرات للمطالبة بحقوق المرأة .

-مشاركة الزعيمة نفسها في مؤتمر نسائي دولي في أثينا عام 1951م ظهر من قرارته التيوافقت عليها أنها تخدم الاستعمار أكثر من خدمتها لبلادها .

-إعلان كاميلا يفيالهندية أن الاتحاد النسائي الدولي واقع تحت زيادة الدول الغربية والاستعماريةواستقالتها منه .

- إعلان الدكتورة نوال السعداوي رئيسة الاتحاد النسائي المصريعام 1987م أثناء المؤتمر أن الدول الغربية هي التي هيأت المال اللازم لعقد مؤتمرالاتحاد النسائي والدول العربية لم تساهم في ذلك .

هذه بعض الوقائع التي تدلدلالة لا ريب فيها على صلة حركة تحرير المرأة بالقوى الاستعمارية الغربية .

الخلاصه

أن حركة تحرير المرأة هي حركة علمانية ، نشأت في مصر ، ومنها انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية ، وهدفها هو قطع صلة المرأة بالآدابالإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها كالحجاب ، وتقييد الطلاق ومنع تعدد الزوجاتوالمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل شيء . ويعتبر كتاب المرأة فيالشرق لمرقص فهمي المحامي ، وتحرير المرأة والمرأة الجديدة لقاسم أمين من أهم الكتبالتي تدعوا إلى السفور والخروج على الدين ، وتمتد أهداف هذه الحركة لتصل إلى جعلالعلمانية واللادينية أساس حركة المرأة والمجتمع

فكروا معي قليلا  ترى من المستفيد الحقيقي 

شبكة عيون العرب

التقدم والرجعية وقضية 'تحرير' المرأة

بقلم: ياسر خليل - ميدل ايست اونلاين

هل سفور المرأة دليل على تقدمها وارتدائها الحجاب او النقاب برهان على تخلفها؟

يهاجم البعض الإسلام لأنه يمثل – من وجهة نظرهم – "تخلفا" وعودة الى الوراء لأكثر من 1400 عام. أو باختصار هم يصفون المسلمين بأنهم رجعيين، والغربيين بأنهم متقدمين.

مثلا، يقولون هذا حين يتحدثون عن ثياب "المرأة العصرية" مقارنة بالحجاب والنقاب، وأمور اخرى كثيرة، من الصعب أن نتطرق إليها جميعا في هذه السطور المحدودة. وسنركز أكثر على ثياب المرأة، لان البعض يعتبرها مؤشرا على الرجعية والتقدم ومدى تحرر المرأة والمجتمع.

وقد استعانت احدى منظمات حقوق المرأة في مصر بحادثة، معتبرة أنها ضمن مشوار تحرير المرأة، وتقول: "كان سعد زغلول أول من نزع الحجاب عن المرأة المصرية، عندما دخل بعد عودته من المنفى الى سرادق المستقبلات من النساء فاستقبلته هدى شعراوي بحجابها، فمد يده ونزع الحجاب عن وجهها وضحك" (ملزمة أصدرها "ملتقى المرأة العربية" – القاهرة – فندق شبرد في الفترة من 22-24 مايو 2003، نظمه "المركز المصري لحقوق المرأة").

من الأكثر رجعية؟

التقدم يعني أن نسير الى الأمام (أو في المقدمة)، فيما تعني الرجعية العودة الى الخلف (أو السير في المؤخرة).

السمة المميزة بين الزيين الغربي والإسلامي هي مدى ستر أو كشف جسد المرأة. تتسم الثياب الغربية غالبا بوصف جسد المرأة أو كشف أجزاء منه، بينما تتسم الملابس الإسلامية بستر جسدها من الشعر الى القدمين (مع جواز الكشف عن الوجه والكفين)، وينطبق الزى الإسلامي على كل ما لا يشف ولا يصف من الثياب.

ويقدر بعض العلماء عمر الإنسان على كوكب الأرض بملايين السنين، وقدره البعض بنحو 30 مليون سنة. كان الإنسان في بداياته الأولى على هذا الكوكب عاريا، وقد حاول ستر جسده بأوراق الشجر، وبمرور الوقت ومع تطور الحضارة الإنسانية، بدأ الإنسان في تغطية جسده شيئا فشيء. وستر الجسد هو الأحدث (تاريخيا) مقارنة بالعري الذي يعود الى ملايين السنين، وكان ستر الجسد من خلال ارتداء الثياب مواكبا للتحضر ولإدراك الإنسان لتأثير جسده (وخاصة جسد الإناث) وليس العكس.

والسؤال هنا: من هو الأكثر رجعية؟ هل هو الذي يعود الى 1400 عام، أم الذي يعود الى 30 مليون سنة؟ اعتقد أن الذي يعود الى ملايين السنين أو يكون أكثر قربا مما كانت عليه الصورة وقتها (من عراء للجسد) هو الأكثر رجعية. هذا لو اعتبرنا أن المقياس الصحيح هو الزمن، وفقا لما يستخدمه الكثير من منتقدو "رجعية" المسلمين، أو بتعبير أدق رجعية الأصوليين الذين يعودون الى أصل الدين.

أما إذا كان المقياس هو مدى الحرية، فإننا إذا ما رجعنا الى ما قبل الإسلام، فسنجد أن بنات سادة العرب، كن يرتدين ثيابا تستر أجسادهن بشكل كبير إذا ما قورنت بثياب الجواري اللاتي يستخدمن في تجارة الجنس، فالأخريات كن بحاجة الى إبراز مفاتن أجسادهن، لحكمة، وهي أن تلك الأجساد تعرض على أنها بضاعة بحاجة الى الترويج، وجذب للزبائن. أما بنات السادة فأجسادهن ليست متاحة للبيع، وبالتالي ليس من الحكمة عرضها، كما أنهن يجب أن يتميزن عن الجواري حتى يعرف الجميع أنهن من الأحرار.

وتعرية الجسد بهدف العرض للتجارة به، لازالت موجودة في عصرنا الحديث. ويمكن أن نرى في تركيا وفي الدول الغربية فترينات بها نساء عاريات يعرضن أجسادهن لجذب الزبائن الراغبين في الاستمتاع مقابل النقود.

وفي واقع الأمر أن المرأة التي تعمل في تلك المحال، ليس لديها الحرية في تغطية جسدها خلال ساعات العمل، أي أن حريتها تكون مقيدة خلال تلك الفترة. وحين يأتي الوقت الذي يفك القيد عن حريتها فإنها تعود لترتدي ثيابها من جديد، وتستر جسدها مرة أخرى.

إذن تعرية الجسد أو كشف أجزاء منه ليست معبرة عن الحرية والحضارة والتقدم بالضرورة، وتغطية الجسد ليست قيدا للحرية كما يصور البعض. وتجارة "الرقيق الأبيض" في عصرنا هذا دليل آخر - أكثر حداثة ووضوحا - على انه حين تقيد حرية المرأة فعليا، تكون أكثر عرضة للتعرية، وأول شي ينتهك هو حرمة جسدها وحقها في الحفاظ عليه.

هذا كله ليس المقصود به توجيه إهانة الى النساء اللاتي يرتدين ثيابا غربية، أو انه محاولة لوصفهن بأنهن رجعيات أو لسن أحرارا (كما فعل بعضهن مع المسلمات المحجبات). لكن المقصود، أن وصف المسلمات بأنهن رجعيات لأنهن يرتدين ثيابا مصدرها تعاليم دينهن الذي نزل قبل 1400 عام، هو وصف غير صحيح، وإذا استخدمنا ذات المقياس (المدة الزمنية) سيصبح الثياب الغربي أكثر تخلفا ورجعية لأنه يرجع بنا الى ملايين السنين الى الوراء.

وإذا كان مقياس تحرير المرأة هو مدى ما تعريه من جسدها، فان هذا المقياس هو أكثر خطئا، لان التعري كان سمة الجواري، والفتيات اللاتي تم استعبادهن كـ"رقيق ابيض" في عصرنا الحديث، إضافة الى بائعات الهوى اللاتي يعرضن في فترينات وأجسادهن متاحة للإيجار في مقابل المال. الأفضل أن تكون النظرة المتبادلة أكثر احتراما لحقوق وحرية الآخر، فالمرأة المسلمة اختارت أن تلتزم بتعاليم دينها، وسيحدث هذا حتى لو مر على نزول الإسلام 1400 مليون سنة، وليس عدة قرون. والمرأة الغربية حرة وغير ملتزمة بتعاليم ديننا، لأنها من الأساس لم تؤمن به.

والمبادئ والقيم وكذلك التعاليم الدينية لا يجب أن تقاس بالفترات الزمنية، لان من يقيس بهذه الطريقة يوجهه إهانة للأديان الأخرى، وليس الى الإسلام الذي يعد أحدثها، فمثلا، نحن لا نقبل أن يهان الدين المسيحي لأنه نزل قبل 2000 عام، واليهودية التي أتت من قبل اكثر من 3000 عام.  

....................................................................

المصادر/  

1- سليمان بن صالح الخراشي/ موقع طريق الإسلام.

 2- معتز الخطيب / موقع الساخر

 3- مركز البيت العالمي للمعلومات

 4- أ. د. سليمان صالح/ شبكة سيريا نوبلز

 5- الموسوعة العربية

 6-  ليلى أحمد الأحدب/جريدة الوطن السعودية

 7- منتديات الروابي

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 19 تشرين الاول/2007 -7/شوال/1428