قانون النفط ومستقبل العراق المعطل

 شبكة النبأ: بعد مرور اربع سنوات على العملية السياسية في العراق تظل بعضا من التشريعات التي تشكل عصب الحياة بالنسبة للدولة العراقية معطلة، ومن اهمها قانون النفط، بسبب الخلافات بين الكتل السياسية التي تتقاطع في كل شيئ فيما بينها ولا تتفق الا على استمرار الخلافات.

ويعد مشروع قانون النفط والغاز في العراق تصويتا على مستقبل البلاد حيث انه من المفروض ان يضمن حقوق الجميع في الموارد الطبيعية وتوزيعها توزيعا عادلا.

ويشكل هذا القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء برئاسة نوري المالكي في أبريل الماضي ثم نقل الى مجلس النواب (البرلمان) اطارا لتوزيع العوائد النفطية بين المحافظات العراقية كما يحدد كيفية تطوير وادارة الحقول.

وكان من المقرر أن يوافق البرلمان على هذا المشروع قبل العطلة البرلمانية الصيفية.الا أن الكثير من أعضاء مجلس النواب يعارضون التعجل في اصدار قانون من شأنه أن يشكل مستقبل صناعة النفط في العراق ويقضي على مركزية الادارة لأعوام.

وتشير الدراسات النفطية الى أن العراق يمتلك احتياطيات نفطية معلنة تبلغ 115 مليار برميل وأخرى في طور الاستكشاف تقدر بنحو 214 مليار برميل موزعة على جنوب ووسط وشمال البلاد فيما تشير الدراسات الجيولوجية الى أن المنطقة الغربية تعد منطقة واعدة في انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي خاصة بعد اكتشاف حقل عكاس لانتاج الغاز الطبيعي في ثمانينات القرن الماضي.

معارضة

ويلقى هذا القانون معارضة من قبل عدد من النواب وخاصة جبهة التوافق والصدريين والقائمة العراقية الذين يرون أن الوقت غير ملائم لاقراره، فيما تعمل كتلة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية ذات الغالبية العظمى في البرلمان اضافة الى التحالف الكردستاني على تمرير القانون، ليسمح للحكومة البدء بتنفيذ مشاريع اعادة الاعمار.

ويقول النائب أسامة النجيفي عضو القائمة العراقية ان قانون النفط والغاز من أخطر القوانين كما أنه سيىء للغاية ولا يتلاءم مع وضع البلاد الحالي تحت الاحتلال ومن المفروض تأجيله الى وقت آخر والاسراع في تشكيل شركة النفط الوطنية لتتولى هي ادارة وزيادة معدلات انتاج النفط الخام .

وأضاف، لا توجد نسخة نهائية لدى مجلس النواب حول مشروع قانون النفط والغاز وهناك نسخ فيها اختلافات جوهرية وجذرية ولا ندري أي نسخة يمكن للبرلمان أن يناقشها.

وأضاف، في حال الاصرار على مناقشته خلال الفصل التشريعي الحالي فأعتقد أن مناقشته ستحتاج الى اشهر لانضاجه لان هناك كتلا نيابية ترفض صيغة مشروع القانون فضلا عن أن هناك نقاشات داخل اللجنة القانونية ولجنة النفط والغاز قبيل عرضه في جلسة للمجلس.

حزب الفضيلة

وقال النائب باسم شريف عضو كتلة حزب الفضيلة الاسلامي: نحن مع سن قانون لتنظيم عملية انتاج النفط والغاز لكننا الى الآن في مجلس النواب مرتبكون حيث لا توجد نسخة نهائية رسمية يمكن مناقشتها وابداء الرأي بشأنها بشكل قاطع ونهائي هناك عدة نسخ وبعضها خالية من الملاحق .

وأضاف، أعتقد أن هناك جدلا وخلافا كبيرين داخل الكتل السياسية حول هذا القانون لان فيه صلاحيات واسعة للأقاليم كما أن هناك نهايات تركت مفتوحة فضلا عن الخلافات حول صيغ التعاقد مع الشركات الأجنبية هل ستكون وفق صيغ عقود المشاركة في الانتاج أو عقود الخدمة .

وقال شريف، اعتقد أن الاسراع بسن هذا القانون يأتي بضغوط أمريكية لكننا نعتقد بضرورة التأني ومناقشة القانون مناقشة فنية وسياسية وازالة كل الشوائب التي تعترض اقراره ولابد من تشكيل شركة النفط الوطنية أولا ومن ثم البدء بمناقشة القانون.

ويؤكد وجود أكثر من صيغة لمشروع القانون وجود العديد من الضغوط الشعبية والسياسية وهو الامر الذي أدى الى تغييره أكثر من مرة على مدار العام الماضي.

وتنص احدى صيغ القانون على اعطاء شركات النفط الاجنبية امتيازات أكثر مما تعطيها نظيراتها في المنطقة كالسعودية والكويت.

وهذه الدول تعمل على حماية مصالحها الوطنية عن طريق الابقاء على سقف للانتاج في العقود المبرمة مع شركات أجنبية كما تحدد عمل الشركات الاجنبية في حقول معينة فقط.

وأفادت أنباء بأن أولى صيغ المشروع في عام 2006 تحدثت عن اتفاقيات لتقاسم الانتاج بين الحكومة العراقية والشركات الاجنبية على غرار الامتيازات التي كانت تمنحها روسيا لشركات النفط الاجنبية وهو النظام الذي لم يعد معمولا به.

أما الصيغ التالية فتحدثت عما يسمى بعقود مخاطر الاستكشاف التي قد تستمر لثلاثين عاما دون وجود فرصة لمراجعتها.

تساؤل

وتساءل النائب عز الدين الدولة عضو جبهة التوافق، لماذا العجالة في مناقشة هذا القانون في المرحلة الحالية .

وقال هناك ارباك واضح في قضية مشروع النفط والغاز لأنه الى الآن لم تقدم نسخة نهائية للمناقشة والمتداول داخل أروقة مجلس النواب عدة نسخ وهذا يؤكد أن الفكرة لم تنضج حتى تناقش في المرحلة الحالية .

وأضاف، هناك توجه لدى الكثير من الكتل السياسية للتصدي لهذا المشروع واعتقد في حال البدء بعرض النسخة النهائية أمام المجلس فسيكون هناك وقت طويل لمناقشته بحضور اختصاصيين في مجال النفط والغاز.

وقد ادى انعدام الثقة بين الجماعات الكردية والعرب السنة والحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة الى انهيار أي مباحثات من شأنها أن تسهم في التوصل لتسوية.

ويرى الاكراد في شمال العراق أن لهم الحق في ابرام اتفاقيات نفطية مستقلة مع شركات أجنبية.

وكان البرلمان في اقليم كردستان ذي الحكم الذاتي بشمال العراق ، حيث يوجد عدد من أكبر الحقول النفطية العراقية ، قد أصدر في أغسطس الماضي قانون النفط الخاص بالاقليم ووافق على قيام الحكومة الاقليمية بتوقيع اتفاقيات مع شركات دولية حتى قبل تمرير القانون في بغداد.

ويصر السياسيون الاكراد على أن القانون الذي مرروه يأتي وفق الدستور العراقي ودخلوا في جدال مع وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني الذي يصف القانون الكردي بانه غير قانوني.

أما العرب السنة الذين كانوا يسيطرون على الموارد الطبيعية العراقية في عهد صدام حسين فمن مصلحتهم أن يستمر التوزيع المركزي للعوائد النفطية لأن المناطق السنية بوسط العراق فقيرة في النفط اذا ما قورنت بالشمال والجنوب.

توقعات

وقال النائب عن الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي، أتوقع أن يبدأ البرلمان مناقشة مشروع القانون خلال الأسابيع المقبلة .

وأضاف البياتي، هناك نسخة واحدة من القانون لدى البرلمان ولا صحة لوجود أكثر من نسخة وقال، هناك خلافات من بعض الكتل وخاصة التحالف الكردستاني وجبهة التوافق العراقية وبالامكان استيعاب التحفظات من خلال المناقشة المستفيضة .

وأضاف البياتي، نحن في الائتلاف لدينا بعض الملاحظات على مشروع القانون لكن هذا لا يمنع من أننا نعمل على الاسراع في تمرير هذا القانون واقراره قبيل انتهاء العام الجاري.

وقال اننا بحاجة الى استثمارات أجنبية تمكننا من زيادة معدلات انتاج النفط الخام وبالتالي زيادة معدلات التصدير وتحقيق ايرادات مالية تخدم عملية اعادة الاعمار.

وأوضحت الاحصائيات الامريكية أن انتاج ومبيعات النفط العراقية تشكل %70 من حجم الانتاج الوطني العراقي كما يشكل أكثر من %95 من العوائد التي تعول عليها الحكومة.

عشرات الحقول

ولدى العراق اليوم عشرات الحقول النفطية ذات الاحتياطيات الكبيرة مكتشفة ومقيمة وتنتظر الاستثمار أبرزها حقول غربي القرنة العملاق ومجنون والحلفاية والصبة ونهران عمر والرافدين واللحيس وارطاوي وحقول الرميلة وشرقي بغداد والاحدب والناصرية وحقول أخرى عديدة وان اضافتها الى معدلات الانتاج قد تجعل العراق يقفز الى انتاج 10 ملايين برميل في اليوم.

وتشير تقديرات لوزارة النفط العراقية أن العراق بحاجة الى 30 مليار دولار لاعادة تأهيل القطاع النفطي خاصة وان العديد من المنشآت والمصافي وخطوط الأنابيب ومرافىء التصدير قد تعرضت للدمار خلال الحروب المدمرة التي خاضها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي فضلا عن تقادم وقدم عدد كبير من وحدات الانتاج في مصافي التكرير.

ورغم هذه الثروة الهائلة الا أن جميع المدن العراقية مازالت تعيش في ظل أجواء الانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي واصطفاف مئات العراقيين يوميا أمام محطات تعبئة الوقود للحصول على كميات من وقود التدفئة لخزنها لفصل الشتاء البارد فضلا عن طوابير أخرى للسيارات للتزود بالوقود المستورد غالبيته من شركات النفط في الكويت وايران وتركيا بسبب عدم قدرة مصافي التكرير العراقية من الايفاء بالتزاماتها جراء تعرضها للاستهداف من قبل المخربين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 23 أيلول/2007 -10/رمضان/1428