شبكة النبأ: اتاحت شبكة (بي بي سي)
الإخبارية البريطانية على موقعها على الإنترنت نص تقرير أمريكي اختص
بمتابعة أداء مفوضية النزاهة العامة والمفتشين العامين في الوزارات
العراقية، فضلا عن مستوى عناية الحكومة بهذه القضايا. ووجه التقرير
انتقادات شديدة إلى إجراءات مكافحة الفساد في المؤسسات العراقية.
ويحلل التقرير قدرة العراق على انفاذ قوانين مكافحة الفساد، وهو
يسعى إلى اعطاء صورة عن المؤسسات العراقية التي انشئت لمحاربة الفساد،
وقدرة حكومة الولايات المتحدة على دعم بناء قدراتها، وتصنيف تلك
الاعمال التي قد توفر مؤشرا على تغلب الإرادة العراقية على الواقع
الأليم في ملاحقة عناصرها السياسية.
وأشار التقرير إلى أن فريق العمل قضى ستة شهور في مراجعة وفحص أداء
الجهات المختصة بمكافحة الفساد (في العراق)، فضلا عن اجراء لقاءات مع
عدد من الموظفين والمعنيين في الوزارات العراقية، على وفق منهجية محددة.
وفي صفحاته الأولى، اهتم التقرير بمعاينة مواد الدستور العراقي
المتعلقة بالمؤسسات المستقلة، مستعرضا تلك المؤسسات وطبيعة استقلالها.
كما فحص وظيفة المفتش العام في تلك المؤسسات والوزارات، كما نص عليها
الدستور العراقي. وعرّف بالمفوضية العامة للنزاهة، والمفتش العام،
والواجبات التي يضطلعون بها، ثم عرج على تعريف الوزارات وواجباتها.
يقول التقرير إنه ينبغي الاعتراف بأن انفاذ قوانين مكافحة الفساد
جزء واحد فقط من جهود مكافحة الفساد، كما ضمن جهود المجتمع المدني
بوصفها جزءا حيويا، ومنها جهود الشفافية، والمساءلة، والاصلاح
الاقتصادي، ونظام التعليم العام.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن هذه البرامج الجوهرية لا تقع في نطاق
اهتمام هذا التقرير.
وجاء في الملخص التنفيذي أن العراق حاليا غير قادر ولو على انفاذ
أولي لقوانين مكافحة الفساد، ثم يشرع في شرح ما توصل إليه في هذه
النقطة قائلا، إن فريق الدراسة قام بدراسة شاملة لهذه الحالات في
مفوضية النزاهة العامة (CPI)، وراجع أداء مؤسسات مكافحة الفساد...
ويقول ( الفريق) إن المفتشين العامين في الوزارات اشتكوا مرارا من أن
محاربة الفساد ينظر إليه على أنها وظيفة المفتش العام لوحده، ولا تعد
هماً خارج نطاق مكتبه.
وينوه التقرير بأن هذا القصور في الدعم سمح للفساد ليكون عاديا في
كثير من الوزارات. كما أن وجود المفتشين العامين عُزّلا في المنطقة
الحمراء يجعلهم يعيشون في خوف، وبالتالي لا يمكن ايلاء الثقة إلى
تقاريرهم للمصادقة عليها في كشف النشاط الإجرامي لشخص يتمتع بحماية شخص
متنفذ أو ذي سطوة.
ويعتبر التقرير الأمريكي أن النظام القضائي في العراق لا يزال
ضعيفا، يهيمن الخوف عليه، وهو عرضة لضغط سياسي، ومرتبك بأصغر القضايا.
ويقول إن فحص الحالات واجراء المقابلات مع مفتشين في مفوضية النزاهة
العامة ومستشارين أمريكيين، تعطي صورة تفصيلية عن جهود مكافحة الفساد
في الوزارات التي قدمت (70%) من شكاوى الفساد. ووزارة الداخلية ينظر
إليها عراقيون على أنها فوق أنفذ البنى التحتية الخاصة بمكافحة الفساد
في العراق. أما التحقيقات في الفساد في وزارة الدفاع العراقية فيحكم
عليها بأنها لا فاعلية لها.
وأضاف التقرير، من بين (169) شكوى... احيلت ثماني منها فقط على
المحكمة، ولم يتم ادانة سوى شخص واحد فقط في وزارة يعترف الكثيرون
بأنها مضطربة، كما يتضح أن التحقيقات بالفساد فيها غير كافية، تلك هي
وزارة التجارة.
ويتابع، نقطة الألم تتمثل في وزارة الصحة، التي يضر الفساد حاليا
بقدرتها على تقديم الخدمات... وتهدد دعم الحكومة، كما أن افتقارها إلى
القدرة على اجراء تحقيق ووجود الميليشيات (في الوزارة) جعل منها بعيدة
عن جهود مكافحة الفساد.
ويشير التقرير إلى أن العدد الكبير من المُقالين بسبب دوافع سياسية
مزعومة يشير إلى التلاعب في التحقيقات بوزارة النفط. أضف إلى أن مفوضية
النزاهة والمفتش العام غير مؤهلين لضبط قضايا السرقات في النفط، ويضيف،
أن قضايا مكافحة الفساد المتعلقة بوزارة التربية غير فاعلة. كما بينت
قلة عدد التحقيقات في وزارة الموارد المائية أن جهود محاربة الفساد
فيها لا تذكر، مع غياب الجهود في محاولة مقارعة الاحتيال.
ويتابع قائلا، يبين عدد الاحالات على القضاء والفشل في مجرد ابداء
التعاون الأولي أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تعادي إجراءات
الملاحقة القانونية لقضايا الفساد. أما الدعم الذي تقدمه (ميليشيا
الصدر) فقد اشاع الفساد في وزارة النقل في مرافقها كافة، طبقا لما يقول
مفتشون، ويمنح الحصانة من الملاحقة القانونية.
ويوضح التقرير الأمريكي أنه في وزارة الهجرة والمهجرين لم يكن هناك
تحقيق واحد فقط أو شكوى قدمت بصدد أي شخص شيعي، معتبرا أن جهود مكافحة
الفساد هي عمليا إجراء مفرغ من محتواه في وزارة العلوم والتكنولوجيا.
ويضيف، على نحو عام، فإن العوز إلى التعاون في وزارة الإسكان
والإعمار ترك محاربة الفساد أساسا إلى مفوضية النزاهة، التي لا تلقى أي
اسناد لعملها من جانب الوزارة. وهناك شكاوى كثيرة جدا حول المنظمات غير
الحكومية، الأمر الذي يقود إلى استنتاج مفاده: إما أن هذه المنظمات
منزلقة في التعقيد السياسي، أو أنها مساهم كبير في مشكلات الفساد.
وعن وزارة الشباب والرياضة يقول التقرير، لم يتم احالة قضية واحدة
على المحاكمة، لأن الوزير ضمن ( المادة 136ب) التي توفر الحصانة من أي
محاكمة وفي قضايا واسعة، مشيرا إلى أنه في وزارة الكهرباء فإن التحقيق
(في قضايا الفساد) يجري حالما يترك الأشخاص العمل في الوزارة، الأمر
الذي يعني أن الحماية السياسية تتوافر لأولئك الذين يعملون حاليا في
الوزارة. ويوضح أنه في وزارة المالية، فقد أشاع الوزير سمعة انعدام
الرحمة في تطبيق قوانين مكافحة الفساد... للسيطرة على موظفيه. ولا سلطة
لمفوضية النزاهة العامة في تفادي مثل هذا التجاوز.
وصاغ التقرير الأمريكي استنتاجه الثاني بعبارة تقول إن عدم القدرة
على الدخول إلى الوزارات (كان) العقبة الهائلة الوحيدة في ملاحقة قضايا
مكافحة الفساد قانونيا. إن مفتشي مفوضية النزاهة عجزوا عن التنقل بأمان
إلى وزارات تقع في المنطقة الحمراء، الأمر الذي جعلها تعتمد بنحو تام
تقريبا على المفتشين العامين في إجراء التحقيقات.
ويتابع، ولأن المفتشين العامين هم أنفسهم عرضة للأخطار نفسها، فإن
تحقيقات مكافحة الفساد موضع غلق أو تلاعب سياسي. فهناك وزارات عدة
خاضعة لسيطرة عصابات إجرامية أو ميليشيات، ما يجعل من المحال العمل
بغياب قوة تكتيكية تحمي المحقق.
ويذهب التقرير إلى القول بأنه بوسع مفوضية النزاهة أن تحسن من قضايا
مكافحة الفساد، في حال عدم الاتكال على دعم الوزارات... بالاضافة إلى
أن مفتشي المفوضية عانوا مؤخرا من هجمات استهدفتهم شخصيا. وأن سحب كبار
مسؤولي الحكومة لدعمهم الظاهري قد وفر عذرا معنويا لتجنب الانصياع إلى
القانون من جانب الكثير من أعضاء الحكومة العراقية.
والنقطة الرابعة التي توصل إليها التقرير الأمريكي تقول إنه
بالاضافة إلى قصور مكاتب مكافحة الفساد، يمثل التسييس والخوف من
المساءلة عقبات جدية أمام انفاذ قوانين مكافحة الفساد".
وأخيرا، رأي التقرير أن الحكومة العراقية " تحرز تقدما في قدرتها
على اجراء تحقيقات وملاحقة الفساد قانونيا في العراق، إلا أن ذلك ليس
بالمستوى الذي من شأنه أن يدعم جدولا زمنيا معقولا في القضاء على
الفساد.
وتكون التقرير الأمريكي من ( 82) صفحة، واشتمل على عدة ملاحق... لعل
من أبرزها: الانتماء السياسي، والطائفي، للمفتشين العامين في الوزارات
العراقية.
واختتم التقرير بجملة من التوصيات المقترحة لتعامل وتعاون السفارة
الأمريكية مع الحكومة العراقية، في مجال تفعيل قوانين مكافحة الفساد في
أجهزة الدولة.
أعضاء النزاهة يتهمون المالكي
بالتدخل
وقال أعضاء في لجنة النزاهة التابعة لمجلس النواب العراقي، إن
مستويات الفساد المالي والإداري العالية في العراق، والتي رصدها تقرير
منظمة ( الشفافية الدولية) مؤخرا، سببها تدخل رئيس الوزراء نوري
المالكي في عملهم... ومنعه احالة أي وزير سابق أو حالي للتحقيق في
قضايا الفساد إلا بعد موافقته، إضافة إلى معوقات إدارية وأمنية أخرى
تعترض عمل اللجنة.
وقال نائب رئيس لجنة النزاهة وعضو مجلس النواب عمر عبد الستار، ما
وصلنا إليه من مستويات عالية في الفساد والإداري أمر طبيعي، يقف خلفه
التدخل الحكومي... والمعوقات الأمنية والإدارية والسياسية.
وأضاف عبد الستار، وهو قيادي في جبهة التوافق العراقية (44 مقعدا في
البرلمان من أصل 275) أن رئيس الوزراء نوري المالكي أصدر، قبل أكثر من
ثلاثة أشهر، قانونا يمنع فيه احالة أي وزير حالي أو سابق على التحقيق
في قضاي الفساد... إلا بعد موافقة مكتب رئيس الوزراء، وهذا مخالف
للدستور العراقي.
وأردف قائلا، كما أنشأ مجلس مكافحة الفساد، التابع لمكتب رئيس
الوزراء... وبالتالي أصبح مكتب رئيس الوزراء هو مجلس النواب, وهو لجنة
النزاهة، وهو مجلس القضاء... وكأنه لا يوجد في الدولة إلا مكتب رئيس
الوزراء.
وكانت (منظمة الشفافية) العالمية أصدرت، تقريرها السنوي عن الفساد
في العالم... وجاء ترتيب العراق في المركز الثاني عربيا من حيث تفشي
الفساد, على الرغم من وجود لجنة للنزاهة في البرلمان، وهيئة النزاهة
العليا.
وعن المعوقات الإدارية التي تعترض عمل ( لجنة النزاهة) التابعة
للبرلمان، أوضح عبد الستار أن اللجنة "لا تزال تعمل وفق (قانون رقم 55)
الذي أصدره الحاكم المدني الأمريكي الأسبق للعراق بول بريمر، وقال
"لجنة النزاهة، والتي باشرت عملها منذ
(2006)، ناقشت مسودة قانون لتوحيد العمل في منظمة مكافحة الفساد,
لكن المشروع سُحب من مجلس النواب... ولايزال يقبع في الأدراج الحكومية
حتى وقتنا هذا."
وخلص نائب رئيس لجنة النزاهة إلى أن اللجنة "لا يزال أمامها شوط
طويل" للوقوف على مستويات الفساد المالي والإداري، وقال "مع وجود تغول
حكومي على سلطات مجلس النواب يعيق الوصول إلى الدوائر والمؤسسات... لا
يوجد شفافية, ولا يوجد قضاء مستقل, ولا يوجد حيادية... ويتم تجيير
الأمور وتسيسها، حيث يتم تعويق ما لا تريد الحكومة الوصول إليه... ويتم
تسهيل الوصول لمن تريد الحكومة ذلك."
من جانبها، نوهت عضو في لجنة النزاهة بأنهم، في اللجنة، يسعون
للتأكيد على عدم حق المالكي بالتدخل في عملنا، وكذلك لالغاء فقرة تشترط
عدم احالة قضية أي مسؤول متهم بالفساد إلا بأمر الوزير التابع إليه ذلك
المسؤول.
وقالت غفران الساعدي، عضو مجلس النواب عن الكتلة الصدرية (32
مقعدا)، إنها تؤيد ما قاله نائب رئيس اللجنة من تدخل المالكي في عمل
اللجنة، وأضافت، مكتب رئيس الوزراء يتدخل... ونحن قبل يومين، وخلال
اجتماع للجنة، اكدنا على أن رئيس الوزراء ليس له حق التدخل في
الإجراءات المتبعة لمكافحة الفساد.
وأشارت إلى وجود مادة دستورية تشترط عدم احالة أي متهم بالفساد إلا
بعد موافقة الوزير ( المسؤول)، وهو ما نسعى في اللجنة إلى الغائه، على
حد قولها.
وتساءلت الساعدي، كيف لانصل إلى مستويات عالية من الفساد في حين أن
الهيئة الرقابية على الفساد تعاني من فساد كبير..؟", في اشارة منها إلى
هيئة النزاهة.
وكان تقرير مسرب من السفارة الأمريكية في العراق، كشف عن زيادة معدل
تفشي الفساد داخل الحكومة العراقية، وعلى كل المستويات، حسب التقرير.
وقال التقرير، الذي يقع في (82) صفحة، إن هيئة النزاهة وهي الجهة
المكلفة بمحاربة واجتثاث الفساد، تتميز بالسلبية... ولا يمكن وصفها على
أنها هيئة تحقيقية حقيقية. |